مساعٍ إقليمية لمنع إسرائيل من استهداف النفط الإيراني

«الحرس الثوري» يقول إنه سيرد بآلاف الصواريخ

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال العرض السنوي جنوب طهران (أ.ب)
أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال العرض السنوي جنوب طهران (أ.ب)
TT

مساعٍ إقليمية لمنع إسرائيل من استهداف النفط الإيراني

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال العرض السنوي جنوب طهران (أ.ب)
أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال العرض السنوي جنوب طهران (أ.ب)

بالتزامن مع جولة وزير الخارجية الإيرانية في الخليج العربي، تتحدث مصادر عن محاولات لمنع إسرائيل من ضرب منابع الطاقة في إيران، فيما لوح «الحرس الثوري» بتجهيز «آلاف الصواريخ لإطلاقها نحو تل أبيب».

وقالت ثلاثة مصادر إن دولاً خليجية تضغط على واشنطن لمنع إسرائيل من مهاجمة حقول النفط الإيرانية.

ونقلت المصادر، وفقاً لـ«رويترز»، أن هذه الضغوط تأتي «انطلاقاً من القلق من أن تتعرض منشآتها النفطية لإطلاق نار من جماعات متحالفة مع طهران إذا تصاعد الصراع».

وتتزامن هذه المحاولات مع جولة أجراها وزير الخارجية الإيراني في المنطقة؛ لمحاولة تجنب رد إسرائيلي على بلاده.

وبعد 10 أيام على الهجوم الصاروخي الإيراني على تل أبيب، وتبادل الطرفين تهديدات بشأن الرد، تعتزم الحكومة الإسرائيلية «مناقشة مكان الرد وموعده».

وحث بايدن إسرائيل، الأسبوع الماضي، على تجنب استهداف المنشآت النفطية أو النووية الإيرانية.

جولة عراقجي

كان عراقجي قد بحث «مستجدات المنطقة» مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض، الأربعاء، بعد لقائه مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وانتقل عراقجي إلى قطر وسلطنة وعمان لمشاورات بشأن الحرب في لبنان وغزة، وقال إن بلاده «لا تسعى إلى التصعيد، لكنها مستعدة لأي سيناريو».

والتقى عراقجي مع وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة. وقال بيان إيراني إن الجانبين بحثا «معاناة الشعب الفلسطيني واللبناني، وسبل وقف جرائم الكيان الصهيوني».

وكتب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي على «إكس»، أن عراقجي والشيخ محمد الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الوزراء القطري، أجريا «مشاورات مهمة» بشأن «الوضع الإقليمي والعلاقات الثنائية».

وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال استقباله عراقجي في الدوحة (الخارجية الإيرانية)

وأضاف بقائي أن «على جميع دول المنطقة أن تبذل قصارى جهودها لتجنيب المنطقة كارثة مفروضة من خلال وقف الإبادة الجماعية في غزة، وإنهاء عدوان كيان الاحتلال على لبنان».

والأسبوع الماضي، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قطر، حيث أكد أن بلاده «لا تتطلع» إلى الحرب، لكنه تعهد في الوقت نفسه برد «أقسى» إذا ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني.

وأكد عراقجي، في تصريحات صحافية، نقلتها وكالة «مهر» الحكومية، أن «مكانة السعودية بارزة في المنطقة، وأن بلاده تتشاور معها بشأن وقف الحرب».

وتابع الوزير الإيراني: «القنوات الدبلوماسية مفتوحة مع أميركا عبر دول أخرى، ونتبادل وجهات النظر بشكل غير مباشر».

وفي وقت متأخر من ليل الأربعاء، قال عراقجي: «لن نتخلى عن المقاومة، مع أننا لا نريد الحرب ولا التصعيد (...) بإمكان الإسرائيليين اختبار إرادتنا».

«سنرى وندرس الرد»

وبشأن تحضيرات إسرائيل للرد على إيران، أوضح عراقجي: «سنرى كيف سيكون الهجوم، وبناء عليه سنحدد طبيعة ردنا التي سندرسها بكل دقة».

وتابع عراقجي: «إيران ليست الوحيدة التي لا تريد حرباً واسعة... الجميع يعرف كارثية هذه الحرب». لكن الوزير الإيراني قال إن «دعم إيران لمحور المقاومة لن يقتصر على الدعم السياسي والدبلوماسي، بل ستقدم أي شيء ضروري مهما كان».

وكان مساعد قائد «الحرس الثوري» الإيراني، قد قال إن «إيران مستعدة وجاهزة لإطلاق آلاف الصواريخ نحو إسرائيل، لو تعرضت إلى هجوم منها».

مناورات إيرانية عمانية في السلطنة (مهر)

بالتزامن، أجرت القوات البرية الإيرانية والجيش العماني مناورات مشتركة بحضور قوات الرد السريع من البلدين.

