مجموعات حقوقية تدين إعدام إيران «المقيت» لمتظاهر

مدخل سجن محافظ كرمانشاه في غرب إيران (منظمة السجون الإيرانية)
مدخل سجن محافظ كرمانشاه في غرب إيران (منظمة السجون الإيرانية)
TT

مجموعات حقوقية تدين إعدام إيران «المقيت» لمتظاهر

مدخل سجن محافظ كرمانشاه في غرب إيران (منظمة السجون الإيرانية)
مدخل سجن محافظ كرمانشاه في غرب إيران (منظمة السجون الإيرانية)

واجهت إيران إدانات من مجموعات حقوقية، الأربعاء، على خلفية إعدامها شخصاً أُدين بقتل عقيد في «الحرس الثوري»، خلال احتجاجات عام 2022؛ إذ شدَّد ناشطون على أن اعترافاته انتُزعت تحت التعذيب، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

ويُعد غلام رضا رسائي (وهو في منتصف الثلاثينات من عمره) عاشر شخص يتم إعدامه في إيران على خلفية الاحتجاجات التي استمرت لعدة أشهر، واندلعت في سبتمبر (أيلول) 2022، بعد وفاة مهسا أميني، وهي في الحجز لدى الشرطة بدعوى سوء الحجاب.

أُعدم رسائي داخل سجن في مدينة كرمانشاه الثلاثاء، بعدما أُدين بقتل العقيد في «الحرس الثوري»، وفق ما أفادت به وكالة «ميزان»، منصة السلطة القضائية الإيرانية.

وأفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، عن مقتل العقيد نادر بيرمي، وعرّفت عنه على أنّه رئيس استخبارات «الحرس الثوري» في محافظة كرمانشاه ذات الأغلبية الكردية في غرب إيران. وكانت المحافظة من بؤر الحركة الاحتجاجية، بعد وفاة أميني.

واتّهمت مجموعات حقوقية إيران مراراً باستخدام عقوبة الإعدام ضد المحتجين، مع عدم مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، في مسعى لترهيب المتعاطفين معهم. وتفيد المصادر نفسها بأن إيران هي الدولة الأكثر تنفيذاً لحكم الإعدام في العالم بعد الصين.

ينتمي رسائي إلى الأقلية الكردية، وهو من أتباع الديانة اليارسانية (أهل الحق). وتم إعدامه سرّاً من دون إبلاغ عائلته ولا محاميه مسبقاً، في حين أُجبرت عائلته على دفن جثته بمنطقة نائية بعيداً عن منزله، وفق ما كشفت عنه «منظمة العفو الدولية».

غلام رضا رسائي (شبكات التوصل الاجتماعي)

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا في «منظمة العفو الدولية»، ديانا الطحاوي: «في الوقت الذي تمحور فيه اهتمام وسائل الإعلام العالمية والمحلية على التوترات الإقليمية مع إسرائيل، نفَّذت السلطات الإيرانية سراً عملية إعدام تعسفي مقيتة بحق شاب تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الاحتجاز، بما في ذلك العنف الجنسي، قبل أن يُحكم عليه بالإعدام بعد محاكمة صورية».

«ترهيب»

وأشارت إلى أن عملية الإعدام مثال جديد «على عزم السلطات الإيرانية المميت على استخدام عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي، ولزرع الرعب في قلوب الناس».

وأوضحت «منظمة العفو» بأن حكم الإعدام صدر بحقه في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بعد محاكمة فادحة الجور استندت إلى اعترافات قسرية انتُزعت منه تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الضرب والصعق بالكهرباء والخنق والعنف الجنسي».

وأشارت «منظمة حقوق الإنسان» في إيران (غير الحكومية)، ومقرها النرويج، إلى أن رسائي أفاد في المحكمة بأن اعترافاته انتُزعت تحت التعذيب، لكن القاضي تجاهل الأمر كما تجاهل شهادتين من خبيرين، بما في ذلك تقرير للطب الشرعي أكد أنه لا يمكن أن يكون هو القاتل.

وقال مدير «المنظمة»، محمود أميري مقدّم إن «حكم الإعدام صدر وطُبّق بناء على اعترافاته المشوبة بالتعذيب بهدف ترهيب العامة».

وذكرت «منظمة حقوق الإنسان» في إيران أن الجمهورية الإسلامية أعدمت 313 شخصاً على الأقل خلال هذا العام وحده.

في هذه الأثناء، تم تحويل أكثر من 20 مدانا حُكم عليهم بالإعدام بتهم تتعلّق بالمخدرات والقتل إلى زنزانات مخصصة لانتظار تنفيذ أحكام الإعدام، في سجن قزل حصار بمدينة كرج خارج طهران استعداداً لتنفيذ الأحكام بحقهم.

وأفادت مجموعات حقوقية بأن عملية الإعدام الأخيرة تظهر أن إيران لم تتوقف عن تطبيق عقوبة الإعدام منذ تنصيب الرئيس الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان، الأسبوع الماضي.

