إردوغان يُحمِّل المعارضة التركية المسؤولية عن كراهية السوريين والأجانب

بعد إحراق منازل ومتاجر في قيصري واتهام شاب بالتحرش بطفلة قريبته

إردوغان حمل خطاب المعارضة المسموم المسؤولية عن الأحداث ضد السوريين في قيصري (الرئاسة التركية)
إردوغان حمل خطاب المعارضة المسموم المسؤولية عن الأحداث ضد السوريين في قيصري (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يُحمِّل المعارضة التركية المسؤولية عن كراهية السوريين والأجانب

إردوغان حمل خطاب المعارضة المسموم المسؤولية عن الأحداث ضد السوريين في قيصري (الرئاسة التركية)
إردوغان حمل خطاب المعارضة المسموم المسؤولية عن الأحداث ضد السوريين في قيصري (الرئاسة التركية)

عاد الهدوء إلى عدد من أحياء مدينة قيصري في وسط تركيا بعد ليلة متوترة شهدت إحراق أتراك غاضبين منزلاً ومحلات تجارية وتحطيم ممتلكات وسيارات عائدة لسوريين، على خلفية القبض على شاب سوري تحرش بطفلة من أقاربه في الخامسة من عمرها.

وبينما تصاعدت أصوات القوميين الأتراك بوضع حد لمشكلة اللاجئين السوريين بوصفهم خطراً على الأمن القومي للبلاد، حمَّل الرئيس رجب طيب إردوغان، المعارضة المسؤولية عن الأحداث التي شهدتها ولاية قيصري، وأكد وزير الداخلية على يرلي كايا، أن الحكومة لا يمكن أن تسمح بالتحريض والأعمال التي تحض على كراهية الأجانب.

وقال إردوغان، خلال اجتماع تشاوري لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في كيزيلجا عمام بضواحي أنقرة، الاثنين، إنه لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع.

وأضاف أنه من غير المقبول أن يلوم البعض (المعارضة) اللاجئين على عدم كفاءتهم، وأن إحراق بيوت الناس وإشعال النار في الشوارع «غير مقبول» أياً كان من فعل ذلك.

وقال يرلي كايا، عبر حسابه الرسمي في «إكس» الاثنين، تعليقاً على الاحتجاجات وأعمال الشغب التي شهدتها منطقة مليك غازي في ولاية قيصري القريبة من ولاية إسكيشهير، ليلة الأحد – الاثنين، إنه قُبض على مواطن سوري يُدعى «آي.أ» من بعض المواطنين الأتراك وسُلم إلى قوات الأمن، بعدما تحرش بطفلة من أقاربه، وبدأ التحقيق في الأمر على الفور.

موقع ضد الكراهية

وأضاف يرلي كايا: «تجمع مواطنونا في هذه المنطقة، وتصرفوا بشكل غير قانوني ولا يتناسب مع قيمنا الإنسانية، وألحقوا أضراراً بمنازل وأماكن عمل ومركبات تعود لمواطنين سوريين، وفي أثناء تدخل قواتنا الأمنية في الاحتجاجات المذكورة، جرى اعتقال 67 شخصاً، وتم تفريق الحشد في الساعة 02:00 بعد منتصف الليل (تغ +3)».

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أعلن استمرار إغلاق ميدان تقسيم أمام احتفالات يوم العمال (من حسابه على «إكس»)

وتابع وزير الداخلية التركي: «من غير المقبول أن يقوم شعبنا بالإضرار بالبيئة دون مراعاة النظام العام والأمن وحقوق الإنسان، لا يمكننا أن نسمح بكراهية الأجانب، التي ليست في عقيدتنا ولا في قيمنا الحضارية، ولا في سجل أمتنا المقدسة».

كانت مجموعات من الأتراك الغاضبين قد أحرقت منزلاً وعدداً من المتاجر كما حطمت مركبات وممتلكات لسوريين في قيصري بعد اعتقال سوري بزعم تحرشه بطفلة في الخامسة من عمرها، وجرى تداول مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر تحرشه بها.

