ضباط الاحتياط الإسرائيليون مطالِبين بوقف الحرب: العبء بات ثقيلاً

عائلات الرهائن وقادة الاحتجاج يعودون إلى المظاهرات أمام الكنيست

جنود إسرائيليون يحملون نعش العقيد الدرزي الإسرائيلي إحسان دقسة في دالية الكرمل بإسرائيل يوم 21 أكتوبر الحالي (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحملون نعش العقيد الدرزي الإسرائيلي إحسان دقسة في دالية الكرمل بإسرائيل يوم 21 أكتوبر الحالي (أ.ب)
TT

ضباط الاحتياط الإسرائيليون مطالِبين بوقف الحرب: العبء بات ثقيلاً

جنود إسرائيليون يحملون نعش العقيد الدرزي الإسرائيلي إحسان دقسة في دالية الكرمل بإسرائيل يوم 21 أكتوبر الحالي (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحملون نعش العقيد الدرزي الإسرائيلي إحسان دقسة في دالية الكرمل بإسرائيل يوم 21 أكتوبر الحالي (أ.ب)

كُشف النقاب في تل أبيب عن أجواء تذمر وإحباط شديدة داخل الجيش الإسرائيلي من استمرار الحرب دون هدف مقنع، وعن أن عدداً كبيراً من قادة الفرق والكتائب، الذين اجتمعوا مع رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، تكلموا معه بصراحة عن هذا التذمر الذي يسود الجيش ويتحدثون عنه بشكل يومي.

وقال هؤلاء القادة إن الجنود يخدمون في هذه الحرب «أياماً طويلة جداً تصل إلى 240 يوماً، على 3 دفعات، لا يلتقون خلالها عائلاتهم سوى مرتين، وفي كل مرة يُسمح لهم بالبقاء بضعة أيام فقط. وهم يحاربون بشراسة، ولكن وفاة وإصابة كثيرين من رفاقهم في المعارك أمر يحبطهم، ويزداد الإحباط عندما يرون أن الحكومة لا تحدد للحرب هدفاً أو سقفاً معقولاً. كما أن لدى بعضهم شعوراً بأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يستخدمهم في الحرب لكي يحافظ على كرسيه، وليس لأهداف وطنية».

قسم من هؤلاء الجنود «أصحاب عمل وورشات متوسطة، وأصيبوا بانهيار اقتصادي ومعنوي، ورغم أن الحكومة تعوضهم مالياً، فإنهم لا يثقون بأنها ستواصل دعمهم. وقسم منهم يشيدون بعائلاتهم التي تصمد مثلهم في هذه الظروف، ولكن في الوقت نفسه توجد عائلات لا تصمد وحدثت فيها تصدعات ونزاعات وطلاق. وهذا كله يتسبب في ضائقة نفسية خطرة لديهم».

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

وقال الضباط، وفق «القناة12» بالتلفزيون الإسرائيلي، إن «الأجواء في الجيش لم تعد مريحة؛ لأن التذمر يتحول إلى ظاهرة»، وهم يخشون أن يؤدي إلى انهيار بعض الوحدات. وكشفوا عن أن «أكثر من خُمس الجنود لا يلتزمون بالخدمة، لكنهم لا ينضمون إلى العرائض التي تعلن الامتناع عن الخدمة والتي وقع عليها 153 جندياً حتى الآن». وأن «الأمر لا يمنعهم حالياً من القتال ببسالة في مواجهة العدو؛ أكان في قطاع غزة أم في لبنان، لكنهم يريدون أن يعرفوا أن لديهم قيادة سياسية تعرف ما تريد وتبحث عن وحدة المجتمع والإجماع، وعن حلول واقعية لموضوع التجنيد وتوزيع أعباء الخدمة العسكرية بالتساوي، والكف عن سن قوانين تعفي المتدينين الحريديم».

يهود من «الحريديم» يصطفون لإعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية بقاعدة تجنيد في «كريات أونو» بإسرائيل خلال مارس الماضي (رويترز)

في أعقاب ذلك، لم يجد هليفي ما يواسي به الضباط سوى القول إنه أوعز لـ«شعبة القوى البشرية» والوحدات الأخرى ذات العلاقة في الجيش، بتنفيذ جميع الإجراءات المطلوبة من أجل «تخفيف الأعباء» عن قوات الاحتياط. وقال خلال مداولات، عقدها الثلاثاء، إن «الأمر الأكثر إلحاحاً الآن هو تخفيف العبء عن الاحتياط في عام 2025». وقال إنه مطلع على الشكاوى، من خلال محادثات كثيرة أجراها مع جنود وضباط في قوات الاحتياط، وكذلك إثر رسائل ومناشدات من عشرات عائلات الجنود والضباط عبر البريد الإلكتروني العسكري.

جنود إسرائيليون يحملون نعش العقيد الدرزي الإسرائيلي إحسان دقسة في دالية الكرمل بإسرائيل يوم 21 أكتوبر الحالي (أ.ب)

وأشار موقع صحيفة «يسرائيل هيوم» الإلكتروني إلى أنه «يتعمق الإدراك لدى قيادة الجيش أن ثمة ضرورة لاتخاذ إجراءات تهدف إلى توسيع صفوف الجيش؛ الأمر الذي سيخفف الأعباء الهائلة عن جنود الاحتياط الذين استُدعي قسم منهم للخدمة العسكرية للمرة الخامسة خلال سنة الحرب». وفي هذا السياق، يطالب الجيش الإسرائيلي بتعديل القانون من خلال تمديد فترة الخدمة الإلزامية إلى 36 شهراً، فمن شأن ذلك أن «يحرر عشرات كتائب الاحتياط سنوياً» من الخدمة العسكرية.

