«اليوم التالي» في غزة... تأكيد مصري على دور «السلطة الفلسطينية»

القاهرة تتمسك بوحدة الضفة الغربية والقطاع

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

«اليوم التالي» في غزة... تأكيد مصري على دور «السلطة الفلسطينية»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

جددت مصر تمسكها بعودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة في «اليوم التالي» من الحرب، وسط جدل كبير أثاره الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بالحديث عن تهجير سكان القطاع والسيطرة عليه.

تحركات مصرية تزامنت مع لافتة رفعتها حركة «حماس» في أثناء تسليم الأسرى، السبت، تتضمن عبارات «نحن الطوفان... نحن اليوم التالي»، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأكيداً مصرياً على تثبيت الحق الفلسطيني في ظل أزمة تصريحات ترمب عبر حلول واقعية، فيما عدّوا موقف الحركة نوعاً من الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي وإحراجه أمام الرأي العام الداخلي ورفض الموقف الأميركي عملياً.

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أكد أن «أي تصورات لليوم التالي في غزة يجب أن تكون في إطار وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تشمل عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع»، خلال اتصال هاتفي، السبت، مع نظيره البرتغالي، باولو رنجير.

وشدد على «ضرورة بقاء السكان الفلسطينيين في قطاع غزة خلال مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار»، في موقف مصري جديد بعد أحاديث متكررة من ترمب منذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى مصر والأردن وأماكن أخرى من العالم، وبناء ما وصفها بـ«ريفييرا الشرق الأوسط».

وبرأي الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن رؤية مصر واقعية، وتحاول أن تثبت الحق الفلسطيني وسد الثغرات بحلول واقعية ضد أي محاولات لفرض خطط مهددة كخطة ترمب للتهجير وتحركات نتنياهو في هذا الصدد، مشيراً إلى أن مصر تريد ترجمة لهذا الحق على الأرض بصورة أكبر.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن هذا الموقف المصري بشأن اليوم التالي تأكيد مبكر مهم يتزامن مع تصريحات ترمب، ضمن حراك عربي رافض أن يكون اليوم التالي تهجيراً للفلسطينيين.

ذلك الموقف المصري، تزامن مع رفع «حماس»، السبت، على المنصة الرئيسية لتسليم الدفعة الخامسة من صفقة تبادل الأسرى لافتة كبيرة كُتب عليها بالعربية والعبرية والإنجليزية «نحن الطوفان... نحن اليوم التالي»، بينما حملت اللافتة صورةً للعلم الفلسطيني إلى جانب قبضة يد، وسط حضور شعبي كبير بمدينة دير البلح.

لافتة لـ«حماس» تحمل شعار «نحن الطوفان... نحن اليوم التالي» خلال تسليم الأسرى الإسرائيليين (أ.ف.ب)

وعقب التسليم وجدل اللافتة، قالت «حماس»، في بيان: «يؤكد شعبنا الفلسطيني بالتفافه العظيم حول المقاومة وتحدي الاحتلال، رفضه لكل مشاريع ترمب بالتهجير والاحتلال، وعزمه الراسخ على إفشالها».

وأضافت الحركة: «نحن الطوفان... نحن اليوم التالي، وهو يوم فلسطيني خالص، وقد بدأ منذ توقيع اتفاق وقف العدوان، المعمّد بدماء وتضحيات شعبنا ومقاومتنا والمشاهد العظيمة لعملية التسليم، ورسائل المقاومة حول اليوم التالي، تؤكد أن يد شعبنا ومقاومته ستبقى العليا، وأن اليوم التالي هو يومٌ فلسطينيٌّ بامتياز، يقرِّبنا أكثر من العودة والحرية وتقرير المصير».

وجاء اختيار هذه العبارة «نحن اليوم التالي» بعد أيام من مطالبة إسرائيل بمغادرة قادة «حماس» قطاع غزة إلى دولة أخرى، في ضوء مطالب ترمب، وبعد حديث نتنياهو، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية بأنه «لا يوجد خطأ في فكرة الرئيس ترمب لتهجير الفلسطينيين من غزة»، مشيراً إلى أن إسرائيل تتعامل مع مقترح ترمب بعدّه خطة «اليوم التالي» لنهاية الحرب في غزة.

ويرى أنور تحركات «حماس» أنها ضمن «أساليب الضغط على نتنياهو ورفض مواقف ترمب»، خصوصاً وهي تعتقد في ظل عدم نزع سلاحها أن لها رأياً وأولويات تفرضها عند اللزوم ولا يمكن تجاهلها، مرجحاً أن «تعطل خطة ترمب للتهجير فرص التوصل لليوم التالي بشكل قوي إذا لم يتراجع عنها».

