إقالة غالانت مقامرة أخرى في «كازينو الحرب» الإسرائيلية

رؤساء المعارضة يجتمعون لمواجهة الدراما الجديدة ونتنياهو يطمئن قادة الجيش و«الموساد» و«الشاباك»

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
TT

إقالة غالانت مقامرة أخرى في «كازينو الحرب» الإسرائيلية

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)

الخطوة التي وصفت بأنها «دراما ستحدث هزة أرضية» بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت من منصبه، وتعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس مكانه، هي سوط يستله نتنياهو لترهيب رفاقه المتمردين داخل «الليكود».

صحيح أن نتنياهو يخطط لإقالة غالانت منذ زمن طويل، واتخذ قراراً بهذا المضمون عدة مرات واضطر إلى التراجع عنه، إلا أنه هذه المرة يبدو مصمماً بشكل خاص. وهو بذلك يقامر على كل الغلة، رغم أن اللعبة تجري في «كازينو حرب»، يموت فيها ناس كثيرون.

غالانت سارع إلى الإعلان عن أن الخلاف بينه وبين نتنياهو يعود إلى ثلاثة مواضيع هي: إصراره على سن قانون التجنيد، الذي يضمن مضاعفة عدد الشبان المتدينين المجندين للجيش، والالتزام الأخلاقي باستعادة المختطفين، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأضاف: «هناك إمكانية للتوصل إلى صفقة واستعادة المختطفين، لكن ذلك منوط بتنازلات بعضها مؤلم. علينا أن نفعل ذلك في أسرع وقت ممكن وهم على قيد الحياة، إنهم بحاجة للعودة إلى منازلهم وعائلاتهم». وقال: «أنا أتحمل مسؤولية الأجهزة الأمنية خلال السنتين الأخيرتين، بما فيها النجاحات والإخفاقات. هناك تحديات صعبة أمام إيران ووكلائها في المنطقة».

وهذا صحيح. لكن نتنياهو أقدم على هذه الخطوة، وفي هذا الوقت بالذات، فقط لأنه بدأ يفقد ائتلاف حكومته. فالأحزاب الدينية (الحريديم) تصر على تعديل القانون بطريقة تضمن إعفاء الغالبية الساحقة من أبنائهم من التجنيد. وتتهم نتنياهو بالفشل في السيطرة على رفاقه. وقالوا: «لقد وافقنا على سن قانون آخر يضمن تمويل المؤسسات التعليمية الدينية على أمل أن يستطيع نتنياهو إقناع رفاقه بالقانون المذكور لكنه فشل هنا أيضاً. ونحن لا نستطيع قبول ذلك حتى لو أدى الأمر إلى سقوط الحكومة».

وبالفعل هناك 10 نواب في الائتلاف أعلنوا أنهم لن يؤيدوا القانون خلال التصويت عليه بالقراءة التمهيدية، الخميس، الأمر الذي من شأنه أن يثير أزمة في الحكومة، أبرزهم: وزير استيعاب الهجرة اليهودية أوفير سوفير (الصهيونية الدينية)، وغالانت (حزب وجدعون ساعر)، وموشيه سولومون وأوهاد طال (الصهيونية الدينية)، وإيلي دلَال ودان الوز، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين (الليكود)، وقال إدلشتاين بشكل قاطع: «لن أدعم قانون الحضانات، ولا أي قانون يحاول الالتفاف على جهودنا التي لا تتوقف لتوسيع قاعدة التجنيد للجيش في دولة إسرائيل».

وهددت كتلة «يهدوت هتوراة» الحريدية، بأنه في حال عدم المصادقة على القانون بالقراءة التمهيدية، فإن أعضاءها في الكنيست لن يصوتوا على مشاريع قوانين أخرى يطرحها الائتلاف. وسيطرحون فكرة الانسحاب من الائتلاف، ليس خلال الحرب لكن في القريب.

وهكذا، قرر نتنياهو هز الرسن للنواب المعارضين. فاختار رفع السوط وضرب غالانت، حتى يرهب بقية النواب التسعة الباقين، وينقذ الائتلاف الحكومي. هذه هي القضية الأساسية.

