مفاوضات وقف النار في غزة «معلّقة» رغم الضغوط الأميركية

ساعر يتهم «حماس» بإفشال الصفقة... وغالانت والعائلات يتهمون نتنياهو 

جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 11 نوفمبر 2024 (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 11 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

مفاوضات وقف النار في غزة «معلّقة» رغم الضغوط الأميركية

جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 11 نوفمبر 2024 (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 11 نوفمبر 2024 (رويترز)

قالت مصادر فلسطينية مطَّلعة على ملف مباحثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إن المفاوضات ما زالت معلّقة، في ظلّ تمسُّك كل من إسرائيل وحركة «حماس» بشروطهما السابقة.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا توجد اتصالات جديدة في هذا الملف، سوى أن الإدارة الأميركية تحاول دفع الجهود مرة أخرى.

وأضافت المصادر: «تحاول إدارة الرئيس (جو) بايدن تحقيق إنجاز أخير كما يبدو. ثمة ضغط أميركي على الأطراف، والطلب الأميركي الأخير بطرد الحركة من قطر، وتعليق قطر وساطتها، جزء من هذه الضغوط». وكانت مفاوضات وقف النار فشلت في جولتها الأخيرة، نهاية الشهر الماضي بعدما رفضت «حماس» مقترحاً لوقف القتال مؤقتاً، وتمسكت بإنهاء الحرب. وجاء رفضها رداً على اقتراح الوسطاء هدنة مؤقتة تتضمن الإفراج عن 11 - 14 محتجزاً في غزة مقابل نحو 100 أسير فلسطيني في إسرائيل، إلى جانب وقف النار في القطاع لمدة شهر. ولا يتضمن الاقتراح الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، أو إنهاء القتال بشكل كامل، وهما نقطتان شكلتا عقبة في جولات سابقة من المفاوضات المتعثرة، مع إصرار «حماس» على أنها لن توافق على أقل من ذلك.

محتجون يطالبون بعقد صفقة لإطلاق المحتجزين في غزة يشاركون في تظاهرة يوم السبت ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أ.ب)

وتقول «حماس» إنه من دون وقف نار كامل وانسحاب شامل من غزة، لن توقِّع اتفاقاً. وفي المقابل، تقول إسرائيل إنها غير مستعدة لذلك، بل تظهر الخطط الإسرائيلية في قطاع غزة نية لإقامة حكم عسكري هناك، أو وجود دائم في محاور محددة. وتتمسك «حماس» بالمقترح الذي وافقت عليه بتاريخ الثاني من يوليو (تموز) 2024 استناداً لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن.

ويدور الحديث عن خطة طرحها بايدن في خطاب ألقاه في 31 مايو (أيار)، وتقوم على 3 مراحل، وتقود إلى وقف الحرب. ورفض نتنياهو المقترح آنذاك بعدما وافق عليه في البداية، وطرح 5 مطالب جديدة في المحادثات التي أُجْرِيت في نهاية يوليو، بما في ذلك مطلب بقاء قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية للقطاع.

وكتب باروخ ياديد، محلل الشؤون العربية في قناة «i24NEWS» باللغة العبرية، الاثنين، أنه في ظل حقيقة أنه على الرغم من اغتيال زعيم «حماس» يحيى السنوار، لا تزال الحركة متمسكة بمخطط 2 يوليو، الذي يستند إلى مخطط بايدن، فإن قطر (التي كانت تلعب دور الوسيط في المفاوضات) تدرك أن مثل هذه الصفقة ليست قريبة، وبالتأكيد ليست أقرب من بداية ولاية ترمب في البيت الأبيض، أي في الشهر الأول من العام المقبل.

طفل فلسطيني في موقع لملء عبوات ماء في مخيم البريج بوسط قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

في المقابل، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر حركة «حماس» برفض جهود الوسطاء، وقال للصحافيين، الاثنين، رداً على سؤال حول تعليق قطر للوساطة: «إسرائيل ردت بشكل إيجابي على مقترحات وقف إطلاق النار في غزة، و(حماس) رفضت المضي قدماً». وأضاف: «مستعدون لإنهاء الحرب في غزة عندما تتحقق أهدافنا».

ورد القيادي في «حماس» أسامة حمدان بالقول إن العالم يعرف أن «الاحتلال هو الذي يعطّل التوصل إلى اتفاق بغطاء أميركي».

وتبادُل الاتهامات جاء في ظل إعلان قطر تعليق وساطتها في المفاوضات، حتى تُظهر الأطراف الجدية اللازمة للوصول إلى اتفاق.

