وصول نعش هنية إلى الدوحة بعد تشييع حاشد في طهران

مصادر كشفت لـ«نيويورك تايمز» تفجير غرفته بقنبلة زرعت قبل شهرين

TT

وصول نعش هنية إلى الدوحة بعد تشييع حاشد في طهران

المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه الرئيس مسعود بزشكيان خلال صلاة الجنازة على جثمان هنية وحارسه الشخصي (موقع المرشد)
المرشد الإيراني علي خامنئي وخلفه الرئيس مسعود بزشكيان خلال صلاة الجنازة على جثمان هنية وحارسه الشخصي (موقع المرشد)

وصل نعش رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، إلى الدوحة، بعد جنازة حاشدة في طهران، غداة اغتياله، في تفجير استهدف مقر إقامته. فيما تصاعدت دعوات الانتقام في إيران، بعد العملية التي أثارت مخاوف من توسّع النزاع في خضمّ الحرب الدائرة في غزة.

ووصل هنية إلى طهران، الثلاثاء، لحضور حفل تنصيب بزشكيان. والتقى بالمرشد الإيراني علي خامنئي، وحضر مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، وتفقد معرضاً حول غزة وسط طهران، قبل أن يتوجه إلى مقر إقامته، في شمال طهران.

وكان بيان «الحرس الثوري» قد أشار إلى استهداف هنية، ما يشير إلى ارتباط المكان بالأجهزة العسكرية.

وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني، الأربعاء، مقتل هنية مع حارس شخصي له. وحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن «هنية كان في إحدى الإقامات المخصصة لقدامى المحاربين في شمال طهران، عندما استُشهد بمقذوف جوي» نحو الساعة الثانية فجراً (22:30 بتوقيت غرينيتش، الثلاثاء).

ولم تقدم السلطات الإيرانية تفاصيل حول عملية اغتيال هنية، خصوصاً الأسلحة المستخدمة، والموقع الذي كان يقيم فيه، وقالت السلطات الإيرانية إن الهجوم قيد التحقيق.

لكن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مصادر مطلعة أن هنية قتل بواسطة قنبلة موقوتة جرى تهريبها سراً إلى دار ضيافة في طهران، حيث كان يقيم، قبل ساعات من العودة إلى الدوحة.

وقال 5 مسؤولين إقليميين إنه جرى إخفاء القنبلة قبل نحو شهرين إلى دار ضيافة خاضعة لـ«الحرس الثوري»، وهي جزء من مجمع كبير يعرف باسم «نشاط» في حي تجريش، شمال طهران.

وأوضح مسؤولون من الشرق الأوسط أن هنية، الذي كان يقود المكتب السياسي لـ«حماس» في قطر، أقام في دار الضيافة عدة مرات خلال زياراته إلى طهران.

وبحسب المصادر، فُجّرت القنبلة عن بُعد، بمجرد التأكد من أنه كان داخل غرفته في دار الضيافة. وهزّ الانفجار المبنى في نحو الساعة 2:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، وكسر بعض النوافذ وتسبب في انهيار جزئي لجدار خارجي، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين، وهم أعضاء في «الحرس الثوري» الذين تم إطلاعهم على الحادث. كان هذا الضرر واضحاً أيضاً في صورة متداولة للمبنى.

وقال المسؤولون إن موظفي المبنى المذهولين ركضوا للعثور على مصدر الضوضاء الهائلة، ما قادهم إلى الغرفة التي كان هنية يقيم فيها مع حارس شخصي. وهرع فريق طبي إلى الغرفة فور الانفجار. وأعلن الفريق أن هنية قد توفي فوراً. وحاول الفريق إحياء الحارس الشخصي، لكنه هو الآخر كان متوفياً.

وتدوولت صورة على شبكات التواصل من مبنى، يعتقد أن هنية كان يقيم فيه، لحظة تعرضه لهجوم. وجرت تغطية المبنى، على ما يبدو في محاولة لإخفاء الأضرار.

وقال صحافيون وناشطون إن المبنى جزء من مجموعة قصر سعد آباد. وقال آخرون إن المبنى داخل معسكر «الإمام علي» الخاضع لـ«فيلق القدس» حيث تجري تدريبات عسكرية لعناصر أجنبية. ويقع المعسكر في الجهة الشمالية لمجموعة سعد آباد.

