الرئيس الفرنسي يوظف اتصالاته لوقف فوري للحرب على لبنان

3 رسائل في اتصال ماكرون - بري وباريس تؤكد ثباتها في الـ«يونيفيل»

الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي يوظف اتصالاته لوقف فوري للحرب على لبنان

الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاته الهادفة لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، مشدداً أيضاً على ضرورة وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، مستهدفاً بكلامه بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأميركية، التي تتدفق أسلحتها على إسرائيل.

وتشمل مروحة اتصالات الرئيس الفرنسي الذي أعلن قبل أكثر من أسبوع عن الدعوة لمؤتمر دولي لدعم لبنان، مروحة واسعة من قادة الدول العربية وشركاء فرنسا الأوروبيين والولايات المتحدة وإسرائيل، علماً أن الملف اللبناني كان موضع بحث خلال قمة مجموعة الدول الأوروبية - المتوسطية الذي عقد في مدينة بافوس القبرصية.

وحتى اليوم، لم تتراجع باريس عن المبادرة الفرنسية - الأميركية الداعية إلى وقف مؤقت للعمليات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله»، ما يفسح مجال البحث في تفعيل القرار الدولي رقم 1701، وإجراء ترتيبات أمنية على الحدود، مع السعي إلى إيجاد حلول للخلافات الحدودية بين لبنان وإسرائيل.

دورية لقوات «يونيفيل» في بلدة مرجعيون جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، برزت ردة فعل ماكرون القوية إزاء استهداف عناصر قوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل)، وقال إن باريس «لن تسمح بتكرارها». وليس سراً أن مخاوف تراود السلطات الفرنسية العسكرية والمدنية من تعرض وحداتها المنتشرة في لبنان منذ عام 1978 للنيران الإسرائيلية. فبالإضافة إلى البيان الثلاثي (الفرنسي - الإسباني - الإيطالي)، أول من أمس، حول أمن الـ«يونيفيل»، واعتبار أن استهدافها يعني الدوس على القانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن، وقّعت باريس على البيان، الصادر ليل السبت - الأحد، عن مجموعة الأربعين التي تضم 36 دولة لها وحدات تعمل في إطار الـ«يونيفيل»، إضافة إلى 6 دول أخرى داعمة بأشكال مختلفة.

وجاء في البيان التشديد على الحاجة إلى «احترام وجود الـ(يونيفيل) ما يعني ضمان أمنها وسلامة أفرادها بشكل دائم».

كذلك نص البيان على «دعم الدور الذي تقوم به الـ(يونيفيل)، خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية، وبالنظر للتصعيد الحاصل في المنطقة».

ماكرون - بري

في إطار الاتصالات المكثفة، لا تنسى باريس التواصل المباشر مع المسؤولين اللبنانيين. فقد زار وزير خارجيتها جان نويل بارو، بيروت قبل جولة إقليمية ثانية قادته إلى عدة عواصم عربية وإسرائيل، ولكن من غير أن يذهب مجدداً إلى بيروت.

وفهم من مصادر مواكبة في باريس أن استثناء بيروت، مرده للتصلب الذي واجهه بارو في إسرائيل لجهة إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية.

ومن بين الاتصالات، يبرز اتصال ماكرون، السبت، برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي تلقى، بالتوازي، اتصالاً مطولاً دام 40 دقيقة من بلينكن.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة حيث صدر البيان الثلاثي (إ.ب.أ)

وترى باريس أن برّي يلعب اليوم «دوراً محورياً» بالنظر لكونه المكلّف «رسمياً» من «حزب الله» بالجانب السياسي، ولأنه الجهة القادرة على نقل الرسائل المباشرة إلى قيادة الحزب والتأثير عليها، خصوصاً بعد صدور البيان الثلاثي، وفيه مطلب وقف إطلاق النار والقبول بتطبيق القرار 1701، ما يعني عملياً أن «حزب الله» تخلى عن «جبهة الإسناد»، والربط بين الحرب في غزة والحرب في لبنان.

وبالنظر لأهمية اتصال ماكرون - بري، كونه وفر للرئيس الفرنسي صورة دقيقة عما يقبله «حزب الله» وما لا يقبله، فإن قصر الإليزيه أصدر بياناً مطولاً ضمَّنه عرضاً للاتصال، ولمجموعة الرسائل التي أراد ماكرون إيصالها إلى الجانب اللبناني والأطراف الأخرى.

