تركيا: عضوية «الاتحاد الأوروبي» هدف استراتيجي يجب ألا يُرهن بخطط عقيمة

إردوغان طالب بتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتحرير «شنغن»

إردوغان خلال جلسة مباحثات مع أورسولا فون دير لاين في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)
إردوغان خلال جلسة مباحثات مع أورسولا فون دير لاين في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: عضوية «الاتحاد الأوروبي» هدف استراتيجي يجب ألا يُرهن بخطط عقيمة

إردوغان خلال جلسة مباحثات مع أورسولا فون دير لاين في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)
إردوغان خلال جلسة مباحثات مع أورسولا فون دير لاين في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)

أكدت تركيا أن حصولها على العضوية الكاملة في «الاتحاد الأوروبي» لا يزال يشكل هدفاً استراتيجياً بالنسبة إليها، عادّةً أن انضمامها سيقدم مساهمات كبيرة للطرفين.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إنه «ينبغي لمصالحنا المشتركة (تركيا والاتحاد الأوروبي) ألا تكون رهينة خطط (عقيمة) لبعض أعضاء (الاتحاد)».

وتواجه تركيا اعتراضات من بعض دول «الاتحاد الأوروبي» على عضويتها؛ منها فرنسا التي تطرح نوعاً من الشراكة بدلاً من العضوية.

إردوغان ودير لاين خلال مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة الثلاثاء (إ.ب.أ)

وعبر إردوغان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس «المفوضية الأوروبية»، أورسولا فون دير لاين، في ختام مباحثاتهما بأنقرة الثلاثاء، عن أمله في اتخاذ قرارات في قمة «الاتحاد الأوروبي» المقبلة بشأن تحديث «اتفاقية الاتحاد الجمركي» الموقعة عام 1995، وتسريع عمليات منح تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك، وذلك إلى أن يتحقق الإعفاء الكامل.

الاتحاد الجمركي و«شنغن»

وأضاف: «هناك حاجة إلى علاقة مؤسساتية أقوى بين تركيا و(الاتحاد الأوروبي) أكثر من أي وقت مضى، ونحن، بصفتنا دولة مرشحة، لدينا هذه الإرادة. تظل عضوية (الاتحاد الأوروبي) هدفاً استراتيجياً لتركيا، ومن الواضح أن عضويتنا سوف تقدم مساهمات كبيرة لـ(الاتحاد) وكذلك لبلدنا».

وأضاف إردوغان أن هناك إمكانية لتعزيز التعاون بين تركيا و«الاتحاد الأوروبي» على أساس صيغة مُربحة للجانبين والاحترام المتبادل، قائلاً: «آمل أن نرفع علاقاتنا إلى المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه عبر عقد قمة بين تركيا و(الاتحاد الأوروبي) في أقرب وقت ممكن».

وتعهد «الاتحاد الأوروبي»، بموجب «اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين» الموقعة مع تركيا عام 2016، بالنظر في تحديث «اتفاقية الاتحاد الجمركي»، وإعفاء الأتراك من تأشيرة دخول دول الاتحاد (شنغن)، لكنه وضع 72 معياراً على تركيا أن تحققها حتى يطبَّق الإعفاء، منها تعديل قوانين تتعلق بمكافحة الإرهاب، وهو ما رفضته أنقرة.

وقال إردوغان إن التطورات الأخيرة في كثير من مناطق العالم عززت مكانة تركيا بوصفها دولة رئيسية، مشيراً إلى أن جدول الأعمال الرئيسي للاجتماع مع دير لاين كان الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها لتنشيط العلاقات بين الجانبين، وطرح رؤية جديدة من شأنها أن تعزز منظور عضوية تركيا في «الاتحاد الأوروبي».

وأضاف: «أكدت مرة أخرى أنه ينبغي ألا نبقى أسرى خطط عقيمة لبعض الدول الأعضاء في (الاتحاد)، وأنه يمكن تعزيز تعاوننا بصيغة مربحة للجانبين وعلى أساس الاحترام المتبادل».

أورسولا خلال المؤتمر الصحافي (إ.ب.أ)

بدورها، قالت دير لاين: «سررت بملاحظة أن السيد الرئيس (إردوغان) يقدر أيضاً العلاقات الوثيقة بين تركيا و(الاتحاد)، والقائمة على التعاون والحوار».

موقف «الاتحاد الأوروبي»

ولا يزال «الاتحاد الأوروبي» يرى في تركيا تراجعاً في المعايير الديمقراطية، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، والحقوق الأساسية. وجاء في تقرير من «المفوضية الأوروبية»، بشأن توسعة عضوية «الاتحاد الأوروبي» نحو 10 دول من بينها تركيا بمفاوضات الانضمام، الذي أُعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن تركيا لم تحرز أي تقدم في المفاوضات منذ عام 2018، وأن مخاوف «الاتحاد» بشأن تراجع المعايير الديمقراطية، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، والحقوق الأساسية، لم تعالَج.

