وسط مخاوف من تعطل الاتصالات... إسرائيل  تزود وزراءها بهواتف «أقمار اصطناعية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
TT

وسط مخاوف من تعطل الاتصالات... إسرائيل  تزود وزراءها بهواتف «أقمار اصطناعية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

وزعت السلطات الإسرائيلية هواتف تعمل عبر الأقمار الاصطناعية على وزراء الحكومة استعداداً للانتقام المحتمل لاغتيال القائد العسكري في «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر وزعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية، الذي ألقي باللوم على إسرائيل في وفاته على نطاق واسع، وفقاً لتقارير.

ووزعت الهواتف التي تعمل عبر الأقمار الاصطناعية بسبب المخاوف من أن هجوماً انتقامياً من قبل إيران أو «حزب الله» قد يؤدي إلى تدمير الخطوط وتعطيل خدمات الهواتف الجوالة والشبكات، بحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرنوت».

وتضيف التقارير أن بعض الوزارات زودت الموظفين بهواتف تعمل عبر الأقمار الاصطناعية أيضاً، لكنها أكدت على أنه «لا ينبغي أن يكون هناك ذعر»، حيث تم اتخاذ هذه الخطوة من باب الحيطة والحذر وليس لأن أي معلومات استخباراتية محددة تشير إلى أن البنية التحتية للهواتف والشبكات سيتم تدميرها أو إتلافها.

وتعدّ عمليتا اغتيال هنية وشكر تطوّراً كبيراً يزكي نار التوترات الإقليمية على خلفية حرب غزة وقد استنفرتا الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن.

وبحث مسؤولون إيرانيون مع ممثلين لمجموعات بينها «حزب الله» و«حماس»، خلال اجتماع عقد في طهران، في سيناريوهات الردّ المحتملة على إسرائيل، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الحزب اللبناني مطلع على مضمون المباحثات، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وناقش المجتمعون، وفق المصدر، «إمكان أن يحصل الردّ بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران و(حزب الله) والحوثيون أهدافاً إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كلّ طرف بمفرده إنما بشكل منسّق».

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي إن إسرائيل سترد «بقوة شديدة» على أي هجوم، بحسب بيان للجيش.


مقالات ذات صلة

بايدن «يأمل» أن تتراجع إيران عن تهديداتها بالرد على مقتل هنية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض في رحلة إلى ويلمنتون (رويترز)

بايدن «يأمل» أن تتراجع إيران عن تهديداتها بالرد على مقتل هنية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم، رداً على سؤال من الصحافيين بخصوص ما إذا كانت إيران ستتراجع عن موقفها، «لا أعلم، آمل ذلك»

«الشرق الأوسط» (ويلمنتون (ديلاوير))
المشرق العربي يمنيون يرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر، وإسماعيل هنية، خلال تجمع حاشد في العاصمة صنعاء 2 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

تصاعد المخاوف من اشتعال الشرق الأوسط وسط تعزيز الوجود العسكري الأميركي فيه

تتزايد المخاوف من اشتعال الوضع في الشرق الأوسط إذ عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية في طهران.

المشرق العربي الشيخ عكرمة صبري إمام وأحد خطباء المسجد الأقصى في القدس خلال وصوله لمركز التحقيق في 8 مايو 2023 (أ.ف.ب)

إسرائيل تقبض على الشيخ عكرمة صبري بعد خطبة تحدث فيها عن إسماعيل هنية

أوقفت الشرطة الإسرائيلية إمام المسجد الأقصى في القدس الشيخ عكرمة صبري للتحقيق معه بشبهة «التحريض على الإرهاب»، بعد خطبه تحدث فيها عن إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية لحظة إطلاق الصاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي: استكمال اختبارات ناجحة لنظام دفاع جوي «بعيد المدى»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إن البحرية الإسرائيلية استكملت في الأيام القليلة الماضية وبنجاح اختباراً لنظام اعتراض «إل آر إيه دي» بعيد المدى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية عمال إيرانيون يعلقون لافتة ضخمة تظهر صورة هنية على حائط في طهران (أ.ب)

رد طهران على اغتيال هنية «في الوقت المناسب»

بدت إيران متحفزة دفاعاً عن روايتها لوقائع اغتيال هنية، وكان الإصرار واضحاً على أن الأمر تم بمقذوف سقط من الجو وليس عبوة مزروعة في محل إقامة الضيف الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

لكل حرب امتدادها الأقصى. بعد هذه المرحلة يتحوّل مردود الحرب إلى سلبيّ. وعليه، يجب التوقّف لإعادة التقييم وتغيير الاستراتيجيات إذا لزم الأمر. بعد تسعة أشهر ونيّف للحرب على غزّة تشكّلت الصورة التالية:

إيران مستفيدة لأنها لا تخوض الحرب مباشرة مع إسرائيل، فالوكيل هو الذي يدفع الثمن. فإذا ربح تربح معه. وفي حال الخسارة يخسر وحده. وهي تستفيد اليوم من السيناريو الممتاز والذي لم تكن تتوقّعه في حرب إسرائيل على غزّة. فالجيش الإسرائيليّ يتخبّط في رمالها، كما يضيع في متاهات أنفاقها. وهو حتى الآن مستنزف، بعد تآكل صورته الردعيّة. كما تحوّلت إسرائيل إلى دولة مارقة في وعي العالم.

تعترف إسرائيل بأنها تقاتل على 7 جبهات، وكانت استراتيجيّة إيران تعتمد على المبدأ الصيني الذي يقول: «الموت بألف طعنة».