وقال العميد كيومرث حيدري، قائد القوات البرية للجيش الإيراني: «بناء على طلب ودعوة الجيش العماني، أجريت أول مناورة مشتركة للقوات البرية للتعامل مع الإرهاب في المنطقة وخلق الأمن المستقر وحرب المدن، وتبادل ونقل الخبرات بين البلدين على شكل تكتيكات ليلية ونهارية في سلطنة عمان»، وفقاً لما نقلته وكالة «مهر».


مقالات ذات صلة

لعنة «حي المزة» تلاحق المدنيين السوريين

المشرق العربي تجمع المدنيين في موقع غارة إسرائيلية على مبنى سكني يتردد إليه أعضاء من الحرس الثوري و«حزب الله» في المزة بدمشق 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

لعنة «حي المزة» تلاحق المدنيين السوريين

يدفع المدنيون في حي المزة الدمشقي ضريبة وجود مستشارين إيرانيين وقيادات «حزب الله» من أرواحهم وممتلكاتهم، وفي أغلب الأحيان تكشف لهم ضربة إسرائيلية هوية الغرباء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية خامنئي يتحدث إلى قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال نوفمبر الماضي (موقع المرشد)

تلويح إيراني بالردع... «سلاح نووي» وأكثر

لوّحت إيران بتغيير عقيدتها نحو إنتاج السلاح النووي، وحذرت بأن «حزب الله» اللبناني بإمكانه تهديد حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين بطهران في 29 سبتمبر الماضي (التلفزيون الرسمي)

«الحرس الثوري»: قاآني سيظهر قريباً

قدمت إيران تلميحاً حول مصير قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، بعدما قالت إن المرشد علي خامنئي سيقلده قريباً ما يُعرف بـ«وسام النصر».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شُوهدت من عسقلان (رويترز)

«الحرس الثوري»: أطلقنا الصواريخ على إسرائيل بعد هجوم سيبراني

قدّم مسؤول بارز في «الحرس الثوري» رواية جديدة عن الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بمساعدة إيران أراد أن يكون «عميلاً مزدوجاً»

كشف ممثلو الادعاء أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، أن جندياً بريطانياً سابقاً نقل معلومات حساسة إلى أشخاص على صلة بـ«الحرس الثوري الإيراني» ثم فر لاحقاً من السجن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرد الإسرائيلي على إيران «قاس ويمكن ابتلاعه»

نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
TT

الرد الإسرائيلي على إيران «قاس ويمكن ابتلاعه»

نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)

رغم التصنع الذي خيم على المكالمة الهاتفية التي جمعتهما، الأربعاء، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن اتفقا على ترك قرار مهاجمة إيران لأجهزة الأمن في البلدين، إلى جانب «مبادئ أساسية» بشأن التصعيد في لبنان وغزة.

وكُشف في تل أبيب، الخميس، عن أجواء المكالمة بين الرجلين، حيث اختلفا حول عدد غير قليل من القضايا، بعد قطيعة دامت نحو شهر ونصف شهر.

وكان البيت الأبيض قد صرح بأن المكالمة دامت 30 دقيقة، بعد أن أعلن الإسرائيليون أنها استمرت 50 دقيقة، في إشارة هامشية على الخلافات بين الطرفين.

وتفاهم نتنياهو وبايدن على «تكليف أجهزة الأمن في البلدين بتحديد طابع الرد الإسرائيلي على الهجمة الصاروخية الإيرانية»، وأقرا عدداً من «المبادئ والأسس» لهذا الرد.

أهم هذه المبادئ أن يكون ضرب إيران محسوباً؛ حتى تستطيع الولايات المتحدة العمل على مساعدة طهران في ابتلاع الضربة دون الرد عليها.

كما جرى الاتفاق على أن تواصل واشنطن دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في لبنان ضد «حزب الله»، بما في ذلك الاجتياح البري، بشرط ألا يتحول إلى احتلال، أو أن يكون لبنان غزة ثانية.

وفي مقابل مواصلة الولايات المتحدة جهودها لإبرام صفقة شاملة لوقف النار على كل الجبهات وإبرام صفقة تبادل أسرى دفعة واحدة وليس على مراحل، تلتزم إسرائيل بتوضيح خطتها لليوم التالي في لبنان، وكذلك بمواصلة المساعدات الإنسانية في غزة.

صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء

بايدن مجبر على نتنياهو

لكن الإعلام في إسرائيل يؤكد أيضاً أن بايدن توجه إلى هذه المكالمة مجبراً، بعد قطيعة مع نتنياهو منذ شهر ونصف شهر.

وقد أقدم بايدن على مهاتفة نتنياهو بعد نحو 24 ساعة من وضع الأخير شروطاً قبل الموافقة على زيارة وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى واشنطن؛ لضمان الحصول على دعم أميركي للرد الإسرائيلي المتوقع على إيران.

