بالتفاصيل... مخطط منسوب لإيران لضرب هدف يهودي في اليونان

شملت الوثائق تفاصيل محادثات عبر «واتساب» لمناقشة كيفية تنفيذ الهجوم

مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
TT

بالتفاصيل... مخطط منسوب لإيران لضرب هدف يهودي في اليونان

مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الصراع بين إيران وإسرائيل، يساور الغرب قلق من أن تعمد طهران إلى تنفيذ موجة من محاولات القتل والخطف في أوروبا والولايات المتحدة.

فقد أعلنت واشنطن وحلفاء لها تسجيل ارتفاع حاد في مثل هذه المخططات التي ارتبطت باسم إيران في السنوات القليلة الماضية. وخلصت وكالة «رويترز» للأنباء، من خلال فحص وثائق قضائية وتتبع تصريحات مسؤولين حكوميين، إلى أنه منذ 2020 هناك ما لا يقل عن 33 محاولة اغتيال أو خطف في الغرب تزعم سلطات الدول التي وقعت بها أو السلطات الإسرائيلية ارتباطها بإيران.

ومن بين الأهداف المزعومة في الآونة الأخيرة مبنى يضم مركزاً يهودياً ومطعماً يقدم وجبات تتوافق مع القواعد اليهودية الخاصة بالغذاء (كوشر) في وسط أثينا.

وزعم محققون في وثائق قُدمت إلى السلطات القضائية بهذا الخصوص واطلعت عليها «رويترز» أن باكستانياً في إيران يدعى سيد فخر عباس جنّد أحد معارفه القدامى الذين يعيشون في اليونان وأصدر له توجيهات بمهاجمة الموقع. وأبلغه عباس بأنه يعمل لصالح مجموعة ستدفع نحو 15 ألف يورو (نحو 16.5 ألف دولار) عن كل قتيل يسقط.

«مجرد كلام وليس أفعالاً»

وشملت الوثائق تفاصيل محادثات عبر تطبيق «واتساب»، في يناير (كانون الثاني) 2023، ناقش فيها الطرفان ما إذا كان الهجوم سيُنفذ بمتفجرات أو إضرام نيران. وشدّد عباس على ضرورة تقديم دليل على كل حالة قتل أو إصابة بعد التنفيذ. وقال إن «هناك أجهزة مخابرات» مشاركة في الأمر، لكنه لم يذكر أسماءها. وأمره بالقول «نفذ المهمة بطريقة لا تدع أي مجال لشكواهم (أجهزة المخابرات)».

وتتضمن الوثائق، التي لم يسبق النشر عنها، أدلة مفصّلة في مئات الصفحات جُمعت في أثناء تحقيق اليونان قبل إحالة الأمر للقضاء، وشملت أقوال شهود وبيانات أصدرتها الشرطة وتفاصيل رسائل «واتساب». والهدف من هذه الأدلة هو إظهار كيفية إعداد عباس للمجند المزعوم، وهو باكستاني أيضاً ممشوق القوام يدعى سيد ارتضاء حيدر، وكانت محادثاتهما تتناول أموراً عن الحياة في باكستان والتخطيط لهجمات.

واعتقلت السلطات اليونانية حيدر وباكستانياً آخر العام الماضي، قائلة إن الشرطة ساعدت في تفكيك شبكة إرهابية تتلقى توجيهات من الخارج تهدف إلى إيقاع «خسائر بشرية». ويواجه المعتقلان اتهامات ترتبط بالإرهاب. وينفي كلاهما ارتكاب أي مخالفات.

ويدفع حيدر ببراءته. وكان قد أُطلق سراحه من الحبس الاحتياطي في ربيع العام الحالي مع فرض قيود عليه. وقال الشاب البالغ من العمر 28 عاماً، لـ«رويترز»، في مقابلة، إنه أرسل لعباس صوراً للمبنى لكنه تعمّد المماطلة في تنفيذ أي هجوم على أمل اقتناص أي أموال دون إيذاء أحد.

وأضاف: «لم يتخطَّ الأمر مجرد الكلام، ولم يكن هناك فعل». وقال محاميه زكريا كيسيس إن حيدر «لم ينخرط بشكل فعلي» في أي نشاط غير قانوني.

