تركيا: سجن رئيس بلدية كردي 20 عاماً بتهمة «الإرهاب»

إمام أوغلو رئيساً لاتحاد البلديات... وإردوغان التقى أكشنار فجأة

قوات الأمن التركية فرضت تدابير مشددة حول محكمة هكاري الجنائية العليا خلال جلسة محاكمة رئيس البلدية المعزول (إكس)
قوات الأمن التركية فرضت تدابير مشددة حول محكمة هكاري الجنائية العليا خلال جلسة محاكمة رئيس البلدية المعزول (إكس)
TT
20

تركيا: سجن رئيس بلدية كردي 20 عاماً بتهمة «الإرهاب»

قوات الأمن التركية فرضت تدابير مشددة حول محكمة هكاري الجنائية العليا خلال جلسة محاكمة رئيس البلدية المعزول (إكس)
قوات الأمن التركية فرضت تدابير مشددة حول محكمة هكاري الجنائية العليا خلال جلسة محاكمة رئيس البلدية المعزول (إكس)

قضت محكمة تركية بسجن رئيس بلدية هكاري (جنوب شرق) محمد صديق أكيش، 19 سنة و6 أشهر، لإدانته في جرائم تتعلق بـ«دعم الإرهاب» في قضية تعود إلى عام 2014، وذلك وسط أجواء من التوتر لا تزال مستمرة احتجاجاً على اعتقاله وعزله من منصبه، وتعيين وصيٍّ من جانب الحكومة لإدارة البلدية التابعة لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد.

في الوقت ذاته، انتُخب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، رئيساً لاتحاد البلديات في تركيا بعد تغلبه على منافسه من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، رئيس بلدية طرابزون، أحمد متين جنتش. كما استقبل الرئيس رجب طيب إردوغان، رئيسة حزب «الجيد» السابقة، ميرال أكشنار، فيما وُصفت بـ«القمة المفاجئة».

ظروف مشدّدة

مَثل رئيس بلدية هكاري المعتقل، محمد صديق أكيش، الأربعاء، أمام المحكمة الجنائية العليا الأولى في هكاري في الجلسة 61 للقضية المتهم فيها مع 12 آخرين بـ«قيادة منظمة إرهابية مسلحة»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة» و«الدعاية لمنظمة إرهابية»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.

وأُلقي القبض على أكيش في منزل أحد أقاربه في مدينة وان شرق تركيا، الاثنين، في إطار تحقيق يُجريه مكتب المدعي العام حول الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، والتي فاز فيها أكيش برئاسة بلدية هكاري عن حزب «الديمقراطية والمساوة للشعوب». وأسندت وزارة الداخلية مهامه إلى والي هكاري، علي تشيليك، الذي أصبح وصياً على البلدية.

وسمحت قوات الأمن لـ6 محامين بحضور الجلسة، لكنها منعت نواباً من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، من حضورها. كما فرضت قوات الأمن تدابير مشددة حول قاعة المحكمة، ووقعت مشاجرات متفرقة بين الحين والآخر بين الشرطة وأعضاء الحزب.

ونفى أكيش، خلال الجلسة، أن يكون قد حاول الهرب، مؤكداً أنه يقف وراء كل ما فعل، وأنه فعل كل ما كان عليه فعله في مجال السياسة، وأنه يقف أمام القاضي مرفوع الرأس، لأنه يدافع دائماً عن السلام والأخوة والمساواة والحرية.

توترات وانتقادات

وتسبب القبض على أكيش وعزله من منصبه وتعيين وصي على البلدية في توتر واحتجاجات واسعة. وأصدرت ولاية هكاري بياناً يحظر المظاهرات والتجمعات في المدينة لمدة 10 أيام.

وعلى الرغم من ذلك، تتواصل الاحتجاجات التي أسفرت عن سقوط جرحى في الاشتباكات بين المواطنين والشرطة، والقبض على عدد من المحتجين في هكاري ووان. ووقع شجار واشتباك بالأيدي، الثلاثاء، بين نواب من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ونواب من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» كانوا يعتزمون تنظيم احتجاج داخل البرلمان للتنديد بتعيين وصي على بلدية هكاري، مرددين هتاف: «كتفاً بكتف ضد الفاشية»، بينما ردّ نواب حزب «العدالة والتنمية»: «يسقط حزب العمال الكردستاني».

وأثار اعتقال أكيش وتعيين وصي على البلدية ردود فعل رافضة من الأحزاب، في مقدمتها حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، الذي انضمَّ عدد من مسؤوليه ونوابه إلى مًسيرة في هكاري للدفاع عن رئيس البلدية المنتخب.

بدوره، عبّر الزعيم الكردي المعتقل، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، عن رفضه سياسة الأوصياء، قائلاً إن «حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، تعيش آخر فتراتها، وباتت تلعب بالوقت الضائع»، حسبما نقلت عنه محاميته، هوليا جولبهار، التي زارته في محبسه بسجن أدرنة، شمال غربي البلاد.

