تقرير: إسرائيل ألحقت أضراراً جسيمة ببرنامج الصواريخ والدفاعات الجوية الإيرانية

صورتان للأقمار الاصطناعية تُظهران منشأة بارشين قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ف.ب)
صورتان للأقمار الاصطناعية تُظهران منشأة بارشين قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: إسرائيل ألحقت أضراراً جسيمة ببرنامج الصواريخ والدفاعات الجوية الإيرانية

صورتان للأقمار الاصطناعية تُظهران منشأة بارشين قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ف.ب)
صورتان للأقمار الاصطناعية تُظهران منشأة بارشين قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ف.ب)

كشف مسؤولون أميركيون وإسرائيليون عن أن الضربة الجوية الإسرائيلية العقابية ضد إيران، الشهر الماضي، ألحقت أضراراً بالدفاعات الجوية الاستراتيجية لطهران ومرافق إنتاج الصواريخ، مما جعلها عُرضة بشدة لهجمات مستقبلية، وفقاً لتقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وقال مسؤولون حاليون وسابقون إن ذلك زاد بشكل حاد من المخاطر التي تواجه إيران إذا نفذت تهديداتها بإطلاق جولة أخرى من الضربات الصاروخية ضد إسرائيل في الأيام المقبلة.

في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، ضربت إسرائيل منشآت رئيسية لإنتاج الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب في موقع بارشين العسكري المترامي الأطراف بالقرب من طهران، وفي مركز الصواريخ الباليستية والفضاء في شاهرود الذي يديره «الحرس الثوري» الإيراني، كما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية. كما دمرت أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية الصنع من طراز «إس - 300».

لا تزال طهران تمتلك مئات الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل، وتُحدث أضراراً كبيرة إذا اخترقت الدفاعات الإسرائيلية، وفقاً لمسؤولين غربيين. لكن الضرر الذي يلحق بالدفاعات الجوية الإيرانية من شأنه أن يجعل من الأسهل على إسرائيل الرد ضد أهداف أكثر حساسية، بمن في ذلك قيادة البلاد والبنية التحتية للطاقة وربما المواقع النووية.

وقال نورمان رول، الخبير السابق في شؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: «من المرجح أن تهيمن على المناقشة العملياتية في إيران ليست مسألة ما يمكن لإيران أن تفعله، بل كيف ستدافع إيران عن نفسها عندما ترد إسرائيل. ومن غير المرجح أن تكون هذه مناقشة سهلة، وقد تنتج مناقشات حادة داخل القيادة العليا في إيران».

لقد ضربت إسرائيل نحو 20 هدفاً في أواخر الشهر الماضي، وبقيت ضمن الخطوط التي دفعت بها واشنطن لشن الهجوم. وفي حين قللت إيران في البداية من أهمية الهجوم، فيما يتحدث بعض كبار المسؤولين الإيرانيين الآن عن شن انتقام عدواني.

قال الجنرال حسين سلامي، رئيس «الحرس الثوري»، الأسبوع الماضي: «سنرد على العدو بطريقة لا يمكن تصورها».

«3 موجات للهجوم الإسرائيلي»

تم تنفيذ الهجوم الإسرائيلي على ثلاث موجات، بدءاً من الدفاعات الجوية الاستراتيجية الإيرانية. سقطت الضربات على بُعد نحو 7 ياردات من بطاريات «إس - 300» مما جعل أنظمة الدفاع الروسية الصنع غير صالحة للعمل. وأوضح مسؤول أمني إقليمي أن الأمر قد يستغرق عدة أشهر حتى تتمكن إيران من إصلاح أو استبدال تلك الأنظمة إذا تلقت مساعدة روسية.

ووصلت الموجة التالية بعد نحو 80 دقيقة، وركزت على إنتاج الصواريخ الباليستية. ضربت الموجة الأخيرة، بعد ساعة، الرادارات والمقرات وبعض منصات إطلاق الصواريخ.

كان الهدف من العملية الإثبات لإيران أن الإسرائيليين يمكنهم الضرب في جميع أنحاء البلاد. قال ضابط أمن إقليمي يوم الجمعة: «أردنا أن يدركوا أنهم مكشوفون».

وأفاد بعض المسؤولين الأميركيين بأن إنتاج إيران للصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب قد يتأخر لمدة عام أو أكثر.

كانت الأهداف الرئيسية لإسرائيل في منشآت الصواريخ هي ما يسمى بالخلاطات الكوكبية، والتي تستخدم لخلط مكونات وقود الصواريخ الصلب المستخدم في أكثر صواريخها تقدماً. وقال المحللون إن الخلاطات لا يمكن استبدالها بسهولة.

في حين تعمل معظم صواريخ إيران بالوقود السائل، وجّه الهجوم ضربة لبعض برامج الأسلحة الأكثر قيمة في إيران.

