إيران لتوثيق علاقتها مع روسيا

وثيقة «التعاون الشامل» تحتاج لمصادقة البرلمان

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

إيران لتوثيق علاقتها مع روسيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن إيران تأمل في «توقيع وثيقة التعاون الشامل مع روسيا في 17 يناير (كانون الثاني)». وأضافت: «بناءً على المحادثات والتنسيقات التي تم إجراؤها، سواء في نص الوثيقة أو خلال زيارة رئيس إيران إلى قازان والمحادثات المفصلة التي أجراها، سيقوم الرئيس بزيارة إلى روسيا، وسيتم خلال هذه الزيارة تنفيذ موضوعين، هما ممر الشمال - الجنوب الذي تم إنجاز أعماله ويشهد تقدماً، ونقل الغاز الروسي إلى إيران الذي تم الاتفاق عليه بين الطرفين»، وفق ما نقلت عنها وكالة «إسنا» الحكومية الإيرانية.

وخلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان إلى قازان في روسيا وفي قمة «بريكس»، جرت محادثات مع الدول الأعضاء لتمهيد الطريق لتنفيذ ممر الشمال - الجنوب الإيراني، وتحويل روسيا إلى سوق رئيسية.

وأشارت مهاجراني إلى أهمية تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية لإيران مع شرق آسيا، موضحة أن «العلاقات الواسعة لإيران مع دول الشرق في تزايد مستمر. فمنذ بداية الثورة وحتى اليوم، زار رؤساء إيران روسيا 10 مرات، وزار رؤساء روسيا إيران 5 مرات، مما يعكس العلاقات الطيبة بين البلدين».

وأكدت مهاجراني أن أي وثيقة شاملة تحتاج إلى مصادقة البرلمان، وينطبق هذا الأمر أيضاً على وثيقة «التعاون الشامل» بين إيران وروسيا. وأضافت: «لا نريد كتابة عقد آخر مثل تركمانشاي، فقد مرت إيران بتجربة اتفاقيات مثل تركمانشاي وغلستان. ونحن الآن يجب ألا ننسى أن الشعب الإيراني عاش بكرامة ولن يقبل بغير ذلك. ولهذا السبب، تمت صياغة وثيقة التعاون الشامل بين إيران وروسيا بهذا النهج، مع مراعاة مصالح إيران في جميع بنود الوثيقة».

الرئيس الإيراني بزشكيان يتحدث خلال جلسة عامة في إطار تنسيق «بريكس بلس» في أثناء قمة المجموعة بقازان بروسيا 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

وتابعت مهاجراني: «الموقع الجيوسياسي والجيوستراتيجي لإيران جعل بلادنا تتحول إلى تقاطع عالمي. فهي تعد واحدة من الطرق التي كان تدفق النقل وتبادل السلع يمران عبرها على مر العصور، والدليل على ذلك طريق الحرير. ونحن نستفيد من هذا الموقع الجغرافي الذي حظينا به لتعزيز تطوير الممرات».

وأكدت المتحدثة باسم الحكومة أن إيران لديها تعاملات جيدة مع الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس»، خاصة الصين والهند وروسيا، وتواصل توسيع علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدول الثلاث، «لكن هذا لا يعني تجاهل الغرب».

وتحدثت مهاجراني عن بدء دراسة إنشاء خط سكة حديد يربط مدينتي أستارا - رشت، في شمال إيران. وأشارت إلى أن هذا المسار قيد الدراسة، وأن وزارة الداخلية الإيرانية تتابعه بجدية. ومع ذلك، فإن أبعاد هذا المشروع بالغة الأهمية إلى درجة أن الرئيس شخصياً أو نائبه الأول يتابعانه. وأوضحت أنه حالياً يتم العمل على تجهيز البنية التحتية، بما في ذلك ملكية الأراضي، وتم تفقد جزء من مسار خط السكة الحديد الذي يقع في محافظة بلوشستان جنوب شرقي البلاد خلال زيارة وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني الأخيرة إلى هذه المحافظة، وهو الآن ضمن أولويات الوزارة. وأشارت مهاجراني إلى أن 40 في المائة من سكان العالم يعيشون في دول أعضاء في تحالف «بريكس»، وهي دول تتبادل السلع فيما بينها، ما يحمل قيمة كبيرة لجميع الأعضاء.