وكشفت الصحيفة عن إجراء آخر بدأ الجيش تنفيذه ويعتزم توسيعه؛ هو «إضافة كتائب جديدة في قوات الاحتياط». ويقول الجيش إنه يواجه مصاعب في إعادة استدعاء عشرات الآلاف من الجنود الذين سُرّحوا من الخدمة العسكرية في السنوات الماضية، ولم يُستدعَوا مجدداً خلال الحرب. وعثر الجيش على 17 ألف جندي من هؤلاء، وافق 4 آلاف منهم فقط على العودة إلى الخدمة العسكرية، بينما عدّ هليفي أن استدعاء جنود من هذه الفئة هو «غاية ذات أفضلية عليا» في العام المقبل.

متظاهرات في تل أبيب السبت يطالبن بإطلاق الجندية والرهينة الإسرائيلية نعمة ليفي التي اختطفت من قاعدة «نحال عوز» العسكرية خلال هجمات 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

جاء هذا الحراك في الجيش في ظل الغليان الذي يسود الشارع الإسرائيلي من الخطر على الرهائن لدى «حماس». وقد قرر «منتدى العائلات» مع قوى الاحتجاج على خطة الانقلاب الحكومي على منظومة الحكم وإضعاف القضاء، توحيد صفوفهما واستئناف المظاهرات المطالبة بوقف الحرب على غزة «والتوجه نحو صفقة تبادل بأي ثمن». وقروا العودة إلى المظاهرات اليومية أمام الكنيست في القدس الغربية، ابتداءً من يوم الاثنين المقبل، مع عودة البرلمانيين من عطلة الأعياد.

وبدأ الحراك، منذ اليوم الأربعاء، الإعداد لمظاهرات كبرى، على الرغم من الإجراءات الأمنية التي تحظرها خوفاً من صواريخ «حزب الله» و«حماس» ومخاطر اندلاع حرب مع إيران. وقال روبي حين، والد الجندي إيتاي، الأسير في غزة، إنه لا يفهم «حجم الخداع التي ينجح نتنياهو في تمريره على الإسرائيليين... قالوا لنا إن يحيى السنوار، رئيس (حماس)، هو من يعرقل الصفقة. وها هم قد اغتالوه، فكيف يساهم الاغتيال في تحرير أبنائنا؟ نحن لا نرى ذلك؛ بل نلاحظ أن رئيس الحكومة يفتش عن حجج جديدة للتهرب من الصفقة. إنه يسعى إلى إرضاء قاعدته الشعبية اليمينية المتطرفة، ولا يكترث لأبنائنا. وهذا يخنقنا؛ بل يفجرنا من الداخل. لقد أصبح واضحاً أنه من دون ضغط جماهيري شديد، فلن يتحرك هذا الملف. نتنياهو يأخذنا من حرب إلى أخرى كي يتهرب من الصفقة».


مقالات ذات صلة

نتنياهو: «حماس» لن تحكم غزة بعد الحرب

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ) play-circle 00:28

نتنياهو: «حماس» لن تحكم غزة بعد الحرب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن حركة «حماس» لن تحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وإن إسرائيل دمرت القوة العسكرية للحركة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 11 نوفمبر 2024 (رويترز)

مفاوضات وقف النار في غزة «معلّقة» رغم الضغوط الأميركية

قالت مصادر فلسطينية مطَّلعة على ملف مباحثات وقف النار في قطاع غزة، إن المفاوضات ما زالت معلقة، في ظلّ تمسُّك كل من إسرائيل وحركة «حماس» بشروطهما السابقة.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

في آخر تصريحاته قبل تسليم منصبه لخليفته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، أن الجيش «أتم مهماته في غزة منذ فترة، وأنه لم يبقَ ما يفعله هناك».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية وقفة تضامنية مع فرنسيين تحتجزهم إيران 28 يناير 2024 (أ.ب)

إيران تؤكد أن ظروف احتجاز سجينين فرنسيين «جيدة»

المتحدث باسم «السلطة القضائية» الإيرانية قال، الثلاثاء، إن مواطنَين فرنسيين محتجزين في إيران منذ مايو أيار 2022 يتمتعان بصحة جيدة، وظروف احتجازهما جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

في المقام الأول، تخشى طهران تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي لإعادة العقوبات الأممية.

كما أن احتمالات تنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية - أميركية لمنشآتها النووية باتت مصدر قلق كبير. وفي الوقت نفسه، تحاول طهران دق إسفين بين أوروبا وواشنطن عبر الانفتاح على التفاوض مع «الترويكا»، بهدف منع توافقهما ضدها.

إقليمياً، تراجع نفوذ «حماس» و«حزب الله» جعل طهران أكثر عرضة للضغوط، في وقت تخشى فيه العزلة الدولية إذا ما تصاعدت المواجهة مع المجتمع الدولي. كما أن ضيق هامش المناورة أمام إيران، نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية يجعل الحوار خياراً أقل تكلفة مقارنة بالتصعيد.

كما تعاني إيران أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات؛ مما يدفعها لخفض التوتر.