الاستطلاعات تعزّز قوة نتنياهو... لكن على حساب حلفائه المتطرفين لا خصومه

الإسرائيليون يريدون بديلاً عن رئيس الوزراء أفضل من قادة المعارضة الحاليين

نتنياهو ما زال يحصد نتائج الاغتيالات ضد «حماس» و«حزب الله» (إ.ب.أ)
نتنياهو ما زال يحصد نتائج الاغتيالات ضد «حماس» و«حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

الاستطلاعات تعزّز قوة نتنياهو... لكن على حساب حلفائه المتطرفين لا خصومه

نتنياهو ما زال يحصد نتائج الاغتيالات ضد «حماس» و«حزب الله» (إ.ب.أ)
نتنياهو ما زال يحصد نتائج الاغتيالات ضد «حماس» و«حزب الله» (إ.ب.أ)

دلت نتائج استطلاع رأي آخر في إسرائيل على أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يحافظ على نسبة الارتفاع في شعبيته، التي حققها بعد اغتيال رئيس «حماس» يحيى السنوار؛ ما يجعل حزب «الليكود» أكبر الأحزاب، لكن ليس على حساب الأحزاب المنافسة، بل من حساب حلفائه في اليمين المتطرف، وخصوصاً من حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يتحطم ويختفي من الساحة السياسية.

ولذلك؛ فإن نتنياهو، في حال إجراء انتخابات برلمانية اليوم، لن يستطيع تشكيل حكومة. وسيخسر هو وائتلافه الحكم. وسيهبط هذا الائتلاف من 68 مقعداً اليوم، إلى 50 مقعداً فقط. بينما يستطيع منافسوه في المعارضة الحالية تحقيق 60 مقعداً (من مجموع 120)، وهذا من دون الأحزاب العربية التي تحصل على 10 مقاعد.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وبحسب الاستطلاع الأسبوعي الذي نشرته، الجمعة، صحيفة «معاريف»، وأجراه معهد «لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحيم لزار وبمشاركة «بانيل فور اول»، فإن ارتفاع قوة الليكود، يأتي على خلفية اغتيال السنوار، واستمرار الحرب على لبنان والتعاطف مع نتنياهو بعد استهداف مسيّرة «حزب الله» منزله في قيسارية. وجاءت نتائج الاستطلاع على النحو التالي: الليكود 25 مقعداً (23 مقعداً في استطلاع الصحيفة، الأسبوع الماضي، و25 مقعداً حسب استطلاع «القناة 13» للتلفزيون)، يليه حزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 21 (20 مقعداً في الأسبوع الماضي)، ثم حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، بقيادة أفيغدور ليبرمان 15 (14)، ثم حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل) بقيادة يائير لبيد 14 (14)، ثم حزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس» بقيادة إريه درعي 10 (10)، ثم حزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيين» بقيادة يائير غولان، وهو الذي أقيم بتحالف حزبي العمل و«ميرتس»، 10 (10) ثم حزب «عوتسما يهوديت» بقيادة إيتمار بن غفير 8 (7)، ويليه حزب المتدينين الأشكناز «يهدوت هتوراة» 7 (7). ويحصل تحالف الحزبين العربيين «الجبهة الديمقراطية للسلام» و«المساواة والحركة العربية» للتغيير بقيادة أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 (6)، و«القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية» بقيادة منصور عباس 5 (5). وأما حزب سموتريتش فلا يتجاوز نسبة الحسم.

الوزيران اليمينيان المطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش خلال جلسة للكنيست (أرشيفية - رويترز)

وما زالت الاستطلاعات تفحص إمكانية خوض نفتالي بنيت، رئيس الحكومة الأسبق، هذه الانتخابات، خصوصاً وأنه يقوم بنشاطات واسعة لتشكيل حزب جديد. وبحسب استطلاع «معاريف»، فإن الإسرائيليين يريدون بديلاً عن نتنياهو أفضل من قادة المعارضة الحاليين، ويفتشون عن وجه جديد أو مجدد. وبحسب النتائج، فإنه إذا خاض بنيت الانتخابات على رأس حزب جديد، ستتراجع قوة الليكود بخمسة مقاعد، وستتراجع قوة معظم أحزاب المعارضة. وسيحرز ائتلاف يضم جميع الأحزاب الصهيونية المعارضة من أكثرية 65 مقعداً. وتحافظ الأحزاب العربية على قوتها (10 مقاعد). وفي هذه الحالة يتحطم ائتلاف نتنياهو ويهبط من 68 مقعداً اليوم إلى 45 مقعداً.