ورأى «مركز عبد الرحمن بوروماند» الحقوقي، ومقره الولايات المتحدة، أن «إعدام رسائي ليس أمراً غير إنساني ورجعي فحسب، ولكنه أيضاً غير قانوني وغير عادل، حتى بموجب قوانين الجمهورية الإسلامية».


مقالات ذات صلة

على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

شؤون إقليمية ظريف على هامش اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

على غرار البيجر... إيران تكتشف جهازاً مفخخاً في برنامجها النووي

كشفت إيران عن إحباط عمل تخريبي في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، بواسطة عمود «مفخخ» لأجهزة الطرد المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)

الجيش الإيراني يدشن مدمرة للرصد المخابراتي

أعلنت البحرية الإيرانية عن تدشين أول مدمرة للرصد المخابراتي ورصد الذبذبات، وذلك بعد أيام قليلة من تسلم الجيش ألف طائرة مسيرة جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية طائرة تدريب محطمة في مطار «بيام» بمحافظة كرج غرب طهران العام الماضي (وكالة فارس الإيرانية)

مقتل 3 في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للشرطة بشمال غربي إيران

لقي ثلاثة أشخاص حتفهم في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للشرطة، بالقرب من مدينة رشت بشمال غربي إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الرئاسة الإيرانية من مقابلة بزشكيان مع شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية

بزشكيان: مستعدون للتفاوض مع ترمب ولم نخطط لاغتياله

حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الولايات المتحدة من خطر اندلاع حرب ضد الجمهورية الإسلامية، معلناً استعداد طهران للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
أوروبا عنصر سوري يحرس مدخل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية الساحلية السورية (رويترز)

لافروف: موسكو على تواصل مع دمشق

حمَّل الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي في موسكو، الثلاثاء، النظام السوري السابق المسؤولية عن تدهور الوضع في البلاد.

رائد جبر (موسكو)

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

ضمن الاستعدادات الميدانية التي تقوم بها المؤسسات الإسرائيلية، على اختلاف مواقعها واهتماماتها، لإتمام صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع «حماس»، تحتل مهمة التشويش على ما يسمى في تل أبيب «أفراح حماس» مكانة رفيعة. ففي أروقة الحكومة وأجهزة الأمن، يتوقعون أن تعدّ «حماس» هذه الصفقة انتصاراً لها على إسرائيل، على الرغم عن الدمار الهائل في غزة والعدد الرهيب للقتلى (أكثر من 46 ألفاً ويتوقع أن يرتفع العدد إلى 70 ألفاً بعد كشف الجثث تحت الردم) والجرحى جسدياً (نحو 120 ألفاً) ونفسياً (كل سكان القطاع).

ووفقاً لمتابعة تصريحات القادة الإسرائيليين وتصرفاتهم، توجد تغيرات جوهرية في تل أبيب ومفاهيم وقيم جديدة بسبب هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فإذا كان هؤلاء القادة، يتعاملون في الماضي مع هذه الأفراح باستخفاف ويتركون للشعب الفلسطيني محاسبة قادته عليها، يوجد تراجع كبير في الثقة بالنفس، عن ذلك الماضي. واليوم يخشون من أي مظاهر احتفالية. وتبذل القيادات الإسرائيلية جهوداً كبيرة جداً لمنعها.

ومما كشف النقاب عنه في الساعات الأخيرة، فإن أكثر الأمور إزعاجاً لهم، هو أن يخرج الأسرى الفلسطينيون، الذين سيتحررون من السجون الإسرائيلية بموجب الصفقة، وهم يرفعون راية النصر (V).

لذلك؛ قرَّروا إعداد حافلات النقل لتكون من دون نوافذ أو حتى من دون شبابيك، حتى لا تنقل كاميرات الصحافة صور أي منهم. وتستعد قوات الجيش في الضفة الغربية لمنع أي مهرجانات احتفالية بعودة الأسرى بالقوة. وستترك الاحتفالات في قطاع غزة فقط، إذا حصلت، بحيث تتم هناك على خلفية الدمار الهائل؛ ما يجعلها بائسة.

مخافة الرسائل

وكشفت مصادر حقوقية في رام الله عن أن مصلحة السجون، وجنباً إلى جنب مع إعداد ملفات الأسرى الذين سيطلق سراحهم، تقوم بإجراءات كثيفة لمنع الأسرى من نقل رسائل من زملائهم الذين سيبقون في الأسر الإسرائيلي ولا تشملهم الصفقة. وخلال تفتيش أحد الأسرى، اكتشفت رسالة في فمه، من أحد الزملاء إلى ذويه، فتعرَّض لعقاب شديد. وتم نقل الأسرى من سجونهم إلى معتقل عوفر الكبير، وهم مكبَّلون ومعصوبو العيون. وتم تهديدهم بإعادة الاعتقال في حال خالفوا التعليمات.