وأثار عزل أكيش ردود فعل خارجية أيضاً. وقال مقرر تركيا بالبرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، معلقاً على القرار، عبر حسابه في «إكس»، قائلاً إن «اعتقال رئيس بلدية هكاري محمد صديق أكيش وتعيين وصي مكانه، بمثابة اعتداء صارخ على المبادئ الديمقراطية... هذا الوضع بمثابة تجاهل لإرادة الشعب... الحكومة التركية تستخدم أسرع الطرق لتدمير الأمل في تنشيط الاقتصاد والتنمية».

لقاء مفاجئ

على صعيد آخر، استقبل الرئيس رجب طيب إردوغان، في القصر الرئاسي في أنقرة، رئيسة حزب «الجيد» السابقة، ميرال أكشنار، فيما وصفتها وسائل الإعلام التركية بـ«القمة المفاجئة».

إردوغان استقبل رئيسة حزب «الجيد» السابقة ميرال أكشنار بشكل مفاجئ (الرئاسة التركية)
إردوغان استقبل رئيسة حزب «الجيد» السابقة ميرال أكشنار بشكل مفاجئ (الرئاسة التركية)

ونفت مصادر في حزب «الجيد» أن يكون اللقاء بين إردوغان وأكشنار مفاجئاً، مرجّحة أن يكون قد تم الاتفاق عليه خلال اتصالات هاتفية جرت بينهما في الفترة الأخيرة. وسبق أن وجّه إردوغان، وحليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، الدعوة لأكشنار للانضمام إلى «تحالف الشعب» المؤلَّف من حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، الذي سبق وانشقّت عنه أكشنار عام 2017 لتؤسس حزب «الجيد»، قبل أن تغادر رئاسته على خلفية فشله في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.​


مقالات ذات صلة

إردوغان: أكثر من 133 ألف لاجئ سوري في تركيا عادوا إلى ديارهم

المشرق العربي إردوغان مستقبلاً الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة في فبراير الماضي (الرئاسة التركية) play-circle

إردوغان: أكثر من 133 ألف لاجئ سوري في تركيا عادوا إلى ديارهم

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أكثر من 133 ألف لاجئ سوري في تركيا عادوا إلى ديارهم في غضون 3 أشهر منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في صورة تذكارية مع قادة دول أوروبية شاركوا في «قمة لندن» بشأن أوكرانيا التي حضرها ممثلاً للرئيس رجب طيب إردوغان (الخارجية التركية)

تركيا تؤكد استعدادها للمشاركة بجنود في «قوة سلام» بأوكرانيا

أبدت تركيا استعدادها لإرسال جنود ضمن قوة للسلام في أوكرانيا «إذا لزم الأمر»، وأكدت رغبتها أن تكون جزءاً من أي هيكل أمني أوروبي حال تفكك «الناتو».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يعبرون عن فرحتهم بدعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته (أ.ب)

تركيا: حزب كردي يطالب بخريطة لتنفيذ دعوة أوجلان لحل «الكردستاني»

أكد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا عدم وجود خريطة طريق لما بعد دعوة عبد الله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً أمام السفراء الأجانب في تركيا (الرئاسة التركية)

إردوغان يلوح لأوروبا بالأمن... وحزب كردي يطالب بحرية «أوجلان»

دعا حزب تركي مؤيد للأكراد إلى تخفيف ظروف سجن زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان حتى يتمكن من القيام بمهامه في الدعوة التي أطلقها لحلّ الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جانب من المباحثات التركية - البريطانية في أنقرة (الخارجية التركية)

تركيا طالبت خلال محادثات مع بريطانيا برفع كامل للعقوبات الغربية

أكدت تركيا ضرورة رفع جميع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا ودعم شعبها في المرحلة التي تسعى فيها إلى استعادة عافيتها

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا تؤكد استعدادها للمشاركة بجنود في «قوة سلام» بأوكرانيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في صورة تذكارية مع قادة دول أوروبية شاركوا في «قمة لندن» بشأن أوكرانيا التي حضرها ممثلاً للرئيس رجب طيب إردوغان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في صورة تذكارية مع قادة دول أوروبية شاركوا في «قمة لندن» بشأن أوكرانيا التي حضرها ممثلاً للرئيس رجب طيب إردوغان (الخارجية التركية)
TT
20

تركيا تؤكد استعدادها للمشاركة بجنود في «قوة سلام» بأوكرانيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في صورة تذكارية مع قادة دول أوروبية شاركوا في «قمة لندن» بشأن أوكرانيا التي حضرها ممثلاً للرئيس رجب طيب إردوغان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في صورة تذكارية مع قادة دول أوروبية شاركوا في «قمة لندن» بشأن أوكرانيا التي حضرها ممثلاً للرئيس رجب طيب إردوغان (الخارجية التركية)

