إسرائيل تلوّح بحكم عسكري طويل في غزة

الجيش يواصل عمليته شمال القطاع ويقتل مزيداً من الفلسطينيين

أطفال فلسطينيون يجلسون في فصل دراسي على أنقاض مدرسة مدمرة في مخيم خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون يجلسون في فصل دراسي على أنقاض مدرسة مدمرة في مخيم خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوّح بحكم عسكري طويل في غزة

أطفال فلسطينيون يجلسون في فصل دراسي على أنقاض مدرسة مدمرة في مخيم خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون يجلسون في فصل دراسي على أنقاض مدرسة مدمرة في مخيم خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

ألمح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تخطط لإقامة حكم عسكري في قطاع غزة لفترة غير محددة من الزمن، على الرغم من معارضة الجيش لذلك.

وهاجم سموتريتش جيش إسرائيل لأنه يرفض أن يأخذ على عاتقه أي مقترح تفوح منه رائحة إدارة عسكرية لغزة. وقال لإذاعة الجيش إن رفض المؤسسة العسكرية تحمّل مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، هو إخفاق أكبر من اخفاق 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ويشكل جزءاً كبيراً من سبب أن المخطوفين الإسرائيليين لم يعودوا حتى الآن. وتقول إسرائيل إن أكثر من 100 شخص خطفتهم حركة «حماس» داخل القطاع خلال هجومها المفاجئ على غلاف غزة في 7 أكتوبر.

وأكد الوزير الإسرائيلي أن «المستوى السياسي طلب وأصر، لكن الجيش رفض بشدة أن يأخذ على عاتقه أي شيء تفوح منه رائحة إدارة عسكرية». وأردف: «إذا كان هذا هو الأمر المطلوب من أجل ضمان الأمن، فإنني لست قلقاً من أن نكون بديلاً سلطوياً في القطاع لفترة معينة من أجل القضاء على حماس».

وتعزز تصريحات سموتريتش اتهامات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه ينوي احتلال القطاع وإقامة حكم عسكري هناك. ويثير امتناع نتنياهو عن وضع خطة لليوم التالي في قطاع غزة، مخاوف حول نياته، خصوصاً أنه يخطط لاستقدام شركات أمنية للسيطرة على الجوانب المدنية في غزة.

وبينما يعتقد الأميركيون والفلسطينيون والعرب أن نتنياهو ينوي احتلال قطاع غزة أو جزء منه على الأقل، أكد وزير الدفاع الأسبق المقال من منصبه يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، أنه يخشى أن نتنياهو يخطط للبقاء هناك؛ لأن لديه رغبة فقط في ذلك، محذراً من أن «حكم إسرائيل لغزة سيكون سيئاً»، وأن إسرائيل يجب أن تنشئ هيئة حاكمة «لا هي حماس ولا إسرائيل، وإلا فإننا سندفع ثمناً باهظاً».

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

ومع استمرار الحرب في يومها الـ409، تواصل إسرائيل عملية في شمال قطاع غزة بدأتها في الخامس من الشهر الماضي، تستهدف إخلاء مناطق واسعة تحت النار الكثيفة، وتخدم كما يبدو غرض الحكم العسكري. وأكدت مصادر ميدانية في غزة لـ«الشرق الأوسط» أن جيش الاحتلال يعمل على إخلاء مناطق واسعة في شمال القطاع وعزلها عن مناطق أخرى. وأضافت: «يتضح أنه يعمل على تقسيم غزة إلى 3 مناطق». وترجح المصادر أن ذلك مقدمة لسيطرة طويلة فعلاً على القطاع. وكانت منظمة «إيكاد» نشرت في وقت سابق صوراً للأقمار الاصطناعية تظهر نشاطاً واسع النطاق في البنية التحتية في شمال قطاع غزة، ويشمل إنشاء طرق جديدة وتوسيع الطرق القائمة. وبحسب الصور فإن النشاط يتركز في المنطقة الواقعة بين بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون، ويظهر أن الاحتلال يقوم بعمليات تدمير من أجل تقطيع أوصال شمال غزة، وتحديداً لعزل بيت لاهيا وجباليا وبيت حانون عن بقية القطاع. ويعني ذلك أن إسرائيل ستقسم قطاع غزة إلى 3 أقسام في الشمال، ثم مناطق من الشمال والوسط، ثم الجنوب.