3 رسائل

تتمثل الرسالة الأولى في التعبير عن «القلق إزاء تكثيف الضربات الإسرائيلية على لبنان ونتائجه المأساوية على المدنيين». وسبق لماكرون أن حذَّر من تحويل «لبنان إلى غزة جديدة»، وفق ما هدد به رئيس الوزراء الإسرائيلي الطرف اللبناني، وما عدَّه بارو «استفزازاً». وكان من الطبيعي أن يُعبّر ماكرون عن «التضامن مع اللبنانيين في هذه المحنة» مع التأكيد على «التزام فرنسا بضمان الحفاظ على سلامة لبنان وسيادته وأمنه، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701».

صورة للدمار الذي لحق بسوق مدينة النبطية جنوب لبنان بسبب ضربة جوية إسرائيلية (أ.ب)

والطريق إلى ذلك يمر من خلال «التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، واحترام جميع الأطراف للقرار المذكور لكل متطلباته، بمن فيهم (حزب الله) الذي يتعين عليه أن يوقف فوراً ضرباته ضد إسرائيل».

وعملياً، يقول البيان الرئاسي، إن لا «حزب الله» ولا إسرائيل احترما منطوق وروحية القرار الدولي، وإن قوة حفظ السلام الدولية لم تتمكن من القيام بالمهمة التي أوكلها إليها مجلس الأمن، والأمر نفسه ينطبق على الجيش اللبناني.

ولا شك أن تركيز الرئيس ميقاتي في الأسابيع الأخيرة على استعداد الحكومة لإرسال الجيش إلى كل مناطق الجنوب، ولتطبيق مضمون القرار الدولي، يراد منه أن يكون استجابة لما يشدد عليه الرئيس الفرنسي، ويراه شرطاً لا بد منه لوضع حد للحرب الدائرة راهناً.

وأكد ماكرون التزام باريس بأمرين؛ الأول: بقاء الوحدات الفرنسية المشكَّلة من 700 عنصر بجنوب لبنان في إطار الـ«يونيفيل».إذ تعي باريس أن سحب قوتها سيستتبعه انسحاب وحدات أخرى بالنظر لموقعها وأهميتها على الصعيد الدولي، وخصوصاً أنها كانت السّباقة، منذ سبعينات القرن الماضي، في الاستجابة لطلب الأمم المتحدة. والثاني: «تعبئة فرنسا في العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإلى حل دبلوماسي (للخلافات) على الخط الأزرق».

وتشدد رسالة ماكرون الثانية على ضرورة أن يعمل اللبنانيون من أجل «وحدة البلاد واستقرارها في هذه المرحلة الحرجة»، ما يستدعي، بحسبه، توافق الأطراف على «أجندة سياسية تشمل الجميع، وتقوم على انتخاب رئيس للجمهورية، الضامن للوحدة الوطنية».

وأكد ماكرون أن فرنسا «ستقف دائماً إلى جانب الذين يختارون هذه الطريق، كما أنها ستعمل على تعبئة اللجنة الخماسية (المشكَّلة، إلى جانب فرنسا، من الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر)».

وسبق لماكرون أن عيَّن وزير الخارجية الأسبق جان إيف لو دريان مبعوثاً شخصياً له إلى لبنان. لكن وساطته، وكذلك اجتماعات الخماسية، واتصالاته لم تفضِ إلى شيء بسبب تعقيدات الداخل وتأثيرات الخارج.

وأبرز محاولات ماكرون في الملف اللبناني تتمثل في المؤتمر الدولي الذي تنظمه وتستضيفه باريس يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ومن أجل إنجاحه يواصل ماكرون اتصالاته الخارجية.

وصول شحنة مساعدات طبية إلى مطار بيروت الدولي يوم 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

وإلى ذلك، تفيد الرسالة الثالثة بأن باريس «مواظبة على جهودها في إطار المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني وسيادة لبنان». ولمزيد من الإيضاح، جاء في بيان الإليزيه أن المؤتمر «سيوفر الفرصة لتعبئة الأسرة الدولية من أجل الاستجابة للحاجات الإنسانية للشعب اللبناني، وتوفير الدعم للقوات المسلحة اللبنانية، وقوى الأمن الداخلي التي سيكون دورها أساسياً بالنسبة لاستقرار البلاد».

ونقل عن بري تأكيده على الموقف الرسمي اللبناني الذي تبنته الحكومة اللبنانية الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار الأممي 1701، كما تطرق الاتصال إلى جهود باريس لعقد المؤتمر الدولي لدعم لبنان وتجاوز الأزمة الإنسانية الناجمة عن نزوح أكثر من مليون و200 ألف لبناني، وكيفية مساعدة لبنان على إغاثتهم.