أبدت تركيا استعدادها لإرسال جنود ضمن قوة للسلام في أوكرانيا «إذا لزم الأمر»، وأكدت رغبتها أن تكون جزءاً من أي هيكل أمني أوروبي حال انهيار «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

وأكد مسؤول بوزارة الدفاع التركية أن بلاده ستواصل دعم جميع المبادرات البناءة الرامية إلى إرساء السلام في منطقة البحر الأسود، وإعادة بناء أوكرانيا خلال هذه العملية. وقال المسؤول العسكري، خلال إفادة صحافية أسبوعية من وزارة الدفاع التركية، الخميس: «نتابع المبادرات الدبلوماسية متعددة الأبعاد الرامية إلى إنهاء الحرب بالتنسيق الوثيق مع المؤسسات ذات الصلة، وستُقيَّم مسألة المساهمة في المهمة التي جرى التعبير عنها في قنوات مختلفة بشكل متبادل مع جميع الأطراف ذات الصلة».

وعن الأنباء التي تفيد بإرسال جنود أتراك إلى أوكرانيا ضمن قوة للسلام، قال المسؤول العسكري: «وجهة نظر تركيا في إمكانية تحقيق السلام العادل والدائم من خلال تمثيل الطرفين على قدم المساواة والإنصاف، تظل كما هي، وإذا تطلب الأمر إرسال جنود ضمن قوة للسلام، فستفعل ذلك».

وعبرت تركيا عن ترحيبها بمبادرة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا، وتؤكد ضرورة مشاركة الطرفين المتحاربين في أي مفاوضات للسلام. كما تؤكد استعدادها للوساطة واستضافة المفاوضات بين الجانبين؛ الروسي والأوكراني، كما فعلت من قبل عندما استضافت جولة مباحثات أولية في إسطنبول خلال مارس (آذار) 2022.

إردوغان مستقبلاً زيلينسكي خلال زيارته أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً زيلينسكي خلال زيارته أنقرة الشهر الماضي (الرئاسة التركية)

وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي استقبل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في أنقرة الشهر الماضي، في كلمة خلال مشاركته في إفطار لسفراء تركيا في أنحاء العالم، إن «كل المحاولات التي تسعى نحو حل الأزمة الأوكرانية - الروسية لكن تقصي أحد الأطراف، ستكون دون جدوى». وعدّ إردوغان أنه لا يمكن تصور أمن القارة الأوروبية من دون تركيا، وأن تركيا بصفتها جزءاً لا يتجزأ من القارة الأوروبية «ترى أن عملية انضمامها إلى (الاتحاد الأوروبي) أولوية استراتيجية».

بدوره، قال مسؤول عسكري تركي إن بلاده «بصفتها عضواً في (حلف شمال الأطلسي - ناتو)، و(منظمة الأمن والتعاون في أوروبا)، ودولة مرشحة للانضمام إلى (الاتحاد الأوروبي)، فإنها تشكل جزء لا يتجزأ من البنية الأمنية الأوروبية، بصناعتها الدفاعية المتطورة، وأدوارها المهمة في حل الأزمات الإقليمية، وجيشها القوي». وأضاف أنه «من غير الممكن ضمان الأمن الأوروبي دون تركيا. ومع ذلك، فإن الاستمرار في منعها من المشاركة بمبادرات الدفاع في (الاتحاد الأوروبي) لأسباب سياسية، سيكون موقفاً خاطئاً للغاية». ولفت إلى أنه «في هذه المرحلة التي تزداد فيها مخاوف أوروبا في مجال الأمن، تعدّ المشاركة الكاملة لبلدنا في جهود الدفاع بالاتحاد الأوروبي أمراً ضرورياً لكي تصبح أوروبا لاعباً عالمياً».

فيدان خلال مشاركته في «قمة لندن الأوروبية» بشأن أوكرانيا (الخارجية التركية)
فيدان خلال مشاركته في «قمة لندن الأوروبية» بشأن أوكرانيا (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن بلاده تريد أن تكون جزءاً من أي هيكل أمني أوروبي جديد حال تفكك حلف الـ«ناتو». وأضاف فيدان، في تصريحات لصحيفة «فاينانشيال تايمز» على هامش مشاركته في قمة أوروبية بشأن أوكرانيا في لندن، نقلتها وسائل إعلام تركية الخميس، أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، هي «دعوة لنا للاستيقاظ؛ لكي نتحد ونصمم مركز ثقل خاصاً بنا». وقال فيدان: «لقد خرج المارد من القمقم، ولا يمكن إعادته. وحتى لو قرر ترمب عدم الانسحاب من (أوروبا) في الوقت الحالي، فمن الممكن أن يأتي في المستقبل شخص يحمل وجهات نظر وأفكاراً سياسية مماثلة ويفكر في تقليص مساهمات أميركا في أمن أوروبا».