تشاؤم إسرائيلي حول الاتفاق مع لبنان: لا يساوي الورق الذي سيكتب عليه

دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)
دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)
TT

تشاؤم إسرائيلي حول الاتفاق مع لبنان: لا يساوي الورق الذي سيكتب عليه

دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)
دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)

ذكرت أوساط سياسية في تل أبيب أن مبعوث الرئيس الأميركي للموضوع اللبناني، آموس هوكستين، قرر تمديد زيارته إلى بيروت والقدوم إلى إسرائيل، يوم الأربعاء أو حتى الخميس، بدلاً من صبيحة الأربعاء. وعلى الرغم من الأنباء المتفائلة في واشنطن، عن تقدم، فلا يزال الإسرائيليون يبثون أجواء متشائمة.

وبحسب «القناة الـ12» للتلفزيون الإسرائيلي، يُظهر الأميركيون جدية بالغة في التوصل إلى اتفاق، ويؤكدون أن هناك تنسيقاً بين إدارة الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب، وكلاهما مصمم على التوصل إلى اتفاق. ومن أهم الأدلة على ذلك قرارهما وضع جنرال أميركي على رأس لجنة المراقبة. إلا أن إسرائيل تشكك بذلك. وتعتقد أن «حزب الله» يناور. ولن يتقبل الشروط الإسرائيلية.

وقالت هذه المصادر إن الجيش الإسرائيلي «يساهم في المفاوضات التي يجريها هوكستين بواسطة تكثيف القصف على بيروت نفسها، وليس فقط على الضاحية أو الجنوب والبقاع». فهو يعدّ بيروت «الخاصرة الرخوة» لدى «حزب الله» ولدى اللبنانيين أجمعين. ومن هنا جاء التركيز عليها في عمليات القصف والغارات في الأيام الأخيرة، وكل يوم يمر تتصاعد الهجمات عليها.

وكشف البروفسور عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الذي كان قد التقى مع هوكستين في لقاء شخصي قبل أيام، عن أن الاتفاق مع لبنان يتقدم بشكل كبير، وليس مستبعداً أن يعلن عن إنجازه في نهاية الأسبوع الحالي. وأضاف: «الأمر الأهم هو أن الاتفاق بيننا وبين واشنطن حول الضمانات الأميركية بات جاهزاً. وإذا تم اتفاق في بيروت فسيتم توقيعه والانطلاق إلى التنفيذ».

وأكد يدلين أن رسالة الرئيس بايدن ليست للضمان فحسب، بل إنها ستكون بمثابة منح الشرعية لإسرائيل في ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها. ففي واشنطن قبلوا موقفنا بأن ما كان قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لن يكون بعده. فإسرائيل ألغت عقيدتها القتالية المعروفة باسم «مبام» (الحرب بين الحروب)، وباتت مستعدة لشن حرب في أي وقت تتعرض فيه إلى هجوم. وهوكستين وغيره من الأصدقاء المشتركين لإسرائيل ولبنان أوضحوا ذلك، لكن يجب أن يفهم؛ أكان ذلك في لبنان أم سوريا أم إيران.

ويُلاحظ أن أكثر الجهات الإسرائيلية تشاؤماً حول الاتفاق، هم المقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد نقلت صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «التوصل لاتفاق لن يكون في الأيام القريبة على ما يبدو». وكشفت عن أن الجيش الإسرائيلي صادق على خطط أخرى لمهاجمة الضاحية الجنوبية لبيروت، وتنفيذ اغتيالات أينما يتاح في لبنان، حتى في بيروت الشرقية (ذات الغالبية المسيحية)، واستمرار استهداف مواقع (حزب الله) في جنوب لبنان».

وقال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أمس، إن «الاتفاق مع لبنان لا يساوي الورق الذي يطبع عليه». وقال نتنياهو نفسه، خلال اجتماع الكابينت السياسي - الأمني، وكذلك أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس، إنه «ليس مهماً ماذا سيكتب في الورقة (أي الاتفاق)، فالورقة هي مجرد ورقة وحسب»، حسبما نقلت عنه وسائل الإعلام العبرية.


مقالات ذات صلة

دبابات إسرائيل تسابق هوكستين في لبنان

المشرق العربي جنديان إسرائيليان وسط جرافتين في بلدة مارون الراس بجنوب لبنان (إ.ب.أ) play-circle 01:06

دبابات إسرائيل تسابق هوكستين في لبنان

تُسابق الدبابات الإسرائيلية التي تتوغل في عمق جنوب لبنان المباحثات التي أجراها المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في بيروت، الثلاثاء.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي جندي لبناني يقف قرب موقع غارة إسرائيلية في صيدا (رويترز)

الجيش اللبناني يعلن مقتل 3 من جنوده في هجوم إسرائيلي بالجنوب

أعلن الجيش اللبناني في بيان، اليوم (الثلاثاء)، مقتل 3 من جنوده في هجوم إسرائيلي على أحد مواقعه جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

هوكستين في بيروت لـ«تضييق الفراغات»: أمامنا فرصة حقيقية لنهاية النزاع

واصل الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين مساعيه لـ«تضييق الفجوات» في المواقف بين لبنان وإسرائيل.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي جنود لبنانيون في البترون شمال لبنان حيث نفذت عملية اختطاف عماد أمهز في عملية كوماندوز إسرائيلية (رويترز)

غالبية نيابية مؤيدة لتمديد ولاية قائد الجيش اللبناني... رغم «مشاغبات» إعلام «حزب الله»

كلّما ارتفع منسوب التفاؤل بقرب التوصّل لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان وتنفيذ القرار 1701، ازدادت وتيرة الحملة التي يخوضها «حزب الله» وحلفاؤه ضدّ الجيش.