وتركزت الاحتجاجات بصفة خاصة في أحياء دانيشمان غازي، ذي الكثافة السورية، وحرييت، وسلجوق، وآيدين ايفلار، التابعة لبلدة مليك غازي، وردد المحتجون الغاضبون هتافات: «لا نريد مزيداً من السوريين... لا نريد مزيداً من الأجانب»، كما طالبوا الرئيس رجب طيب إردوغان، وحكومته بالاستقالة، بوصفه المسؤول عن جلب السوريين إلى تركيا.

وانتشرت قوات من شرطة مكافحة الشغب في المناطق التي شهدت الاحتجاجات، ودعا والي قيصري غوكمان تشيشيك، الذي نزل إلى منطقة الاحتجاجات، المواطنين عبر مكبّر صوت من شرفة أحد المنازل، إلى التزام الهدوء بعدما أُصيب 10 من رجال الشرطة في أثناء محاولة تهدئة الاحتجاجات.

محلات السوريين في تركيا تعرضت لأعمال تخريب من أتراك بسبب تحريض المعارضة في انتخابات مايو 2023 (أرشيفية)

وتعهَّد الوالي بعدم السماح بتكرار مثل هذه الحوادث «الحقيرة» في منطقة دانيشمان غازي، مطالباً المواطنين الغاضبين بالهدوء والعودة إلى منازلهم.

وأعلنت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية أن الطفلة الضحية وإخوتها ووالدتها وُضعوا تحت حماية الدولة بعد الإجراءات في مركز الشرطة، وتمت عملية الدعم النفسي للطفلة وعائلتها بمبادرة من فرق الخبراء، وستتدخل الوزارة في القضية وتتابعها عن كثب لضمان حصول الجاني على أقسى عقوبة.

تحذير من القوميين

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في ولاية قيصري، التي يبلغ تعداد سكانها نحو مليون 400 ألف نسمة، نحو 84 ألف سوري، وتحتل المرتبة الـ14 بين الولايات التركية التي تستضيف السوريين، وتشتهر بنشاطها التجاري، وتعد محافظة منطقة الأناضول وهي مركز الأتراك المحافظين المتمسكين بالتقاليد الإسلامية، وتتشابه عادات وتقاليد سكانها كثيراً مع كثير من الشعوب العربية، خصوصا في بلاد الشام.

أرشيفية لتوقيف سوريين تمهيداً لترحيلهم من تركيا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وبات مصير اللاجئين السوريين في تركيا محوراً للتجاذب السياسي بانتظام في النقاش السياسي التركي، ويتعهد معارضو إردوغان بإعادتهم إلى سوريا حال وصولهم إلى الحكم، فيما تتحدث الحكومة عن برامج للعودة الطوعية لأكثر من مليون من بين 3.2 مليون سوري لجأوا إلى تركيا.

وفي خضمِّ الأحداث في قيصري، طالب رئيس حزب «الجيد» القومي، موساوات درويش أوغلو، بفعل ما هو ضروري تجاه اللاجئين السوريين.

وقال درويش أوغلو، في بيان عبر «إكس»: «لقد حذرنا الحكومة مرات عدة لتجنب الوضع الذي حدث في قيصري»، وقلنا إن قضية اللاجئين تشكِّل تهديداً وجودياً للأمن القومي ولمستقبل تركيا والأمة التركية. «والآن، باتت هذه القضية، التي تجاوزت الاحتلال الصامت والخفي، على وشك أن تتحول إلى دمار شامل، وأنا أنادي أولئك الذين تجاهلوا تحذيراتنا وجلبوا ملايين اللاجئين عمداً عبر حدودنا، ومن الواضح أنهم جرّوا تركيا إلى الهاوية، أن يتخذوا إجراءات جدية بشأن الحادث غير الإنساني في قيصري والتطورات التي تلت ذلك».