ضربت إسرائيل نحو اثنتي عشرة منشأة خلط في ثلاثة مواقع، تم تدمير معظمها. وقال فابيان هينز، باحث في التحليل الدفاعي والعسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إنه بالإضافة إلى بارشين، تضرر مبنيان في مجمع الصواريخ الباليستية الإيراني في خوجير، ومبانٍ في موقع مركز شاهرود الفضائي التابع لـ«الحرس الثوري».

لطالما تم استخدام شاهرود لإنتاج قاذفات فضائية تعمل بالوقود الصلب، ولكن هناك أدلة قوية على أن «الحرس الثوري» كان يستخدمها أيضاً لبناء صواريخ باليستية. وأشار هينز إلى أن هناك منشأة واحدة للوقود الصلب لم تضربها إسرائيل على ما يبدو، ربما لأنها كانت تنتج محركات تعمل بالوقود الصلب للصواريخ قصيرة المدى.

«تأثير ثانٍ كبير»

بحسب خبراء ومسؤولين سابقين، كان للضربات الإسرائيلية تأثير ثانٍ محتمل كبير، حيث سهلت ضربة مستقبلية على المنشآت النووية الإيرانية من خلال جعل العمل في المجال الجوي الإيراني أقل خطورة.

وقال الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية: «أعتقد أن إيران هي الأكثر عرضة للخطر منذ سنوات عديدة في مواجهة هجوم إسرائيلي آخر».

وفقاً لمحللين إقليميين، فإن «الحرس الثوري»، الذي فقد ضباطاً كباراً في الغارات الجوية الإسرائيلية السابقة في سوريا ولبنان، حريص على الرد. لكن من المرجح أن يكون المسؤولون الإيرانيون الآخرون أكثر حذراً.

قال محللون إن درجة الدقة التي أظهرتها إسرائيل في هجماتها أكدت للقيادة الإيرانية مدى ضعف الأصول والبنية التحتية العسكرية والمدنية للبلاد.

صورتان للأقمار الاصطناعية تُظهران منشأة بارشين قبل وبعد الهجوم الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وأوضح أرييل ليفيت، من برنامج السياسة النووية في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي ومسؤول إسرائيلي سابق: «لم تختر إسرائيل تدمير الدرع الدفاعية التي تحمي بعض المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فحسب، بل عززت أيضاً الرسالة التي مفادها أن إيران مخترقة بعمق لدرجة أن إسرائيل ستعرف على وجه التحديد أين وكيف تضرب بشكل فعال أكثر منشآت الصواريخ والأسلحة النووية حساسية في إيران».

وعلى الرغم من أن إسرائيل ابتعدت عن المواقع النووية الإيرانية في هجمات الشهر الماضي، فإنها ضربت مبنى في بارشين استخدمته إيران لإجراء أبحاث مشتبه بها حول الأسلحة النووية، وفقاً لصور الأقمار الاصطناعية.

وقال مايكل هورويتز، من شركة الاستشارات «لو بيك» ومقرها إسرائيل، إن الضربات على بطاريات الدفاع الجوي «إس - 300» جعلت من السهل على إسرائيل ضرب المواقع النووية في طهران إذا قررت القيام بذلك في هجمات مستقبلية.

وأضاف: «... انتهت المرحلة الأولى من الهجوم، وهذا يجعل الأمور أسهل لأي هجوم مستقبلي».

وتابع هورويتز أنه مع خروج أنظمة الدفاع الصاروخي الأكثر تقدماً في إيران عن الخدمة، يمكن لإسرائيل نقل ناقلات التزود بالوقود جواً إلى نقطة أقرب إلى الحدود، مما سيمكن طائراتها الحربية من حمل حمولات أثقل ووقود أقل.

ويعدّ المسؤولون الغربيون برنامج الفضاء الإيراني مساراً لطهران لتطوير صواريخ عابرة للقارات، مما يمنح مهندسيها الخبرة في تطوير صواريخ معززة قوية يمكن استخدامها لصواريخ أطول مدى.

وتعدّ الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أكثر موثوقية من تلك التي تعمل بالوقود السائل؛ لأنها يمكن تخزينها لفترة أطول وهي أقل تقلباً. الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب أكثر عملية للاستخدام في هجوم جماعي سريع وواسع النطاق، مثل الذي أطلقته إيران ضد إسرائيل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وضربت إسرائيل أيضاً رادارين إيرانيين بعيدَي المدى بالقرب من الحدود العراقية، ونفذت ضربة محدودة حول مصفاة عبادان في تحذير محتمل بشأن ضربات مستقبلية على منشآت نفطية.


