تبنّى حزب «العمال الكردستاني» الهجوم الإرهابي على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش». في حين أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن منفذي الهجوم تسللا من سوريا، متعهداً باجتثاث الإرهاب من جذوره.
ونقلت وكالة «فرات» للأنباء، القريبة من حزب «العمال الكردستاني»، المُصنّف منظمة إرهابية من جانب تركيا وحلفائها الغربيين، عن بيان لـ«مركز الدفاع الشعبي» (الجناح المسلح للحزب)، الجمعة، أن منفذي الهجوم هما مينا سيفجين ألتشيشيك التي كانت تحمل الاسم الحركي «آسيا علي»، وروجار هالين الذي كان يحمل الاسم الحركي «علي أوريك»، وأنهما كانا ينتميان إلى مجموعة «الحكم الذاتي» في «كتيبة الخالدين».
ونفى البيان الذي تداولته وسائل إعلام تركية، نقلاً عن وكالة «فرات» للأنباء، وجود علاقة للهجوم على شركة «توساش» والتطورات السياسية في تركيا التي أيّدها زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان، وأكد أن الهجوم خُطّط له منذ مدة طويلة، ولا علاقة له على الإطلاق بالأجندة السياسية التي نُوقشت مؤخراً في تركيا.
هجوم «توساش» وقضية الأكراد
وتشهد تركيا حالياً تطورات تتعلّق بالتوصل إلى حل المشكلة الكردية وحل حزب «العمال الكردستاني»، بدأت بمصافحة رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب» لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيّد للأكراد الذي حل محل حزب «الشعوب الديمقراطية»، ثم دعوته يوم الثلاثاء الماضي أوجلان للحديث أمام البرلمان لإعلان حل حزب «العمال الكردستاني» وترك سلاحه.
وسمحت السلطات للمرة الأولى لنائب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عن مدينة شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا)، عمر أوجلان، بزيارة عمه عبد الله أوجلان، في محبسه بسجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة، لتنهي عزلة فُرضت عليه منذ 43 شهراً.
ووجّه أوجلان، عبر ابن شقيقه، رسالة إلى الرأي العام أكد فيها أنه «مستعد لنقل العملية الحالية إلى الإطارين السياسي والقانوني»، لكن قيادات حزب «العمال الكردستاني» في جبال قنديل بشمال العراق أكدت أنه لا يستطيع القيام بذلك.
وقال البيان إنه تم تحديد مواقع مهمة واستراتيجية في تركيا بوصفها أهدافاً عسكرية، وتم استهداف شركة «توساش» التي تصنع المسيرات التي تُستخدم في الهجوم على الحزب. وأشار في الوقت ذاته إلى أن رسالة أوجلان للرأي العام هي أيضاً «وضع سيتم تقييمه».
وأسفر الهجوم الإرهابي على مقر شركة «توساش» في ضاحية كهرمان كازان على بُعد 40 كيلومتراً من العاصمة أنقرة، بالقنابل والأسلحة، عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 22 آخرين.
بينما أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أنه تم القضاء على الإرهابيين منفذَي الهجوم، وتم التعرف على هوية الإرهابية مينا سيفجين ألتشيشيك، وهي من عناصر حزب «العمال الكردستاني».
وفجّرت الإرهابية ألتشيشيك نفسها داخل مقر شركة «توساش»، عندما أدركت أنها ستُقتل على أيدي قوات الأمن، ولم يتبق من أشلائها سوى ذراعها، في حين قُتل الإرهابي الثاني (روجار هالين) في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن.
وتبيّن أن ألتشيشيك اُنتخبت عام 2014 رئيسة مشاركة لمنطقة وسط هكاري، من صفوف حزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيّد للأكراد، الذي كان يرأسه صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسيك داغ، السجينان حالياً، والذي يواجه حالياً دعوى لإغلاقه أمام المحكمة الدستورية لضلوعه في دعم الإرهاب.
إردوغان والحرب على الإرهاب
وأعلن الرئيس التركي أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف شركة «توساش» تم عن طريق تسلل المنفذين من سوريا إلى الأراضي التركية. وأكد أن تركيا تواصل أعمالها لاجتثاث الإرهاب من جذوره، وإن كان ذلك في سوريا «فسنفعل ما تقتضيه الضرورة»، في إشارة إلى احتمال شنّ عملية عسكرية في شمال سوريا.
وقال إردوغان -في تصريحات لصحافيين رافقوه خلال عودته مساء الخميس من روسيا، حيث شارك في قمة مجموعة «بريكس»- إن تركيا نفّذت عمليات على 40 موقعاً في شمال سوريا طيلة الليلة التي أعقبت الهجوم، كبّدت الإرهابيين خسائر فادحة. وشدد على أن تركيا لا يمكن أن تقدم إطلاقاً أي تنازلات في مكافحة الإرهاب.
وعن احتمال أن يكون للهجوم على «توساش» ارتباطات خارجية، بسبب مشاركة تركيا في قمة «بريكس» وطلبها الانضمام إليها، ومزاعم أن إسرائيل تقف وراء الهجوم، قال إردوغان إن اختيار مؤسسة بارزة مثل «توساش» لتنفيذ الهجوم الإرهابي هو أمر ذو مغزى.
وأضاف إردوغان الذي عقد قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول لدى وصوله قادماً من روسيا ليل الخميس-الجمعة لبحث الهجوم الإرهابي، أن الإرهابيين لم يستهدفوا «توساش» فحسب، وإنما استهدفوا السلام والأمن في تركيا.
في السياق ذاته، شنّت أجهزة الأمن التركية حملة موسعة على عناصر حزب «العمال الكردستاني» في البلاد.
وقال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، عبر حسابه في «إكس»، الجمعة، إنه تم القبض على 176 مشتبهاً من أعضاء حزب «العمال الكردستاني» وعدد من الأذرع، ومنها: «تنظيم المجتمعات الكردستانية»، و«وحدات حماية الشعب الكردية» في عمليات جرت في 31 ولاية تركية.
3️⃣1️⃣ ilde PKK/KCK-PYD/YPG yönelik düzenlenen “GÜRZ-20” operasyonlarında 1️⃣7️⃣6️⃣ şüpheli terör örgütü mensubu yakalandı❗️Milletimizin huzuru, birlik ve beraberliği için son terörist etkisiz hale getirilinceye kadar mücadelemize kararlılıkla devam edeceğiz❗️⚠️Cumhuriyet... pic.twitter.com/X9YhAqN6KJ
— Ali Yerlikaya (@AliYerlikaya) October 25, 2024
وأضاف أن هؤلاء اعتقلوا لأنهم يعملون ضمن منظمة إرهابية (حزب «العمال الكردستاني»)، ويشكلون جزءاً من البنية الشبابية للمنظمة وقدموا إليها التمويل، وقاموا بالدعاية لها عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبيّن أنهم شاركوا في مظاهرات غير قانونية: مثل قطع الطرق، وحرق الإطارات، وإلقاء الحجارة والمفرقعات والمولوتوف.
ولفت إلى أنه تم خلال العمليات الأمنية ضبط الكثير من المسدسات وبنادق الصيد غير المرخصة، وكميات كبيرة من المخدرات، وتمت مصادرة وثائق تنظيمية ومواد رقمية.
كما أعلن يرلي كايا أنه قُضي على أحد عناصر «العمال الكردستاني» المدرجين على النشرة الحمراء للمطلوبين، ويُدعى رمضان أكتاش، وكان يُلقب بـ«فاراشين بدران»، خلال اشتباكات بعد مداهمة منزل في بلدة أرتوكلو بولاية ماردين، جنوب شرقي تركيا.