العصابات تسرق مساعدات غزة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي

تقرير يكشف تواطؤاً محتملاً وتحديات إنسانية تفاقم الأزمة في القطاع

مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

العصابات تسرق مساعدات غزة تحت أنظار الجيش الإسرائيلي

مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)
مجلس الأمن الدولي يحذر من تردي الأوضاع في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مع استمرار تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة، تسلط تحقيقات صحافية الضوء على تصاعد ظاهرة العصابات المسلحة التي تستولي على المساعدات الإنسانية، في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وتتزايد الأدلة على استغلال تلك العصابات لضعف التدابير الأمنية وانعدام الرقابة، وسط اتهامات بتواطؤ غير مباشر من الجانب الإسرائيلي.

وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة «واشنطن بوست» استناداً إلى وثائق داخلية للأمم المتحدة وشهادات مسؤولين في المجال الإنساني وشركات النقل، أصبحت العصابات الإجرامية أكبر عائق أمام توزيع المساعدات جنوب غزة. وتُشير التقارير إلى أن هذه العصابات تعمل بحرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، ما أثار اتهامات بتقديم حماية ضمنية أو صريحة لها.

في حادثة أخيرة، تعرضت قافلة مكونة من 109 شاحنات محملة بمساعدات غذائية للنهب، حيث استولى مسلحون على 98 شاحنة بعد إطلاق النار على السائقين. ووفقاً لمصادر إنسانية، تسبب الهجوم في إصابات وأضرار جسيمة، فيما أعربت وكالة «الأونروا» عن قلقها العميق إزاء هذه الجرائم.

تواطؤ أو تقاعس؟

تشير مذكرة أممية إلى أن أحد زعماء العصابات في القطاع أسس مجمعاً عسكرياً في منطقة تخضع لدوريات الجيش الإسرائيلي، ما أثار تساؤلات حول الدور الإسرائيلي في حماية المساعدات. وعلى الرغم من ذلك، نفى الجيش الإسرائيلي هذه الادعاءات، مؤكداً أنه يعمل على تسهيل مرور المساعدات وتنفيذ تدابير مضادة لردع العصابات.

تحول السرقة إلى صناعة منظمة

بدأت ظاهرة النهب بشكل عشوائي مع انتشار الجوع في القطاع، إلا أنها تحولت الآن إلى أعمال إجرامية منظمة تتسم بالعنف. وأشارت تقارير إلى أن العصابات تُدار من قبل عائلات بدوية وجماعات إجرامية. وتستخدم هذه العصابات شبكات تهريب معقدة لاستهداف الشاحنات بحثاً عن المواد المهربة، أبرزها السجائر، التي أصبحت عملة غير رسمية داخل غزة.

وتحت ضغوط إنسانية هائلة، تسجل المساعدات المقدمة أدنى مستوياتها منذ اندلاع الحرب الأخيرة، حيث تفرض إسرائيل قيوداً صارمة على دخول المواد الغذائية والإمدادات الأساسية، متذرعة بمخاوف من سيطرة حركة «حماس» على هذه الموارد.

ومع استمرار النهب، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبة متزايدة في إيصال الغذاء ومستلزمات الشتاء لما يقارب مليوني نازح وجائع في القطاع.

حلول مطلوبة لإنهاء الأزمة

مع اقتراب فصل الشتاء، يحذر خبراء الإغاثة من أن استمرار القيود الإسرائيلية وتصاعد العنف يهددان حياة الملايين. ويدعو العاملون في المجال الإنساني إلى فتح المزيد من المعابر وتوفير حماية أفضل للقوافل الإنسانية، بالإضافة إلى السماح بإغراق القطاع بالمساعدات لتقليل الأسعار التي تغذي السوق السوداء.

فبينما يواجه سكان غزة واقعاً مأساوياً تحت رحمة العصابات المسلحة، تتزايد الدعوات الدولية لإيجاد حلول جذرية تضع حدًا لهذه الانتهاكات. ومع ذلك، تبقى المعاناة الإنسانية في القطاع شاهداً على عجز المجتمع الدولي عن توفير الحماية للفئات الأكثر ضعفاً.


مقالات ذات صلة

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

ندّد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء) بسرقة المساعدات الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذه الظاهرة «أصبحت منظّمة ويجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثة رجل قتل في غارة إسرائيلية على بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل 8 في قصف إسرائيلي لمنزل في شمال غزة

ذكرت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أن ثمانية لقوا حتفهم اليوم (الثلاثاء) في قصف إسرائيلي لمنزل في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

يربط فيلم «ملفات بيبي» بين فضائح الفساد التي تطارد نتنياهو واستراتيجياته للبقاء في السلطة، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من شمال قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

مقتل عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف شمال ووسط غزة

أفاد المكتب الإعلامي في قطاع غزة، اليوم الأحد، بأن 96 شخصاً قتلوا وأصيب 60 آخرون في قصف إسرائيلي لمبانٍ في بيت لاهيا والنصيرات والبريج بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

رغم إعلان إسرائيل فتح ممرات ومعابر طارئة مع قطاع غزة، يبدو الواقع على الأرض مختلفاً ويشير إلى تفاقم الأوضاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وكالة الطاقة الذرية: إيران وافقت على وقف إنتاج اليورانيوم

غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)
غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)
TT

وكالة الطاقة الذرية: إيران وافقت على وقف إنتاج اليورانيوم

غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)
غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)

تتجه الأنظار إلى اجتماع فصلي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ من المنتظر أن تدرس قوى أوروبية استصدار قرار «حساس» يدين إيران، التي وافقت بدورها على وقف إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.