«مفوض شؤون التوسعة» بـ«الاتحاد الأوروبي» أوليفر فارهيلي أثناء إعلان تقرير بشأن تقدم تركيا في المفاوضات ببروكسل خلال أكتوبر الماضي (من حسابه على إكس)

وتحت عنوان «الديمقراطية»، ذكر التقرير، الذي لخصه «مفوض شؤون التوسعة» في «الاتحاد الأوروبي»، أوليفر فارهيلي، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، أن نظام الحكم الرئاسي المطبّق في تركيا منذ عام 2018، «يضعف الوظائف التشريعية والرقابية للبرلمان، كما يلغي عناصر التوازن والرقابة، كذلك أصبحت الإدارة العامة مسيسة إلى حد كبير، خصوصاً فيما يتعلق بالضغط الحكومي على البلديات التابعة للمعارضة، الذي استمر في إضعاف الديمقراطية المحلية».

وأضاف أن «هناك 54 صحافياً معتقلون حالياً، كما أن المنظمات غير الحكومية لا تزال تعمل في بيئة متنامية الصعوبة، ولا يُلتزَم بقرارات (المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان)، أو المحكمة الدستورية التركية، ولم تلاحَظ أي مبادرة ذات معنى لحل المشكلة الكردية في الفترة الماضية».

وذكر التقرير أنه على الرغم من أن تركيا لاعب مهم للغاية في منطقتها، فإن «امتثالها للاتحاد الأوروبي في نطاق السياسة الخارجية والدفاعية المشتركة منخفض للغاية، وفشلت في المشاركة في العقوبات الأوروبية على روسيا، وتقدمت بطلب عضوية (مجموعة بريكس)، بقيادة الصين وروسيا، وحضرت قمة (منظمة شنغهاي للتعاون) على المستوى الرئاسي».

انتقادات

في السياق، قال المحلل السياسي، محمد أوغوتشو، إن سياسة التأشيرة التي ينتهجها «الاتحاد الأوروبي» تجاه تركيا هي «سياسة مزدوجة، وبينما يؤخر (الاتحاد الأوروبي) تحرير التأشيرة بسبب مجالات حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والديمقراطية، وخطر تدفق المهاجرين، فإنه يحاول تشكيل علاقاته الاقتصادية والسياسية بتركيا وفقاً لمصالحه الخاصة».

صورة تذكارية من مشاركة إردوغان بـ«قمة المجتمع السياسي الأوروبي» في بودابست خلال نوفمبر الماضي (الرئاسة التركية)

ورأى أن «على تركيا أن تجعل تحرير التأشيرة هو الأولوية في علاقاتها بـ(الاتحاد الأوروبي)، وتطوير استراتيجية دبلوماسية لإبطاء مجالات التعاون الحيوية مع (الاتحاد) بوصف ذلك من عناصر الضغط المستمر، وتنفيذ إصلاحات من شأنها جعل الانتقادات لتركيا غير مبررة».

وأكد «ضرورة مراجعة سياسات الهجرة، وإعادة تقييم تركيا سياسة (الباب المفتوح) تجاه المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا، وتشديد الرقابة على الحدود، كما يتعين على تركيا الاستمرار في التركيز على التعاون الإقليمي في آسيا، وأفريقيا، والشرق الأوسط، لتعزيز مكانتها الاستراتيجية على الساحة الدولية ولتقليل الاعتماد على (الاتحاد)، لكن في إطار من التوازن الدقيق في هذه المعادلة».


مقالات ذات صلة

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

العالم العربي قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

أعرب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، اليوم الثلاثاء، عن استعداد قواته تقديم مقترح إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أميركا تتمسك بدعم قسد حليفاً في الحرب على «داعش» (إعلام تركي)

أنقرة تستعد للسيطرة على عين العرب بعد فشل وساطة مع «قسد»

أكد الاتحاد الأوروبي وتركيا ضرورة عدم السماح للتنظيمات الإرهابية بأن تجد لها مكاناً في سوريا وضرورة العمل على ضمان الوحدة الوطنية وحماية الأقليات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال متحدثاً خلال فعالية في أنقرة الاثنين وإلى جانبه رئيس بلديتها منصور ياواش (موقع الحزب)

تراشق حاد بين إردوغان والمعارضة حول سوريا

تشهد الساحة السياسية جدلا متصاعدا حول التطورات الأخيرة في سوريا بالتزامن مع إرسال فريق من 80 شخصا، سيبدأ على الفور أعمال بحث في سجن صيدنايا عبر أجهزة متطورة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقَّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

أطلق رئيس الوزراء اليوناني، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل غياب حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الشاباك» يعتقل إسرائيلياً «عمل لصالح الاستخبارات الإيرانية»

صورة أرشيفية نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال أحد المتعاونين مع إيران
صورة أرشيفية نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال أحد المتعاونين مع إيران
TT

«الشاباك» يعتقل إسرائيلياً «عمل لصالح الاستخبارات الإيرانية»

صورة أرشيفية نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال أحد المتعاونين مع إيران
صورة أرشيفية نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال أحد المتعاونين مع إيران

أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» أنه اعتقل إسرائيلياً كان يعمل لصالح المخابرات الإيرانية. وبحسب «الشاباك»، تم اعتقال أردلر أمويل، 23 عاماً، من سكان القدس الغربية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للاشتباه في تورطه بارتكاب مخالفات أمنية تتعلق بالتواصل مع عناصر استخبارات إيرانية، وتنفيذ مهام أمنية في إسرائيل مقابل مبالغ مالية.