ومن أسباب رضوخ بايدن لإملاءات نتنياهو، في إجراء المكالمة أولاً، أنه لم يرغب في أن ينفلت رئيس الوزراء الإسرائيلي فيضرب إيران بشكل غير مدروس، وترد إيران بقوة فتضطر أميركا إلى الانجرار.

إلا أن هناك سبباً آخر، فقد كان بايدن على موعد مع قيادات يهودية بشأن الانتخابات. وتوقع أن يطرح قسم منهم موضوع امتناع الرئيس عن مكالمة نتنياهو، ولم يرد أن يشوب هذا الاجتماع أي طابع سلبي. بالفعل، عقد هذا الاجتماع وراح بايدن يوضح لليهود الأميركيين كم كانت المكالمة إيجابية، وما هي المحاذير الأميركية التي تصب في مصلحة إسرائيل وأمنها وتعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة.

وذكرت «القناة الـ12» الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر إسرائيلي مطلع، أن «المكالمة جرت في أجواء إيجابية، بشأن شروط الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني».

وذكرت «القناة الـ13» أن الرسالة التي نقلها الجانب الأميركي لإسرائيل هي ألا تهاجم المنشآت النووية والنفطية في إيران، ولفتت القناة إلى تقديرات تشير إلى أن «الرد الإسرائيلي سيحدث فقط بعد مرور (يوم الغفران) الذي يصادف يوم السبت القريب.

ونقلت القناة عن مصادر إسرائيلية أن تل أبيب مستعدة لوقف إطلاق النار في لبنان، بشرط الالتزام بتطبيق القرار 1701، بالإضافة إلى «شروط إضافية تضمن منع (حزب الله) من الاقتراب من المنطقة الحدودية» في جنوب لبنان.

وبحسب التقارير، فإن إسرائيل تواصل استعداداتها للرد على الهجوم الإيراني في مداولات أمنية مكثفة يعقدها نتنياهو بمشاركة كبار الوزراء في الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية.

وكان نتنياهو قد استدعى الوزراء إلى مشاورات أمنية مغلقة في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مساء الأربعاء، استمرت نحو خمس ساعات.

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

أزمة ثقة

وحذر خبراء عسكريون مقربون من قيادة الجيش الإسرائيلي من أن ينكث نتنياهو وعوده للرئيس الأميركي، وأشاروا إلى «مشكلة ثقة كبيرة بين الطرفين يمكن أن تفجر الخلافات بشكل كبير، عندما يبدأ الرد الإسرائيلي».

وكتب يوآف ليمور، المراسل العسكري لصحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، أن «النجاحات في الأسابيع الأخيرة في الحرب في الشمال وحالة النشوة المبالغ فيها في المستوى السياسي، دفعت كثيرين للتفكير بأن (حزب الله) قد هزم. وهذا خطأ، بالطبع».

وتابع ليمور: «صحيح أن منظمة الإرهاب تلقت ضربات قاسية لكنها لم تنكسر. (حزب الله) يجد صعوبة كبيرة في أن يخرج خطته الحربية إلى حيز التنفيذ، لكنه لا يزال قادراً على أن يلحق بإسرائيل خسائر وأضرار، كما شهدنا أخيراً في الهجوم الذي قتل فيه مواطنان في كريات شمونة».

وقال ليمور إن «على القيادة الإسرائيلية أن تأخذ في الحسبان ليس فقط اعتبارات الردع، بل أيضاً الرد الإيراني المحتمل الذي من شأنه أن يجرنا إلى حرب استنزاف، وأن تأخذ بالاعتبار الموقف الأميركي الذي تحتاج إسرائيل إلى دعمه في أثناء الهجوم (في المجال الجوي والاستخباري) وبعده (في الساحة الدبلوماسية)، وبالطبع في مسألة الذخائر التي ستلقى أهمية إذا ما علقت إسرائيل في معركة تلزمها بتعميق أعمالها في إيران».

وقال الجنرال عمر بار ليف، وزير الأمن الداخلي السابق، إن «هناك شبه إجماع في الأوساط العسكرية على أن إلحاق ضرر ذي مغزى بالقدرة النووية لإيران يتطلب تعاوناً وثيقاً مع الولايات المتحدة»، لكنه أشار إلى أن مثل هذا التعاون «غير ممكن مع اقتراب الانتخابات الأميركية، وقد يكون ممكناً بعدها».

وتابع بار ليف: «لقد شهد النظام في طهران قوة إسرائيل العسكرية في الدفاع، وذاق مرارة قدرتها الهجومية في غزة ولبنان واليمن، حيث تجتث إسرائيل أذرع إيران الطويلة (...) على إسرائيل أن تنظر إلى الأمام، إلى التهديد الحقيقي».