وبخلاف خطة ترمب التي قد تعرقل قرب اليوم التالي، يرجح الرقب أن «تكون هناك صعوبة في ظل ما نراه من عقبات إسرائيلية للانتقال للمرحلة الثانية من هدنة غزة، من الاتفاق الذي بدأ في 19 يناير الماضي، ولم يستكمل بعد مرحلته الأولى، مع إرسال نتنياهو وفدا بلا صلاحيات ومساعيه لاستكمال الحرب والإذعان لليمين المتطرف».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 فلسطينيين في هجومين بمسيّرات إسرائيلية وسط غزة

المشرق العربي فلسطينية تبكي أحد ضحايا قصف إسرائيلي استهدف بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 15 مارس 2025 (أ.ف.ب) play-circle

مقتل 5 فلسطينيين في هجومين بمسيّرات إسرائيلية وسط غزة

شنت إسرائيل هجومين بطائرات مسيّرة أسفرا عن مقتل 5 فلسطينيين بقطاع غزة، وذلك في وقت لا تظهر فيه أي بوادر على إحراز تقدم بمحادثات وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يصطفون لتعبئة المياه في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ب)

وفد إسرائيل يغادر القاهرة دون تحقيق تقدم في مفاوضات غزة

ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن الوفد الإسرائيلي المفاوض عاد من القاهرة دون تحقيق أي تقدم في ملف التفاوض مع حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فتيات فلسطينيات يتزاحمن للحصول على الطعام في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ب)

«الأونروا» تدعو إلى «رفع الحصار» عن غزة مع تناقص المساعدات الإنسانية

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، الأحد، إن الإمدادات الإنسانية الأساسية المتاحة بقطاع غزة تتناقص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتناول وجبة الإفطار في بيت لاهيا ويظهر خلفهم منازل ومسجد مدمر (إ.ب.أ)

غارات إسرائيلية على غزة تزيد من هشاشة الهدنة السارية في القطاع

أعلن الدفاع المدني ووزارة الصحة التابعة في غزة مقتل تسعة فلسطينيين، بينهم إعلاميون، في غارة جوية إسرائيلية على بلدة بيت لاهيا في شمال غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أ.ف.ب)

بريطانيا: على إسرائيل إنهاء منع وصول المساعدات والكهرباء لغزة

كشف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، اليوم السبت، أنه بحث مع وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الوضع «المروع» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

طهران تشترط استقلالية «الذرية الدولية» للتعاون معها

صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
TT

طهران تشترط استقلالية «الذرية الدولية» للتعاون معها

صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024
صورة نشرتها «الذرية الإيرانية» لرئيسها محمد إسلامي خلال زيارة غروسي لمعرض الصناعات النووية في أصفهان مطلع مايو 2024

صرح نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، يوم الاثنين، بأن بلاده «ملتزمة» بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، وذلك بعد لقائه مديرها العام رافائيل غروسي.

ونقل تلفزيون العالم الرسمي الإيراني عن غريب آبادي قوله إن من الممكن حل الخلافات مع وكالة الطاقة الذرية بشرط ألا تكون الوكالة الأممية خاضعة للضغوط وأن تتخذ «نهجاً مستقلاً». وأضاف غريب آبادي أن لدى إيران والوكالة «سجلاً طويلاً من التعاون مما يمكّنهما من حل الخلافات القليلة المتبقية، شريطة القضاء على الضغوط السياسية الخارجية على الوكالة، واعتماد الوكالة نهجاً مستقلاً وفنياً ونزيهاً ومهنياً»، حسب تعبيره.

وشدد المسؤول الإيراني على أن بلاده ملتزمة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات. وأضاف غريب آبادي، في منشور على منصة «إكس»، أن المحادثات في فيينا مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت «صريحة وبناءة». وتابع قائلاً: «في الوقت الذي تحمي إيران فيه أمنها ومصالحها الوطنية، فهي ملتزمة بالتعاون مع الوكالة في إطار التزاماتها المتعلقة بالضمانات»، في إشارة إلى بروتوكولات الوكالة التي تهدف إلى ردع انتشار الأسلحة النووية.

من ناحيته، قال غروسي، في منشور آخر: «لقد جاء اللقاء مع نائب وزير الخارجية غريب آبادي في الوقت المناسب». وأضاف أن التعاون «لا غنى عنه لتوفير ضمانات موثوقة للطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني».

وفي وقت سابق الاثنين، قال الناطق باسم «الخارجية» الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن الاجتماع «جزء من تعاوننا المتواصل مع الوكالة». ويأتي اجتماع الاثنين بعد مشاركة غريب آبادي في مباحثات بشأن برنامج طهران النووي مع نظيريه الروسي والصيني في بكين يوم الجمعة.

