إردوغان لإعادة العلاقات مع سوريا «كما في الماضي»

قال إنه سيستجيب لأي خطوة يتخذها الأسد لتحسين العلاقات مع تركيا

صورة نشرتها وكالة «سانا» الرسمية في 26 يونيو للقاء الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق (أ.ف.ب)
صورة نشرتها وكالة «سانا» الرسمية في 26 يونيو للقاء الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق (أ.ف.ب)
TT

إردوغان لإعادة العلاقات مع سوريا «كما في الماضي»

صورة نشرتها وكالة «سانا» الرسمية في 26 يونيو للقاء الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق (أ.ف.ب)
صورة نشرتها وكالة «سانا» الرسمية في 26 يونيو للقاء الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن «بلاده تريد إعادة العلاقات مع سوريا إلى النقطة التي كانت عليها في الماضي»، مجدداً التأكيد على أنه سيوجه الدعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد لزيارة تركيا في أي وقت.

وأضاف إردوغان: «لقد وصلنا الآن في سوريا إلى نقطة أنه في اللحظة التي يتخذ فيها الرئيس السوري بشار الأسد خطوة نحو تحسين العلاقات مع تركيا، فإننا لا نقف ضده وسنبادر إلى الاستجابة بشكل مناسب، لأننا لم نكن أعداء لسوريا بالأمس، كنا نجتمع مع الأسد كعائلة. أرجو أن نوجه هذه الدعوة ونأمل أن نعيد العلاقات التركية السورية إلى النقطة نفسها التي كانت عليها في الماضي».

وفي إشارة إلى تفضيله «اللقاء المباشر مع الأسد» في أنقرة، تماشياً مع رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال إردوغان في تصريحات لصحافيين رافقوه، الأحد، في رحلة عودته من برلين حيث حضر مباراة المنتخب التركي ونظيره الهولندي في الدور ربع النهائي لبطولة الأمم الأوروبية: «دعوتنا للأسد قد تحدث في أي وقت، لدى السيد بوتين نهج لعقد اجتماع في تركيا، ولرئيس الوزراء العراقي وجهة نظره الخاصة في هذه القضية، نحن نتحدث عن الوساطة في كل مكان، ولكن لماذا لا نتحدث مع من هم على حدودنا، مع جيراننا؟».

اجتماع وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران في موسكو مايو 2023 (إ.ب.أ)

وكان إردوغان قال في تصريحات، أدلى بها الجمعة في طريق عودته من كازاخستان حيث شارك في قمة منظمة شنغهاي للتنمية والتقى بوتين على هامشها: «قد نقوم بدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبشار الأسد، للقاء مشترك. إذا زار الرئيس بوتين تركيا من الممكن أن تبدأ مرحلة جديدة مختلفة».

وأضاف: «كل السنوات التي مرت على الحرب في سوريا أظهرت للجميع بوضوح ضرورة إنشاء آلية حل دائم. مددنا دائماً يد الصداقة إلى جارتنا سوريا، وسنواصل ذلك بشرف وأمانة، نقف إلى جانب سوريا التي تتعاضد على أساس عقد اجتماعي جديد عادل وشامل. ولم ولن نسمح أبداً بإنشاء كيان إرهابي بسوريا في منطقتنا». ورأى أن «رياح السلام، التي ستهب على سوريا، ومناخ السلام الذي سيعم جميع أنحاء سوريا، ضروريان أيضاً لعودة ملايين السوريين إلى بلدهم».

وسبق أن أعلن إردوغان، في تصريحات أخيرة في إسطنبول، استعداده للقاء الأسد «وإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا إلى ما كانت عليه في السابق»، لافتاً إلى أنه التقى الأسد في الماضي، وكانت هناك لقاءات حتى على المستوى العائلي، وليس لديه مشكلة في لقائه مجدداً.

صورة نشرتها وكالة «سانا» الرسمية في 26 يونيو للقاء الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق (أ.ف.ب)

تصريحات إردوغان جاءت رداً على تصريحات الأسد، خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق، أكد فيها انفتاح بلاده على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى.

وتوقفت محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، التي توسطت فيها روسيا، وانطلقت عام 2021 على مستويات مختلفة، منذ يونيو 2023؛ بسبب إصرار الحكومة السورية على انسحاب القوات التركية من شمال سوريا.

قوات تركية بالقرب من الحدود بين تركيا وإدلب السورية (أ.ف.ب)

وتتمسك تركيا ببقاء قواتها حتى التوصل إلى تسوية سياسية ووضع دستور، وإجراء انتخابات في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لعام 2015، وضمان أمن حدودها من تهديدات المسلحين الأكراد. وترى أن الجيش السوري لا يملك القدرة حالياً على بسط السيطرة على الحدود ومنع إقامة كيان كردي انفصالي.

