إيران تحذّر أميركا وإسرائيل... وتدرس إرسال «مستشارين» إلى حلب

بزشكيان حضَّ دول المنطقة على منع أميركا وإسرائيل «من استغلال الوضع»

المنشد مهدي سلحشور التابع لـ«الحرس الثوري» وهو يردد أناشيد لمجموعة من مقاتلي ميليشيا «فاطميون» في ضواحي حلب (مهر)
المنشد مهدي سلحشور التابع لـ«الحرس الثوري» وهو يردد أناشيد لمجموعة من مقاتلي ميليشيا «فاطميون» في ضواحي حلب (مهر)
TT

إيران تحذّر أميركا وإسرائيل... وتدرس إرسال «مستشارين» إلى حلب

المنشد مهدي سلحشور التابع لـ«الحرس الثوري» وهو يردد أناشيد لمجموعة من مقاتلي ميليشيا «فاطميون» في ضواحي حلب (مهر)
المنشد مهدي سلحشور التابع لـ«الحرس الثوري» وهو يردد أناشيد لمجموعة من مقاتلي ميليشيا «فاطميون» في ضواحي حلب (مهر)

حذّرت إيران، الولايات المتحدة، من استغلال الوضع في سوريا، وأرسلت إشارات باحتمال إرسال قوات «استشارية» من «الحرس الثوري» إلى حلب، إذا ما تطلبت التطورات الميدانية.

ودعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الدول الإسلامية، إلى «حل المشكلات في سوريا»، وقال في جلسة للبرلمان الإيراني: «يجب ألا تسمح الدول الإسلامية بأن تكون النزاعات الداخلية في البلدان سبباً لتدخلات الأجانب بشكل أكبر في المنطقة»، حسبما أورد موقع الرئاسة الإيرانية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن بزشيكان قوله للمشرعين: «نأمل ألا تسمح دول المنطقة لأميركا وإسرائيل بأن تستغل النزاع الداخلي لأي بلد إسلامي».

وقال بزشكيان: «الذين يوسعون الحرب والدمار هم أنفسهم الذين يدّعون السلام وحقوق الإنسان والإنسانية».

وتطرق إلى الحرب في غزة ولبنان، قائلاً: «قامت إسرائيل بقتل عشرة آلاف طفل، وأولئك الذين يدّعون حقوق الإنسان مجرد متفرجين... من المشين أن هذه الفاجعة تحدث بدعم من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومساعداتهم العسكرية».

بزشكيان يلقي خطاباً أمام البرلمان الإيراني اليوم (الرئاسة الإيرانية)

في السياق نفسه، زاد بزشكيان: «لا نسعى بأي حال من الأحوال إلى الحرب والدمار»، وتابع: «بذلنا جهدنا لحل مشكلاتنا مع الجيران قدر الإمكان، وعملنا على تحسين علاقاتنا مع الدول المختلفة». وأضاف: «أوضحنا رؤيتنا للعلاقات الدولية والاتصالات في الاجتماعات الثنائية».

ولفت بزشكيان إلى أن إيران «لا تطمع في حدود أي من جيرانها»، وأضاف: «نحن نعتقد أن دول المنطقة هي التي يمكنها ضمان أمن المنطقة، ولا حاجة لوجود الأجانب في المنطقة. في هذه الحكومة، تم بذل الجهود لتصحيح سوء الفهم في العلاقات الثنائية مع الجيران، ومن هذا المنطلق، نحن في وضع أفضل في المنطقة»، متحدثاً عن «إدانة الاعتداء الإسرائيلي على إيران، من جميع دول المنطقة لأول مرة»، في إشارة إلى إدانة الهجوم الإسرائيلي على إيران من قبل القمة العربية - الإسلامية في الرياض، الشهر الماضي.

من جهته، وصف رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، ما يحدث في شمال سوريا بـ«خطة صهيونية - أميركية لزعزعة أمن المنطقة»، نظراً «لتوقيت هذه التحركات» بعد وقف إطلاق النار في لبنان.

وقال: «في هذه الظروف، من الضروري أن يتحرك عقلاء المنطقة لإحباط هذه المؤامرة الخطيرة ومواجهة تصرفات الإرهابيين في سوريا والمنطقة». وحذر الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من أن «اللعب بورقة الإرهاب الأسود سيعود ذات يوم ليصيبهم».

عراقجي يلقي خطاباً بمراسم ذكرى تأسيس القوات البحرية في الجيش، جزيرة كيش جنوب البلاد صباح اليوم (الخارجية الإيرانية)

رسالة إلى دمشق

أما وزير الخارجية عباس عراقجي فقد قال للصحافيين في جزيرة كيش الجنوبية إن طهران تدعم «الحكومة والجيش السوري في مواجهة الإرهابيين».

وقبل ساعات من التوجه إلى دمشق، قال عراقجي إنه سيحمل رسالةً إلى الحكومة السورية تؤكد «دعمنا القاطع للجيش والحكومة السورية».