وفي وضع كهذا، تكون النتائج: حزب بنيت 22 مقعداً، وحزب الليكود 20 مقعداً، وحزب غانتس 15، وحزب لبيد 11، ودرعي 10 وليبرمان 9، والديمقراطيين 8، وبن غفير 8، بينما باقي الأحزاب لا تتأثر. ويعني ذلك أن بنيت سيحصل على 17 مقعداً من بين 22 مقعداً من أحزاب الصهيونية المعارضة، وخمسة مقاعد من الليكود.

ويفسر الخبراء هذه النتائج على أنها تعبير عن ضياع الناخبين إزاء ما يعرضه عليهم قادتهم السياسيون. فقادة المعارضة لا يعرضون بديلاً سياسياً يقنع الجمهور بأنهم أفضل من نتنياهو ووزراء حكومته، بل إن كل واحد من قادة المعارضة يعرض مواقف تكون في كثير من الأحيان يمينية أكثر من مواقف نتنياهو؛ لبيد يطالب بتوجيه ضربات أقسى لـ«حزب الله» رغم المعارضة الأميركية؛ وغانتس يطالب بتوجيه ضربات موجعة للدولة اللبنانية وليس فقط لـ«حزب الله». وليبرمان يطالب بحرب جارفة على إيران. وجميعهم يتجاهلون الملف الفلسطيني.

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بنيت يحظى بثقة عالية (إكس)

وحتى بنيت، الذي يحظى بثقة عالية لا يوضح مواقفه الجوهرية. لذلك يحصل على أصواته من اليمين المتطرف (5 مقاعد من الليكود) ومن اليسار الراديكالي (مقعدان من الديمقراطيين).

وبحسب الخبراء فإن الجمهور الإسرائيلي يفتش عن شخصية تتسم أولا بالاستقامة ونظافة اليد مقابل فساد نتنياهو (وهو يجد هذه الصفات لدى بنيت وغانتس ولبيد)، ولكنه في الوقت نفسه يفتش عن شخصية كاريزماتية تتقن الألاعيب السياسية وهذه يجدها في بنيت بالذات.


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز) play-circle 00:28

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن هجوم قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية أن يكون «عملاً فردياً»

شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء عملية إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل اليوم (أ.ف.ب)

إطلاق 200 صاروخ من لبنان على إسرائيل اليوم

أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، وإقالته.

ودلت سلسلة إجراءات تمهيدية، على نيات نتنياهو، وبلغت أوجها بالبيان الذي بثه بالصوت والصورة، مساء السبت، وتحدث فيه إلى الإسرائيليين بشأن قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتبه، مؤكداً أنه يتعرض لحملة «ملاحقة وتشويه» تستهدف معسكره السياسي.

وزعم نتنياهو أن أجهزة الأمن الإسرائيلية امتنعت في أكثر من مناسبة عن تزويده بوثائق مهمة، ومنعته من الاطلاع على معلومات سرية حساسة أيضاً بدعوى (دوافع سياسية)، بعدما اتهم رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية بالانتقاء في التحقيق في كثير من التسريبات الخطيرة، دافع نتنياهو عن الناطق باسمه، إليعزر فيلدشتاين، المتورط في إحدى قضايا التسريب، لارتباطه بوثيقة السنوار المزيفة (التي ادعت أن قائد حماس خطط للهرب من البلاد مع مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، وتبين أنها مزيفة) والمتهم بـ«تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة».

إيلي فيلدشتاين الناطق باسم نتنياهو والمتهم الرئيسي بقضية تسريب وثائق من مكتب رئيس الوزراء (القناة 12 الإسرائيلية)

ورأى نتنياهو لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين، إلى جانب التحقيقات الأخرى المرتبطة بمكتبه، «حملة صيد» موجهة ضده وضد معسكره وأنصاره.

وقال مخاطباً الإسرائيليين إن «هذه الحملة ليست موجهة ضده شخصياً فقط، بل ضدكم الجمهور الكبير الذي انتخبني وضد طريقتي في مواجهة أعدائنا».

