زعيم المعارضة التركية يتحدى: الانتخابات المبكرة ستنتهي بهزيمة إردوغان

الرئيس أطلق عملية تجديد حزبه... والبرلمان يمتنع عن عقد جلسة ثانية بشأن أتالاي

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
TT

زعيم المعارضة التركية يتحدى: الانتخابات المبكرة ستنتهي بهزيمة إردوغان

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

واصل زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل ضغوطه من أجل التوجه إلى انتخابات مبكرة، وتحدى أن يفوز الرئيس رجب طيب إردوغان حال ترشحه فيها. في الوقت ذاته، أعطى إردوغان إشارة البدء لعقد المؤتمر العام العادي الثامن لحزب «العدالة والتنمية» المقرر في مايو (أيار) 2025، وإجراء مؤتمرات المقاطعات، بدءاً من الأربعاء، مع توجه إلى تغيير 50 في المائة من هياكل الحزب والاعتماد على كوادر شابة.

وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية،: «أرى أنه من الصحي للديمقراطية التركية أن يصبح إردوغان مرشحاً للرئاسة في الانتخابات المبكرة، وأن يكمل هذه العملية بهزيمته». وأضاف: «حزب (الشعب الجمهوري)، الحزب الأول في تركيا حالياً، لا يتردد في خوض انتخابات مبكرة يترشح فيها إردوغان؛ لأن هذه العملية ستنتهي بهزيمته».

مصافحة بين إردوغان وأوزيل خلال افتتاح العام القضائي الجديد الاثنين (الرئاسة التركية)

المعارضة تتمسك بالانتخابات المبكرة

ولفت إلى أن «هناك طريقتين لإجراء الانتخابات في تركيا اليوم؛ الأولى أن يدعو إردوغان بنفسه لإجراء الانتخابات، وهنا لا يحق له الترشح مرة أخرى، وفقاً للدستور، والثانية أن يدعو البرلمان بموافقة 3 أخماس أعضائه (360 نائباً) إلى تجديد الانتخابات، وهنا يحق لإردوغان الترشح للمرة الأخيرة.

وقال أوزيل: «دعونا نطرح الأمر على صناديق الاقتراع في ربيع عام 2026 أو في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل 2025، نحن بحاجة إلى هزيمة إردوغان وبدء عملية تنمية جديدة».

ويضغط أوزيل، الذي نجح في قيادة حزبه إلى الفوز بالانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، متفوقاً على حزب «العدالة والتنمية» الحاكم للمرة الأولى منذ 22 عاماً، للتوجه إلى الانتخابات المبكرة، استناداً إلى الأزمة التي يعانيها الاقتصاد وشكوى مختلف قطاعات الشعب من صعوبة المعيشة، مع عجز الحكومة عن إيجاد حلول حاسمة لهذه المعاناة.

وفي إشارة إلى هدف حزب «الشعب الجمهوري» المتمثل في العودة إلى النظام البرلماني، بدلاً من النظام الرئاسي الذي أقر عام 2018، قال أوزيل: «تركيا بحاجة إلى توافق في الآراء... 70 في المائة من الشعب غير راضين عن نظام الإدارة (النظام الرئاسي)، لكن هل هناك حاجة إلى دستور؟ أعتقد أن هناك حاجة لذلك، في الواقع، نحن جميعاً نريد دستوراً جديداً لتركيا، إردوغان يريده أكثر منا».

وفيما يعد تأكيداً لعدم انضمام حزبه إلى التحضيرات للدستور الجديد الذي يعتزم حزب «العدالة والتنمية» إطلاقها قريباً، قال أوزيل إن إردوغان ألغى الشروط اللازمة لوضع دستور جديد... أولا، يجب الالتزام بالدستور الحالي بالكامل، هذا أمر سهل للغاية، لكنه صعب للغاية بالنسبة لإردوغان».

