الجيش الإسرائيلي يدمر البنى التحتية في مخيم جنين

تمويل حكومي لبؤر استيطانية أقامها متطرفون عليهم عقوبات أميركية وبريطانية

فلسطيني يحاول جمع الفاكهة من كشك دمر خلال هجوم إسرائيلي اليوم في جنين بالضفة الغربية (رويترز)
فلسطيني يحاول جمع الفاكهة من كشك دمر خلال هجوم إسرائيلي اليوم في جنين بالضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يدمر البنى التحتية في مخيم جنين

فلسطيني يحاول جمع الفاكهة من كشك دمر خلال هجوم إسرائيلي اليوم في جنين بالضفة الغربية (رويترز)
فلسطيني يحاول جمع الفاكهة من كشك دمر خلال هجوم إسرائيلي اليوم في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي مدينة جنين ومخيمها، فجر اليوم الخميس، ترافقها جرافات ضخمة وراحت تنفذ عمليات تجريف واسعة للشوارع وتدمير البنى التحتية بحجة البحث عن عبوات ناسفة، في وقت كشف فيه تقرير لصحيفة «هآرتس» العبرية عن «تمويل حكومي لبؤر استيطانية في الضفة الغربية أقامها إرهابيون يخضعون لعقوبات أميركية وبريطانية».

القوات الإسرائيلية دمرت على الطريق ممتلكات سكان المخيم، وأصابت أحد المواطنين بجراح، واعتقلت فلسطينية بغرض الضغط على ابنها كي يسلم نفسه.

الاجتياح بدأ، فجر اليوم، بالإعلان عن المخيم منطقة عسكرية مغلقة، يحظر الدخول إليه أو الخروج منه. وروى شهود عيان أن قوات الاحتلال دخلت المخيم وأحد أحياء المدينة المجاور، بعدة فرق عسكرية وعشرات الآليات، من عدة مداخل.

دخان من استهداف مركبة إسرائيلية خلال مداهمة للجيش في جنين بالضفة اليوم (أ.ف.ب)

وعملت بمرافقة طيارتين مروحيتين وطائرات مسيرة، وقصفت من الجو دراجة نارية في حي الجابريات، واعتقلت الشابين أمير محمد أبو حجاب، وأحمد عتابة، في جبل أبو ظهير، واعتقلت ابتسام صالح تركمان للضغط على نجلها المطلوب، مصطفى تركمان، لتسليم نفسه.

جندي إسرائيلي يصوب سلاحه على سيارة إسعاف فلسطينية خلال اجتياج إسرائيلي لجنين بالضفة الغربية اليوم (رويترز)

وشرعت القوات الإسرائيلية بعملية تدمير للبنية التحتية، بينما تمركز جنود القناصة على أسطح عدد من المنازل وبداخلها.

وأشارت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان لها، إلى أن «قوات الاحتلال تعتدي على طاقم الإسعاف في أثناء محاولتهم الوصول إلى إصابة في منطقة الجابريات في مدينة جنين، وتعرقل عملهم وتهددهم».

وقال نائب مدير مستشفى جنين الحكومي مصطفى حمارشة، إن «جيش الاحتلال يطبق حصاراً مشدداً على مداخل المخيم، الأمر الذي أدى إلى منع دخول وخروج أحد من المستشفى، وكذلك الحد من حركة مركبات الإسعاف».

جرافة إسرائيلية تعمل بجوار إطارات مشتعلة خلال هجوم الجيش في جنين بالضفة (رويترز)

كما قامت الجرافات الإسرائيلية بأعمال تجريف واسعة للبنية التحتية وممتلكات المواطنين في شارعي الناصرة وحيفا، وفي محيط مدرسة الوكالة في المخيم، وفي حيي الجابريات والزهراء، ودوار الجلبوني، وواد برقين، وسوق الخضار في شارع أبو بكر، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدة أحياء، كما دمرت صرح الشهداء، وداهمت المسجد التركي في الجابريات.

