مخرج إيراني «منتقد» يغادر بلاده «سراً» بعد إدانته بتهديد الأمن القومي

محمد رسولوف: كان يتعين عليّ أن أختار بين السجن والمنفى

المخرج الإيراني محمد رسولوف خلال حفل توزيع جائزة «نظرة ما» في الدورة الـ70 لمهرجان «كان السينمائي» بجنوب فرنسا 27 مايو 2017 (أ.ف.ب)
المخرج الإيراني محمد رسولوف خلال حفل توزيع جائزة «نظرة ما» في الدورة الـ70 لمهرجان «كان السينمائي» بجنوب فرنسا 27 مايو 2017 (أ.ف.ب)
TT

مخرج إيراني «منتقد» يغادر بلاده «سراً» بعد إدانته بتهديد الأمن القومي

المخرج الإيراني محمد رسولوف خلال حفل توزيع جائزة «نظرة ما» في الدورة الـ70 لمهرجان «كان السينمائي» بجنوب فرنسا 27 مايو 2017 (أ.ف.ب)
المخرج الإيراني محمد رسولوف خلال حفل توزيع جائزة «نظرة ما» في الدورة الـ70 لمهرجان «كان السينمائي» بجنوب فرنسا 27 مايو 2017 (أ.ف.ب)

غادر المخرج المعارض محمد رسولوف «سرّاً» بعد أيام من صدور حكم بالسجن والجلد بحقه بتهم تتعلق بالأمن القومي، قبل العرض الأول لفيلمه الجديد «بذرة التين المقدس»، في مهرجان «كان السينمائي» المُقام بجنوب فرنسا.

وقال رسولوف (51 عاماً)، أحد أبرز الأسماء في السينما الإيرانية المعاصرة، في منشور على حسابه الرسمي على «إنستغرام» إنه في مكان لم يحدده في أوروبا. وأضاف: «كان يتعين عليّ أن أختار بين السجن ومغادرة إيران»، مضيفاً: «اخترت المنفى بقلب مثقل». ولفت إلى أنه غادر «سرّاً».

وأضاف: «أنا ممتنّ لأصدقائي ومعارفي والأشخاص الذين ساعدوني... مخاطرين بحياتهم أحياناً، على الخروج من الحدود والوصول إلى ملاذ آمن في هذه الرحلة الشاقة والطويلة».

ونوّه إلى أنه ينضمّ إلى ملايين الإيرانيين الذين يعيشون في منفى «إيران الثقافي» خارج «حدود إيران الجغرافية» التي تعاني «تحت وطأة طغيانكم الديني»، متوجهاً إلى حكام البلاد.

وأضاف أن الإيرانيين في المنفى «ينتظرون بفارغ الصبر دفنكم ونظامكم القمعي في أعماق التاريخ»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح أنه اتخذ القرار بعدما علم قبل نحو شهر بتأييد الحكم ضده. وذكر في البيان: «في ظل أنباء عن قرب صدور فيلمي الجديد أدركت أنه دون شك ستضاف عقوبة أخرى إلى السنوات الثماني»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وكان رسولوف الذي صودر جواز سفره في سبتمبر (أيلول) 2017 قد انتقد أيضاً نطاق وقسوة القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية، ودعا المجتمع السينمائي الدولي إلى مساندة صناع الأفلام الذين يخضعون للرقابة والدفاع عن حرية التعبير.

وأثار البيان تكهنات بأن رسولوف قد يحضر العرض الأول لفيلمه «بذرة التين المقدس» الجمعة المقبل.

رسولوف على شاشة هاتف أثناء تسلمه جائزة مهرجان «برلين السينمائي» (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المخرج الذي فاز من قبل بالجائزة الكبرى لمهرجان «برلين السينمائي» عن فيلم «لا يوجد شر» عام 2020 إن السلطات الإيرانية ضغطت عليه من أجل سحب فيلمه من مهرجان كان.

الأربعاء، أصدرت محكمة إيرانية بحقه حكماً بالسجن ثماني سنوات، خمس منها قابلة للتنفيذ بتهمة «التواطؤ ضد الأمن القومي»، حسبما قال محاميه بابك باك نيا الأسبوع الماضي.

