توتر بين المعارضة وإردوغان بسبب إرث أتاتورك

في الذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية

آلاف الأتراك احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية في باحة قبر أتاتورك في أنقرة (إعلام تركي)
آلاف الأتراك احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية في باحة قبر أتاتورك في أنقرة (إعلام تركي)
TT

توتر بين المعارضة وإردوغان بسبب إرث أتاتورك

آلاف الأتراك احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية في باحة قبر أتاتورك في أنقرة (إعلام تركي)
آلاف الأتراك احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية في باحة قبر أتاتورك في أنقرة (إعلام تركي)

خيم التوتر على احتفال تركيا بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية بين المعارضة والرئيس رجب طيب إردوغان على خلفية إصراره على وضع دستور جديد للبلاد.

ودعا زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال الشعب التركي إلى التصدي لمن قال إنهم يخططون لتعديل دستوري من أجل شخص واحد أو ضد أولئك الذين يهدرون آمال البلد من أجله.

ونظم حزب «الشعب الجمهوري» مسيرة من أمام البرلمان التركي إلى قبر مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في أنقرة، الثلاثاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية، تقدمها أوزال وقيادات الحزب ورئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، ورؤساء بلديات وأحياء العاصمة.

عرض لطلاب أكاديمية الحرب في إسطنبول بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية (رويترز)

وتطرق أوزال، في كلمة أمام تجمع لأنصار الحزب قبل انطلاق المسيرة، إلى دعوة رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب» دولت بهشلي إلى إجراء تعديل قانوني لتطبيق «الحق في الأمل» على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، وقال: «نحن ضد أولئك الذين يخططون لتعديل دستوري لشخص واحد أو لمستقبل شخص واحد من أجل حل مشكلة إردوغان».

إردوغان والدستور

يصر إردوغان على وضع دستور جديد للبلاد ترى المعارضة أنه وسيلة من أجل إعطائه الفرصة للترشح في انتخابات الرئاسة التركية مجدداً بعدما أصبح لا يحق له خوضها بموجب الدستور الحالي.

أوزال قاطع حفل الاستقبال الذي أقامه إردوغان في القصر الرئاسي متعهداً بالعودة إلى قصر أتاتورك (من حسابه في إكس)

ودعا بهشلي، الأسبوع الماضي، إلى أن يأتي أوجلان إلى البرلمان، ويعلن حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنَّف منظمةً إرهابيةً، وتخليه عن السلاح، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل تعديل القانون للسماح له بالتمتع في «الحق في الأمل».

ويعني «الحق في الأمل» إعادة النظر في وضع المحكوم عليهم بالسجن المشدد مدى الحياة بما يعطيهم الأمل بالعودة للانخراط في المجتمع.

وقال أوزال إنه جرى التخلي عن الفلسفة الأساسية للجمهورية، ولم يعد هناك رخاء أو ديمقراطية أو مساواة، كما أن الشباب الذين عهد إليهم أتاتورك بالحفاظ على الجمهورية لا يرون أي أمل في المستقبل ويفكرون بالهجرة، بعد 22 عاماً من حكم إردوغان وحزبه، وانسداد جميع الطرق أمامهم.

إردوغان مستقبلاً المهنئين بذكرى تأسيس الجمهورية بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

وأعلن أوزال مقاطعة الاحتفال في القصر الرئاسي بيشتبه، قائلاً إنه اتصل بإردوغان، وأبلغه بأنه بدلاً من الاحتفال في بيشتبه الذي تم بناؤه في غابة أتاتورك رغم كل الاعتراضات القانونية، وأصبح شوكة في ظهر الديمقراطية منذ 10 سنوات، دعونا نحتفل حيث ينبغي أن يكون الاحتفال في بيت أتاتورك (قصر تشانكايا) دون انقسام، لكنه رفض.

وأضاف: «قريباً سنحتفل معاً في تشانكايا بعد أن نفوز بالانتخابات المقبلة، ونؤسس الجمهورية مرة أخرى، معاً من جديد».

وتقدم إردوغان الاحتفال السنوي بذكرى تأسيس الجمهورية، واستهله بزيارة قبر أتاتورك رفقة رئيس البرلمان، وزعيم المعارضة ووزراء حكومته، وممثلي الأحزاب، كما ينص البرتوكول، ثم أقام استقبالاً بالقصر الرئاسي، وحضر احتفالاً بتدشين طائرة «جوك باي» التي أنتجتها شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش» التي تعرضت لهجوم إرهابي نفذه حزب «العمال الكردستاني»، الأربعاء الماضي، أسفر عن مقتل 5 أشخاص، وإصابة 22 آخرين.

إردوغان ونائبه ورئيس البرلمان وزعيم المعارضة في زيارة لقبر أتاتورك الثلاثاء بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في رسالة مصورة إلى الشعب التركي إننا «عازمون على جعل تركيا مستقلة وقوية ومزدهرة، وهو إرث دولنا الممتد من عصر السلاجقة إلى العثمانيين، وأخيراً الجمهورية في أراضي الأناضول، وسيبقى إلى الأبد».