فهل نجح بذلك؟ الجواب حتى الآن سلبي. ثمانية من هؤلاء النواب قالوا إنهم لن يتراجعوا. وهذا يعني أن نتنياهو لا يمتلك أكثرية لتمرير القانون، حتى بعد إقالة غالانت. لديه الآن 60 نائباً مؤيداً، وهو يحتاج إلى 61 نائباً.

فماذا سيفعل؟ يتوجه إلى الحريديم ويقول لهم: انظروا كم فعلت لكي أمرر هذا القانون. أقلت غالانت، رغم المخاطرة بذلك. أعطوني مزيداً من الوقت.

بالطبع، توجد لقرار كهذا تبعات كثيرة وهو يتشابك مع قضايا أخرى. لكن جميعها كانت في درجات أدنى من الأهمية. ومع ذلك، لا بد من التطرق إليها:

الانتخابات الأميركية

هناك من يقول إن نتنياهو اختار هذا الوقت بسبب الانشغال الأميركي فيها. فهو يخشى من رد فعل أميركي سلبي من الإدارة الأميركية. فغالانت يعدّ مقرباً من هذه الإدارة، ويحظى بمودة خاصة، ويقيم علاقات قوية مع نظيره الأميركي أوستن وتكلم معه 108 مرات خلال الحرب.

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مستقبلاً غالانت في البنتاغون يونيو الماضي (أرشيفية - رويترز)

ولكن الحقيقة أن الصدفة فقط هي التي جمعت الموعدين. والإدارة الأميركية التي قالت إنها مصدومة من إقالة غالانت وطرحت تساؤلات عن حقيقة الأهداف من ورائها، أعلنت في الوقت نفسه أنها ستتعامل مع كاتس باحترام. وبعد فوز ترمب، يمكن لواشنطن أن تنظر إلى قراره على أنه شجاع، «نعم، هكذا أريدك. قائداً قوياً يتخذ قرارات حازمة».

المحتجزون

غالانت اتهم نتنياهو عملياً بالتسبب بعرقلة الصفقة. كاتس من جهته، اتصل بعائلات المحتجزين حال الإعلان عن تعيينه وزيراً للدفاع. وقال لهم إن قضيتهم ستكون على رأس اهتمامه. وإنه معنيّ بالاجتماع بهم حال تسلمه المنصب رسمياً، الخميس.

إسرائيليون يتظاهرون بعد أن أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير دفاعه يوآف غالانت في تل أبيب (رويترز)

لكن هؤلاء لم يتأثروا وأبلغوه بأنهم يريدون أن يروا الحكومة تثبت بشكل عملي أنها متجهة إلى صفقة فوراً. ونزلوا إلى الشارع سوية مع حملة الاحتجاج للتظاهر في تل أبيب. وأغلقوا شارع إيلون. وهاجمتهم الشرطة ورشتهم بالماء الآسن، الذي يستخدم حتى الآن ضد متظاهرين عرب فقط. وعاد كاتس وشرح أنه قصد بإعادة المخطوفين، وفقاً لسياسة الحكومة، الانتصار الساحق.

المظاهرات

كما هو معروف، هذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها نتنياهو عن إقالة غالانت، حيث كانت المرة السابقة على خلفية خطة وتشريعات إضعاف جهاز القضاء، في شهر مارس (آذار) 2023، لكنه تراجع بعدما انفجرت هبة احتجاج واسعة ضده، شارك فيها نحو 400 ألف إنسان. واليوم يقدم على هذه الخطوة بسبب قناعته بأن الجمهور تعب من المظاهرات، ولن يخرج بمئات الألوف ضده. وفي هذا معه حق. المظاهرات التي خرجت الليلة ضد إقالة غالانت لم تكن ضخمة. أقل من عشرة آلاف. وقادة الاحتجاج يفسرون ذلك الضعف بأنه ناجم عن الحرب وعن المفاجأة. فالحرب تمنع الناس من التظاهر، خوفاً من الصواريخ.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يزوران مقر القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي في القدس 1 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