بعد ساعات من القتل، تركزت التكهنات فوراً على احتمال أن إسرائيل قتلت هنية بضربة صاروخية، ربما أطلقت من طائرة من دون طيار أو طائرة، على غرار كيفية إطلاق إسرائيل صاروخاً على قاعدة عسكرية في أصفهان في أبريل (نيسان).

وأثارت نظرية الصاروخ تساؤلات حول كيفية تمكن إسرائيل من تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية مرة أخرى لتنفيذ مثل هذه الضربة الجريئة في العاصمة.

كما تكشف العملية عن تمكن منفذيها من إحداث ثغرة أمنية في مجمع محصن، ما سمح بزرع قنبلة وإبقائها مخفية لأسابيع عديدة قبل أن يتم تفجيرها في النهاية. واستغرق التخطيط للاغتيال أشهراً وكان يتطلب مراقبة مكثفة للمجمع. وقال المسؤولان الإيرانيان، اللذان وصفا طبيعة الاغتيال، إنهما لا يعرفان كيف أو متى تم زرع المتفجرات في الغرفة.

وقال 3 مسؤولين إيرانيين إن مثل هذا الخرق كان فشلاً كارثياً للاستخبارات والأمن بالنسبة لإيران وإحراجاً كبيراً لـ«لحرس الثوري» الذي يستخدم المجمع لاجتماعاته السرية، واستضافة الضيوف البارزين مثل هنية.

وأظهرت الصور أن الانفجار القاتل في وقت مبكر من يوم الأربعاء حطم النوافذ وتسبب في انهيار جزء من جدار المجمع، وقال المسؤولون الإيرانيون إن الضرر كان محدوداً على المبنى نفسه، على عكس ما كان يمكن أن يفعله صاروخ.

ووصل نعش هنية إلى العاصمة القطرية أمس، بعد ساعات من تشييعه في طهران. وأمّ المرشد الإيراني علي خامنئي المصلّين في جنازة هنية.

وتجمّع حشد من المشيعين يحملون صور هنية، وأعلاماً فلسطينية في جامعة طهران وسط العاصمة، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسار موكب تشييع جثمان هنية من مصلى جامعة طهران، غرباً نحو ميدان «آزادي»، وتبلغ المسافة بينهما نحو 5 كيلومترات. وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني نعشَي هنية وحارسه الذي قتل بالغارة أيضاً، مغطيَين بالعلم الفلسطيني خلال المراسم التي حضرها مسؤولون إيرانيون بارزون، من بينهم الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «الحرس الثوري» الإيراني اللواء حسين سلامي.

وصرّح الأمين العام لـ«المجلس الأعلى للأمن القومي»، الجنرال علي أكبر أحمديان، بأن مقتل هنية في طهران «لا يمكن مقارنته» إلا بمقتل قاسم سليماني، العقل المدبر لعمليات «الحرس الثوري» في الخارج، الذي قضى في ضربة جوية أميركية مطلع 2020 في بغداد.

وقال عضو مجلس خبراء القيادة، أحمد خاتمي، خلال حضوره في مراسم التشييع، إن «ردّ إيران سيكون حازماً وقاطعاً».

وتوعد الرجل الثاني في المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة، خليل الحية، خلال المراسم، أن «يبقى شعار إسماعيل هنية (لن نعترف بإسرائيل) شعاراً خالداً» مضيفاً: «سنلاحق إسرائيل حتى اجتثاثها من أرض فلسطين».

وقال الحیة: «يجب على العالم بأسره أن يسعى لإزالة هذه الغدة السرطانية، أي النظام الصهيوني، من وجه الأرض». كما وصف إسرائيل بأنها «مظهر الشر وانعدام الأمن في المنطقة»، قائلاً: «اليوم نؤكّد أن دماء إسماعيل هنية ستؤثر في طريق وحدة الأمة الإسلامية وفي تحرير فلسطين».