وأضاف: «لا المنظمات الإرهابية، ولا أولئك الذين يحاولون من خلال أطماعهم التوسعية تحويل منطقتنا إلى بحيرة من الدماء والنار، ولا الإمبرياليون الذين يدعمونهم ويسمحون لهم بالتكبّر والغرور، يستطيعون أن يمنعوا نضالنا من الوصول إلى هدفه».

عرض عسكري في إسطنبول بمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية (رويترز)

وشهدت مختلف ولايات تركيا احتفالات بذكرى تأسيس الجمهورية شارك فيها الولاة ورؤساء البلديات إلى جانب المواطنين.

استطلاع رأي

في هذه الأثناء، كشفت أحدث استطلاعات الرأي استمرار تقدم حزب «الشعب الجمهوري» على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، منذ الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، مع تضاؤل الفارق بشكل كبير.

وأظهر استطلاع «نبض تركيا» لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، الذي أجراه مركز «متروبول»، أن 32.1 في المائة من الأتراك يعتقدون أن حزب «الشعب الجمهوري» سيفوز في الانتخابات، إذا أجريت بشكل مبكر، مقابل 31 في المائة يرون أن حزب «العدالة والتنمية» سيفوز في الانتخابات.

أما فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة، فأظهر الاستطلاع أن إردوغان ليس لديه فرصة للفوز أمام أي مرشح من حزب «الشعب الجمهوري»، فإذا كان المنافس هو رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، فسيحصل على 53.8 في المائة، بينما سيحصل إردوغان على 28.7 في المائة.

أما إذا ترشح رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، فسيحصل على 49 في المائة من الأصوات، مقابل حصول إردوغان على 30.6 في المائة. وإذا كان المرشح هو رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، فسيحصل على 45.2 في المائة، مقابل حصول إردوغان على 31.2 في المائة.


مقالات ذات صلة

حكومة تركيا تتوقع معدل تضخم أقل من 20% نهاية 2025

الاقتصاد إحدى أسواق إسطنبول (رويترز)

حكومة تركيا تتوقع معدل تضخم أقل من 20% نهاية 2025

توقعت الحكومة التركية استمرار الاتجاه الإيجابي لتوقعات التضخم وتراجعه إلى ما دون 20 في المائة بنهاية عام 2025.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية شرطيان تركيان أثناء مداهمة على أحد المنازل خلال الحملة على «داعش» (الداخلية التركية)

تركيا: القبض على 2016 من «داعش» في حملة أمنية موسعة

ألقت قوات الأمن التركية القبض على 2016 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في حملة أمنية شملت 45 ولاية في أنحاء البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ترأس قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول مساء الخميس حول هجوم «توساش» الإرهابي (الرئاسة التركية)

«العمال الكردستاني» تبنّى هجوم «توساش» نافياً ارتباطه بتطورات حل المشكلة الكردية

تبنّى حزب «العمال الكردستاني» الهجوم الإرهابي على مقر شركة «توساش» التركية. في حين أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن منفذي الهجوم تسللا من سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة التركية شمال أنقرة في 23 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تركيا توقف 176 شخصاً تشتبه بانتمائهم لـ«حزب العمال الكردستاني»

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، توقيف 176 شخصاً يشتبه بانتمائهم لتنظيم «حزب العمال الكردستاني» (بي كيه كيه).

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية عائلة أحد ضحايا الهجوم الإرهابي على شركة «توساش» في أنقرة الذي نسب إلى «حزب العمال الكردستاني» خلال تشييع جنازته (رويترز)

انقسام حول قدرة أوجلان على حل المشكلة الكردية في تركيا

استدعت أول زيارة، قام بها نجل شقيق زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، التي كسرت العزلة المفروضة عليه منذ 43 شهراً، ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مستوطنون إسرائيليون يتوقعون تخفيف العقوبات عليهم إذا فاز ترمب بالرئاسة الأميركية

ترمب ونتنياهو يتصافحان بعد خطاب الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل بالقدس 23 مايو 2017 (رويترز)
ترمب ونتنياهو يتصافحان بعد خطاب الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل بالقدس 23 مايو 2017 (رويترز)
TT

مستوطنون إسرائيليون يتوقعون تخفيف العقوبات عليهم إذا فاز ترمب بالرئاسة الأميركية

ترمب ونتنياهو يتصافحان بعد خطاب الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل بالقدس 23 مايو 2017 (رويترز)
ترمب ونتنياهو يتصافحان بعد خطاب الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل بالقدس 23 مايو 2017 (رويترز)

قال أحد زعماء المستوطنين في إسرائيل إنهم يراقبون من كثب الانتخابات الرئاسية الأميركية، معبراً عن ثقته بأنه إذا فاز دونالد ترمب فسوف يلغي ما يرونه عقوبات غير مشروعة فرضت عليهم، بسبب هجمات على الفلسطينيين.