هل تنجح جهود الرئيس الفرنسي؟ لا شك أن مؤتمر باريس سيوفر سقفاً من المساعدات للبنان. ولكن رغم أهميته، فإنه يبقى قاصراً على الاستجابة للحاجات المتزايدة الناتجة عن الدمار والنزوح.

أما بالنسبة لوقف إطلاق النار، فالطرف الفاعل ليست فرنسا. وبصراحة استثنائية، عبَّر وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو عن عجز بلاده في التأثير بالقرار الإسرائيلي، بقوله، في مقابلة إذاعية، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل لا تستجيب للنداءات والمطالب الأميركية فكيف لفرنسا أن تؤثر فيها؟


مقالات ذات صلة

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

تضاعفت معاناة اللبنانيين المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة بفعل النزوح، بعدما انتقلوا للعيش في مراكز الإيواء ومساكن مستأجرة.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)

«حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

«حزب الله» اللبناني استخدم نوعاً من الصواريخ استنسخته إيران من طراز إسرائيلي استولى عليه الحزب في حرب 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نتنياهو و«الليكود» يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو و«الليكود» يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

قالت مصادر في حزب «الليكود» الإسرائيلي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن الأخير يعتزم دفع وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، إلى التقاعد من الحزب والحد من إمكانية ترشحه للكنيست في الانتخابات المقبلة.

وأكدت المصادر لموقع «واللا» أن الحزب بدأ بمراقبة أنشطة وتصريحات غالانت ضد الحكومة، بهدف جمع الأدلة على أنه يتصرف بشكل مستقل؛ تمهيداً لفصله.

وبحسب المصادر، فإنه منذ إقالة غالانت مطلع الشهر الحالي، بدأ الليكود بمراقبة نشاطه في الكنيست، وتتبع حضوره وتصويته في الجلسة العامة، ووثق تصريحاته المناهضة لسياسة الحكومة، بهدف جمع الأدلة التي تثبت أنه يتصرف بشكل مستقل، ولا يخضع لقرارات الحكومة وإدارة الائتلاف، وهو ما يمهد لتقديم طلب للجنة الكنيست لإعلانه منشقاً عن الائتلاف. وإذا نجحت هذه الخطوة، فستتم معاقبته بمنع الترشح في الانتخابات المقبلة ضمن «الليكود» أو أي حزب آخر يخدم في الكنيست الحالي، إلا إذا استقال في الدورة الحالية.

إسرائيليون يحتجون على إدارة الحكومة الإسرائيلية للحرب في غزة بعد قرار «الجنائية الدولية» إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت الخميس الماضي (رويترز)

وقالت المصادر، إن نتنياهو يريد في نهاية المطاف أن يستقيل غالانت من الكنيست؛ خوفاً من أن يصوّت ضد الائتلاف في أصوات حاسمة.

وعادة، من أجل إعلان تقاعد عضو كنيست، وتحديد وضعه بوصفه «عضو كنيست منفرداً»، يجب على الكتلة التقدم بطلب إلى لجنة الكنيست، حيث يتم اتخاذ إجراءات شبه قضائية، تشمل وجوب تقديم الكتلة دليلاً على أن عضو الكنيست عمل ضد الحزب والائتلاف، قبل أن يُمنح عضو الكنيست المعني حق الدفاع عن نفسه أمام الاتهامات، وإذا تمت الموافقة على الطلب، فيُحظر على عضو الكنيست أن يكون جزءاً من أي حزب في الكنيست، ويتم وضع قيود عليه وعلى أنشطته. كما يمنع من الانضمام إلى الأحزاب الموجودة في الكنيست في الانتخابات المقبلة، ولن يتمكن من الترشح إلا بوصفه جزءاً من حزب جديد.

وفي السنوات الأخيرة، تم تفعيل الإجراء والموافقة عليه مرتين: في عام 2017، ضد أورلي ليفي أبياكسيس من حزب «يسرائيل بيتنا»، وفي عام 2022، ضد عميحاي شيكلي من حزب «يمينا»، بعد معارضته تشكيل حكومة بينيت لابيد، لكن بعد أشهر قليلة استقال شيكلي من الكنيست، ما أتاح له الترشح ضمن قائمة «الليكود» في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

صورة وزَّعها مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي تُظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (يمين) ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي (يسار) خلال إحاطة في ممر نتساريم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأقال نتنياهو غالانت من منصب وزير الدفاع، وعيَّن يسرائيل كاتس مكانه، مطلع الشهر الحالي؛ بسبب معارضته لقانون الإعفاء من التجنيد، وبناءً على طلب الفصائل الحريدية التي رأت فيه عقبة أمام الترويج للقانون.