إردوغان أعطى إشارة البدء في تجديد كوادر «العدالة والتنمية» (الرئاسة التركية)

تغييرات في حزب إردوغان

في المقابل، وقّع إردوغان قراراً سيأخذ حزب «العدالة والتنمية» إلى المؤتمر العام العادي الثامن لحزب «العدالة والتنمية» في مايو 2025. وبموجب القرار الذي وقعه إردوغان، خلال اجتماع مجلس القرار المركزي للحزب ليل الثلاثاء - الأربعاء، بدأ جدول مؤتمرات حزب «العدالة والتنمية» بدءاً من الأربعاء، وستعقد المؤتمرات الأولى في البلدات والمناطق بدءاً من 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويتم الانتهاء منها بحلول نهاية أبريل (نيسان) المقبل.

وعلق إردوغان خلال الاجتماع على مناقشات التغيير في الحزب، قائلاً: «سيحدث ذلك وفقاً للتقويم والأساس الذي حددناه، وستكون هناك تغييرات كبيرة في كل من إدارات المقاطعات والمناطق وإدارة الحزب خلال المؤتمرات». وبحسب مصادر الحزب، سيقوم إردوغان بإجراء تغييرات واسعة في هياكل الحزب، وسيكون نصفها أو أكثر من الشباب، وسيظهر ذلك في المؤتمر العام، وسيجدد الحزب نفسه استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 2028.

صورة للنائب السجين جان أتالاي يرفعها زملاؤه في حزب «العمال التركي» على مقعده الخالي بالبرلمان (حساب الحزب على إكس)

قضية جان أتالاي

على صعيد آخر، قدم حزب «الشعب الجمهوري» طلباً جديداً إلى البرلمان لعقد جلسة استثنائية أخرى في 10 سبتمبر (أيلول) الحالي لمناقشة قضية نائب حزب «العمال التركي» المعارض السجين، جان أتالاي، الذي جرده البرلمان من مقعده العام الماضي، بسبب إدانته في قضية «غيرزي بارك»، والحكم بسجنه 18 سنة.

وقال الحزب، في طلبه الذي قدمه للبرلمان، إن الأحداث التي شهدتها الجلسة الاستثنائية التي عقدها البرلمان في 16 أغسطس (آب) الماضي، لمناقشة تنفيذ قرار المحكمة الدستورية الذي رأى أن حقوق أتالاي، الذي أعيد انتخابه نائباً عن مدينة هطاي (جنوب تركيا) في انتخابات مايو 2023 وهو داخل السجن، انتهكت، وأن تجريده من مقعده يعد «ملغى» و«باطلاً»، لم تتح الفرصة لمناقشة الموضوع.

وشهد البرلمان أحداثاً دامية، خلال الجلسة الاستثنائية في أغسطس، بسبب اعتداء نائب حزب «العدالة والتنمية»، عن مدينة إزمير (غرب)، ألباي أوزالان، على نواب المعارضة، ما أدى إلى إصابة نائب بحزب «الشعب الجمهوري» ونائبة من حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، المؤيد للأكراد.

الجلسة الاستثنائية للبرلمان في أغسطس الماضي لمناقشة قضية جان أتالاي تحولت إلى ساحة معركة (أ.ف.ب)

وعقب تقديم حزب «الشعب الجمهوري» طلبه، الثلاثاء، قال رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، إنه «لا يمكن طلب عقد اجتماع استثنائي للمرة الثانية بشأن القضية ذاتها».

وردّ حزب «الشعب الجمهوري» بأنه لا يوجد بند في اللائحة الداخلية للبرلمان تنص على أنه لا يمكن الدعوة إلى اجتماع استثنائي للمرة الثانية حول القضية نفسها، وأن تصريح رئيس البرلمان يعني «إنشاء قاعدة تنظيمية داخلية جديدة».

بدوره، قال وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، إن هناك قراراً نهائياً بسجن أتالاي أيدته محكمة الاستئناف العليا، ولا يستطيع البرلمان أن بفعل شيئاً حيال ذلك، على الرغم من قرار المحكمة الدستورية.