فقط قبل أسبوعين، تم القبض على خلية من القدس الشرقية اعترف قائدها بأنه كُلّف من المخابرات الإيرانية بتفجير عبوة ناسفة في إحدى المظاهرات. ويقولون إنهم سيلجأون إلى أساليب نضال أخرى تجعل نتنياهو يندم على إقالة غالانت. وتوجهوا إلى قادة الاقتصاد وقادة النقابات لكي يعلنوا إضرابات احتجاجية. ودعا إيهود أولمرت إلى العصيان المدني. ولكن هذا كله يحتاج إلى وقت وإلى حماس. وفي هذا الموضوع لا يوجد وقت، ونتنياهو نجح في تيئيس المحتجين، وخبا حماسهم.

الصدام مع الجيش

حال الإعلان عن إقالة غالانت، نشرت توقعات بأن نتنياهو يخطط لإقالة رئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس الموساد ديفيد برنياع؛ لكي يسيطر على كل المفاتيح ويشكل المؤسسات الأمنية على مقاسه. وقد سارع نتنياهو إلى الاتصال بالثلاثة. وحاول طمأنتهم بأنه أقدم على خطوته كجزء من عمله السياسي. وطلب منهم التعاون مع كاتس. والانطباع هو أنه لن يقدم على خطوة جارفة لإقالة أي منهم، على الأقل الآن. لكن مصادر عسكرية أعربت عن غضبها من هذه الإقالة وعدّتها ضربة للجيش وهو يخوض الحرب القاسية على عدة جبهات. وتفوه بعضهم بأن «نتنياهو يمس بالأمن». وقد رد أنصار نتنياهو في القناة الـ14 بالقول إن الجيش يُعدّ انقلاباً عسكرياً ضد نتنياهو.

حرب جماهيرية

الحرب: السؤال الكبير الذي يطرح في إسرائيل اليوم وخارجها، إن كانت إقالة غالانت ستؤثر على الحرب. من جهة نتنياهو يعمل بقوة لكي تستمر الحرب؛ لأنه يرى فيها عربون بقائه في الحكم. فهو يعتقد، وبحق، أنه في اللحظة التي يتم فيها وقف النار، سوف تبدأ حرب جماهيرية لإسقاط حكومته. وهذا يعني أن محاكمته ستدار بشكل أسرع، وهو بمكانة ضعيفة بوصفه مواطناً عادياً. وهو مستعد لعمل أي شيء في سبيل منع هذا؛ لأنه يراه ضمانة للحكم عليه بالسجن في قضايا الفساد. ولكن، هنا يأتي الدور الأميركي، فقد وصلت إليه رسالتان من هاريس ومن ترمب يؤكدان فيهما أنهما يريدان أن تنتهي الحرب قبل أن يدخل الرئيس إلى البيت البيض في يناير (كانون الثاني) 2025. فإذا كان هذا الملف سيتحرك، فيُتوقع أن يكون بدفع أميركي. وقوة هذا الدفع مهمة، وهي تعتمد على هوية ساكن البيت الأبيض. والمقربون من نتنياهو يؤكدون أن لديه خطة أيضاً لهذا السيناريو، بأن يخوض انتخابات مبكرة من موقع قوة، ويسترد شعبيته، وينتخب مرة أخرى لرئاسة الحكومة، رغم أن الاستطلاعات لا تبشره بخير. لذلك يؤخر هذا السيناريو ليكون آخر حل يلجأ إليه.


مقالات ذات صلة

مسؤول أميركي: إسرائيل لن تحصل على مكافآت لقتلها مطلوبين على لوائح واشنطن

شؤون إقليمية ملصق مطلوب من وزارة الخارجية الأميركية لقائد قوة الرضوان السابق في «حزب الله» إبراهيم عقيل مع عرض مكافأة بقيمة 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه (وزارة الخارجية الأميركية)

مسؤول أميركي: إسرائيل لن تحصل على مكافآت لقتلها مطلوبين على لوائح واشنطن

قال مسؤول أميركي إن إسرائيل غير مؤهلة لتلقي أموالٍ مكافأةً على المعلومات التي جمعتها ضد مطلوبين خصصت أميركا مكافأة مقابل معلومات عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دورية إسرائيلية في مرتفعات الجولان (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الإسرائيلي ينشئ وحدة تدخل سريع على الحدود مع سوريا