بدوره، قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في خطاب، إن «نظام الاحتلال الصهيوني سيدفع ثمناً باهظاً لاعتداءاته الجبانة على حدود الأمن في الجمهورية الإسلامية، تكلفة لن تُدرج في حسابات منطقهم»، مشيراً إلى تصريحات خامنئي حول «نهاية زمن الضرب والإفلات». وقال: «نعلم أن هذه الأعمال تتم بدعم وتنسيق من أميركا الإجرامية، رغم ما يعلنونه في وسائل الإعلام عن عدم معرفتهم. نحن ملزمون بالردّ على هذه الجريمة في الوقت والمكان المناسبَيْن».

من جانبه، قال عمدة طهران، علي رضا زاكاني، إن «الكيان الصهيوني سيتلقّى بالتأكيد صفعة أقوى من (الوعد الصادق)». وأضاف: «هذا الاستشهاد ذو المغزى على أرض الجمهورية الإسلامية سيمهّد لمرحلة جديدة من تدمير نظام إسرائيل».

وقال أمير حسين قاضي زاده هاشمي، لوكالة «مهر» الحكومية، إن «الردّ الرادع هو الذي يتم في المستوى نفسه. عندما يُستشهد قائد (حماس)، يجب القضاء على أحد القادة الرئيسيين في إسرائيل».

وكان قاليباف وزاكاني وقاضي زاده هاشمي قد ترشحوا عن «التيار المحافظ» في الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس مسعود بزشكيان، الذي لم يتحدث خلال مراسم التشييع، واكتفى بالمشاركة في صلاة الجنازة، واقفاً خلف المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقالت رئيسة لجنة البيئة في البرلمان، النائبة سمية رفيعي، إن «الشعب الإيراني في أي مكان من العالم لن يتوقف عن المطالبة بثأر هنية».

في الأثناء، نفت شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية التقارير عن حظر الطيران في طهران، بسبب مراسم تشييع هنية.

وقال مسؤول في الشركة: «لا توجد أي قيود على تشغيل الرحلات الجوية من مطار مهر آباد وإليه»، لافتاً إلى أن القيود تقتصر على «الرحلات التدريبية، والطائرات المروحية، ونوادي الطيران».

ويثير اغتيال الزعيم السياسي لحركة «حماس»، البالغ 61 عاماً، الذي كان يعيش في المنفى بقطر، وكذلك اغتيال إسرائيل القائد العسكري في «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر في بيروت، أول من أمس، مخاوف من توسّع النزاع الدائر منذ نحو 10 أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل، العدو اللدود لإيران، وحركة «حماس» و«حزب الله» المدعومين من طهران.

وبينما فشلت كل محاولات الوساطة حتى الآن لوقف إطلاق النار في غزة، أثارت الحرب توترات في أنحاء الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وسوريا من جهة أخرى، ولا سيما «حزب الله».

وكانت إسرائيل وإيران على شفا الدخول في حرب عندما استهدفت إسرائيل السفارة الإيرانية بدمشق في أبريل. وردّت إيران وإسرائيل في تبادل غير مسبوق للضربات على أراضي كل منهما، لكن الجهود الدولية نجحت في احتواء تلك الدورة قبل أن تخرج عن السيطرة.

وحذّرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى «الأمم المتحدة» في نيويورك، عبر منصة «إكس»، من أن طهران ستنفّذ «عمليات خاصة»، ردّاً على هذا الاغتيال، الذي «سيثير ندماً عميقاً لدى منفّذه».

كما شدّد القائم بأعمال وزير الخارجية، علي باقري كني، على حقّ إيران في تنفيذ «ردّ متناسب».

وصباح أمس، تجمّع إيرانيون في شوارع مدن عدة للتنديد بعملية الاغتيال. وتجمهر بضع مئات من المتظاهرين في ساحة فلسطين بطهران، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية، وسط هتافات «الموت لإسرائيل... الموت لأميركا».

من جهتها، لم تُصدر إسرائيل، التي حمّلتها السلطات الإيرانية بوضوح مسؤولية مقتل إسماعيل هنية، أيّ تصريح بشأن الواقعة.