وشدد بقائي على أنه «مع تزايد التهديدات ضد البرنامج النووي الإيراني السلمي، من الطبيعي بالنسبة لنا أن نكثف المشاورات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

رسالة ترمب

وزير الخارجية الصيني وانغ يي لدى لقائه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني كاظم غريب آبادي في بكين 14 مارس 2025 (رويترز)

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد كشف في السابع من مارس (آذار) عن أنه بعث برسالة إلى القيادة الإيرانية يضغط فيها للتفاوض بشأن الملف النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل. وأكدت إيران تسلم الرسالة، لكن بقائي قال إن طهران سترد «بمجرد اكتمال التقييم».

ويثير البرنامج النووي الإيراني خشية الدول الغربية التي يتهم بعضها طهران بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران.

وأبرمت إيران والقوى الكبرى اتفاقاً في عام 2015 أتاح فرض قيود على برنامجها النووي وضمان سلميته، في مقابل رفع عقوبات اقتصادية. لكن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً منه في عام 2018 خلال الولاية الأولى لترمب، وأعادت فرض عقوبات صارمة على إيران.

وبعد الانسحاب الأحادي لواشنطن من الاتفاق، تراجعت طهران عن التزاماتها بالاتفاق، وأعلنت في مطلع ديسمبر (كانون الأول)، أنها بدأت بتغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو «ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60 في المائة»، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60 في المائة، تقترب إيران من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي. وأجرت إيران والدول الأوروبية الأطراف في الاتفاق (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) جولات مباحثات عدة خلال الأشهر الماضية بشأن الاتفاق الذي لم تثمر محاولات إحيائه المتكررة.

الرسائل الأميركية «متناقضة»

نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة إكس)

وسلّمت سلطنة عُمان الرسالة الموجّهة من ترمب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء الماضي، وفي اليوم ذاته استبعد خامنئي عقد محادثات مع الولايات المتحدة، وأفاد بأن المفاوضات المقترحة «لن تؤدي إلى رفع العقوبات بل ستتسبب في تشديدها».

ونفى متحدث وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي التكهنات التي أحاطت برسالة الرئيس الأميركي، قائلاً: «زيارة وزير الخارجية (عباس عراقجي) إلى عُمان ليست لها علاقة بهذه الرسالة»، وشدد على أن إيران سترد بحزم على أي تهديد لسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية، وفق ما نقلت وكالة «مهر» الإيرانية.

وأكد أنه ليس هناك حالياً أي أسس لنشر هذه الرسالة، لافتاً إلى أن ما نُشر في وسائل الإعلام مجرد تكهنات في معظمها، مضيفاً أن محتوى الرسالة لا يختلف كثيراً عن التصريحات العلنية التي أدلى بها ترمب «وسنقوم بالرد على عليها بعد إكمال دراستها»، مشدداً على أن إيران سترد بحزم على أي تهديد لسلامة أراضيها ومصالحها الوطنية.

وقال بقائي، في مؤتمر صحافي، إن الرسائل التي تلقتها إيران من الولايات المتحدة «متناقضة»، مضيفاً أن واشنطن تعلن استعدادها للتفاوض ولكن في الوقت نفسه تفرض مقاطعة واسعة على قطاعات عدة في إيران.

الضغوط القصوى

مفاعل بوشهر النووي الإيراني الرئيسي على بُعد 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

وفرض ترمب، الذي عاد إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير (كانون الثاني)، سياسته للعقوبات القائمة على «الضغوط القصوى» ضد إيران، في استكمال لنهجه في ولايته الأولى. وتهدف هذه المقاربة الأميركية إلى منع إيران من امتلاك قنبلة ذرية، وهو أمر تنفي طهران سعيها إليه. وكانت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة قد قالت، الأربعاء، إن واشنطن ملتزمة بمواصلة تنفيذ استراتيجية «الضغوط القصوى» التي ينتهجها الرئيس ترمب «لحرمان النظام الإيراني من الموارد التي يستخدمها لتعزيز أنشطته المزعزعة للاستقرار في أنحاء العالم». وأضافت البعثة، في بيان بشأن اجتماع لمجلس الأمن بخصوص إيران: «أوضح الرئيس ترمب أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين». وتابع بيان البعثة الأميركية أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أفاد بأن طهران تواصل تسريع إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، «وهي أيضاً الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتنتج يورانيوم عالي التخصيب وليس لديها غرض سلمي موثوق به من ورائه».

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف إن إيران لا تنتظر أي رسالة من الولايات المتحدة، معرباً عن الاعتقاد بأن رفع العقوبات ممكن من خلال تقوية إيران وتحييد العقوبات. وأضاف قاليباف: «من الواضح أن أي مفاوضات في ظل التهديدات والإذلال مع الأمر بفرض تنازلات جديدة لن تؤدي إلى رفع العقوبات ولن تصل إلى أي نتيجة».