ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

TT

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز)
قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز)

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر/ تشرين الأول» في تل أبيب.

وعلى الرغم من أن الحروب الحديثة التي تستخدم فيها الصواريخ والطائرات المسيّرة، أضعفت أهمية الأرض والجبال، فإن القوات الإسرائيلية اتخذت عدة إجراءات تعيد للجغرافيا أهميتها.

وجبل الشيخ الذي شهد في حربَي 1967 و1973 معارك ضارية بين القوات الإسرائيلية والسورية بلغت حد الاشتباك بالسلاح الأبيض، عاد إلى العناوين في الأسبوعين الأخيرين بعد احتلال إسرائيل لقسم آخر منه، بادعاء الضرورات الأمنية. واحتلال إسرائيل له اليوم يشكل رمزاً تاريخياً؛ إذ إنها تعتبره «عيون الأمة».

وتدعي إسرائيل أن ما تصفها بـ«التنظيمات الإرهابية» حالياً في سوريا تسير على نهج «حزب الله» الذي خطط لهجوم مباغت على البلدات الإسرائيلية، ونهج «حماس» التي نفذت في 7 أكتوبر 2023 هجوماً كهذا على البلدات الإسرائيلية الجنوبية من غزة؛ ولهذا قررت إسرائيل احتلال «جبل الشيخ».

جنود سوريون يهاجمون موقعاً إسرائيلياً على جبل الشيخ في سوريا يوم 29 أكتوبر 1973 (غيتي)

وعاد الإسرائيليون لاستخدام اللغة الأمنية القديمة نفسها التي استُخدمت في حينه حول الأهمية الاستراتيجية. فالحديث يجري عن مرتفعات شاهقة توجد فيها أربع قمم: أعلاها ترتفع 2814 متراً عن سطح البحر، وتسمى «شارة الحرمون» في سوريا، والثانية إلى الغرب (2294 متراً)؛ أي في لبنان، والثالثة إلى الجنوب (2236 متراً) في القسم الذي تحتله إسرائيل منذ سنة 1967، وتم تحريره في سنة 1973 ليومين، ثم عادت إسرائيل لاحتلاله، والرابعة إلى الشرق بارتفاع 2145 متراً، وقد احتلتها إسرائيل قبل أسبوع.

إطلالة واسعة

من جميع هذه القمم، ومن بقية المرتفعات، يمكن مشاهدة حدود خمس دول؛ فجبل الشيخ ليس جبلاً وليس سلسلة جبال فحسب، بل هو منطقة جبلية وسهلية واسعة في آنٍ، وبعبارة أوضح: هو موجود ضمن حدود سوريا ولبنان، ويطل على فلسطين والأردن وإسرائيل.

ويمتد «جبل الشيخ» من بانياس وسهل الحولة في الجنوب الغربي إلى وادي القرن ووادي طبريا، وغالبيته تقع في تخوم لبنان، وتقدر مساحته بنحو 700 كيلومتر مربع، والقسم الأكبر والأهم والأعلى منه يعتبر جزءاً من سلسلة جبال لبنان الشرقية التي تمتد بين سوريا ولبنان.

يحدّ الجبل من الشرق والجنوب منطقة وادي العجم وإقليم البلان وقرى الريف الغربي لدمشق وهضبة الجولان في سوريا، ومن الشمال والغرب القسم الجنوبي من سهل البقاع ووادي التيم في لبنان.

وكانت إسرائيل تحتل 70 كيلومتراً مربعاً من جبل الشيخ. واليوم، مع سقوط نظام الأسد، تحتل 140 كيلومتراً مربعاً، ومنها تطل على أماكن واسعة من سوريا، ولا سيما دمشق وسهول حوران وبادية الشام والجولان، وقسم من الحدود الشمالية الأردنية، والفلسطينية، وتحديداً جبال الجليل ومحافظة إربد وسهل الحولة، وبحيرة طبريا، وكل جنوب لبنان وسهل البقاع وسلسلة جبال لبنان الغربية.

كما يعد جبل الشيخ المنبع الرئيس لنهر الأردن والعديد من المجاري المائية في المنطقة، وقد كان ثراؤه بالمياه النقية الجارية وبموقعه الاستراتيجي سبباً في نزاعات دائمة.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

المشرق العربي جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

رفض الجيش الإسرائيلي ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم بغزة.

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف فوق آلية عسكرية وأمامه مدفع رشاش قرب قرية مجدل شمس خارج المنطقة العازلة بالجولان (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يطلق النار على محتجّين سوريين في درعا

أكد الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أنه أطلق النار باتجاه «تهديد»، خلال احتجاج لسوريين ضد وجود الجيش في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

يريد بنيامين نتنياهو توجيه ضربة أخرى للأجهزة الأمنية، يحدّ فيها من استقلاليتها ويفتح الباب أمام توسيع نفوذه عليها.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي بجوار آلة حفر في شمال قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعثر على مُعدات تابعة له في أنفاق بشمال قطاع غزة

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إنه دمَّر أنفاقاً لحركة «حماس» في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، يبلغ طولها مجتمعة نحو 5 أميال (8 كيلومترات).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)
أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)
TT

طلقة أولى في خطة نتنياهو لإقالة هيرتسي هاليفي

أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)
أرشيفية لبنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي خلال إحاطة عسكرية (أ.ف.ب)

التعليمات التي أصدرها وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لرئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، بضرورة استكمال جميع التحقيقات حول هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قبل نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، هي الطلقة الأولى في معركة رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، لدفع هاليفي إلى الاستقالة، أو الوصول إلى قرار في الحكومة لإقالته.