وقال باك نيا لوکالة الصحافة الفرنسية، الاثنين: «يمكنني أن أؤكد أن محمد رسولوف غادر إيران وسيحضر مهرجان كان».

غير أن الموزعين الفرنسيين لفيلم المخرج الإيراني تحلّوا بحذر أكبر بالحديث عن إمكانية مشاركته في المهرجان السينمائي، قائلين في بيان إن رسولوف «موجود حالياً في مكان غير معلوم في أوروبا، ما يزيد من احتمال حضوره العرض العالمي الأول لأحدث فيلم له».

وأضاف رئيس شركة «فيلمز بوتيك» جان - كريستوف سيمون في البيان: «نحن سعداء جداً ومرتاحون جداً لوصول محمد بأمان إلى أوروبا بعد رحلة محفوفة بالمخاطر»، متابعاً: «نأمل في أن يتمكّن من حضور العرض الأول في مهرجان كان».

وقال موزعو الفيلم الجديد إن هوية الممثلين وطاقم العمل وكذلك تفاصيل السيناريو ما زالت طيّ الكتمان «بسبب مخاوف بشأن أعمال انتقامية قد يقوم بها النظام الإيراني».

وقال رسولوف في البيان نفسه إن عدداً من الممثلين تمكّنوا من مغادرة إيران في حين لا يزال آخرون في البلد يخضعون لاستجوابات طويلة تهدف من خلالها أجهزة الاستخبارات إلى الضغط عليه ليسحب فيلمه من مهرجان كان.

واعتُقل رسولوف في يوليو (تموز) 2022 بتهمة التشجيع على احتجاجات اندلعت بعد انهيار مبنى سكني في مايو (أيار) من العام نفسه في عبادان جنوب غربي إيران، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصاً.

وأصدر رسولوف مع زميله المخرج البارز جعفر بناهي العديد من البيانات في السنوات الأخيرة التي تحتج على معاملة السلطات مع السجناء، خصوصاً قمع الاحتجاجات. واعتقلت السلطات بناهي في يوليو 2022 بعدما احتج على اعتقال رسولوف.

وأُطلق سراح رسولوف سراحه في أواخر عام 2023 بعدما هدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2022 على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني.

وفاز رسولوف بجائزة «الدب الذهبي» في مهرجان «برلين السينمائي» عام 2020 عن فيلمه المناهض لعقوبة الإعدام «لا وجود للشيطان»، لكنه لم يستطع التوجه إلى ألمانيا بعدما صادرت طهران جواز سفره إثر فيلمه الروائي الطويل السابق عام 2017 بعنوان «رجل نزيه» الذي عُرض في مهرجان كان وحصل على جائزة في فئة «نظرة ما».


مقالات ذات صلة

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران، خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​  المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يتطرّق في منشور إلى «محو إيران عن وجه الأرض»

تطرّق المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى القضاء على إيران، وذلك في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي استعاد فيه أسلوبه الناري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ناقلة النفط «سانت نيكولاس» التي تحتجزها إيران (رويترز)

إيران تفرج عن شحنة نفط على متن ناقلة محتجَزة

أفرجت إيران اليوم الخميس عن شحنة النفط الخاصة بالناقلة «سانت نيكولاس» التي كانت قد احتجزتها بخليج عمان في وقت سابق من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شؤون إقليمية شعار «لا للإعدام في إيران» على برج إيفيل في باريس (أ.ف.ب)

السلطات الإيرانية تعدم سجيناً سياسياً كردياً بعد 15 عاماً على اعتقاله

قالت مجموعات حقوقية إن السلطات الإيرانية نفذت الخميس حكم الإعدام بحق السجين السياسي الكردي كامران شيخه، بتهمة «الحرابة»، و«الإفساد في الأرض».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية صورة نشرها السفير البريطاني في طهران لرفع علم أوكرانيا في مقر السفارة تضامناً مع كييف في فبراير 2022

طهران تستدعي سفير بريطانيا لتسليم إيراني للولايات المتحدة

استدعت إيران سفير بريطانيا؛ احتجاجاً على تسليم لندن مواطناً إيرانياً للولايات المتحدة، بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية في تصدير «تطبيقات عسكرية» لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.