نتنياهو يواجه مزيداً من الهزات لائتلافه

اضطر لمغادرة المستشفى من أجل «معركة صغيرة» في «الكنيست»... ويواجه ضغوطاً متزايدة لإقالة بن غفير

«الكنيست» مجتمعاً بحضور نتنياهو لإقرار القانون (إكس)
«الكنيست» مجتمعاً بحضور نتنياهو لإقرار القانون (إكس)
TT

نتنياهو يواجه مزيداً من الهزات لائتلافه

«الكنيست» مجتمعاً بحضور نتنياهو لإقرار القانون (إكس)
«الكنيست» مجتمعاً بحضور نتنياهو لإقرار القانون (إكس)

هزت أزمة جديدة الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وجعلت مصيره مجهولاً، بعد تمرد أحزاب رئيسية فيه خلال تصويت حاسم على قانون مرتبط بالميزانية العامة في «الكنيست»، ما اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الخروج من المستشفى -متعباً ومرهقاً، رغم معارضة الأطباء- والحضور إلى الكنيست في محاولة لكسب هذه المعركة «الصغيرة».

ونجح نتنياهو بعد جهد كبير، وبفارق صوت واحد (59 عضو «كنيست» ومعارضة 58) بالتصويت لصالح قانون الأرباح المحتجزة (قانون يُعدل قوانين الضرائب الحالية التي تسمح للشركات والجمعيات المهنية، مثل الأطباء والمحامين والمحاسبين وغيرها، بتجميع الأرباح دون توزيعها)، مع حضوره شخصياً من المستشفى، واضطرار عضو «الكنيست»، بوعز بيسموت، للتصويت، رغم دخوله في حالة حداد على والدته.

ويسعى القانون الجديد إلى تحفيز الشركات على توزيع أرباحها، ما سيؤدي إلى دفع ضرائب إضافية، باعتبار أن ذلك يمكن أن يضيف نحو 10 مليارات شيقل لخزينة الدولة في عام 2025.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن نتنياهو فاز بالمعركة، ولكن ليس في أزمة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي التي لا تزال قائمة وبعيدة عن النهاية.

واضطر نتنياهو لمواجهة تمرد أصبح مستمرّاً من قبل حزب «عوتسما يهوديت» (القوة اليهودية)، الذي يقوده وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وتمرد آخر من أعضاء «أغودات يسرائيل»، الذين صوّتوا ضد رغبة ائتلافه، ولم يتراجعوا عن التصويت ضد القانون، بل هدّدوا باستكمال التصويت منفردين في جلسات مقبلة من دون الائتلاف.

وقال مقربون من نتنياهو إن هناك «غضباً شديداً» ضد بن غفير، وهناك دعوات لبدء إجراء سريع لإقالته من الحكومة. وقالت «القناة 12» إن ما حصل في «الكنيست» كان «دراما»، أجبرت نتنياهو على مغادرة المستشفى الذي كان يرقد فيه بعد الجراحة من «سرطان بروستاتا» يوم الأحد.

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية أخرى، فإن ما حدث دفع نتنياهو إلى التفكير في اتخاذ خطوات قد تشمل إقالة أو تقليص صلاحيات بن غفير، الذي يواصل تمرّده ضد الحكومة، ويجعل بيئة العمل غير مستقرة وخطرة، ويُهدد بقاء الحكومة.

ورفض بن غفير التصويت لصالح الميزانية، مطالباً بمقابل متعلق بتمويل وزارته وجهاز الشرطة، وتمرير قرارات أخرى في الحكومة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة سابقة في «الكنيست» (إ.ب.أ)

وهاجم نتنياهو بن غفير، وقال إنه «ليست هناك حماقة غير مسؤولة أكبر من زعزعة الائتلاف في هذا الوقت، أو المخاطرة بإسقاط حكومة اليمين». وأضاف: «أتوقع من جميع أعضاء الائتلاف، بمن فيهم الوزير بن غفير، أن يكفوا عن زعزعة الائتلاف، وتعريض وجود حكومة اليمين للخطر في لحظة حاسمة من تاريخ إسرائيل».

وتابع: «من الممكن والمطلوب سد الفجوات في الائتلاف دون زعزعته، وهذا ما سنفعله».

كما هاجم وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، زميله بن غفير، وقال إنه «اختار المس برئيس الحكومة، واضطره إلى مغادرة سرير مرضه، وتشكيل خطر على وجود الحكومة والاقتصاد من أجل خدع إعلامية».

خلافات صبيانية

وردّ بن غفير قائلاً: «إنه اقترح عدم إزعاج رئيس الحكومة، وبالإمكان الاتفاق على ميزانية الشرطة فوراً إذا توقف سموتريتش فقط عن مقاطعة بن غفير ووافق على مفاوضات الآن».

وأجاب سموتريتش، قائلاً: «إنه مصرٌّ على مواصلة قيادة الاقتصاد الإسرائيلي في سنة الحرب وعدم الانجرار إلى خلافات صبيانية».

وقالت «القناة 12» إن قرار بن غفير الذي أدّى إلى فوضى في الجلسة العامة قاد أعضاء الائتلاف، صباح الأربعاء، للتعبير عن انتقاداتهم عبر منصات مختلفة لبن غفير، بل المطالبة بمحاسبته.