وبحسب مراقبين، فإن الحراك التركي الأخير باتجاه اللقاء مع الأسد، يرجع إلى عوامل عدة، أبرزها المخاوف من الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرقي سوريا في أغسطس (آب) المقبل، وتعدها تركيا خطوة باتجاه إقامة دولة كردية (إرهابية) على حدودها وترغب في دعم موسكو ودمشق لمنع إجرائها.

كذلك التوصل إلى صيغة لإعادة ملايين اللاجئين الذين أصبحوا يشكلون عبئاً، في ظل ضغوط المعارضة والشارع التركي لغلق هذا الملف، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية التي تدفع تركيا إلى الاتفاق مع حكومة دمشق على إعادة تشغيل المعابر وفتح طرق التجارة عبر الحدود إلى سوريا ومنها إلى دول المنطقة.

حرائق أشعلها أتراك في قيصري ضد اللاجئين السوريين (إكس)

في الوقت ذاته، يرى المراقبون أن حكومة الأسد لا تستطيع الوفاء بهذه المتطلبات، سواء لتأمين الحدود أو استيعاب عودة أكثر من 3 ملايين لاجئ في تركيا، بسبب تردي الوضع الاقتصادي وانهيار البنية التحتية في سوريا؛ فضلاً عن عدم قدرتها على تأمين طرق التجارة، حتى وإن أبدت تركيا تغيراً في موقفها من البقاء العسكري في شمال البلاد اعتماداً على صيغ أخرى تضمن لها التدخل عند الضرورة في عمق الأراضي السورية، كتعديل اتفاقية أضنة لعام 1998، ومد مسافة دخول القوات التركية، كما تقترح موسكو، إذ تطالب أنقرة بمدّ مسافة دخول قواتها من 5 إلى 30 أو 40 كيلومتراً لمطاردة القوات الكردية.

ويعتقد أن تركيا تريد استغلال فترة الانشغال بالانتخابات الأميركية المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للانتهاء من ملف التهديد الكردي جنوب حدودها بالاتفاق مع موسكو ودمشق، لتوجسها تجاه واشنطن التي تحافظ على دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية وإقامة كيان كردي على حدودها الجنوبية.

احتجاجات شمال سوريا

وتطرق إردوغان مجدداً إلى أعمال العنف الأخيرة، التي استهدفت اللاجئين السوريين في تركيا في ولاية قيصري وسط البلاد، وما تبعها من احتجاجات ضد تركيا وإهانة العلم التركي في مناطق سيطرة القوات التركية والجيش الوطني الموالي لها شمال سوريا، قائلاً: «من المؤكد أن أيادي تدخلت في هذه الأحداث التي لا يمكن أن تقع دون تدخل سياسي».

وأضاف: «مهما حاولوا إثارة هذا الأمر، فإننا كدولة قوية صفعناهم على الفور بالضربة القاضية، وسوف نستمر بذلك من الآن فصاعداً. سوف ندمرهم بالطريقة ذاتها التي دمرنا بها حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي، ومنظمة المجتمع الكردستاني».

طفل سوري يتابع مركبة عسكرية تركية خلال احتجاجات في الباب شمال سوريا في الأول من يوليو (أ.ف.ب)

في السياق، كشفت مصادر أمنية تركية عن القبض على شخص آخر قام بتمزيق علم تركيا مع مجموعة من الأشخاص في احتجاجات في مدينة أعزاز شمال سوريا على خلفية الأحداث في قيصري، ويدعى علي محمد الحاج حسن حمادة. وقالت المصادر، إن عناصر من الجيش الوطني السوري ألقت القبض عليه نتيجة جهود المخابرات التركية، وإنه قدم اعتذاره للشعب التركي بعد إلقاء القبض عليه.

وكانت المخابرات التركية، ألقت القبض، السبت، على عدد من المحرضين الذين استهدفوا علم تركيا شمال سوريا. وأفادت مصادر أمنية، بتوقيف شاب استهدف العلم التركي في مدينة الباب السورية.

وظهر الشاب في مقطع فيديو بثته وسائل الإعلام التركية وهو يقبل العلم التركي ويعرب عن ندمه واعتذاره للشعب التركي، مستخدماً اللغة التركية في حديثه.

كما أوقف الأمن التركي شخصين آخرين انخرطا في أعمال استفزازية ضد تركيا شمال سوريا.

وسبق أن أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، الجمعة، توقيف 1065 شخصاً في أنحاء البلاد، عقب الأحداث التي اندلعت في ولاية قيصري في 30 يونيو الماضي، وتم خلالها إحراق عدد من المنازل وأماكن العمل وتدمير مركبات وممتلكات عائدة للسوريين.