ماكينة اليمين

كانت ماكينة الدعاية لليمين الإسرائيلي، قد بدأت حملة تحريض واسعة ضد الأجهزة الأمنية منذ 14 عاماً، لكنها في السنة الأخيرة زادت الهجوم وبشكل خاص ضد رئيس أركان الجيش هاليفي، على خلفية الموقف الذي يتبناه مع رئاسة الأركان، ويقضي بضرورة وقف الحرب والتوجه إلى صفقة مع «حماس»، وعدوه موقفاً تخريبياً ضد إسرائيل.

وقد خرج موقع «ميدا» اليميني بتقرير تحت عنوان «التخريب السياسي الذي يقوم به هرتسي هاليفي»، وفيه يشير إلى تاريخ مما يصفه بـ«التمرد على القيادة السياسية».

ويقول التقرير: «لم يبدأ سلوك هاليفي التخريبي مع بداية الحرب، بل كان قائماً منذ البداية، لقد وقع الانفجار الأول بينه وبين نتنياهو، بالفعل، في الأسابيع الأولى من الحرب... في حينه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه (مستعد لهجوم بري)، لكن نتنياهو هو الذي يؤخر الموافقة».

خلفية هذا التوتر هي عدم الرضا في مكتب نتنياهو عن الخطط التي طرحها المستوى العسكري، ويشير الموقع اليميني أنه «حينها خطط الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لمناورة محدودة بمشاركة عدد قليل من القوات بهدف تنفيذ سلسلة من الغارات محدودة النطاق وليس احتلالاً كاملاً وواسعاً للقطاع، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يعد خططاً جديدة، وهذا جزء من سبب تأخير المناورة البرية».

مؤيدون لليمين الإسرائيلي خلال مظاهرة لدعم نتنياهو في القدس سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ثم يعدد الموقع حالات كثيرة أخرى ادعى فيها أن نتنياهو «كان القائد القوي الذي يطلب ضربات قوية وعمليات عسكرية عميقة، لكن الجيش كان يسعى للتخاذل، ويمتنع عن الإقدام والالتحام».

قضية المحتجزين

يذهب التقرير إلى أن قضية «تحرير المحتجزين» هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إن تيار اليمين الإسرائيلي يعد موقف الجيش تمرداً على القيادة السياسية.

وبينما دعا هاليفي، في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) 2024 بمناسبة مرور 6 أشهر على اندلاع الحرب، إلى «تنفيذ صفقة الرهائن فعلياً»، عبر نتنياهو عن مواقف متشددة، ورفض التنازل عما وصفه بـ«الخطوط الحمراء».

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تم نشر إحاطة صحفية أخرى، اتهم هرتسي هاليفي خلالها، نتنياهو بالمسؤولية عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مُطالب بالعمل مرة أخرى في جباليا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويختتم الموقع اليميني مستنكراً إحاطة هاليفي: «من الصعب تصديق أن هذه الكلمات تقال، لكنه في الواقع (رئيس الأركان) يلوم الحكومة على مقتل الجنود».

غريب في الحكومة

المعروف أن رئيس الأركان هاليفي كان قد عُين في منصبه في سبتمبر (أيلول) 2022، في زمن حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد السابقة، وذلك في خضم الحملة الانتخابية، وخلال فترة وجودها كحكومة انتقالية.

ويقدر أنصار نتنياهو أن هاليفي شعر منذ اللحظة الأولى، وكأنه «زرع غريب في الحكومة الجديدة التي أقامها نتنياهو بعد الانتخابات».

وكال موقع «ميدا» اليميني الاتهامات لهاليفي وبعدما وصفه بأنه «رئيس أركان متمرد لا يفهم مكانته في الهرم الإداري وتبعيته للرتبة المنتخبة»، اتهمه بأنه «واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا أنهم يتنازلون فعلياً عن النصر في الحرب، وأنه (لا يوجد خيار) سوى قبول شروط (حماس) للصفقة».

ويصل التقرير إلى مبتغاه بالقول: «لقد كان ينبغي طرد هاليفي فور تشكيل الحكومة (حكومة نتنياهو)، وهذا هو فشل نتنياهو، لكن لم يفت الأوان لإصلاحه. لا يمكن كسب الحروب مع رؤساء الأركان المتمردين».