مقالات ذات صلة

إيران: وصلنا إلى النضج النووي

شؤون إقليمية رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)

إيران: وصلنا إلى النضج النووي

قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن بلاده وصلت إلى مرحلة «النضج النووي»، كاشفاً عن التوصل إلى «رموز لإنتاج عناصر» على صلة بالصناعات النووية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية المرشد خامنئي أكد أن الرد على إسرائيل وأميركا سيكون «ساحقاً» (إ.ب.أ)

إيران إلى رد «ساحق»... والبنتاغون يستعد بحاملة طائرات

أطلقت إيران إشارات جديدة إلى ما تقول إنه «انتقام» آخر من إسرائيل سيشمل أيضاً الولايات المتحدة، بينما أعلن «البنتاغون» أنه سيرسل طائرات مقاتلة إلى الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» الأربعاء (رويترز)

«شراكة شاملة» بين موسكو وطهران تشمل «الدفاع المشترك»

كشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بنوداً من اتفاق الشراكة الشاملة مع إيران، التي تعكف بلاده على وضع اللمسات الأخيرة عليها، تمهيداً لتوقيعها «في أقرب وقت».

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة خلال اجتماع في طهران 27 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تقرير: خامنئي أمر بشن هجوم انتقامي على مواقع عسكرية إسرائيلية

أمر المرشد الإيراني بالتحضير لهجوم انتقامي ضد إسرائيل، في حين حذّر رئيس «الحرس الثوري» الإيراني من رد قاس على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت إيران.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية تظهر هذه الصورة المنشورة من قبل الجيش الإسرائيلي في 26 أكتوبر 2024 طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في إسرائيل (أ.ف.ب)

مصدر عسكري: إسرائيل في «مستوى عالٍ من الاستعداد» للرد الإيراني

أكد مصدر عسكري إسرائيلي، لشبكة «سي إن إن» الأميركية، أن إسرائيل في «مستوى عالٍ من الاستعداد» للرد الإيراني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إيران: وصلنا إلى النضج النووي

رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)
رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)
TT

إيران: وصلنا إلى النضج النووي

رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)
رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» محمد إسلامي (مهر)

قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن بلاده وصلت إلى مرحلة «النضج النووي»، كاشفاً عن التوصل إلى «رموز مهمة لإنتاج عناصر» على صلة بالصناعات النووية.

وكان محمد إسلامي يتحدث، السبت، أمام طلبة جامعة «شيراز» الإيرانية، وقال إن «العلماء الإيرانيين حققوا إنجازات علمية تساعد إيران على التحرر من التبعية لقوى العالم المتقدمة في هذا المجال».

وأضاف سلامي: «لقد وصلنا إلى مرحلة النضج النووي، لتطوير محطات الطاقة النووية».

ويتزامن كلام إسلامي مع تصعيد متزايد في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولات متعثرة مع الغرب لإعادة التفاوض لإحياء الاتفاق النووي.

وأكد إسلامي، وفقاً لما نقلته وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن «أساس قوة كل بلد هو أن تسعى جاهدةً في هذا السبيل (المجال النووي)، وأن ازدهار التكنولوجيا يخلق سلطة الردع ولا يجعل أحداً يفكر في العدوان».

وزاد إسلامي قائلاً: «مثل هذه القوة تبقي الطريق مفتوحاً دائماً، لذلك يجب أن نحاول جاهدين ألا يهيمن علينا الآخرون».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

وأوضح إسلامي أن إيران «مرت بتقلبات وعثرات، لكنها تمكنت من الوصول إلى هذه النقطة والخروج من عبء الهيمنة»، وقال: «في عالم اليوم، إذا كنت تريد الاستقلال، يجب أن تكون قوياً».

وأشار إسلامي إلى أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تضم «طواقم علمية أتقنت جميع التكنولوجيا اللازمة بموارد محلية، وقد أوصلوا البلاد إلى مستوى متقدم».

وأوضح المسؤول الإيراني أن المنظمة الذرية نجحتْ في الحصول على الرموز والبرمجيات المستخدمة في عمليات التصميم والبناء؛ التي تستخدم في إنتاج عناصر على صلة بالصناعات النووية، بعدما كانت جميع الأبواب مغلقة أمامها.

كان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أكد في وقت سابق، أن «الاتصالات الأخيرة مع الدول الأوروبية فتحت سبل التعاون في المفاوضات النووية». وأضاف أنه يأمل أن «تتشكل هذه المفاوضات مرة أخرى».

ويومها، اتسقت تصريحات عراقجي مع تأكيدات أطلقها علي أكبر ولايتي، وهو أحد مستشاري المرشد علي خامنئي، أن بلاده تعيد تقييم سياستها الخارجية بهدف تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية وغيرها.

ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن ولايتي في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية في إيران، أن طهران منفتحة على التعاون مع أي دولة غربية تسعى إلى تفاعل حقيقي معها، بشرط أن تحترم سيادتها.