تعتيم إعلامي

وفي إسرائيل نفسها، تستعد السلطات لاستقبال المحتجزين (وهم 33 شخصاً، من الأطفال والنساء والمسنين والمرضى)، وسط تعتيم إعلامي شامل، على عكس ما جرى في الصفقة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وهي تعتقد أن إطالة وقت الأسر، على هذه الشريحة من المحتجزين، يترك آثاراً شديدة. ولا تكون هذه الآثار جسدية فحسب، بل تكون لها آثار نفسية جسيمة.

إسرائيلية تمرّ بجانب جدار عليه صور الأسرى لدى «حماس» في القدس الأربعاء (إ.ب.أ)

وعليه، تم إعداد عامل اجتماعي لكل محتجز محرر، وطواقم الطب النفسي في خمسة مستشفيات وتخصيص غرفة خاصة لكل واحد منهم تتيح اختلاءهم مع أفراد عائلاتهم، وتقرر منع لقاءات لهم مع السياسيين. وكشفت وزارة الصحة عن أنها أعدت ملفاً لكل محتجز، عن أمراضه واحتياجاته الخاصة وإعداد برنامج غذائي ملائم له، واضعين في الحسبان النقص المتوقع في مستوى التغذية والنقص الكبير في الوزن.

وكشفت صحيفة «هآرتس»، الأربعاء، عن ممارسات قمع جديدة تزايدت مع قرب إطلاق سراح الأسرى. ومما جاء في شهادات الأسرى قول أحدهم: «منذ وصولي إلى هنا، عيوني معصوبة ويدي مكبلة طوال الوقت حتى عند الذهاب إلى الحمام. أنا أجلس كل الوقت في الحظيرة مع 50 شخصاً آخر». وقال آخر من أسرى غزة: «نحن نمر بتنكيل مفزع. طوال اليوم نجلس وأيدينا مكبلة وعيوننا معصوبة. الجنود يشتموننا، ويسمحون لنا بالنوم في منتصف الليل، بعد ساعة يقومون بإيقاظنا ويطلبون منا الوقوف لنصف ساعة، بعد ذلك يعيدوننا للنوم، بعد ساعة يقومون بإيقاظنا، هكذا طوال الليل. نحن بصعوبة ننام ثلاث ساعات. وفي الصباح يتم أخذ فرشات المعتقلين التي ننام عليها، وهم يبقون على الأرض مكبلين حتى الليلة المقبلة».

وأشار تقرير لمصلحة السجون إلى أنه مقابل 1300 أسير فلسطيني يتوقع تحريره، هناك 5500 أسير فلسطيني تم اعتقالهم خلال الحرب، ليصبح إجمالي عدد الأسرى 11 ألفاً. ومعظم الغزيين الذين تم اعتقالهم أثناء الحرب يُحتجَزون في إسرائيل بقوة قانون «المقاتلين غير القانونيين»، الذي يمكّن من السجن دون محاكمة لكل من ادُعي ضده بأنه شارك في النشاطات العدائية ضد الدولة.

ويسمح هذا القانون بحرمان المعتقلين من حق الالتقاء مع محامٍ لفترة طويلة، 45 يوماً، وفي بعض الحالات 75 يوماً، وينص على إحضارهم للمثول أمام قاضٍ فقط بعد 45 يوماً على الاعتقال. وهناك 500 من بين الـ3400 غزي المعتقلين الآن في إسرائيل حتى الآن لم يلتقوا محامياً.

متظاهرون إسرائيليون يطالبون باستعادة الأسرى أثناء تجمع في تل أبيب ليل الثلاثاء (أ.ف.ب)

وبحسب تقرير «هآرتس»، فإن «معظم المعتقلين تم احتجازهم في البداية في غزة، وبعد ذلك تم نقلهم إلى سديه تيمان. بعد التحقيق معهم تم نقلهم إلى معتقلات عسكرية أخرى مثل محنيه عوفر وعناتوت أو قاعدة نفتالي في الشمال. مظاهر العنف تظهر، حسب الشهادات، في كل مراحل الطريق، في التحقيق، في منشآت الاعتقال وبالأساس على الطرق. وكنا قد نشرنا في (هآرتس) عن حالة قام خلالها الجنود المرافقون لمعتقلين من خان يونس، بشبهة قتل اثنين منهم، ظهرت على رأس كل منهما علامات ضرب وعلى جسديهما ظهرت علامات التكبيل».

انسحاب جزئي

وعلى الصعيد العسكري، يستعد الجيش الإسرائيلي للانسحاب الجزئي من مناطق عدة في قطاع غزة، في غضون أيام قليلة وبأقصى السرعة، جنباً إلى جنب مع توجيه ضربات قاسية لأي محاولة من «حماس» بالظهور كمن تحتفظ بقوتها العسكرية في تنفيذ عمليات. وهي تمارس القصف الجوي يومياً ولا تترك يوماً يمر من دون قتلى وجرحى، حتى لو كان معظمهم من المدنيين، وخصوصاً الأطفال والنساء والمسنين.