نفي إيراني

يواجه زعيم الشبكة المزعوم عباس أيضاً اتهامات تتعلق بالإرهاب. وقال مسؤول في الشرطة الباكستانية إنه مطلوب في باكستان للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل. ولا يزال عباس مطلق السراح ولم يتسنَّ التواصل معه للحصول على تعقيب. كما لم يتسنَّ التواصل مع المشتبه به الثالث. وقال إيراكليس ستافاريس، المحامي الذي مثّل عباس عندما وُجّهت إليه التهم، إنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.

ورفضت الشرطة اليونانية التعليق. وأفاد محامي حيدر بأن القضية تنتظر قراراً من السلطات القضائية بشأن ما إذا كان ينبغي المُضي قدماً في المحاكمة.

ويقول جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، الذي أسهم في التحقيق اليوناني، إن مخطط الهجوم من تدبير طهران في إطار شبكة متعددة الجنسيات تعمل انطلاقاً من إيران. ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق على القضية أو على أنشطة أخرى للموساد.

وتنفي إيران زعم الموساد. غير أن التفاصيل في مخططات التنفيذ قريبة منها في بعض مخططات أخرى منسوبة لطهران. ومن هذه التفاصيل، نوع الهدف، وهو المدنيون الإسرائيليون أو اليهود، والاستعانة بغير إيرانيين في التنفيذ. وتوصلت «رويترز» إلى أن هناك حالتين أخريين على الأقل يُزعم أنهما شملتا مواطنين باكستانيين أيضاً.


مقالات ذات صلة

عراقجي: وزير الخارجية العماني لم ينقل رسالة أميركية

شؤون إقليمية عراقجي ونظيره العماني بدر البوسعيدي خلال مؤتمر صحافي في طهران الاثنين (أ.ف.ب)

عراقجي: وزير الخارجية العماني لم ينقل رسالة أميركية

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن نظيره العماني بدر البوسعيدي لم يزر طهران بهدف تبادل الرسائل مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وسط نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ووزير الخارجية عباس عراقجي (الرئاسة الإيرانية)

تحليل إخباري لماذا يُعدّ 2025 عاماً مهماً للقضية النووية الإيرانية؟

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن عام 2025 سيكون عاماً حاسماً لملف بلاده النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة تظهر آثار الانفجار في مبنى دار الضيافة التابع لمعسكر «الإمام علي» في شمال طهران (شبكات التواصل)

اغتيال هنية... كيف تم اختراق الحصن الإيراني؟

بعد أيام من تبني اغتيال هنية، أكد مسؤولون إسرائيليون أن رئيس حركة «حماس» اغتيل بعبوة ناسفة وضعت في غرفته في المجمع الأكثر حراسة في طهران.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي play-circle 01:48

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز) play-circle 03:14

إسرائيل لرد رابع أوسع في اليمن... قد يشمل اغتيالات

تخطط إسرائيل لشن هجوم أعنف من الهجمات السابقة وتعمل شعبة الاستخبارات على توسيع بنك الأهداف

كفاح زبون (رام الله)

واشنطن تبحث مع إسرائيل إيجاد بديل لزيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين

حافلة الصليب الأحمر تصل إلى سجن عوفر العسكري قبل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق مع «حماس» 25 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
حافلة الصليب الأحمر تصل إلى سجن عوفر العسكري قبل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق مع «حماس» 25 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تبحث مع إسرائيل إيجاد بديل لزيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين

حافلة الصليب الأحمر تصل إلى سجن عوفر العسكري قبل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق مع «حماس» 25 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
حافلة الصليب الأحمر تصل إلى سجن عوفر العسكري قبل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق مع «حماس» 25 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

كشفت الحكومة الإسرائيلية عن محادثات تجريها مع الولايات المتحدة حول زيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين، وإمكانية إيجاد بدائل عنها. وقال ممثل نيابة الدولة في محكمة تل أبيب، إن مسؤولين إسرائيليين يجرون اتصالات مع واشنطن، حول ضلوع الولايات المتحدة في شكل زيارات الأسرى الفلسطينيين بدلاً من زيارات الصليب الأحمر.

وذكرت أن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، بعثا برسالة جوابية إلى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع، لويد أوستن، وتم الاتفاق فيها «مبدئياً» على نظام بديل لزيارات الصليب الأحمر، بحيث يقوم بالزيارات قاض إسرائيلي ومراقبون أجانب.