مقالات ذات صلة

السيسي وإردوغان يؤكدان تطابق مواقف مصر وتركيا تجاه القضايا الإقليمية

شمال افريقيا جلسة ثنائية بين السيسي وإردوغان بقصر الرئاسة في أنقرة (الرئاسة التركية) play-circle 00:39

السيسي وإردوغان يؤكدان تطابق مواقف مصر وتركيا تجاه القضايا الإقليمية

أكدت مصر وتركيا تطابق موقفهما بشأن القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: ) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان يصافح السيسي على هامش بطولة كأس العالم في الدوحة (رويترز) play-circle 00:39

القاهرة وأنقرة... سنوات من «الخلافات» طوتها الزيارات الرسمية

تحمل الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، رمزية مهمة في مسار تطور العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة، بعد خلافات وقطيعة امتدت 10 سنوات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يستقبل نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في أنقرة (أ.ب) play-circle 00:39

إردوغان والسيسي يرغبان في توطيد العلاقات بمجالات مثل التجارة والدفاع والطاقة

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم (الأربعاء) عن أن تركيا تريد توطيد علاقاتها بمصر في قطاعي الغاز الطبيعي والطاقة النووية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - أنقرة)
شمال افريقيا مصافحة بين إردوغان والسيسي لدى استقباله في مطار إسنبوغا في أنقرة (الرئاسة التركية)

السيسي يعرب عن سعادته بزيارته الأولى لتركيا

عبّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن سعادته بزيارته الأولى لتركيا، ولقائه الرئيس رجب طيب إردوغان، منوهاً بالعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيف يؤثر ضعف دقة صواريخ إيران في صراعها مع إسرائيل؟

النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

كيف يؤثر ضعف دقة صواريخ إيران في صراعها مع إسرائيل؟

النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)
النظام الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يعترض صواريخ باليستية أطلقتها إيران في أبريل الماضي (أ.ب)

بينما تهدد إيران بمهاجمة إسرائيل رداً على اغتيال قائد حركة «حماس»، إسماعيل هنية، داخل طهران، يبقى برنامجها الصاروخي الذي لطالما تباهت به من الطرق القليلة لديها للرد المباشر، ولكن تظل هناك تساؤلات حول مدى خطورة هذا البرنامج بالفعل.

كان البرنامج وراء الهجوم غير المسبوق بالطائرات من دون طيار والصواريخ على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، عندما أصبحت إيران أول دولة تطلق مثل هذا الهجوم منذ أن أطلق النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين صواريخ «سكود» على إسرائيل في خضم حرب الخليج عام 1991.

لكن القليل من القذائف الإيرانية وصل إلى أهدافه، فقد أسقطت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة كثيراً منها، في حين فشل إطلاق صواريخ أخرى، على ما يبدو، أو تحطمت خلال الطيران. و حتى تلك التي وصلت إلى إسرائيل بدت كأنها أخطأت أهدافها.

وأفادت وكالة «أسوشييتد برس»، نقلاً عن تحليل جديد أعده خبراء، بأن أحد الصواريخ الأكثر تقدماً في ترسانة طهران اتضح أنه أقل دقة مما كان يُعتقد سابقاً.

وقال سام لاير، الباحث المساعد في «مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي»، الذي شارك في إعداد التحليل، إن «الهجوم في أبريل الماضي أظهر قدرة معينة على ضرب إسرائيل»؛ ولكن «إذا كنتُ المرشد الإيراني علي خامنئي، فربما كنتُ لأصاب بخيبة أمل بعض الشيء».

وأضاف لاير أنه إذا لم تكن الصواريخ الإيرانية قادرة على ضرب الأهداف بدقة، «فهذا يعيد صياغة دورها، فهي لم تعد ذات قيمة كما كانت في العمليات العسكرية التقليدية. وقد تكون أكثر قيمة فقط بوصفها أسلحة للترهيب».