ومن شأن القرار أن يكلف الوكالة الدولية بالعمل على «تقرير شامل» عن الأنشطة النووية الإيرانية، مع وصف مفصل لـ«فشل طهران في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة»، وفقاً لوكالة «رويترز».

ومن المقرر أن يلتئم مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يتخذ مقراً في فيينا من يوم الأربعاء إلى الجمعة، بينما يتصدر نشاط إيران النووي الأجندة.

ونقلت وسائل إعلام عن متحدث باسم الخارجية الألمانية، الثلاثاء، أن برلين وباريس ولندن ستقدم مشروع القرار إلى الاجتماع، دون أن يقدم تفاصيل عن مضمون القرار.

وقال المتحدث، إن إيران «تقوض النظام العالمي الخاص بمعاهدة حظر الانتشار النووي لعدم التزامها بتعهداتها».

وأضاف: «رفض طهران المستمر للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الضمانات الشاملة يُلزمنا باتخاذ خطوات لحماية النظام الدولي لمنع الانتشار».

وقبل بدء الاجتماع، أرسلت الوكالة الدولية تقريرين فصليين بشأن إيران إلى الدول الأعضاء.

وقالت الوكالة، وفقاً لما نقلته «رويترز»، إن «مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى درجة نقاء 60 في المائة زاد 17.6 كيلوغرام إلى 182.3 كيلوغرام»، لكنها أشارت إلى أن طهران وافقت على إيقاف إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.

وتقول كيلسي دافنبورت، وهي خبيرة في رابطة مراقبة الأسلحة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن إيران «أضاعت فرصة لإظهار أنها جادة بشأن خفض التصعيد».

بزشكيان يستقبل غروسي في طهران في 14 نوفمبر 2024 (الرئاسة الإيرانية - أ.ف.ب)

إجبار إيران على العودة للمفاوضات

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين، الأسبوع الماضي، أن القرار يهدف إلى إنشاء تقرير شامل عن الأنشطة النووية سيوفر قاعدة للتعامل مع السلوك الإيراني.

ووفقاً للدبلوماسيَين، فإن القرار سيجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولاً مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى، الذي سحب ترمب بلاده منه في عام 2018، مما أدى إلى انهياره.

وقال الدبلوماسيون إن واشنطن ليست وراء القرار، لكنها قد تقدم الدعم على غرار ما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو (حزيران).

وزار رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الجمعة الماضية، موقعين نوويين مهمين في إيران، بينما كان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يؤكد أنه يريد إزالة «الشكوك» بشأن برنامج طهران.

لكن ليس من المرجح أن تساهم التصريحات الإيرانية المرنة في تغيير المسار السياسي الذي تعمل عليه القوى الأوروبية داخل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لذا، فإن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حذّر من أنه «إذا تم تبني قرار ضدنا، ستتّخذ إيران تدابير بالمقابل، كما سنتّخذ تدابير جديدة تتصل ببرنامجنا النووي بالتأكيد لن تروق لهم».

وتأمل إيران في أن تجري المحادثات بشأن برنامجها النووي «بعيداً عن الضغوط والاعتبارات السياسية»، قبل اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن إيران «أفسحت المجال أمام الوكالة الدولية للقيام بعملها الفني دون التعرض لضغوط مدمرة ومسيئة من بعض الأطراف».

لكن نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فدانت باتيل، شدد على «تغيير السلوك الإيراني واتخاذ خطوات ملموسة»، وأكد أن بلاده «ستستخدم كل الأدوات المتاحة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي».

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» ونائب وزير الخارجية الإيراني أمام مدخل منشأة نطنز النووية (أرنا)

سقف الاتفاق النووي

وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى كبرى في عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران في مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.

وتنفي طهران أن تكون لديها طموحات نووية على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية، ولا سيما في مجال الطاقة.

ورداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، بدأت طهران التراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو برنامجها النووي وتوسّعه إلى حد كبير.

ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3.67 في المائة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60 في المائة، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لتطوير سلاح ذري.

وأخيراً، هذا الأسبوع، انتقد محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدوره في تعطيل الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي، وانسحاب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من الاتفاق في 2018.

وأشار ظريف، في رسالة عبر الفيديو تخاطب «اليهود في العالم»، إلى أن إيران «كانت قد أسهمت في التوصل إلى اتفاق نووي متعدد الأطراف لحل الأزمة النووية بشكل سلمي، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عارض هذا الاتفاق ونجح في تعطيله».