وعزز وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، الذي أقاله نتنياهو فجأة من منصبه، ليلة الثلاثاء الماضي، رواية «حماس»، وأبلغ عائلات المحتجزين في غزة بأن رئيس الوزراء هو الذي يفشل الاتفاق. وبحسب تقرير لـ«القناة 12» الإسرائيلية، قال غالانت للعائلات إن نتنياهو هو الوحيد الذي يمكنه أن يقرر ما إذا كان سيوافق على صفقة الرهائن أم لا، وإنه هو «حاول وفشل» في التأثير عليه في هذا الشأن.

وقال غالانت إن «رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) ورئيس الأركان، وأعتقد رئيس (الموساد)، يتفقون معي أيضاً». وأوضح أنه أخبر نتنياهو بأن «الظروف كانت مناسبة» للتوصل إلى اتفاق في يوليو، وأنه ورئيس الوزراء كانا في صراع حول شروط الاقتراح منذ ذلك الحين. وأضاف أنه ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يشككان في الادعاءات بوجود مبررات أمنية أو دبلوماسية لإبقاء القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، و«أستطيع أن أخبركم بما لم يكن موجوداً: الاعتبارات الأمنية. لقد قلت أنا ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي إنه لا يوجد سبب أمني للبقاء في محور فيلادلفيا».

آلية تدخل إسرائيل من خلال قطاع غزة يوم 11 نوفمبر الحالي (رويترز)

وأضاف، بحسب التقرير التلفزيوني الذي استند إلى روايات من عائلات حضرت الاجتماع: «قال نتنياهو إن (الاحتفاظ به) كان اعتباراً دبلوماسياً؛ وأنا أقول لكم إنه لم يكن هناك أي اعتبار دبلوماسي».

ونشرت وسائل إعلام عبرية أخرى روايات مماثلة عن الاجتماع وتعليقات غالانت.

ومحور فيلادلفيا أفشل مباحثات سابقة لوقف النار عندما أصر نتنياهو على أنه لن يغادر المحور. وذهب غالانت أبعد من ذلك، وقال: «لم يتبقَّ شيء يمكن فعله في غزة. لقد تحققت الإنجازات الكبرى». وأضاف: «أخشى أن نبقى هناك فقط لأن هناك رغبة في البقاء هناك»، في إشارة محتملة إلى إصرار نتنياهو المعلَن على تحقيق النصر المطلق على «حماس»، وربما إلى دعوات اليمين المتطرف لاحتلال القطاع، وإنشاء المستوطَنات الإسرائيلية.

وقال غالانت أيضاً إن فكرة أن إسرائيل يجب أن تبقى في غزة لخلق الاستقرار هي «فكرة غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود من أجلها».

أما فيما يتعلق بـ«اليوم التالي» للحرب، فقد أوضح غالانت لعائلات الرهائن أنه يعتقد أن «حكم إسرائيل لغزة سيكون سيئاً»، وأن إسرائيل يجب أن تنشئ هيئة حاكمة «لا هي (حماس) ولا إسرائيل، وإلا فإننا سندفع ثمناً باهظاً». وأضاف أنه «إذا لم يحدث هذا، فإن العملية ستستمر، وستعرض المزيد من الجنود للخطر».

وتتهم عائلات المحتجزين أيضاً نتنياهو بأنه يعرقل الوصول إلى اتفاق.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتسلمون طعاماً من مطبخ خيري في جنوب غزة (رويترز)

«لصوص المساعدات» يضاعفون جوع سكان غزة

«حماس» تشن حملة للقضاء على ظاهرة سرقة شاحنات المساعدات التي أثرت بشكل كبير على المجتمع وتسببت في بوادر مجاعة جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ) play-circle 00:28

نتنياهو: «حماس» لن تحكم غزة بعد الحرب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن حركة «حماس» لن تحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وإن إسرائيل دمرت القوة العسكرية للحركة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

داعية معروف في غزة يتساءل عن الضرر الذي أحدثه هجوم 7 أكتوبر

أثار هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، جدلاً بين رجال الدين الفلسطينيين في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة مقاتلة من طراز «إف 35» (رويترز)

دعوى فلسطينية تطالب بريطانيا بمنع تصدير قطع غيار طائرات «إف 35» لإسرائيل

قال محامو منظمة حقوقية فلسطينية لمحكمة في لندن، الاثنين، إن بريطانيا تسمح بتصدير قطع غيار طائرات «إف 35» المقاتلة إلى إسرائيل، وتقبل باحتمال استخدامها في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.