يذكر أن مخيم جنين يتعرض للاجتياح للمرة العاشرة منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ويعد أكثر المخيمات الفلسطينية تعرضاً للاعتداء منذ بداية الاحتلال.

جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي عند مدخل جنين في الضفة الغربية خلال مداهمة الخميس (أ.ف.ب)

وقد اشتهر عام 2002 عندما اقتحمته قوات كبيرة فوقعت في كمين للشبان المسلحين قتل فيه 23 جندياً إسرائيلياً، فهاجمته قوات ضخمة وقتلت منه نحو 100 فلسطيني، في عملية عرفت باسم «مذبحة جنين»، وجرى خلالها تدمير ما يقارب من 150 بناية، فيما أصبح العديد من المباني الأخرى غير صالحة، الأمر الذي خلف وراءه نحو 435 عائلة بلا مأوى.

وعلى الرغم من أن الخطط قد وضعت من أجل إعادة بناء المخيم وتبرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بالأرض لتوسعة المخيم، فإن هناك العديد من العقبات التي حالت دون إعادة الإعمار، بما في ذلك الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة وحالات حظر التجول المتكررة والإغلاقات.

وهذا المخيم هو ثاني أكبر مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، يقطنه اليوم نحو 30 ألف نسمة، ثلثهم في الأصل نزحوا من حيفا وقضائها بعد ترحيل سكانها عام 1948.

مستوطنون مسلحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)

بؤر استيطانية

تجدر الإشارة إلى أن الاعتداء على جنين يأتي في إطار مسلسل اعتداءات أخرى يطال جميع البلدات في الضفة الغربية، وبالإضافة إلى ممارسات الجيش، تستمر اعتداءات المستوطنين على الأراضي الفلسطينية.

وكشفت صحيفة «هآرتس»، الخميس، عن أن وزارة الزراعة الإسرائيلية تمول البؤر الاستيطانية العشوائية التي أقيمت على شكل مزارع في الضفة الغربية. وذكرت الصحيفة أن وزارة الزراعة بقيادة الوزير أفي ديختر من حزب «الليكود»، قررت رصد تمويل لبؤرتين استيطانيتين عشوائيتين أقامهما المستوطنان تسفي بار يوسف وموشيه شرفيط، اللذان فرضت عليهما عقوبات أميركية، في مارس (آذار)، في أعقاب مشاركتهما في اعتداءات إرهابية ضد الفلسطينيين.

ويتبين من معطيات حركة «سلام الآن»، أن وزارة الزراعة حولت خلال السنوات الست الماضية مبلغ 1.66 مليون شيقل (448 ألف دولار) إلى بؤر استيطانية عشوائية في الضفة، إضافة إلى قرارات بتحويل نحو 1.5 مليون شيقل (405 آلاف دولار) لم تُدفع بعد.


مقالات ذات صلة

مقتل فتى فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية قرب جنين بالضفة الغربية (رويترز)

مقتل فتى فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن القوات الإسرائيلية قتلت فتى فلسطينياً بالرصاص في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي عائلة فلسطينية تتناول وجبة طعام في إحدى مدارس «الأونروا» التي تؤوي نازحين في خان يونس (رويترز)

وزارة التعليم: الحرب في غزة تحرم 39 ألف طالب من امتحانات الثانوية العامة

قالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إن 39 ألف طالب بالثانوية العامة في قطاع غزة لن يتمكنوا من أداء الامتحان الذي يؤهلهم للانتقال إلى مرحلة التعليم الجامعي.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون (أ.ف.ب)

القوات الإسرائيلية تعتقل 20 فلسطينياً من الضفة

اعتقلت القوات الإسرائيلية، منذ مساء أمس (الأربعاء) إلى اليوم (الخميس)، 20 فلسطينياً على الأقل، من محافظات عدة في الضفة الغربية، بينهم أطفال وأسرى سابقون.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الباحة الخارجية للمسجد الأقصى (أ.ف.ب)