وأضاف: «أدعو مرة أخرى جميع الأحزاب السياسية وجميع المنظمات غير الحكومية إلى اتخاذ إجراءات على أرضية مشتركة، مع اقتراح حل مشترك وإرادة سياسية مشتركة».


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

شمال افريقيا رصد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة وجود أكثر من 700 ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا (إ.ب.أ)

«الوحدة» الليبية تطلق حملة لترحيل «المهاجرين»

قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إنها ستطلق حملة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، تبدأ من العاصمة طرابلس لتتوسع لاحقاً وتشمل باقي المدن الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة تم اعتراض قاربهم من خفر السواحل التونسي (أرشيفية - رويترز)

مصرع 12 مهاجراً تونسياً وإنقاذ 29 آخرين إثر غرق مركب قبالة سواحل جربة

قضى وفُقد أكثر من 1300 مهاجر عام 2023 في غرق قوارب قبالة الساحل التونسي

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة تم اعتراض قاربهم من خفر السواحل التونسي (رويترز)

سواحل تونس تلفظ 13 جثة متحللة لمهاجرين غرقى

أفاد مسؤول قضائي تونسي، اليوم (الأربعاء)، بأن 13 جثة لمهاجرين غرقى ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء لفظتها سواحل ولاية المهدية.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون غير شرعيين يقيمون بإحدى الغابات الواقعة خارج صفاقس (د.ب.أ)

«الأوروبي» يطالب تونس بالتحقيق في تعرُّض مهاجرين للعنف

طلبت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، من سلطات تونس فتح تحقيق في شهادات تشير إلى تورط عناصر أمن مكلفين بتنفيذ القانون بارتكاب اعتداءات جنسية بحق مهاجرين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أفريقيا أحد سواحل العاصمة السنغالية داكار (أ.ف.ب)

العثور على 30 جثة داخل قارب قبالة سواحل داكار

عثرت البحرية السنغالية، الأحد، على قارب جنح على بعد عشرات الكيلومترات قبالة سواحل داكار وعلى متنه 30 جثة على الأقل، حسبما أعلن الجيش.

«الشرق الأوسط» (داكار)

حوار أميركي - إسرائيلي: تخفيض الضربات على إيران مقابل تصعيد في لبنان

تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
TT

حوار أميركي - إسرائيلي: تخفيض الضربات على إيران مقابل تصعيد في لبنان

تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)
تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)

في ظل التهديدات المتبادلة التي تسمع في كل من طهران وتل أبيب، حيث يهدد المسؤولون الإسرائيليون بالرد على الصواريخ بضربات استراتيجية مؤلمة، ويهدد الإيرانيون بالرد على الرد بقصف بنى تحتية استراتيجية، تواصل الولايات المتحدة حوارها المحموم مع مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ومع قيادة الجيش، بغرض منع التدهور أكثر.

وتؤكد مصادر مطلعة أن التفاهمات الآخذة في التبلور بينهما تقود إلى «صفقة»، بموجبها تخفض إسرائيل من حدة ضرباتها لطهران، وتسكت واشنطن على تصعيد ضرباتها في لبنان.

وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية التي كانت قد تفاهمت مع إسرائيل على أن تقتصر حربها في لبنان على ضرب «حزب الله» في مواقعه في الجنوب وفي البقاع، والهرمل، والضاحية الجنوبية لبيروت، والامتناع عن المساس بلبنان واللبنانيين، ورفضت احتلالاً للجنوب، تسكت حالياً عن توسيع نطاق الحرب، فقد قصفت إسرائيل العديد من المواقع في لبنان.

ونقلت صحف بريطانية عن مصادر لبنانية أن إسرائيل تشن، منذ الثلاثاء، في كل يوم، ألف غارة على تلك المواقع مجتمعة. وهذا يضاهي ضعفي الغارات التي نفذتها القوات الأميركية في العراق سنة 2017.