وفي وقت ينصبُّ فيه اهتمام العالم على الحرب في غزة، أثار عنف المستوطنين الإسرائيليين المتزايد ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والاستيلاء على الأراضي هناك قلقاً بين بعض حلفاء إسرائيل الغربيين.

وجمّدت الولايات المتحدة ودول أخرى أصولاً وفرضت قيوداً مصرفية على مستوطنين وبؤر استيطانية وجماعات تتبع العنف منهجاً، وحثّت إسرائيل على بذل جهود أكبر لوقف الهجمات التي تقول إنها تعصف بجهود إنهاء الصراع.

ووصف يسرائيل جانز، رئيس مجلس «يشع» الذي يضم المستوطنات في الضفة الغربية، والذي له علاقات وثيقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، العقوبات بأنها «تدخل في النظام القانوني الإسرائيلي قد يتسبب في نهاية المطاف في مشكلات للحكومة».

وقال جانز في مقابلة مع «رويترز»: «إذا فاز ترمب في الانتخابات فلن تكون هناك عقوبات... وإذا خسر فسنواجه في دولة إسرائيل مشكلة تتعلق بالعقوبات التي يتعيّن على الحكومة هنا معالجتها».

ولم يدلِ متحدث باسم مكتب نتنياهو بتعليق حين سُئل عن العقوبات، لكن مستشار حملة ترمب البارز، براين هيوز، قال: «لن يعيد السلام والاستقرار إلى الشرق الأوسط للجميع إلا الرئيس ترمب».

ترمب مستقبلاً نتنياهو في بالم بيتش يوليو الماضي (د.ب.أ)

وتعدّ معظم دول العالم المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضٍ احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير قانونية وفق القانون الدولي، وتقول إن توسعها يعرقل الطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم، وهو قيام دولة فلسطينية لها مقومات الحياة إلى جانب إسرائيل آمنة.

وفي عام 2019، تخلّت إدارة ترمب آنذاك عن موقف عدم مشروعية المستوطنات، الذي طالما تبنّته الولايات المتحدة، لكن الرئيس جو بايدن عاد إلى تبني هذا الموقف.

وقال جانز إن العقوبات المفروضة على المستوطنين غير نزيهة، لأنها لا تقابلها عقوبات على الفلسطينيين الذين ينتهجون العنف، على الرغم من أن واشنطن شددت العقوبات القائمة منذ فترة طويلة على الجماعات الفلسطينية المُسلحة بعد الهجوم الذي قادته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال جانز، في إشارة إلى المستوطنات الزراعية في الضفة الغربية: «إن العقوبات تلحق الضرر بالأسر والمزارع». ويقول الفلسطينيون إن مثل هذه المستوطنات انتزعت بالفعل أفضل الأراضي منهم، وفي طريقها للاستيلاء على مزيد منها.

وقالت منظمة تابعة للسلطة الفلسطينية: «إن 20 فلسطينياً قتلوا هذا العام في هجمات مستوطنين، إضافة إلى مئات الفلسطينيين وعشرات الإسرائيليين الذين وردت أنباء عن مقتلهم في الضفة الغربية، مع تنفيذ إسرائيل مداهمات للمسلحين».

وتشمل الحصيلة مدنيين وآخرين ضالعين في معارك.

وقالت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، والمرشحة الرئاسية الديمقراطية: «إنه يجب محاسبة المستوطنين المتطرفين عن أعمال العنف، لكنها أكدت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ولم يرد بعد فريق حملتها على طلب التعليق على تصريحات جانز».

ويرأس جانز مجلس «يشع»، الذي يتحمل المسؤولية العامة عن أكثر من 500 ألف شخص يعيشون في المستوطنات، أي أكثر قليلاً من 5 في المائة من سكان إسرائيل. وأظهرت بيانات لمجلس «يشع» أن هذا العدد ارتفع من نحو 374 ألف شخص كانوا يعيشون في المستوطنات عام 2013.

ويعتقد كثيرون من المستوطنين أن لليهود حقّاً إلهيّاً في العيش في الأراضي التي يطلقون عليها الاسم التوراتي يهودا والسامرة.

ويدعم بعضهم في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وهو الأكثر تطرفاً في تاريخها، توسع المستوطنات، وضم أغلبية الأراضي الفلسطينية في نهاية المطاف.

وقالت بريطانيا في وقت سابق من هذا الشهر: «إنها تدرس فرض عقوبات على أقوى الشخصيات العامة المتشددة في إسرائيل، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، بعد أن ذكرت تقارير أنهما قالا إن المستوطنين الذين يتبنون العنف أبطال، وإن تجويع الفلسطينيين قد يكون مبرراً». وردّ سموتريتش: «إن هذه التعليقات انتزعت من سياقها».

وقال جانز: «إنه لا يحق للدول التدخل في الديمقراطية الإسرائيلية». وأضاف: «حين تفرض عقوبات على الوزراء، فإنك تقصد بذلك تغيير (نتائج) الانتخابات هنا، وتغيير ما يريده الناس هنا».