مقالات ذات صلة

إردوغان لبايدن: إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق حرب غزة

شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في قمة «الناتو» 11 يوليو 2023 (رويترز)

إردوغان لبايدن: إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق حرب غزة

قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ نظيره الأميركي جو بايدن بأن إسرائيل تحاول توسيع نطاق حرب غزة ولا تريد وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي نظام القبة الحديدة يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«القبة الحديدية» الإسرائيلية تعترض «وابلاً من الصواريخ» القادمة من لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إن صفارات الإنذار دوت في شمال إسرائيل، وسط حالة تأهب قصوى بشأن احتمال شن جماعة «حزب الله» اللبنانية ضربات انتقامية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

فيصل بن فرحان وبلينكن يناقشان تطورات المنطقة

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن تطورات المنطقة ومستجدات السودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي يحيى السنوار (الثاني من اليمين) وإسماعيل هنية (يسار) خلال فعالية بقطاع غزة في عام 2017 (أ.ف.ب)

بعد الاغتيالات الأخيرة... من هم كبار قادة حركة «حماس» حالياً؟

زعمت إسرائيل، الخميس، أنها قتلت محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة «حماس» في أحدث حلقات مسلسل عمليات استهداف قادة الحركة التي تعهّد نتنياهو بالقضاء عليها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

تحليل إخباري إسرائيل تحاول «عبثاً» تحطيم «حماس» باغتيال هنية وتأكيد مقتل الضيف

يُجمع الخبراء الإسرائيليون على أن هذه العمليات تعدّ نجاحات تكتيكية ولكنها أيضاً قد تكون فشلاً استراتيجياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

قنبلة «هُربت قبل شهرين» إلى دار ضيافة في طهران وراء اغتيال هنية

صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران (نيويورك تايمز)
صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران (نيويورك تايمز)
TT

قنبلة «هُربت قبل شهرين» إلى دار ضيافة في طهران وراء اغتيال هنية

صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران (نيويورك تايمز)
صورة جوية لدار الضيافة التي كان يقيم فيها إسماعيل هنية شمال طهران (نيويورك تايمز)

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في طهران الأربعاء، تم بعبوة ناسفة هُربت سراً إلى دار الضيافة في طهران، حيث كان يقيم، وفقاً لثمانية مسؤولين تحدثت إليهم، بينهم إيرانيان وأميركي.

ونقلت الصحيفة عن خمسة مسؤولين من المنطقة، أنه تم إخفاء القنبلة قبل شهرين تقريباً في دار الضيافة التي يديرها ويحميها «الحرس الثوري» الإيراني، وهي جزء من مجمع كبير، يُعرف باسم «نشاط» في حي راقٍ شمال طهران.

وأكد المسؤولون الخمسة أن القنبلة تم تفجيرها عن بعد، بمجرد التأكد من وجود هنية داخل غرفته في دار الضيافة. وقال المسؤولان الإيرانيان اللذان أطلعا على الحادث، إن الانفجار هز المبنى، وحطم بعض النوافذ، وتسبب في انهيار جزئي لجدار خارجي. كما كان الضرر واضحاً في صورة للمبنى تم تبادلها مع صحيفة «نيويورك تايمز».

وأشار مسؤولون من المنطقة إلى أن هنية أقام في بيت الضيافة المستهدف مرات عدة أثناء زيارته لطهران.

ولم تعترف إسرائيل علناً بمسؤوليتها عن القتل، لكن مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين أطلعوا الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى على تفاصيل العملية في أعقاب ذلك مباشرة، وفقاً للمسؤولين الخمسة.

في الساعات التي أعقبت عملية القتل، ركزت التكهنات على الفور على احتمال أن تكون إسرائيل قد قتلت هنية بضربة صاروخية، ربما أطلقت من مسيّرة أو طائرة، على غرار الطريقة التي أطلقت بها إسرائيل صاروخاً على قاعدة عسكرية في أصفهان بإيران في أبريل (نيسان) الماضي.

أثارت نظرية الصواريخ هذه تساؤلات حول كيف تمكنت إسرائيل من التهرب من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية مرة أخرى لتنفيذ مثل هذه الغارة الجوية الجريئة في العاصمة.