مقالات ذات صلة

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الجدار الذي أنشأته تركيا على حدودها مع سوريا (وسائل إعلام تركية)

مسؤول عسكري: تركيا مستعدة لمواجهة التهديدات عبر حدودها

قال مصدر عسكري مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن القوات المسلحة قادرة على مواجهة جميع التهديدات التي تواجهها تركيا عبر حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تركيا كثَّفت من تعزيزاتها العسكرية في شمال غربي سوريا مع احتمال مواجهات جديدة بين القوات السورية وفصائل المعارضة والتصعيد الإسرائيلي (إعلام تركي)

التعزيزات العسكرية التركية تتوالى إلى منطقة «بوتين – إردوغان»

دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية جديدة إلى ريف إدلب الشرقي في إطار تعزيزاتها المكثفة في الأيام الأخيرة لنقاطها العسكرية في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية القوات التركية صعدت من ضرباتها الجوية في شمال العراق في الأسابيع الأخيرة (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تواصل ضرباتها الجوية لمواقع «الكردستاني» شمال العراق

أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 4 من عناصر حزب «العمال الكردستاني» «المحظور» في ضربة جوية في شمال العراق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لافروف خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

موسكو تتهم واشنطن بعرقلة مساعي التطبيع بين أنقرة ودمشق

اتهمت روسيا الولايات المتحدة بعرقلة مساعي تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا وأعادت طرح إمكانية تطبيق صيغة معدلة لاتفاقية أضنة كحل لمسألة الوجود العسكري التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)
TT

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش، أن على أميركا وبعض الدول الأوروبية أن تدرك استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

وقال كورتولموش إن مراجعة الولايات المتحدة موقفها من الأزمة الأوكرانية ستسمح ببدء المفاوضات بسرعة. وأضاف، في مقابلة تلفزيونية السبت، أن أميركا تعتقد أن استمرار الصراع في أوكرانيا يسمح لها بتطويق روسيا وتقوية الاتحاد الأوروبي في الوقت ذاته.

وزار كورتولموش روسيا، الأسبوع الماضي، وأجرى مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين وعدد من كبار المسؤولين، وألقى خطاباً أمام البرلمان الروسي. وأكد في تصريحات خلال الزيارة، أن تركيا «بذلت، بالتعاون مع روسيا والأمم المتحدة، جهوداً استثنائية لإبقاء ممر الحبوب في البحر الأسود مفتوحاً، وبالتالي ضمان عدم مواجهة الملايين من الناس، وبخاصة في أفريقيا، أزمة مجاعة».

كورتولموش التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأسبوع الماضي (من حساب كورتولموش في «إكس»)

وقبل أشهر، طرح بوتين مبادرة للتسوية السلمية في أوكرانيا، تضمنت استعداد روسيا للوقف الفوري لإطلاق النار والتفاوض بمجرد انسحاب القوات الأوكرانية من كل أراضي ومناطق روسيا الجديدة. ودعت المبادرة أوكرانيا إلى إعلان تخليها عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنفيذ عملية نزع طوعي للسلاح، وتفكيك البني التنظيمية لـ«النازية» في أوكرانيا، وقبول وضعية الحياد وعدم الانحياز لأي تكتل سياسي أو عسكري، والخلو من الأسلحة النووية، ورفع الدول الغربية العقوبات المفروضة على روسيا.

دعم السيادة الأوكرانية

في الوقت ذاته، جدّدت تركيا دعمها وحدة وسيادة أوكرانيا، واستعدادها للوساطة لوقف الحرب الدائرة مع روسيا، مؤكدة ضرورة استئناف العمل بـ«اتفاقية الممر الآمن للحبوب» في البحر الأسود. وأكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، موقف بلاده «الداعم، منذ البداية، وحدة وسيادة الأراضي الأوكرانية» خلال لقائه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في نيويورك على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، معرباً عن اعتقاده أن السبيل لوقف الحرب هو احترام هذا المبدأ واللجوء إلى الحوار بين الطرفين المتحاربين.

إردوغان التقى زيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الرئاسة التركية)

وشدد إردوغان على استعداد تركيا لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحقيق السلام العادل والدائم؛ بما في ذلك تبنّي دور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا. وتعهّد بمواصلة جهود وقف إطلاق النار من أجل فتح الطريق إلى تحقيق السلام.

ولفت الرئيس التركي إلى العلاقات الجيدة التي تربط بلاده بكل من موسكو وكييف، وقدرتها على لعب دور في الوساطة، كما فعلت من قبل عندما استضافت في إسطنبول مفاوضات بين الجانبين في عام 2022، إضافة إلى وساطتها في تبادل الأسرى والتوصل إلى اتفاقية الحبوب. وقال كورتولموش إن إحدى الطرق الرئيسية لضمان السلام، هي أن تعيد واشنطن النظر في موقفها من قضية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وعندها سيكون من الممكن تنظيم طاولة مفاوضات بسرعة. وأضاف: «يجب على بعض دول الاتحاد الأوروبي أن تتذكر المبدأ القائل إنه من المستحيل إجراء أي مفاوضات من دون روسيا، ونحن نرى حالياً أن أميركا تتحرك في هذا الاتجاه».