وأوضح عراقجي: «نعتقد أن العدو، بعد فشل الصهيونيين، يحاول تحقيق أهدافه الخبيثة في زعزعة أمن المنطقة من خلال الجماعات الإرهابية»، مشيراً على أن «الجيش السوري سينتصر مجدداً على هذه الجماعات الإرهابية، كما فعل في الماضي»، وأضاف قائلاً: «الميدان والدبلوماسية يكمّلان بعضهما البعض، فالدبلوماسيون يتحركون بدعم من القوى الميدانية»، وذلك في إشارة إلى التسمية التي تطلق مجازاً على أنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية.

إرسال قوات إيرانية

في الأثناء، قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الشؤون العسكرية في لجنة الأمن القومي البرلمانية، إن هناك احتمالاً لأن ترسل إيران «قوات استشارية» إلى سوريا، لكنه قال إن إرسال القوات «يعتمد على التطورات الميدانية وقرارات القيادة الإسرائيلية».

وتقول إيران إن قوات «الحرس الثوري» تقوم بأدوار «استشارية»، في إشارة ضمنية للأدوار القتالية.

وقال كوثري، وهو لواء في «الحرس الثوري»، إن هجمات في حلب «تهدف إلى قطع طريق الدعم الإيراني لـ(حزب الله) بتخطيط من أميركا وإسرائيل»، في فترة وقف إطلاق النار التي تستمر 60 يوماً.

وأوضح كوثري، في تصريحات صحافية، أن «الهجوم الذي شنته الجماعات المسلحة على مناطق شمال غرب سوريا، فور إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، كان مخططاً له مسبقاً من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني».

وقال: «الجيش الإسرائيلي سيشن هجوماً جديداً بعد 60 يوماً على جنوب لبنان لزيادة الضغط على (حزب الله) وجبهة المقاومة بعد إعادة تموضعه».

ودعا النائب «جبهة المقاومة» إلى خوض معركة «دقيقة وفعالة» لمنع الجماعات المسلحة من التمركز في حلب وبقية مناطق شمال سوريا، وأن تعمل على «قمعهم بشكل دقيق لضمان استمرار التواصل بين سوريا و(حزب الله)».

ولفت كوثري إلى أن «عدد المستشارين الإيرانيين في سوريا ليس كبيراً جداً... لو كانت أعداد القوات، كما كانت في السابق، لتصرفت على الفور».

ومع ذلك، توقع تدخلاً «قوياً» من «جبهة المقاومة» لمنع عودة الجماعات المسلحة، وإحباط ما وصفه بـ«المخطط الأميركي - الإسرائيلي».

وشكّل الربط بين ما يحدث في حلب، ووقف إطلاق النار في لبنان، «بيت القصيد» في مواقف المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام، خصوصاً الأطراف المحسوبة على «الحرس الثوري».

وقال مستشار قائد «الحرس الثوري»، الجنرال حسين دقيقي، السبت: «لقد تطاول العدو في سوريا ولبنان، لكن سيتم قطع يده في سوريا بطريقة ستظل خالدة في التاريخ».

ورفض دقيقي التصديق على أن المنطقة تشهد تراجعاً لـ«محور المقاومة»، وصرح بأن «الثورة الإسلامية تتقدم بسرعة كبيرة (...) فقد تم تعزيز تيار المقاومة، وتشكلت نواته، وأصبح اليوم قوةً مؤثرة» حسبما أفاد موقع التلفزيون الرسمي.

وأضاف دقيقي: «تيار المقاومة يحقق تقدماً يوماً بعد يوم... وتجري حالياً تهيئة الظروف لظهور الإمام المهدي، وهذا التيار مرتبط بتلك المرحلة». وتابع: «حتى الآن، لم يتم الاعتراف رسمياً بالمسؤول عن هذه المهمة، وتفصلنا خطوة واحدة فقط عن هذا الاعتراف».

تشييع العميد كيومرث بورهاشمي الذي قضى خلال معارك حلب الخميس الماضي (مهر)

وصول قوات من العراق

كانت «إذاعة فردا»، الناطقة بالفارسية، قد أفادت نقلاً عن مصادر السبت بأن الآلاف من «قوات (فيلق القدس) والفصائل العراقية المدعومة من إيران توجهت إلى حلب».

وأضافت الإذاعة التي تمولها الولايات المتحدة، عن مصدرين في الفصائل العراقية المدعومة من إيران، إن «آلاف المنتسبين لقوات (فيلق القدس) دخلت العراق من منطقة الشلامجة الحدودية في جنوب غرب إيران، إلى العراق، وتوجهت إلى بغداد» عشية الخميس الماضي.

وأوضحت المصادر أن «هذه القوات انضمت إلى آلاف المقاتلين من جماعتي (كتائب حزب الله) و(النجباء) قبل الانتقال إلى الحدود السورية». وقالت إنها «عبرت الحدود العراقية إلى سوريا صباح السبت».