مثالاً؛ استذكر لاير إطلاق الصواريخ الذي كان يحدث على المدن في حرب إيران مع العراق في الثمانينات، عندما كانت إيران قادرة على إطلاق مجموعة متنوعة من الصواريخ على مدينة كبيرة على أمل أن يخترق البعض منها الدفاعات.

وقالت إيران مراراً وتكراراً إنها سترد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران. ويشتبه على نطاق واسع في أن إسرائيل نفذت عملية الاغتيال، رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها عنها.

ورفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة التعليق على التحقيق، لكن المرشد خامنئي أقر ضمناً بفشل بلاده في ضرب أي شيء ذي أهمية في إسرائيل.

وقال خامنئي: «مناقشات الطرف الآخر حول عدد الصواريخ التي أُطلقت، وعدد التي أصابت الهدف، وعدد التي لم تُصِب... هذه أمور ثانوية... القضية الرئيسية هي بروز الأمة الإيرانية والجيش الإيراني في ساحة دولية مهمة. هذا هو ما يهم».

قائد «الوحدة الصاروخية» في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده (بالزي الأخضر) وسط قيادات من الجيش الإيراني يوم 21 أبريل الماضي (موقع خامنئي)

محاولة كبيرة

وكان الهجوم الانتقامي الإيراني متوقعاً بعد الهجوم الإسرائيلي (المحتمل) مطلع أبريل، الذي استهدف قنصلية إيران في دمشق بسوريا، مما أدى إلى مقتل قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا محمد رضا زاهدي ونائبه، و5 ضباط، وكذلك عضو من جماعة «حزب الله» اللبنانية.

أوضحت لقطات بُثت عبر التلفزيون الحكومي الإيراني أن الهجوم الإيراني في 13 أبريل بدأ مع ظهور قائد «الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي، يتحدث عبر الهاتف مع اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس»، آمراً: «ابدأوا عملية (الوعد الصادق) ضد قواعد النظام الصهيوني».

مع توجه الصواريخ نحو السماء، توقف الناس في جميع أنحاء إيران عما كانوا يفعلونه وأشاروا بهواتفهم الجوالة إلى ضجيج الإطلاق، من سياراتهم وشرفات منازلهم. وأظهرت مقاطع الفيديو مواقع إطلاق متعددة؛ بما في ذلك من ضواحي مدن أراك وهمدان وأصفهان وكرمانشاه وشيراز وتبريز وطهران... وفق تحليل «أسوشييتد برس».

وظهرت لقطات غير واضحة بعد ذلك عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي العسكرية الموالية لإيران توضح صواريخ تهدر من منصات إطلاق متحركة على الشاحنات.

وانطلقت طائرات إيران المسيّرة الانتحارية من طراز «شاهد» من قواعد معدنية، ودوّت محركاتها مثل جزازات العشب في سماء الليل. وأُطلق بعضها من شاحنات صغيرة تسرع على المدارج.

وانطلقت الطائرات المسيّرة ذات الشكل المثلث أولاً، واستغرقت ساعات للوصول إلى أهدافها، ثم أُطلقت صواريخ «كروز - باوه»، التي استغرقت وقتاً أقل، وأخيراً الصواريخ الباليستية «عماد» و«قدر» و«خيبر شكن»، التي استغرقت دقائق فقط، وفقاً لتحليل «مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية». كما أُطلقت طائرات مسيّرة وصواريخ من اليمن، ربما من قِبل جماعة الحوثي الموالية لإيران.

وقدرت السلطات الإسرائيلية أن إيران أطلقت 170 طائرة مسيّرة، و30 صاروخ «كروز»، و120 صاروخاً باليستياً. وفي الأردن؛ اعتُرض صاروخ باليستي فوق الغلاف الجوي للأرض، مع تلاشي الانفجار في شكل دائرة.

وأسقطت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا جزءاً من هذه القذائف. وقال الأميركيون إنهم أسقطوا 80 طائرة مسيّرة محملة بالقنابل و6 صواريخ باليستية على الأقل. كما جرى تفعيل الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية، على الرغم من أن ادعاءها الأولي بإسقاط 99 في المائة من القذائف يبدو مبالغة.