مع الحرب على غزّة، ابتكرت إيران مبدأ وحدة الساحات. والهدف بالطبع هو خلق مستوى مرتفع من الضبابيّة. تؤمّن هذه الضبابيّة لإيران حركيّة استراتيجيّة وحريّة عمل كبيرة جدّاً على المسارح في الشرق الأوسط. وعبر الضبابيّة هذه، يمكن لها «نكران» الفعل إذا لزم الأمر. وحتى القتال مباشرة بواسطة وسائلها الخاصة، لكن تحت غطاء وحدة الساحات. هي تؤمّن الهيكليّة والإدارة، كما الوسائل. وما على الوكيل إلا أن يُنفّذ. ما يناسب الاستراتيجيّة الإيرانيّة في المنطقة، هو الفوضى. يُطلق بعض مفكّريها تسمية الفوضى البنّاءة. فعبر الفوضى، يمكن تأمين حريّة العمل للوكلاء. هكذا هي حال دول ما يُسمّى بمحور المقاومة.

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

نقطة الذروة!

بغض النظر عمن هو مسؤول عن كارثة مجدل شمس. فقد يمكن القول إن هذه الكارثة شكّلت نقطة تحوّل - انحراف أساسيّة في ديناميكيّة الصراع. فبعد هذه النقطة، اعتمدت إسرائيل مبدأ الانتهازيّة السياسيّة كما العسكريّة. وضعت بذلك «حزب الله» في موقع الدفاع، وتسيّدت هي في الخطاب والفعل. وعليه، استهدفت «حزب الله» في عقر داره في الضاحية، فقتلت القياديّ فؤاد شكر وهو الذي يمثّل رئيس أركان الحزب. أعلنت إسرائيل مباشرة نجاح عمليتها ضد شكر، الأمر الذي يدلّ على أن لديها معلومات استخبارية مباشرة وآنيّة من الميدان لتأكيد الأمر.

وبعد أقلّ من 12 ساعة، أعلنت إيران عن اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة بصاروخ موجّه على غرفته الخاصة. اختلفت الروايات حول طريقة التنفيذ. لكن الاغتيال بحدّ ذاته، شكّل خرقاً كبيراً للأمن القوميّ الإيرانيّ. وبذلك قد يمكن القول، إن إيران تقاتل باعتماد استراتيجيّة «الدفاع المتقدّم»، كي تغطّي على هشاشتها الداخليّة. وتقدم إسرائيل إلى الهجوم في عمق ما يُسمّى بـ«وحدة الساحات» أيضاً للتغطية على هشاشتها الداخليّة.

نظام «القبة الحديدية» الدفاعي الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

التقييدات للفعل وردّ الفعل

لا يُمكن لإيران إلا أن تردّ. ولا يمكن للردّ إلا أن يكون بقيادتها. فالحدث وتوقيت حصوله ومكانه خلال تنصيب الرئيس الجديد. كما أن الشخص المُستهدف هو أحد أعمدة قيادات وحدة الساحات. حتى إنه لا يمكن تجاهل تزامن اغتيال هنيّة مع اغتيال القياديّ في «حزب الله». فكيف سيكون الردّ؟ هل سيكون عبر وحدة الساحات ككلّ، لكن تحت القيادة الإيرانيّة؟ هل ستكون القوات الأميركيّة مستهدفة خاصة بعد إعلان وزير الدفاع الأميركيّ لويد أوستن أن أميركا ستحمي إسرائيل؟ وهل تبدو إيران مقتنعة بأن لا دور لأميركا في كلّ ما حدث؟

كيف يمكن للرد على إسرائيل أن يكون متناسباً مع الخسارة في لبنان وإيران؟ وما هي نوعيّة الأهداف التي ستُضرب في إسرائيل؟ هل ستكون من ضمن بنك الأهداف التي استحصلت عليها مسيّرة «الهدهد»، خاصة الأولى، أو ستكون في العمق الإسرائيليّ مع نوعيّة أهداف لها قيمة استراتيجيّة أكبر؟ وهل ستقبل إسرائيل؟

هل ستُشكّل الضربة على ميناء الحُديدة النموذج الذي سيُعتمد لضرب الداخل الإيرانيّ؟ ألم يقل وزير الدفاع الإسرائيليّ إن نار الحديدة سيراها كل الشرق الأوسط؟ هل لعبت أميركا دوراً في إعطاء الضوء الأخضر، أو المساعدة في المجال الاستخباراتيّ، وذلك كما فعلت في عام 2008 عقب اغتيال القيادي في «حزب الله» عماد مغنيّة؟ وما هو الإطار الرادع، إن كان في الخطاب السياسيّ أو في عرض العضلات العسكريّة، الذي ستستعمله أميركا، قبل وخلال وبعد الردّ الإيرانيّ؟ هل ستسعى لرسم الإطار الفكريّ لكيفيّة إنهاء الاشتباك حتى قبل بدء الحرب؟

الحسابات الخاطئة

كل شيء في الحرب سهل، لكن أسهل شيء فيها مُعقّد جداً. هكذا قال المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز. وهل يمكن السيطرة على ديناميكيّة الحرب خاصة بعد بدئها؟ وهل هي عمل خطّي أو أنها عمل مُعقّد جدّاً؟ وماذا لو خرج الردّ والردّ على الردّ عن السيطرة؟ فهل ستذهب إسرائيل إلى ضرب الداخل الإيرانيّ خاصة البنى التحتيّة المتعلّقة بالطاقة؟ وهل سينتهز نتنياهو الفرصة لتنفيذ مشروعه واستراتيجيّته عبر ضرب المشروع النوويّ الإيرانيّ مباشرة؟ لكن السؤال الجوهريّ سيكون حول دور العمّ سام، وهل ستستغل أميركا الوضع لترويض إيران، وإضعافها عبر تقليص نفوذها في الشرق الأوسط خاصة المنطقة العربيّة؟