وتناقلت وسائل إعلام «الحرس الثوري»، مساء السبت، صوراً ومقاطع فيديو من قوات «فاطميون»؛ الميليشيا الأفغانية التابعة لقوات «فيلق القدس» في ضواحي حلب.

ويظهر في الفيديو المنشد مهدي سلحشور، وهو يردد أناشيد تحض المقاتلين على القتال. وأكدت وكالة «مهر» الحكومية، صباح الأحد، صحة الفيديوهات. وقالت إنه سلحشور وهو قيادي في «الحرس الثوري» توجه إلى سوريا والتقى مقاتلي «فاطميون»، بعد جولة تفقدية في جنوب لبنان.

وقالت صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي إن «القوات المقاومة التي وصلت ردّت بصلابة شديدة، وهو ما لم يتوقعه الإرهابيون وداعموهم».

وتحدثت الصحيفة عن مقتل أكثر من 600 مسلح لقوا حتفهم في ضواحي حلب وإدلب خلال معارك خاضها الجيش السوري بدعم روسي ضد الجماعات المسلحة يومي الجمعة والسبت.

وكانت الصحيفة قد أشارت السبت إلى مقتل عدد من الضباط الإيرانيين دون أن تفصح عن عددهم. وأقام «الحرس الثوري»، السبت، مراسم لتشييع العميد كيومرث بورهاشمي، المعروف بالحاج هاشم، بعدما أعلنت طهران مقلته الخميس في معارك حلب.

وأوضحت الصحيفة أن «محاور المقاومة تمثل أذرع إيران وحلفاءها وأصدقاءها، والهجوم عليها يُعدّ هجوماً على قدرات إيران».

وترفض السلطات الإيرانية حتى الآن تقديم أي إحصائية شاملة عن عدد قتلاها في سوريا، منذ تأكيد حضورها في الأحداث الداخلية السورية، قبل نحو عشر سنوات.


مقالات ذات صلة

«الحرس الثوري»: جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد ولم نفقد أذرعنا

شؤون إقليمية سلامي يلقي كلمة في مناسبة لقواته (إيرنا)

«الحرس الثوري»: جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد ولم نفقد أذرعنا

حذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي «أعداء» بلاده من أن «الخطأ الأول سيكون خطأهم الأخير»، قائلاً إن «جبهة المقاومة لا تعتمد على أحد».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

تحليل إخباري تبادل أدوار إسرائيلية لضرب إيران

تشهد إسرائيل تحولاً حيث يتبنى نتنياهو نهجاً أكثر تحفظاً تجاه إيران، بينما أصبح الجنرالات أكثر حماسة للهجوم عليها.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 9 أشخاص في إيران بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود

قُتل تسعة أشخاص على الأقل، اليوم (الاثنين)، بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود في جنوب شرقي إيران، وهو ثاني حادث يسفر عن قتلى وإصابات جماعية خلال أيام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يجري مباحثات مع فيتالي سافيليف نائب رئيس الوزراء الروسي في طهران (الرئاسة الإيرانية)

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ضرورة تسريع روسيا لاتفاق بين البلدين بشأن تنفيذ مشروع لسكك حديد يربط بين البلدين، ويمر عبر أراضي جمهورية أذربيجان.

«الشرق الأوسط» (طهران - موسكو)
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

إيران «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا

أكدت إيران الاثنين أنه «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل 9 أشخاص في إيران بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود

عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقتل 9 أشخاص في إيران بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود

عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قُتل تسعة أشخاص على الأقل، اليوم (الاثنين)، بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود في جنوب شرقي إيران، وفق ما أفادت وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء، وهو ثاني حادث يسفر عن قتلى وإصابات جماعية خلال أيام.

وأفاد مدير جمعية الهلال الأحمر في سيستان وبلوشستان محمد مهدي سجادي لوكالة «إرنا» بأن «تسعة أشخاص لقوا حتفهم وأصيب 13 آخرون في الحادث الذي اصطدمت فيه حافلة بشاحنة وقود قرب زاهدان».

والسبت، قتل 10 أشخاص إثر سقوط حافلة ركاب في وادٍ في مقاطعة لرستان في غرب إيران، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجلّ إيران ضعيف في مجال السلامة المرورية، إذ سقط أكثر من 20 ألف قتيل في حوادث سير بين مارس (آذار) 2023 ومارس 2024، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية عن منظمة الطب الشرعي التابعة للقضاء الإيراني.

وفي أغسطس (آب)، قُتل ما لا يقلّ عن 28 باكستانيا كانوا في طريقهم إلى العراق لأداء مراسم زيارة دينية عندما تحطمت حافلتهم في وسط إيران.

وفي يونيو (حزيران) 2004، قضى أكثر من 70 شخصاً في حريق هائل نجم من اصطدام صهريج بنزين بحافلة ركاب في محافظة سيستان وبلوشستان.