هاليفي كان قد أعلن أنه سيستقيل حال وقف إطلاق النار في غزة، كجزء من تحمله جانباً من المسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر.

وألمح هاليفي في رسالة وجّهها إلى ضباط الجيش، نهاية الشهر الماضي، إلى أنه يعتزم الاستقالة من منصبه بعد انتهاء التحقيقات في إخفاقات 7 أكتوبر، ومجرى الحرب على غزة ولبنان.

وكتب هاليفي في رسالته أنه «بسبب النتائج والقتلى الكثيرين (بين الجنود)، في نهاية التحقيقات، سنتخذ قرارات شخصية، ونطبق المسؤولية على الضباط. وليس لديّ أي نية لتجاوز قرارات شخصية عندما تتضح الصورة أمامنا».

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارته للجولان (وسائل إعلام إسرائيلية)

لكن هاليفي يتعرض، منذ ذلك الوقت، لضغوط شديدة في الجيش وبقية أطراف الدولة العميقة، فيطلبون منه الانتظار حتى يمنعوا نتنياهو من تعيين رئيس أركان من الموالين له. ومع أن هاليفي نفّذ كثيراً من طلبات وقرارات نتنياهو في الحرب، خلافاً لرأي المؤسسة الأمنية، فإنه يظل رمزاً لهذه المؤسسة. ونتنياهو يريد أن يحمّلها مسؤولية كاملة عن الإخفاق، حتى يبرئ نفسه من تبعاته. والتخلص من هاليفي يعدّ مكسباً استراتيجياً في هذا السبيل، مثلما كان التخلص من وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت في الوزارة.

المعروف أن هاليفي كان قد أقام لجنة تحقيق داخلي في أحداث أكتوبر حتى يسجل أنه يتصرف بمسؤولية وينظر بخطورة إلى قصور جيشه. وهذا بدوره يحسّن مكانته أمام لجنة التحقيق الرسمية التي كان يفترض أن تقوم للتحقيق المعمق في ذلك الإخفاق، الذي يعدّ أخطر حدث وقع لإسرائيل منذ تأسيسها. وقد حاول نتنياهو منعه من ذلك، ولكن المستشارة القضائية للحكومة وقفت مع هاليفي، واعتبرت خطوته قانونية ومخلصة لقيم الجيش ومبادئ القانون.

وقد ذكر عن لجنة التحقيق أنها توجه انتقادات لاذعة لرئيس الأركان وغيره من قادة الجيش، الذي استخفوا بما يجري في غزة ولم يتوقعوا هجوماً كهذا مباغتاً من «حماس» توفرت فيه عناصر المفاجأة، وتوجيه ضربات دقيقة، واحتلال 11 موقعاً عسكرياً، و22 بلدة وأخذ عدد كبير (251) من الأسرى. وبما أن نتنياهو يمتنع عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لأنها ستحقق مع القيادتين السياسية والعسكرية، قرّر استغلال التحقيق العسكري، الذي يحقق في قصور الجيش والمخابرات، ولا يتطرق إلى قصور القيادة السياسية، ويسعى لنشره حتى يرسخ الاتهام لأجهزة الأمن في عقول الناس ووعيهم.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي قال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

ولذلك، قال كاتس، في بيان صدر عن مكتبه، إن على الجيش الإسرائيلي «إنهاء التحقيقات في أسرع وقت ممكن لعرض نتائجها على عائلات الضحايا والرأي العام في إسرائيل، بهدف استخلاص الدروس والعبر المطلوبة».

كما أعلن كاتس أنه أخطر هاليفي بأنه «لن يوافق على تعيين قادة جدد في الجيش حتى يتسلم التحقيقات، ويدرس نتائجها وتأثيرها المحتمل على المرشحين للترقيات».

وهذا مع العلم بأن هاليفي يعارض قرار كاتس، تجميد قراره بترقية ضابطين إلى حين اتضاح علاقتهما بإخفاق 7 أكتوبر، وأدائهما خلال الحرب. وكتب هاليفي في الرسالة المذكورة أعلاه أن «تعيين ضباط في مناصب ليس امتيازاً، وإنما واجب قيادي وعملياتي. والجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يسمح لنفسه بالجمود». وجاء قرار كاتس الجديد ليحسم الموقف ضد هاليفي وقيادة الجيش، ويظهر أن القيادة السياسية قوّامة على الجيش أيضاً في شؤون الأمن في الدولة.

ويعدّ هذا التصرف من كاتس ضربة أخرى للجيش في المعركة الدائرة بينه وبين حكومة اليمين بقيادة نتنياهو. والإقدام عليه يبين كم هي الحكومة واثقة من نفسها اليوم، إذ إنها تلاحظ أن الدولة العميقة لم تعد قادرة على تجنيد مئات ألوف المتظاهرين ضد الحكومة. والخطر لإسقاط هذه الحكومة عبر الشارع آخذ في الاضمحلال. وبحسب تعليمات كاتس، سيكون على هاليفي الاستقالة بعد تقديم نتائج التحقيقات، في نهاية يناير المقبل، وربما في نهاية فبراير (شباط) كأقصى حدّ. وعندها يسجل نتنياهو ضربة أخرى للأجهزة الأمنية، يحدّ فيها من استقلاليتها، ويفتح الباب أمام توسيع نفوذه عليها.