وبغض النظر عن الخطة الإسرائيلية، واصل الجيش قصف مناطق واسعة في القطاع بينما نفذت الفصائل الفلسطينية هجمات. وقصفت إسرائيل مناطق في شمال ووسط غزة، وقتلت نحو 80 فلسطينياً الاثنين. وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة «إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 76 شهيداً و158 إصابة».

وبينما أكد الجيش الإسرائيلي أنه يواصل عملياته في قطاع غزة والضفة ولبنان، استهجنت وزارة الخارجية الفلسطينية استمرار العجز الدولي عن «وقف حرب الإبادة والتهجير في قطاع غزة».

من جهتها، قالت «كتائب القسام» إن مقاتليها هاجموا «قوة إسرائيلية من 12 جندياً بقذيفة مضادة للأفراد وسط مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة». وفي هذا الإطار، أكد الجيش الإسرائيلي مقتل الضابط يوجاف بيزي (22 عاماً) قائد سرية في كتيبة نحشون بلواء كفير، والنقيب نوعام إيتان (21 عاماً) في كتيبة نحشون، خلال مواجهات في شمال قطاع غزة. وبذلك ارتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب إلى 798 شخصاً.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

شؤون إقليمية مواطنون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على شارع الجلاء بوسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي بوجهين متناقضين... مع صفقة تنهي الحرب ومع تثبيت الاحتلال

تضغط قيادات عسكرية في إسرائيل على الحكومة لعقد صفقة توقف النار في غزة، وتتيح الإفراج عن الأسرى في القطاع، لكن تصرفات الجيش توحي بأنه يعد للبقاء طويلاً في غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو: لن أدعم صفقة تعيد «حماس» للسلطة بغزة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن «الشيء الوحيد الذي تريده (حماس) هو صفقة تنهي الحرب وتسمح للجيش الإسرائيلي بمغادرة القطاع من أجل العودة إلى السلطة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية بمدينة غزة في 18 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 20 فلسطينياً في ضربات إسرائيلية بقطاع غزة

قال مسعفون إن ضربات نفّذها الجيش الإسرائيلي على أنحاء قطاع غزة أسفرت، الاثنين، عن مقتل 20 فلسطينياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج جددت السعودية رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية (د.ب.أ)

السعودية تدين وتستنكر الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة أبو عاصي في غزة

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)

عمّان والدوحة تدعوان إلى إنهاء «الكارثة الإنسانية غير المسبوقة» في شمال غزة

دعا وزيرا خارجية الأردن وقطر، الأحد، المجتمع الدولي إلى اتخاذ «خطوات فورية لإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة» في شمال قطاع غزة حيث تلوح المجاعة في الأفق.

«الشرق الأوسط» (عمان)

مساعد لنتنياهو يُشتبه بتسريبه وثائق «خطط للانتحار في المعتقل»

بنيامين نتنياهو في الكنيست الاثنين (رويترز)
بنيامين نتنياهو في الكنيست الاثنين (رويترز)
TT

مساعد لنتنياهو يُشتبه بتسريبه وثائق «خطط للانتحار في المعتقل»

بنيامين نتنياهو في الكنيست الاثنين (رويترز)
بنيامين نتنياهو في الكنيست الاثنين (رويترز)

في تطور خطير يدل على خطورة الفضيحة الأمنية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، كشفت مصادر في إدارة مصلحة السجون أن كبير مستشاري بنيامين نتنياهو، إليعازر فلدشتاين، الذي تولى مهمة «المتحدث باسم رئيس الحكومة»، خطط للانتحار في زنزانته بالسجن.

وأفادت مصلحة السجون، الاثنين، بأن سجانين عثروا في زنزانة «المعتقل الأمني» في سجن بجنوب البلاد على أدوات استوجبت، وفقاً لتعليمات مفوض السجون، نقله بشكل فوري إلى زنزانة تخضع لمراقبة من أجل منعه من الانتحار. وقالت إنها تمتنع في هذه الحالات عن نشر تفاصيل حول الموضوع في إطار «خصوصية الفرد»، لكنّ صحافيين إسرائيليين أفادوا بأن المقصود هو فلدشتاين، وأنه تم العثور على حبل مشنقة في زنزانته، لكن مصلحة السجون نفت ذلك، وقالت إنها لم تعثر على مشنقة، بل على أمور أخرى لا تستطيع الإفصاح عنها.