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية الشرطة الإسرائيلية

أفاد تقرير فلسطيني بـ«اقتحام مستعمرين، اليوم (الخميس)، باحات المسجد الأقصى، بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية فلسطيني يعاين الدمار الذي خلَّفه المستوطنون في منزله وسيارته في قرية المغير قرب رام الله بالضفة الغربية في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر بين بن غفير والجيش لعدم ردع المستوطنين في الضفة

الكشف عن الخلاف بين بن غفير والجيش حيال التعامل مع المتطرفين في الضفة، فيما تنظر المحكمة العليا في تعديل قانون رسخ فيه صلاحياته على الشرطة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

تركيا: ادعاءات عودة غل للرئاسة بعد إردوغان تشعل جدلاً

الرئيسان التركيان السابق عبد الله غل والحالي رجب طيب إردوغان (أرشيفية)
الرئيسان التركيان السابق عبد الله غل والحالي رجب طيب إردوغان (أرشيفية)
TT

تركيا: ادعاءات عودة غل للرئاسة بعد إردوغان تشعل جدلاً

الرئيسان التركيان السابق عبد الله غل والحالي رجب طيب إردوغان (أرشيفية)
الرئيسان التركيان السابق عبد الله غل والحالي رجب طيب إردوغان (أرشيفية)

أشعلت التكهنات حول عودة الرئيس التركي السابق، عبد الله غل، إلى المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، عبر رئاسة حزب يتألف من 3 أحزاب محافظة، والترشح للرئاسة في 2028 بديلاً للرئيس رجب طيب إردوغان، جدلاً واسعاً.

وبينما التزم غل، ودائرته القريبة، الصمت تجاه الادعاءات التي ذهبت إلى أنه سيعود عبر تولي رئاسة حزب يتألف من أحزاب «الديمقراطية والتقدم»، برئاسة علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، و«السعادة» الذي من المقرر أن يغادره رئيسه الحالي تمل كارامولا أوغلو لأسباب صحية بنهاية يونيو (حزيران) الحالي، وأنه أبلغ إردوغان، هاتفياً، بأنه سيتولى رئاسة الحزب الجديد، خرجت ردود فعل من حزبي «السعادة» و«المستقبل» تتحدث عن دراسة الأمر أو استبعاده.

ادعاءات وصمت

وتردد في كواليس أنقرة أن غل يريد أن يكون مرشحاً للرئاسة في عام 2028 من خلال السعي للحصول على أصوات أنصار حزب «العدالة والتنمية»، الذي كان أحد مؤسسيه، لا سيما أنه لا يمكن لإردوغان أن يكون مرشحاً مرة أخرى وفقاً للدستور، إذا لم يقرر البرلمان إجراء انتخابات مبكرة، وأنه أخبر دائرته المقربة بذلك.

غل زار الجامع الأزهر خلال مشاركته بأحد المؤتمرات في مصر فبراير الماضي (متداولة)

وكما لم يصدر أي تعليق عن غل أو دائرته، لم يصدر أي موقف أيضاً عن حزب «الديمقراطية والتقدم»، الذي يرأسه نائب رئيس الوزراء الأسبق المعروف بقربه الشديد من غل. لكن نائب رئيس حزب «السعادة»، يوسف سونار، أكد أن ما يتردد هو «مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة».

وقال سونار، في تصريحات نشرت الخميس: «بابنا مفتوح للجميع، شكلنا بالفعل مجموعة برلمانية مشتركة مع حزب المستقبل، لكن المؤتمر العام لحزبنا سيعقد في 30 يونيو لاختيار رئيس جديد، سندخل المؤتمر باسم واحد، وبعد ذلك يمكننا إجراء التقييمات حول مختلف القضايا».