وقال سموتريتش في مقابلة: «إنه غير متأكد من أن سبب الأزمة هو ميزانية الشرطة حقّاً»، مضيفاً: «قبل أسبوعين كان هناك عذر آخر، لقد صوّت ضد الائتلاف على أساس أننا لا نريد إقالة المستشارة القانونية، الآن فجأة هناك عذر آخر».

كما انتقد يوآف كيش، من حزب «الليكود»، سلوك وزير الأمن القومي، قائلاً: «إذا استمر بن غفير في ذلك، فلا يمكن أن يستمر، ومعنى ذلك ألا يكون في الائتلاف».

أما عضو «الكنيست»، دان إيلوز، فوجّه رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء صباح الأربعاء، طالبه فيها بفرض عقوبات صارمة على عضو «الكنيست» «الذي انتهك انضباط الائتلاف». وأضاف: «هذا السلوك يتطلب ردّاً واضحاً، لضمان مكانة الليكود بصفته حزباً حاكماً قوياً».

انهيار وشيك

لكن لا يبدو أن نتنياهو يتجه لإقالة بن غفير. وقالت مصادر إسرائيلية لصحيفة «هآرتس»، إنه على الرغم من أن الائتلاف يضم 67 عضواً في الكنيست، فإن بإمكانه مبدئياً تدبر الأمور من دون تأييد حزب بن غفير، الممثل بستة أعضاء كنيست، إلا أن نتنياهو لا يثق بجدعون ساعر (وزير الخارجية المنضم حديثاً للائتلاف) وليس مستعدّاً لإبقاء مصير الائتلاف بين يديه.

ونصّ الاتفاق الائتلافي بين الليكود وساعر، على أن ينضم إلى الحزب، ويترشح من خلاله في انتخابات «الكنيست» المقبلة، لكن مستشاري نتنياهو يتعاملون مع الوضع بتشكك بالغ. وفي حين يحاول نتنياهو إبقاء ائتلافه متماسكاً، يعتقد رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، أن انهيار الائتلاف مسألة وقت.

وقال لابيد: «رغم أن توقعاتي بسقوط الحكومة في عام 2024 لم تتحقق، فإن كل مَن كان في (الكنيست) الليلة الماضية (ليلة الثلاثاء) يدرك أن انهيارها بات وشيكاً».

الأكثر فساداً وتطرفاً

ووصف لابيد الحكومة الحالية بأنها «الأكثر فساداً وتطرفاً وفشلاً في تاريخ البلاد». وأضاف: «في ظل هذه الحكومة، فقد المواطنون شعورهم بالأمان، وانهارت الثقة بالقيادة، كما انخفض التصنيف الائتماني للبلاد لأول مرة في تاريخها».

وتابع: «لقد رأينا بالأمس ما حدث هنا. رئيس الوزراء شاحب وضعيف، وبن غفير يسخر منه أمام الأمة». وأردف: «الحكومة ستسقط قريباً، وما يحدث الآن ليس إلا تمديداً لمعاناة الشعب، بسبب تمسك أعضائها بالسلطة على حساب مصلحة البلاد».


مقالات ذات صلة

ترمب ينشر مقطع فيديو يتضمن شتائم نابية بحق نتنياهو

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

ترمب ينشر مقطع فيديو يتضمن شتائم نابية بحق نتنياهو

نشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مقطع فيديو مثيراً للجدل تضمَّن شتائم نابية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجدداً إن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية نتنياهو يلتقي مجندين حريديم في جيش الدفاع الإسرائيلي (إكس)

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، بشأن امتناع اليهود المتشددين عن الخدمة في الجيش مشادات وشغباً بينما قالت الحكومة إنها يمكنها استيعابهم في 2026.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج السعودية شدّدت على ضرورة احترام سيادة الدول وحدودها (الشرق الأوسط)

السعودية ترفض خريطة مزعومة لإسرائيل تضم أراضي عربية

أعربت السعودية عن رفضها ادعاءات إسرائيل الباطلة حيال خريطة نشرتها حسابات رسمية تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خامنئي يدعو السوداني لـ«الحفاظ على الحشد وتقويته»

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
TT

خامنئي يدعو السوداني لـ«الحفاظ على الحشد وتقويته»

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان

دعا المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى الحفاظ على «الحشد الشعبي» وتقويته، وإنهاء الوجود الأميركي في العراق، واصفاً إياه بـ«غير القانوني».

وقال خامنئي للسوداني الذي زار طهران، أمس، إن وجود القوات الأميركية «يتعارض مع مصالح الشعب والحكومة العراقية»، مشدداً على ضرورة التصدي لـ«محاولات الأميركيين تثبيت وجودهم وتوسيعه».

وتابع خامنئي أن «(الحشد الشعبي) يُعدّ من أهم عناصر القوة في العراق، ويجب العمل على الحفاظ عليه وتقويته بشكل أكبر». وأشار إلى التطورات السورية، قائلاً إن دور «الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً».

جاء ذلك بعد ساعات من خطاب لخامنئي أكد فيه رفضه التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة حول الملف النووي، محذراً مسؤولي أجهزة صناع القرار في بلاده من «الانصياع» لمواقف أميركا وإسرائيل.