أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

تحذير تركي من تأثير توسيع إسرائيل حربها بالمنطقة على «عملية أستانة»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أوضح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في سوريا، وحذّر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة»، والتي أوقفت إراقة الدماء في سوريا، وجعلتها مفتوحة لكل أنواع انعدام اليقين.

وأكد فيدان أن جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار أستانة» للحل السياسي، مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وذكر فيدان، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية لعام 2025 في لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي، والتي استمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، أنّ توقع تركيا الأساسي أن يتم تقييم الحوار الذي اقترحه الرئيس رجب طيب إردوغان بنهج استراتيجي من قبل الحكومة السورية بنهج يعطي الأولوية لمصلحة الشعب السوري.

فيدان متحدثاً أمام لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعن دعوة إردوغان الرئيس السوري بشار الأسد للقاء ومناقشة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، أوضح فيدان أن المسألة تتعلق بالإرادة السياسية، وأن إردوغان أعلن إرادته على أعلى مستوى.

الأسد لا يريد السلام

وأضاف أنه «أمر ذو قيمة أن يدلي زعيم دولة ديمقراطية (إردوغان) بمثل هذه التصريحات». وأوضح أن هذه الخطوة غيّرت قواعد اللعبة.

لقاء بين الأسد وإردوغان في دمشق قبل 2011 (أرشيفية)

وكان إردوغان قد أكّد الأسبوع الماضي أنه لا يزال يرى أن هناك إمكانية لعقد اللقاء مع الأسد، لكن روسيا التي تتوسط في محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، استبعدت عقد مثل هذا اللقاء أو عقد لقاءات على مستوى رفيع في المدى القريب.

وأرجع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إلى رفض تركيا مطالب دمشق بالانسحاب من شمال البلاد، موضحاً أن تركيا تتصرف كـ«دولة احتلال»، وأن الأمر يتعلق بدعمها للمعارضة السورية، وأن القضية الرئيسة هي انسحاب قواتها من سوريا.

مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

وعلى الرغم من عدم صدور أي رد رسمي مباشر على تصريحات لافرنتييف، التي تشكل تحولاً في الموقف الروسي، قال فيدان، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، إن روسيا «تقف على الحياد» نوعاً ما فيما يتعلق بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، داعياً الحكومة السورية إلى تهيئة الظروف لإعادة 10 ملايين لاجئ سوري.

وقال إردوغان، الأسبوع الماضي، إن «تركيا لا تهدد سلامة الأراضي السورية ولا السوريين المنتشرين في مختلف الدول، وعلى الأسد أن يدرك ذلك ويتخذ خطوات لتهيئة مناخ جديد في بلاده، فالتهديد الإسرائيلي المجاور ليس «قصة خيالية»، والنار المحيطة ستنتشر بسرعة في الأراضي غير المستقرة».

وتؤكد أنقرة ضرورة أن توفر الحكومة السورية بيئة آمنة ومستقرة للشعب السوري، إلى جانب المعارضة، وترى أن حوار دمشق الحقيقي يجب أن يكون مع المعارضة بغية التوصل لاتفاق، والانتهاء من وضع الدستور والانتخابات من أجل تحقيق الاستقرار.

الوجود العسكري التركي

وقال فيدان، خلال كلمته بالبرلمان، إن تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».

جانب من اجتماعات «مسار أستانة» في 11 و12 نوفمبر الحالي (إعلام تركي)

وأضاف موجهاً حديثه للأسد: «لتجر انتخابات حرة، ومن يصل إلى السلطة نتيجة لذلك، فنحن مستعدون للعمل معه».

وترى تركيا أن وجودها العسكري في شمال سوريا بهذه المرحلة يحول دون تقسيمها ويمنع إقامة «ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية، وحدوث موجات لجوء جديدة إلى أراضيها.

وقال فيدان إن العناصر الأساسية لسياسة تركيا تجاه سوريا تتمثل في تطهير البلاد من العناصر الإرهابية (حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية)، والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، وإحراز تقدم في العملية السياسية، بالإضافة إلى ضمان عودة السوريين إلى بلادهم بطريقة آمنة وطوعية.

قوات تركية في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

وشدَّد على موقف بلاده في محاربة «حزب العمال الكردستاني»، قائلاً إن تركيا أحبطت الجهود الرامية إلى تنظيم «الإدارة الذاتية» (الكردية) انتخابات محلية في شمال شرقي سوريا. وأكد أنه لن يتم السماح بمثل هذه المحاولات في الفترة المقبلة، وستواصل تركيا الحرب ضد «المنظمة الإرهابية الانفصالية» («العمال الكردستاني» وذراعه في سوريا «وحدات حماية الشعب الكردية») دون تنازلات.

تصعيد مستمر

ولفت فيدان إلى أن العمليات الجوية ضد أهداف إرهابية بشمال سوريا في أعقاب الهجوم الإرهابي على شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش» بأنقرة في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هي مؤشر على هذا التصميم.

بالتوازي، قصفت مدفعية القوات التركية قرى ومواقع خاضعة لسيطرة مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية غالبية قوامها.

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

ووقعت اشتباكات عنيفة، الجمعة، بين فصائل الجيش الوطني السوري، الموالي لتركيا، و«قسد» في ريف تل أبيض الغربي شمال محافظة الرقة، تزامناً مع قصف مدفعي تركي أسفر عن مقتل عنصرين من «قسد» وإصابة آخرين، وسط معلومات عن وجود أسرى ومفقودين.

كما استهدفت «قسد» بالمدفعية القواعد التركية في ريف عين عيسى، ودفعت القوات التركية بتعزيزات عسكرية، وسط استنفار للقواعد التركية في ريف الرقة، حسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

تركيا تدفع بتعزيزات ضخمة لقواتها في شمال سوريا

المشرق العربي تعزيزات عسكرية تركية في حلب وإدلب (إعلام تركي)

تركيا تدفع بتعزيزات ضخمة لقواتها في شمال سوريا

دفعت تركيا بتعزيزات مكثفة إلى مواقع قواتها في حلب وإدلب وسط توتر عسكري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سوريون يعبرون سيرًا على الأقدام إلى سوريا بعد القصف الإسرائيلي الذي استهدف المعابر الحدودية (ا.ب)

ستة قتلى في سوريا بغارات إسرائيلية استهدفت معابر حدودية مع لبنان

قال مصدر عسكري سوري، اليوم (الأربعاء)، إن ستة أشخاص بينهم عسكريان لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان.

شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

طهران: مستعدون للتفاوض مع واشنطن

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)
المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)
TT

طهران: مستعدون للتفاوض مع واشنطن

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)
المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني (موقع جماران)

أكدت الحكومة الإيرانية، أمس (الثلاثاء)، استعدادها للتفاوض مع واشنطن ودول غربية، لكنها حددت لذلك شرطي «إثبات الثقة» و«الالتزام بأوامر المرشد» علي خامنئي.

وستجري إيران محادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا، يوم الجمعة في جنيف، بعد أسبوع من قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتقد عدم تعاون طهران.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إن دور طهران في الاجتماع سيكون استناداً إلى «المصلحة التي أمر بها المرشد (خامنئي)». وأوضحت مهاجراني، أن طهران «مستعدة لمناقشة أي مقترح في إطار مصالحها القومية»، وأشارت إلى أن «التفاوض مع واشنطن بحاجة إلى الاحترام وبناء الثقة، وهذا لا يمكن إثباته بالكلام فقط».

وعبّرت وسائل إعلام مقربة من «الحرس الثوري» الإيراني عن أملها في أن تنجح المحادثات «رغم أن التوقعات بشأن نجاحها ليست كبيرة».