وقد صدمت هذه الحادثة المجتمع الإسرائيلي؛ خصوصاً أنصار نتنياهو، الذين يحاولون تقزيم هذه القضية ويقولون إنها جزء من حملة اليسار الهادفة إلى تحطيم نتنياهو وإسقاط حكومته، بعد اليأس من إخراج الناس إلى الشوارع للاحتجاج على سياسته. فجاءت محاولة الانتحار لتشي بأن الأمور أكثر تعقيداً وخطورة مما يظهر.

وقالت مصادر مقربة من التحقيق إن فلدشتاين تعاون مع المحققين منذ اللحظة الأولى لاعتقاله قبل أسبوعين. وروى قصصاً مثيرة عن العفن المستحكم في ديوان رئيس الحكومة، وأظهر أن هذا المكان الذي تتخذ فيه القرارات المصيرية لدولة إسرائيل يدار كما تدار مقار عصابات المافيا. وقدم معلومات تفصيلية تدينه وتدين رؤوساً أخرى كبيرة في المكتب، ومن الصعب أن يفلت من المسؤولية عنها نتنياهو شخصياً، بحسب ما جاء في الإعلام الإسرائيلي.

وكانت النيابة العامة قد اعترضت على قرار إطلاق سراح فلدشتاين، وقدمت إلى محكمة الصلح في ريشون لتسيون تصريح مدعٍ، أعلنت فيه نيتها تقديم لائحة اتهام ضده وضد ضابط في الجيش الإسرائيلي لم يُفصح عن هويته بسبب أمر حظر النشر، على خلفية قضية «التسريبات السرية» التي باتت تعرف باسم «وثائق السنوار الملفقة». بدورها، مدّدت محكمة الصلح في ريشون لتسيون اعتقال المشتبه بهما الرئيسيين في قضية الوثائق السرية لمدة 5 أيام. وجاء في بيان صدر عن النيابة العامة أنها تعتزم طلب تمديد اعتقال المتهمين حتى انتهاء الإجراءات القانونية، نظراً لخطورة القضية وتعقيدها، ووافقت المحكمة على ذلك، مشيرة إلى «خطورة استثنائية» تنطوي عليها القضية، استناداً إلى قرار المحكمة العليا الأخير الذي أقر تمديد اعتقالهما بسبب «الخطر غير العادي» الذي يشكلانه.

عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين (أ.ب)

وكانت القضية قد انفجرت إلى الإعلام في الشهر الماضي، وملخصها أن عناصر عدة في فريق نتنياهو حاولوا تعزيز موقفه الرافض لصفقة تبادل أسرى مع «حماس»، فحصلوا بطرق غير قانونية على وثائق من شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، بعضها سُرقت من خزينة سكرتير الحكومة العسكري، وقاموا بتزييفها. وسربوا إلى الصحيفة الألمانية «بيلد» وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية الوثائق المزورة، التي تزعم كذباً أن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يخطط للهرب من قطاع غزة إلى مصر عبر الأنفاق وهو يحمل معه عدداً كبيراً من المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس». واستخدموا هذه الفرية لكي يبرروا قرار نتنياهو إجهاض الصفقة من جهة والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا ويتمسك باحتلال رفح.

وكشف رونين بيرغمان، مراسل الشؤون الاستراتيجية في صحيفتي «نيويورك تايمز» و«يديعوت أحرونوت»، عن أن فريق نتنياهو حاول أن يعطيه السبق الصحافي لنشر تلك الوثائق لكنه رفض. وقال إنه من اللحظة الأولى اشتبه في الموضوع ومن الفحص الأولي اكتشف أن الحديث يجري عن عملية تزوير وخداع.

يذكر أن مقربين من نتنياهو يصرون على أن هذه القضية نفخت بشكل مصطنع وليس لها أساس جنائي أو أمني. وامتلأت الصحف الإسرائيلية، الاثنين، بتقارير تشير إلى أن نتنياهو يعتبر القضية «حلقة في سلسلة مؤامرات لإسقاط الحكومة».