وكشفت التحقيقات عن أن أمويل بدأ منذ شهر أكتوبر بالتواصل مع عناصر استخبارات إيرانية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تواصل في البداية مع شخصية تُدعى «أريانا»، وبعد تعارف أولي، تم نقله للتواصل مع شخص يُعرف باسم «جون»، الذي تولى تشغيله وتوجيهه.

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لسيارات حرقها عملاء جنّدتهم إيران

وأظهرت التحقيقات أن أمويل، رغم إدراكه منذ البداية أن «جون» يمثل جهة إيرانية، وافق على تنفيذ مهام استخباراتية شملت تصوير مواقع، وخط كتابات غرافيتي، وغيرها. كما قام بتصوير أوراق تحمل عبارات «نصنع السلام» في مناطق متفرقة من القدس وتل أبيب، وكتابة شعارات «سنوار» على الجدران في تل أبيب، إضافة إلى تصوير منازل وشوارع في نتانيا وغيرها وإرسالها إلى مشغّله الإيراني.

وبحسب «الشاباك»، فإن أمويل اشترى كاميرا «جو برو» وبطاقة ذاكرة لتوثيق المهام، وصوّر مقطع فيديو لحرق سيارة، وأجرى عمليات بحث عبر الإنترنت لشراء مسدس وكاتم صوت ومواد لصناعة عبوات ناسفة، بل شاهد مقاطع فيديو تتعلق بتصنيع المتفجرات، بهدف تنفيذ هجمات داخل إسرائيل. كما طُلب منه تجنيد أشخاص آخرين، بينهم ذوو خلفيات جنائية.

وتشير التحقيقات أيضاً إلى أن أمويل اقترح على مشغّله الإيراني حرق سيارة شرطة، والعمل على تعطيل الكهرباء في القطار الخفيف بمدينة القدس، حيث صوّر مواقع مختلفة في منطقة القطار الخفيف بحثاً عن مصدر الطاقة، وأرسل الفيديو إلى مشغّله. ومقابل ذلك تلقى أمويل أجراً مالياً من مشغّله الإيراني بواسطة عملات رقمية مشفرة.

صورة أرشيفية في أثناء عملية اعتقال سابقة للشرطة الإسرائيلية

وقال «الشاباك» إن اعتقاله يكشف مجدداً عن «محاولات أجهزة الاستخبارات الإيرانية تجنيد مواطنين إسرائيليين لأغراض التجسس وتنفيذ أعمال إرهابية داخل إسرائيل، مع استجابة بعض المواطنين لهذه المهام رغم معرفتهم بهوية مشغّليهم، مقابل الحصول على مبالغ مالية».

وقدم المدعي العام، الثلاثاء، تصريحاً ضد أمويل، ومن المتوقع أن يتم تقديم لائحة اتهام ضده خلال الأيام القليلة المقبلة من قبل نيابة القدس إلى المحكمة المركزية في المدينة. وقد تم تمديد اعتقاله حتى يوم الجمعة المقبل.

وأكدت الشرطة الإسرائيلية أنها ستواصل مع «الشاباك» تركيز الجهود لإحباط أي نشاط قد يمسّ بأمن الدولة ومواطنيها. وأضافت في بيان: «إن التجسس لصالح دولة معادية، سواء في أوقات الحرب أو غيرها، يُعد عملاً خطيراً وخيانة للدولة».

وحذرت الأجهزة الأمنية الإسرائيليين من التواصل مع جهات أجنبية أو تنفيذ مهام لصالحها، مؤكدة أنها ستتعامل بحزم مع أي شخص متورط في مثل هذه الأنشطة. وهذه ليس أول اعتقال من نوعه.

وأعلن «الشاباك» في الأشهر الأخيرة عن سلسلة من «المؤامرات» الإيرانية المزعومة، لتنفيذ مهام في إسرائيل، وقال إنه اعتقال خلايا ضمت فلسطينيين من مناطق مختلفة، ومهاجرين من أذربيجان، وجندياً فر من الخدمة العسكرية، وقاصرَين تتراوح أعمارهما بين 16 و17 عاماً، نفذوا مئات المهمات. ويحذر المسؤولون الأمنيون الجمهور في إسرائيل على الدوام من التعاون مع جهات خارجية، ويطالبونهم من بين أشياء أخرى بـ«عدم الضغط على الروابط، وعدم التواصل مع الغرباء المشبوهين، وعدم الإجابة عن رسائل البريد الإلكتروني غير المعروفة».