جانب من تشييع جثمان هنية في طهران اليوم الخميس (أ.ب)

كما اتضح، تمكن القتلة من استغلال نوع مختلف من الثغرات في دفاعات إيران: ثغرة في أمن مجمع يُفترض أنه محروس بإحكام سمح بزراعة قنبلة وإخفائها لبضعة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها في النهاية.

وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن مثل هذا الخرق كان فشلاً كارثياً في الاستخبارات والأمن لإيران وإحراجاً هائلاً لـ«الحرس الثوري» الذي يستخدم المجمع للخلوات والاجتماعات السرية وإيواء الضيوف البارزين مثل هنية.

لكن من غير الواضح كيف تم إخفاء القنبلة في بيت الضيافة. وقال المسؤولون الذين تحدثت إليهم الصحيفة في المنطقة، إن التخطيط للاغتيال «استغرق شهوراً وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع». وأشار المسؤولان الإيرانيان اللذان وصفا طبيعة الاغتيال إلى أنهما لا يعرفان كيف أو متى تم زرع المتفجرات في الغرفة.

وأظهرت الصور أن الانفجار الذي وقع في وقت مبكر من صباح الأربعاء أدى إلى تحطيم النوافذ وانهيار جزء من جدار المجمع. ويبدو أن الضرر الذي أحدثه لم يتجاوز المبنى نفسه، كما كان من المحتمل أن يحدثه صاروخ.

وفي حوالي الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت المحلي، انفجرت العبوة، وفقاً للمسؤولين الخمسة من المنطقة. وهرع موظفو المبنى المذعورون للبحث عن مصدر الضوضاء الهائلة، مما قادهم إلى الغرفة التي كان يقيم فيها هنية مع حارس شخصي.

خامنئي يقود صلاة الجنازة على هنية في طهران اليوم الخميس (أ.ف.ب)

ويضم المجمع فريقاً طبياً هرع إلى الغرفة فور وقوع الانفجار. وأعلن الفريق أن هنية توفي على الفور. وحاول الفريق إنعاش الحارس الشخصي، لكنه توفي أيضاً.

وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين إن زعيم حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية زياد النخالة كان يقيم في الغرفة المجاورة. ولم تتضرر غرفته بشكل كبير، مما يشير إلى تخطيط دقيق في استهداف هنية.

ووفقاً للمسؤولين الخمسة في الشرق الأوسط، وصل خليل الحية، نائب قائد «حماس» في غزة والذي كان أيضاً في طهران، إلى مكان الحادث وشاهد جثة زميله.

وقال المسؤولون الإيرانيون الثلاثة إن من بين الأشخاص الذين تم إخطارهم على الفور، كان الجنرال إسماعيل قاآني، القائد العام لـ«فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، والذي يعمل عن كثب مع حلفاء إيران في المنطقة، بما في ذلك «حماس» و«حزب الله». وقال المسؤولون إنه أخطر المرشد الإيراني علي خامنئي في الساعات الأولى من الصباح، وأيقظه.

هنية بين نواب البرلمان الإيراني قبل ساعات من اغتياله (نيويورك تايمز)

بعد أربع ساعات من الانفجار، أصدر «الحرس الثوري» بيانا يفيد بمقتل هنية. وبحلول الساعة السابعة صباحاً، استدعى خامنئي أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي إلى مجمعه لعقد اجتماع طارئ، أصدر خلاله أمراً بضرب إسرائيل رداً على ذلك، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة.

في إيران، كانت طريقة الاغتيال موضوعاً للشائعات والخلاف. وذكرت وكالة «تسنيم» للأنباء، التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن شهود عيان قالوا إن جسماً يشبه الصاروخ ضرب نافذة غرفة هنية وانفجر.

لكن المسؤولين الإيرانيين أعضاء «الحرس» الذين تم إطلاعهم على الهجوم، أكدوا أن الانفجار وقع داخل غرفة هنية، وقالوا إن التحقيق الأولي أظهر أن المتفجرات وضعت هناك قبل فترة من الوقت.

ووصفوا دقة الهجوم وتعقيده بأنه مماثل في التكتيك لسلاح الروبوت الذكي الذي يتم التحكم فيه عن بعد والذي استخدمته إسرائيل لاغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده في عام 2020.

- خدمة «نيويورك تايمز»