وقال فابيان هينز، خبير الصواريخ و«زميل الأبحاث» في «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، الذي يدرس إيران، إن الهجوم «لم يكن شيئاً رمزياً بوضوح، ولم يكن محاولة لتجنب الضرر». وأضاف: «كان محاولة كبيرة للتغلب على الدفاعات الإسرائيلية».

وقال مسؤولون أميركيون، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب مناقشة المسائل الاستخباراتية، لوكالة «أسوشييتد برس»، إنهم يعتقدون أن 50 في المائة من الصواريخ الإيرانية فشلت عند الإطلاق أو تحطمت قبل الوصول إلى الهدف.

أشخاص يتجمعون حول صاروخ باليستي إيراني يبدو أنه لم ينفجر وقد اعتُرض بالقرب من البحر الميت في إسرائيل يوم 20 أبريل (أ.ب)

ضعف الدقة

في أعقاب ذلك، فحص محللون في «مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي» الهجوم على قاعدة «نيفاتيم» الجوية التي تبعد نحو 65 كيلومتراً (40 ميلاً) جنوب القدس في صحراء النقب. ويدرس الخبراء في المركز إيران وبرنامجها للصواريخ الباليستية منذ فترة طويلة.

برزت القاعدة على الفور بعد الهجوم الإسرائيلي (المحتمل) على البعثة الدبلوماسية الإيرانية في سوريا. وزعم السفير الإيراني لدى سوريا، حسين أكبري، أن الضربة نفذتها طائرات «إف35 آي» الإسرائيلية، المتمركزة في «نيفاتيم».

كما ظهرت القاعدة الجوية في الدعاية العسكرية الإيرانية. وبث التلفزيون الحكومي الإيراني لقطات لمناورات صاروخية في فبراير (شباط) الماضي، تحاكي استهداف حظائر «إف35 آي» في «نيفاتيم». ودمرت الصواريخ الباليستية؛ بما فيها بعض الأنواع المستخدمة في الهجوم على إسرائيل في هجوم أبريل الماضي، النموذج المجسم.

وفي الهجوم، أصابت 4 صواريخ إيرانية على الأقل قاعدة «نيفاتيم»، كما يظهر من صور الأقمار الاصطناعية واللقطات التي أظهرها الجيش الإسرائيلي.

وقال المحللون إن الحطام الوحيد الذي عُثر عليه في المنطقة (الذي جُمع من البحر الميت) يشير إلى أن إيران استخدمت صواريخ «عماد» لاستهداف «نيفاتيم»، وفق ما قال المحللون. الصاروخ «عماد» (أو «العمود» بالفارسية) الذي يعمل بالوقود السائل، هو نسخة من صاروخ «شهاب3» الإيراني المصنوع بناءً على تصميم كوري شمالي بمدى تقريبي يبلغ ألفي كيلومتر (1240 ميلاً).

ويشير هذا إلى أن صواريخ «عماد» أطلقت على الأرجح من قاعدة «مرصاد» في ضواحي مدينة شيراز، وهي ضمن الحدود التقديرية لقدرات الصاروخ المحتملة، وفق ما قال المحللون.

استناداً إلى تركيز إيران على الطائرة «إف35 آي»، افترض محللو «جيمس مارتن» أن النقطة المستهدفة المحتملة لإطلاق النيران الإيرانية ستكون مجموعة من حظائر الطائرات. كما أن الموقع يعدّ نقطة مركزية تقريباً داخل قاعدة «نيفاتيم» نفسها.

صورة بالأقمار الاصطناعية لقاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

وقال لاير إن هذا يقدم «هدفاً أكثر قيمة بكثير» من مجرد «إحداث ثقوب في المدرج». لكن لم يُصِب أي من الصواريخ الإيرانية تلك الحظائر مباشرة.