يوسف دياب
شؤون إقليمية مركبات «يونيفيل» تسير على طول شارع في مرجعيون بالقرب من الحدود مع إسرائيل - جنوب لبنان 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إصابة 4 عناصر من قوات «يونيفيل» بإطلاق صاروخ في جنوب لبنان

أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، الثلاثاء، إصابة أربعة من عناصرها جراء صاروخ استهدف إحدى قواعدها في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

العصابات تسرق مساعدات غزة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي

مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

العصابات تسرق مساعدات غزة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي

مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مع استمرار تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة، تسلط تحقيقات صحافية الضوء على تصاعد ظاهرة العصابات المسلحة التي تستولي على المساعدات الإنسانية، في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وتتزايد الأدلة على استغلال تلك العصابات لضعف التدابير الأمنية وانعدام الرقابة، وسط اتهامات بتواطؤ غير مباشر من الجانب الإسرائيلي.

وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة «واشنطن بوست» استناداً إلى وثائق داخلية للأمم المتحدة وشهادات مسؤولين في المجال الإنساني وشركات النقل، أصبحت العصابات الإجرامية أكبر عائق أمام توزيع المساعدات جنوب غزة. وتُشير التقارير إلى أن هذه العصابات تعمل بحرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، ما أثار اتهامات بتقديم حماية ضمنية أو صريحة لها.

في حادثة أخيرة، تعرضت قافلة مكونة من 109 شاحنات محملة بمساعدات غذائية للنهب، حيث استولى مسلحون على 98 شاحنة بعد إطلاق النار على السائقين. ووفقاً لمصادر إنسانية، تسبب الهجوم في إصابات وأضرار جسيمة، فيما أعربت وكالة «الأونروا» عن قلقها العميق إزاء هذه الجرائم.

تواطؤ أو تقاعس؟

تشير مذكرة أممية إلى أن أحد زعماء العصابات في القطاع أسس مجمعاً عسكرياً في منطقة تخضع لدوريات الجيش الإسرائيلي، ما أثار تساؤلات حول الدور الإسرائيلي في حماية المساعدات. وعلى الرغم من ذلك، نفى الجيش الإسرائيلي هذه الادعاءات، مؤكداً أنه يعمل على تسهيل مرور المساعدات وتنفيذ تدابير مضادة لردع العصابات.

تحول السرقة إلى صناعة منظمة

بدأت ظاهرة النهب بشكل عشوائي مع انتشار الجوع في القطاع، إلا أنها تحولت الآن إلى أعمال إجرامية منظمة تتسم بالعنف. وأشارت تقارير إلى أن العصابات تُدار من قبل عائلات بدوية وجماعات إجرامية. وتستخدم هذه العصابات شبكات تهريب معقدة لاستهداف الشاحنات بحثاً عن المواد المهربة، أبرزها السجائر، التي أصبحت عملة غير رسمية داخل غزة.

وتحت ضغوط إنسانية هائلة، تسجل المساعدات المقدمة أدنى مستوياتها منذ اندلاع الحرب الأخيرة، حيث تفرض إسرائيل قيوداً صارمة على دخول المواد الغذائية والإمدادات الأساسية، متذرعة بمخاوف من سيطرة حركة «حماس» على هذه الموارد.

ومع استمرار النهب، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبة متزايدة في إيصال الغذاء ومستلزمات الشتاء لما يقارب مليوني نازح وجائع في القطاع.

حلول مطلوبة لإنهاء الأزمة

مع اقتراب فصل الشتاء، يحذر خبراء الإغاثة من أن استمرار القيود الإسرائيلية وتصاعد العنف يهددان حياة الملايين. ويدعو العاملون في المجال الإنساني إلى فتح المزيد من المعابر وتوفير حماية أفضل للقوافل الإنسانية، بالإضافة إلى السماح بإغراق القطاع بالمساعدات لتقليل الأسعار التي تغذي السوق السوداء.

فبينما يواجه سكان غزة واقعاً مأساوياً تحت رحمة العصابات المسلحة، تتزايد الدعوات الدولية لإيجاد حلول جذرية تضع حدًا لهذه الانتهاكات. ومع ذلك، تبقى المعاناة الإنسانية في القطاع شاهداً على عجز المجتمع الدولي عن توفير الحماية للفئات الأكثر ضعفاً.