حافلة للصليب الأحمر تحمل أسرى فلسطينيين مفرجاً عنهم من السجون الإسرائيلية 26 نوفمبر 2023 (رويترز)

وكانت أربع منظمات حقوقية في إسرائيل قدمت التماساً إلى محكمة العدل العليا في فبراير (شباط) الماضي، تطالب فيه بالسماح بزيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتسليم معلومات حولهم، وقدّمت النيابة العامة للمحكمة، هذا الأسبوع، طلباً للمرة السادسة بتأجيل النظر في الالتماس بادعاء أن عليها استنفاد اتصالات مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص. كما طلبت الحكومة الإسرائيلية للمرة الـ16 تأجيل موعد تقديم موقفها الرسمي النهائي من هذا الالتماس بادعاء أن اتصالات جارية مع واشنطن حول نظام زيارات بديل. وزعمت أن هذا الموقف ناجم عن حسابات المستوى السياسي «النابعة من أسباب أمنية وسياسية بالغة الأهمية، التي لا يمكن إعطاء تفاصيل حولها».

وأوقفت إسرائيل زيارات الصليب الأحمر للأسرى الفلسطينيين في بداية الحرب على غزة، كما توقفت عن نقل معلومات عنهم وعن أوضاعهم. ولم تنظر المحكمة العليا حتى الآن في الالتماس الذي قدمته أربع منظمات حقوقية إسرائيلية، في فبراير، وتقرر عقد جلسة المحكمة الأسبوع المقبل، لكن الحكومة طلبت تأجيلها إلى مارس (آذار) المقبل.

وطلبت الحكومة من المحكمة تقديم وثيقة تتضمن تفاصيل سرية لتبرير التأجيل بحضور طرف واحد، بعد أن أبلغت المحكمة، الشهر الماضي، بأن مسؤولين إسرائيليين يجرون اتصالات مع الإدارة الأميركية حول ضلوع الولايات المتحدة في شكل زيارات الأسرى الفلسطينيين بدلاً من زيارات الصليب الأحمر.

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)

وجاء في الالتماس، الذي قدمه كل من جمعية حقوق المواطن، وأطباء من أجل حقوق الإنسان، والمركز للدفاع عن الفرد، ومنظمة «مسلك»، أنه بموجب القانون الدولي، فإن على إسرائيل أن تطبق التزاماتها تجاه قوانين الحرب حتى لو لم يطبقها الطرف الآخر، أي «حركة حماس».

وأكدت المديرة العامة للمنظمة الحقوقية الإسرائيلية «المركز للدفاع عن الفرد»، جسيكا مونتال، أنه «اختفت آثار مئات الأشخاص بعد أن احتجزهم جنود. فإما أن الجيش يرفض تزويد معلومات في هذه الحالات، وإما أن الأخطر من ذلك هو أن الجنود لا يوثقون أبداً التعامل مع السكان المدنيين». وأضافت أن «(المركز للدفاع عن الفرد) قدّم عشرات الحالات إلى المحكمة العليا، التي رفضت أي نقد قضائي. وعملياً، المحكمة العليا تشكل ختماً مطاطياً لأي إعلان للجيش ومصلحة السجون في هذه الحالات».

وشدّدت مونتال على أن «حقيقة أنه ليس هناك من يطالب أجهزة الأمن بالتوقف عن هذه الممارسات، وخلافاً للوضع الذي كان سائداً في حروب سابقة، فإن ذلك يؤدي إلى وضع لا يوجد فيه قانون ولا قضاء بما يتعلق بمعتقلين يختفون ولا يعودون، ويؤدي ذلك لانتهاكات قانونية خطيرة».

وقدّم مواطنون فلسطينيون ومنظمات حقوقية، في الأشهر الأخيرة، 27 التماساً يطالبون فيها بالكشف عن مصير المفقودين، ورفضت المحكمة معظم الالتماسات، لكن في حالات معدودة أجرى الجيش الإسرائيلي تدقيقاً مجدداً، وأعلن أن معتقلين ادعى في البداية أنه لا معلومات لديه حيالهم، محتجزون في سجون إسرائيلية أو أنهم ماتوا.