وأكدت المصادر أن الانتقادات الخجولة التي يطلقها الرئيس جو بايدن وغيره من المسؤولين الأميركيين للممارسات الإسرائيلية تفهم في تل أبيب على أنها موافقة صامتة غير مباشرة وتفاهمات وانسجام مع واشنطن. وعنوان هذه التفاهمات هو: «تخفيض حدة الهجوم الانتقامي الإسرائيلي على إيران، مقابل رفع سقف الضربات على لبنان».

ولكنها أكدت في الوقت نفسه أن واشنطن تحاول منع نتنياهو من جرها إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، ينسف إنجازاتها في الحوار مع إيران. فهي تحقق تقدماً في المفاوضات باتجاه التوصل إلى اتفاق نووي جديد مقابل رفع العقوبات. وترى أن نتنياهو يحاول تحقيق حلمه القديم، منذ سنة 2010 لجرها إلى حرب ضد النووي الإيراني، لذلك تمارس الضغوط لنزع فتيل الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، والابتعاد عن خطرها.

ومع ذلك، فإن نتنياهو لا يكف عن محاولاته، ويهدد بضرب منشآت نووية أو مرافق نفطية ومشاريع الطاقة، ويتعامل مع المساندة الأميركية والغربية على أنها «واجب» و«خدمة لمصالحها، التي تتولى إسرائيل المسؤولية عنها». ويشكو الأميركيون من أن «نتنياهو يماطل لإطالة الحرب حتى ما بعد الانتخابات الأميركية؛ لأنه يريد للمرشح الجمهوري دونالد ترمب أن يكسب». ويعدّون ذلك نكراناً للجميل.

وكان يفترض أن يتكلم الرئيس بايدن مع نتنياهو قبل عدة أيام؛ «بهدف تنسيق طبيعة الهجوم الذي تهدد إسرائيل بشنه على إيران، رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، مساء الثلاثاء الماضي»، لكن بايدن يماطل «لأنه ببساطة لم يعد يطيق سماع اسم نتنياهو»، كما يقول مراسل «القناة الـ12» للتلفزيون الإسرائيلي. ويضيف: «جهاز الأمن الإسرائيلي يواصل استعداداته لسيناريوهات عديدة لمهاجمة إيران بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وأن طبيعة هجوم كهذا وتوقيته سيتقرران لاحقاً، وفيما سلاح الجو الإسرائيلي في حالة جهوزية مرتفعة. يخشى بايدن من خديعة نتنياهو، وينوي التكلم معه لكنه يريد أن يكون الكلام مفيداً، لذلك يجعل الحوار بينه وبين مبعوثيه.

وقال مسؤولون إسرائيليون، شاركوا في مداولات عقدها نتنياهو مع قيادة جهاز الأمن، أمس، إنه «يتوقع رداً شديداً ومنسقاً مع الولايات المتحدة، خلال أيام».

يذكر أن بايدن كان قد صرح للصحافيين، أمس، بأن «أميركا تساعد إسرائيل بالفعل. وسوف نحمي إسرائيل»، مضيفاً أنه «لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به، الكثير مما ينبغي فعله»، وأنه «لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب شاملة. أعتقد أننا قادرون على تجنبها»، وفقاً لوكالة «رويترز». وأضاف بايدن رداً على سؤال حول ما إذا سيسمح لإسرائيل بمهاجمة إيران، أنه «نحن لا نسمح لإسرائيل بمهاجمة إيران، نحن نمنحها الاستشارة».

ويطالب وزراء في الكابينيت السياسي - الأمني الإسرائيلي بأن يكون هجوم إسرائيل في إيران شديداً، وأن «الرد يجب أن يجبي ثمناً من نظام آيات الله». وتسعى إسرائيل إلى ممارسة ضغوط على دول غربية، بمشاركة الولايات المتحدة، بهدف فرض عقوبات على إيران، مستغلة الهجوم الصاروخي من أجل تشديد موقف الدول الغربية ضد إيران.