بافتراض أن إيران قد استهدفت الحظائر، فقد قاس محللو «جيمس مارتن» المسافة بين الحظائر ومناطق تأثير الصواريخ. وكانت النتيجة معدل نحو 1.2 كيلومتر (0.75 ميل) لـ«دائرة الخطأ المحتمل»؛ وهو قياس يستخدمه الخبراء لتحديد دقة السلاح بناءً على نصف قطر دائرة يشمل 50 في المائة.

وقال هينز إن هذا أسوأ بكثير من دائرة الخطأ البالغة 500 متر التي قدّرها الخبراء في البداية لصاروخ «عماد». وبعد انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، روجت إيران لصاروخ «عماد» بشكل منفصل للمشترين الدوليين المحتملين بوصفه يمتلك دائرة خطأ تبلغ 50 متراً؛ وهو رقم يتماشى مع أفضل مواصفات الصواريخ المستخدمة في أنظمة أخرى. لكن نتائج الهجوم في أبريل الماضي لم تكن بأي حال من الأحوال بهذه الدقة.

وقال لاير إن «هذا يعني أن صاروخ (عماد) أقل دقة بكثير مما أشارت إليه التقديرات السابقة». وأضاف: «هذا يشير إلى أن الإيرانيين متأخرون بجيل عن التقديرات السابقة التي اعتقدت أنهم كانوا دقيقين فيها».

قد يُعزى الأداء الضعيف إلى إجراءات الحرب الإلكترونية التي تهدف إلى إرباك نظام توجيه الصاروخ، وكذلك احتمالية وجود تخريب، أو تصميم رديء للصاروخ والمسافات المحددة في الهجوم.

ما الخطوة التالية؟

في الماضي، كانت التهديدات الإيرانية بالانتقام من إسرائيل تأخذ عادة شكل هجمات من قبل قوات مدعومة من إيران في الشرق الأوسط، أو هجمات على أهداف إسرائيلية في أماكن أخرى، مثل السفارات أو السياح.

كما تحد الجغرافيا من الخيارات المتاحة للهجوم العسكري الإيراني المباشر. ولا تشترك إيران في حدود مع إسرائيل، والمسافة بين البلدين تبلغ نحو ألف كيلومتر في أقصر مسافة.

وتمتلك القوة الجوية الإيرانية أسطولاً قديماً منذ حقبة الحرب الباردة، يتكون من طائرات «إف14 - توم كات» و«ميكويان ميغ29»، ولكنها لن تكون نداً لطائرات «إف35 آي» الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها. وهذا يعني أن إيران ستحتاج مرة أخرى إلى الاعتماد على الصواريخ والطائرات المسيرة بعيدة المدى.

كذلك، يمكنها أيضاً الاستعانة بمساعدة جماعات الوكلاء، مثل «حزب الله» اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن، لإرباك الدفاعات الإسرائيلية.

رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الفريق هيرتسي هاليفي يتحدث إلى ضباط في قاعدة «نيفاتيم» الجوية جنوب إسرائيل يوم 15 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

وهناك خطر يتمثل في إمكانية أن تطور طهران سلاحاً نووياً، وهو تهديد كرره المسؤولون الإيرانيون في الأشهر الأخيرة. وفي حين تصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي، فإن وكالات الاستخبارات الغربية و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» تقول إن طهران كان لديها برنامج نووي عسكري منظم حتى عام 2003.

وفي يوليو (تموز) الماضي، قالت وكالات الاستخبارات الأميركية في تقرير إن إيران «اتخذت إجراءات تضعها في موقع أفضل لإنتاج سلاح نووي إذا اختارت ذلك». ومع ذلك، فإن صنع سلاح وتصغيره ليوضع على صاروخ باليستي قد يستغرق سنوات.

وقال التقرير الصادر عن مدير الاستخبارات الوطنية: «تمتلك إيران أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وتواصل التركيز على تحسين دقة وفتك وموثوقية هذه الأنظمة». ورجح التحليل أنه من المحتمل أن تتجه إيران إلى استخلاص الدروس من هجوم أبريل الماضي.