وكان غالانت الذي يشغل منصب وزير الدفاع منذ تشكيل الحكومة، عضو الكنيست الوحيد في الائتلاف الذي عارض خطة التغيير القضائي، ما أدى في مارس (آذار) 2023 إلى محاولة نتنياهو إقالته، قبل أن يعدل عن ذلك تحت وقع الاحتجاجات الشعبية. وعلى الرغم من توتر العلاقة، فإن نتنياهو وغالانت خاضا حرب قطاع غزة معاً لأكثر من عام، لكن في الأشهر الأخيرة قرر نتنياهو إقالته بعد موقفه من قانون الإعفاء من التجنيد، وسلسلة من الصراعات الأخرى المتعلقة بسير الحرب، ومفاوضات التسوية، وعودة المختطفين، ورسم سياسة اليوم التالي للحرب على غزة، والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق حكومية.

ومنذ طرده من وزارة الدفاع، عاد غالانت للعمل بصفته عضو كنيست، لكنه ليس عضواً في أي لجنة نيابة عن «الليكود»، وحضر بعض المناقشات والتصويتات في الجلسة العامة، ولم يصوّت أبداً ضد الائتلاف حتى الآن. وظل غالانت ومساعدوه يقولون منذ إقالته إنه لا ينوي ترك «الليكود».

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال لقائه جنوداً في جباليا شمال غزة (أرشيفية - موقع الجيش الإسرائيلي)

وبحسب استطلاع أجرته قناة «نيوز 12»، هذا الأسبوع، سيحصل أي حزب قد يتزعمه غالانت على 8 مقاعد، لكن أنصاره لا يأتون من ناخبي «الليكود» أو الائتلاف، بل من ناخبي أحزاب المعارضة في اليمين والوسط.

ولم يصدر أي رد من حزب الليكود أو من غالانت، فوراً.

وخطة نتنياهو ضد غالانت في الكنيست، تأتي على الرغم من أنهما يواجهان معاً قراراً بالاعتقال أصدرته المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، بسبب جرائم حرب في قطاع غزة.

وقالت المحكمة الدولية في بيان إن لديها أسبابها المنطقية لاعتبار نتنياهو وغالانت شريكين في «جرائم ضد الإنسانية؛ هي جريمة التجويع بوصفها سلاحاً... وجرائم ضد الإنسانية مثل القتل»، وأكدت المحكمة أن «نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن توجيه هجوم متعمد ضد المدنيين».

وما زالت تل أبيب تدرس موقفها من قرار المحكمة، والتوجه بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، هو عدم تقديم ردّ على قرار الجنائية، وانتظار وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الحكم في 20 يناير (كانون الثاني). ويوجد أمام إسرائيل حتى الأربعاء المقبل، قبل أن تقرر إذا ما كانت سترد أو لا، خياران: الأول هو إبلاغ المحكمة أنها سترد، وإذا ما قررت ذلك فسيكون لديها كل الوقت حتى تصيغ هذا الرد، والخيار الآخر هو تجاهل قرار المحكمة. ولا يمكن الاستئناف ضدّ مذكرتي الاعتقال، ولكن الرد قد يساعد في الحدّ من توسيع الإجراءات القضائية التي تتخذها المحكمة.

وقال موقع «واي نت» إن التوجه هو عدم الرد. لكن قناة «كان» العبرية، عبرت، السبت، عن مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وقالت «كان» إن المخاوف تدور بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن تشكيل لجنة تحقيق حكومية كان من الممكن أن يمنع صدور مذكرات الاعتقال الدولية.

ووفقاً للتقديرات في إسرائيل، سيكون من الصعب للغاية التراجع عن القرار بشأن مذكرات الاعتقال في هذه المرحلة، حتى إنشاء لجنة تحقيق رسمية، لن يؤدي إلى إلغائها. كما تتخوف إسرائيل من أن تتخذ دول عدة خطوات لحظر إمدادها بالسلاح، وقد تلجأ بعض الدول لتنفيذ ذلك بطريقة غير علنية من خلال وقف تراخيص شحنات نقل الأسلحة أو تأخيرها.

وأكدت «كان» أن إسرائيل تدرس الخطوات الممكن اتخاذها ضد قرار الجنائية الدولية، وهي خطوات سياسية، وليست خطوات قانونية، على سبيل المثال، توضيح أنه لا توجد سلطة للمحكمة الجنائية، أو الإعلان أن إسرائيل لديها سلطات تحقيق وتنفيذ مستقلة يجب الثقة بها، كما أنها ستعتمد على إدارة ترمب للتصرف ضد المحكمة.