وأشارت مهاجراني إلى المتطلبات الأساسية لإزالة العقبات التجارية من أجل جذب الاستثمار الأجنبي في إيران، قائلة: «لدينا نوعان من الدول، الأول: الدول الأعضاء في (بريكس) والتي يتم دراسة التبادلات معها في إطار (بريكس)، والثاني: الدول غير الأعضاء في التحالف مثل بعض الدول الأوروبية».

مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب (أ.ف.ب)

وأشارت مهاجراني إلى لقاء الرئيس الإيراني ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، قائلة: «اجتماع الرئيس الإيراني مع رئيس وزراء الهند يظهر أن لدينا علاقات جيدة مع دول (بريكس). كما أن لدينا علاقات واسعة مع الصين، حيث تم توقيع وثيقة تعاون لمدة 25 عاماً بين إيران والصين في عام 2021. هذه الوثيقة تعزز العلاقات بين البلدين. الدول التي لديها مصالح مشتركة غالباً ما تكون في شرق العالم، وتشترك أحياناً في ظروف مناخية وثقافية متشابكة، مما يجعلها قادرة على حل قضاياها المشتركة بشكل أفضل».

وأشارت مهاجراني إلى أن السياسة الخارجية الإيرانية تسير على نهج متوازن، مضيفة: «وزير الخارجية أوضح نقطة مهمة، وهي أننا مستعدون تماماً لإجراء مفاوضات بناءة ودون تأخير، بهدف رفع العقوبات وفي إطار البرنامج النووي. سياستنا الخارجية تعتمد على سياسة متوازنة تركز على الاستفادة من المزايا التي تحققها للبلاد، مع التزامنا بثلاثة مبادئ أساسية: العزة، الحكمة، والمصلحة».

وشددت على إعطاء الأولوية للدول المجاورة، قائلة: «التعاون مع الدول المجاورة يحل العديد من القضايا بتكلفة أقل بكثير بالنسبة لنا. ومع ذلك، ليس لدينا أي مشكلة في التواصل مع الغرب. إيران دائماً مستعدة للحوار والتفاوض، وسجلنا السابق يثبت أننا لم نترك طاولة المفاوضات أبداً، بل كنا دائماً طرفاً يتسم بالتفاعل. ومع ذلك، إذا لم تكن الرؤية متوازنة وتقوم على مبدأ الربح المتبادل، فلا يمكن أن نسمي ذلك تعاوناً، ويجب أن تستفيد إيران وروسيا من أي اتفاقيات يتم توقيعها».


مقالات ذات صلة

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة بزشكيان إشارات إلى إمكانية التواصل مع إدارة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها قناة «إيران إنترناشيونال» بعد تشديد الحراسة حول مقرها السابق في غرب لندن نوفمبر 2022 (أرشيفية)

اعتقال ثالث متهم في قضية الاعتداء على صحافي إيراني في لندن

قالت الشرطة البريطانية، الأربعاء، إنها ألقت القبض على متهم ثالث فيما يتعلّق بطعن صحافي يعمل لدى مؤسسة إعلامية ناطقة بالفارسية في لندن خلال مارس العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان play-circle 01:29

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا خلال مشاركتها بمهرجان أدبي في بُردِنُونة شمال شرقي إيطاليا منتصف سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

روما: إيران تفرج عن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا

أفرجت إيران عن الصحافية الإيطالية تشتشيليا سالا التي اعتقلتها بأحد السجون، وهي الآن على متن طائرة في الطريق إلى إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، حسبما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».