شكّلت إسرائيل وحدة تدخل سريع خاصة في مرتفعات الجولان السوري المحتل، تتركز مهماتها في الجبهة مع سوريا، في حالة اقتضت الضرورة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 00:22

نتنياهو يشكر ترمب على تصريحه القوي بشأن الرهائن

شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على «تصريحه القوي بشأن الرهائن».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية بن غفير في مؤتمر سابق حول الاستيطان في غزة الشهر الماضي يدعو لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

فضيحة أمنية جديدة في الحكومة الإسرائيلية

كُشف النقاب في تل أبيب عن فضيحة في مكتب وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، وفي إطارها تم اعتقال مفوض مصلحة السجون الإسرائيلية ومسؤولين كبار في الشرطة.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية بن غفير في مؤتمر سابق حول الاستيطان في غزة الشهر الماضي يدعو لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

بن غفير يندّد بـ«انقلاب» بعد توقيف مسؤول في مصلحة السجون وعنصرين في الشرطة

ندّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدّد إيتمار بن غفير الاثنين بـ«انقلاب» يرمي إلى الإضرار به بعد توقيف مسؤول رفيع في مصلحة السجون وشرطيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«لجنة لإدارة غزة» وتحذير ترمب... هل يسرّعان «اتفاق الهدنة»

فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يجلسون وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل بالنصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

تطورات جديدة يشهدها حراك التوصل لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع حديث عن اتفاق «مبدئي» بين حركتي «فتح» و«حماس» بشأن تشكيل لجنة لإدارة القطاع عقب اجتماعات بالقاهرة، وتحذيرات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضع مهلة تمتد إلى نحو 50 يوماً لإبرام صفقة للرهائن «وإلا سيدفع الشرق الأوسط ثمناً باهظاً»، وتأكيد مصر على استمرارها في العمل «بلا هوادة» لوقف دائم لإطلاق النار.

تلك التطورات التي صاحبها إعلان «حماس» عن مقتل وفقْد 33 أسيراً لديها، يشي بحسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، بأن «هناك اتفاقاً يكون قريباً، وأن كل طرف يستعد لمشهد اليوم التالي من الحرب ويمارس حالياً أقصى الضغوط لنيل مكاسب ولو إعلامية»، متوقعين أن «تساعد المهلة الانفعالية التي وضعها ترمب، فريق الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن».

وكشف مصدر فلسطيني مطلع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، عن أن «حركتي (فتح) و(حماس) اتفقتا بشكل مبدئي عقب سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على تشكيل لجنة تحمل اسم الإسناد المجتمعي ستكون معنية بإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب».

فلسطيني يسير بجوار الأنقاض وهو يحمل كيساً من الدقيق في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وتشير معلومات المصدر الفلسطيني إلى أن الجولة الثالثة بين الحركتين بالقاهرة بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، «نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي على تشكيل تلك اللجنة ولا يعني عدم التوقيع عليها فشلها»، مضيفاً: «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لمنح موافقة مبدئية على مسودتها المتفق عليها على أن يعود الأمر للقاهرة مرة ثانية ويعرض في اجتماع للفصائل، سيليها بعد التشاور صدور مرسوم نهائي بأعضاء اللجنة ومهامها تفصيلاً».

وستشكل اللجنة «حسب الاتفاق المبدئي من تكنوقراط دون تبعية لـ(حماس) أو (فتح)، وستُدمج كل القطاعات الحكومية بالقطاع داخل نظامها الإداري بدءاً من الشرطة والوزارات وغيرهما وصولاً لتسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدارته»، وفق المصدر ذاته.

ويوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن لجنة الإسناد المجتمعي فكرة مصرية تقوم على عناصر مستقلة تدير غزة لقطع أي ذرائع إسرائيلية تعارض عودة «حماس» لإدارة القطاع، لافتاً إلى أن المعلومات الأولية التي لم تؤكدها القاهرة بشأن حدوث اتفاق بين الحركتين، وأنهما لن يكونا بالإدارة أو الواجهة، ستعزز الموقف الفلسطيني في مسار اليوم التالي من الحرب والتوصل لاتفاق هدنة قريب.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن تلك الفكرة المصرية يمكن وصفها بأنها خارج الصندوق ومتميزة، معتقداً أنها «تسير بشكل إيجابي، لمواجهة أزمة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على عدم بقاء (حماس) بالسلطة».

ويعتقد أن «الموافقة تأتي في توقيت مهم وقد تساعد في التوصل لهدنة قريبة وتسهل مهام تسلم معبر رفح من الجانب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن موقف «حماس» يؤكد أن الأمور تسير بشكل إيجابي، وأن الحركة تفهمت استحالة بقائها بالحكم في غزة، وأنها تريد فقط حفظ ماء الوجه وبالتالي قبولها الاتفاق بعد جولات من التفاهمات منطقي وسيدخل حيز التنفيذ.

وجاء التوصل لاتفاق مبدئي بشان إدارة غزة، غداة تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وعبر منصته «تروث سوشال»، قال ترمب: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم سيدفع في الشرق الأوسط ثمنه الباهظ، وأولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية»، وفق «سي إن إن» الأميركية.

ورحب نتنياهو في فيديو قصير باللغة الإنجليزية خلال اجتماع حكومي ونشره مكتبه الثلاثاء بموقف ترمب، وقال إنه «موقف قوي ويضيف قوة أخرى إلى جهودنا المستمرة للإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب «سي إن إن»، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين وفي نوفمبر 2023 تم إطلاق سراح أكثر من 100 شخص جزءاً من صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

وتتفق تلك التقديرات الأميركية بشأن مقتل الرهائن، مع ما أعلنته «حماس» الاثنين، عبر مقطع فيديو مصور نشرته الحركة يكشف عن أن «33 أسيراً إسرائيلياً قُتلوا وفُقدت آثار بعضهم مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، مخاطباً ذوي الرهائن بالقول: «مقتل بعض الأسرى وفقدان بعضهم كان بسبب المجرم نتنياهو وجيشه الفاشي وباستمرار حربكم المجنونة قد تفقدون أسراكم إلى الأبد، افعلوا ما يجب عليكم فعله قبل فوات الأوان».

ويرى السفير رخا، أن تصريحات ترمب «انفعالية»، نتيجة «متابعته فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي صدر قبل أيام، وتأتي في ظل جهد دولي يسعى لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة وفتح المعابر»، لافتاً إلى أنها قد تشكّل ضغطاً على نتنياهو للقبول بالاتفاق، خصوصاً وأنه يعلم أنه قد تتم التضحية به في أي مرحلة مستقبلية حال استمر بالمراوغة.

وباعتقاد الرقب، فإن «تهديد ترمب للمنطقة من باب الضغط على المفاوضات التي تتم حالياً وقد تصل لاتفاق قريب، وهذا أسلوب يكشف عن أن الرئيس القادم سيسكب وقوداً مع كل أزمات المنطقة لحلها»، لافتاً إلى أن تجاوب نتنياهو معه متوقع.

تلك المفاوضات كشف عنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي في تصريحات بمؤتمر صحافي، الاثنين، قائلاً إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

وكشف عبد العاطي، عن أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى بـ(اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو (أيار) الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

ويعتقد السفير رخا، أن الجهود المصرية قد تكلل بنجاح في هذه المرة خصوصاً وهناك احتمال كبير أن يتم اتفاق الهدنة قبل وصول ترمب للسلطة. وبرأي الرقب، فإن «القاهرة تبذل جهوداً كبيراً في إنهاء ملفات عالقة سواء بدعم تشكيل اللجنة أو التوصل لاتفاق هدنة، والكرة الآن في ملعب نتنياهو لحسم التوصل لاتفاق كما يرغب ترمب قبل وصوله، وأيضاً في ملعب أبو مازن لاعتماد مسودة الاتفاق بعد مشاورات الفصائل وتسويقه عربياً ودولياً لضمان نجاحه».