بدوره، قال نائب رئيس حزب «المستقبل»، علي أيدين: «هذا الادعاء غريب للغاية، ومستبعد بالنسبة لنا، أنا شخص التقيت عن كثب (السيد عبد الله)، ليس لديه مثل هذا الطلب أو النية، السيد عبد الله من قيصري (مسقط رأس غل بوسط تركيا) ويجري الحسابات بدقة، لا يوجد شيء ملموس مثل هذا في الوقت الحالي».

وعن الاندماج مع حزب «السعادة» قال أيدين: «ستجرى إعادة تقييم الوضع وفقاً للتشكيل الجديد للهيكل القيادي للحزب».

الرئيس التركي السابق عبد الله غل (أرشيفية)

حديث متكرر

وسخر الكاتب المخضرم بصحيفة «قرار»، المعروف بقربه من الرئيس السابق، فهمي كورو، من ادعاءات عودة غل إلى السياسة عبر رئاسة الحزب المؤلف من الأحزاب الثلاثة، قائلاً: «إن هذا الخبر يتكرر مرات عدة في السنة، ومن يختلقه لا يكل ولا يمل، يعيد تسخين الخبر ذاته بتغيير تفاصيل صغيرة فقط».

وقال كورو: «أضحك عندما أقرأ هذا الخبر... التفاصيل الصغيرة الآن تدور حول مَن سيترأس الحزب الجديد الذي سيجري تشكيله من خلال دمج بعض الأحزاب، وسوف تتحد أحزاب (الديمقراطية والتقدم) و(المستقبل) و(السعادة) تحت سقف واحد، وسيصبح غل رئيساً لذلك الحزب».

وأضاف كورو، في مقال، الجمعة، تحت عنوان: «بماذا ينشغل غل الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية؟»: «أن هناك من هو مستعد لتصديق مثل هذه الأخبار، وأنه بالنظر إلى السياسيين الآخرين الذين يتوقون إلى المقاعد التي كانوا يشغلونها ذات يوم، على الرغم من تقدمهم في السن، والذين يحاولون العودة إلى أماكنهم القديمة في أول فرصة، فقد فكروا: (لماذا لا يكون غل كذلك؟)».

جدول مزدحم

وأشار إلى أن مكتب غل نفى مثل هذه الأخبار مرات عدة في السنوات الخمس الماضية، وليس لدى غل الوقت للرد على الأخبار الكاذبة عنه، لأنه في السنوات العشر التي تلت نهاية فترة ولايته رئيساً لتركيا، كان غل، قبل السياسة، بصفته أكاديمياً، مهتماً بشدة بالجامعة التي تحمل اسمه، والتي تمكنت في وقت قصير من أن تصبح واحدة من أكثر المؤسسات التعليمية المفضلة.

وتابع: «أن قدرة (جامعة عبد الله غل) على جذب الأساتذة الجيدين والطلاب الناجحين، على الرغم من أنها مؤسسة حكومية، ترجع جزئياً إلى اهتمامه، ولا يحتفظ غل باتصالاته مع الأشخاص المحليين والأجانب المهمين الذين التقاهم خلال حياته السياسية فقط، بل يلبي أيضاً دعوات المؤسسات المختلفة، ويشارك في فعاليات مختلفة بصفته متحدثاً، ويذهب إلى بلدان مختلفة حيث تتم دعوته».

وقال كورو: «أعرف أنه ذهب إلى مصر وأوزبكستان في الشهرين الماضيين، وأنه كان موضع ترحيب على أعلى مستوى في هذين البلدين، وكانت له اتصالات على جميع المستويات، ويظهر في وسائل الإعلام الدولية من وقت لآخر، ويكتب المقالات التي تحظى بمتابعة على مستوى العالم».

وتساءل: «هل بقي وقت للرئيس الحادي عشر لتركيا عبد الله غول للتعامل مع الأحزاب؟ ماذا تقولون؟».