إردوغان: تركيا بحاجة لدستور مدني... والقضاء ليس فوق النقد

حراك ولقاءات مكثفة وتأكيد على أهمية «التطبيع» مع المعارضة

إردوغان أكد أمام أعضاء مجلس الدولة أهمية وضع دستور جديد للبلاد (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد أمام أعضاء مجلس الدولة أهمية وضع دستور جديد للبلاد (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان: تركيا بحاجة لدستور مدني... والقضاء ليس فوق النقد

إردوغان أكد أمام أعضاء مجلس الدولة أهمية وضع دستور جديد للبلاد (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد أمام أعضاء مجلس الدولة أهمية وضع دستور جديد للبلاد (الرئاسة التركية)

تشهد أروقة السياسة في أنقرة حراكاً مكثّفاً في إطار الحوار حول الدستور الجديد الذي يدفع باتجاهه الرئيس رجب طيب إردوغان. وشدّد إردوغان على حاجة تركيا إلى دستور مدني حديث يقضي على دساتير حقب الانقلابات، قائلاً: «لا يمكننا أن نجد أنه من المناسب للديمقراطية التركية أن تمر الذكرى المئوية لتأسيس جمهوريتنا بدستور جاء نتيجة انقلاب».

الحوار حول الدستور

يرفض إردوغان اتهامات بسعيه إلى استغلال الدستور الجديد في إطالة بقائه في السلطة. وقال الرئيس التركي، في كلمة خلال الاحتفال بالذكرى 156 لتأسيس مجلس الدولة التركي الجمعة، إن «تركيا تحتاج إلى دستور مدني جديد، والتخلص من دستور الانقلابيين»، في إشارة إلى الدستور الحالي الذي وضع عام 1982 عقب انقلاب عام 1980.

كما أكد إردوغان أهمية «الانفراجة السياسية»، في إشارة إلى الحوار بين الحكومة والمعارضة، لعملية إعداد الدستور الجديد، وقال: «لا نرى أنه من الصواب أن ترغب المؤسسة السياسية في إزالة هذه الحاجة لدستور مدني من جدول الأعمال، من خلال ذكر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وسيعمل الدستور الجديد على تسريع حل مشكلات بلادنا، من الاقتصاد إلى الحياة الاجتماعية، من خلال توسيع مجال السياسة المدنية». واستدرك:» لكن لا يجب تصور أن الدستور الجديد سيزيل المشكلات على الفور بلمسة واحدة، أو أنه سيكون عصا سحرية لحل المشكلات».

وقال إردوغان: «إن تكثيف المحادثات والتشاور بين مختلف الأحزاب السياسية، إلى جانب تحقيق انفراجة سياسية، هما بمثابة فرصة مهمة، ويجب على السياسة التركية أن تحول هذه الفرصة إلى مكسب دائم لبلدنا وأمتنا وديمقراطيتنا، ونأمل أن نستمر في لعب دورنا البناء في إطار توقعات أمتنا».

لقاء ثانٍ مع بهشلي

بينما تتصاعد المناقشات حول الدستور الجديد، عقد إردوغان لقاءً ثانياً مع رئيس «حزب الحركة القومية»، دولت بهشلي، شريك «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، في أقل من أسبوعين، حيث استقبله بالقصر الرئاسي في أنقرة، الجمعة، بعدما زاره في منزله في 29 أبريل (نيسان) الماضي.

وجاء اللقاء «المفاجئ» وسط جدل متصاعد عن فحوى اللقاءات التي تدور على مدى الأسبوعين الماضيين بين رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزيل وإردوغان وبهشلي. ووفق ما تداولته أروقة السياسة في أنقرة، فإن ثاني لقاء بين إردوغان وبهشلي ركز بشكل أساسي على 3 قضايا هي: الدستور الجديد، وإعادة محاكمة الناشط المدني رجل الأعمال البارز عثمان كافالا المتهم الرئيسي في قضية «غيزي بارك» والمحكوم عليه بالسجن المؤبد المشدد والذي تتصاعد المطالبات من جانب المعارضة والمؤسسات الأوروبية بالإفراج عنه. فضلاً عن تطورات قضية مقتل رئيس جماعة «الذئاب الرمادية» القومية، سنان أتيش، التي تحددت أولى جلساتها في الأول من يوليو (تموز) المقبل، والمتهم فيها 22 شخصاً.

وكان آخر لقاء بين إردوغان وبهشلي قد عُقد بمنزل الأخير في أنقرة في 29 أبريل، وسبق مباشرة الاجتماع بين إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر «حزب العدالة والتنمية» في أنقرة في 2 مايو (أيار).

إردوغان التقى حليفه رئيس «حزب الحركة القومية» دولت بهشلي، الجمعة، بعد أقل من أسبوعين من لقاء سابق (الرئاسة التركية)

وبعد لقاء إردوغان وأوزيل، برز الحديث عن «الانفراجة السياسية» أو «التطبيع» في السياسة إلى الواجهة، بالتزامن مع الأعمال التحضيرية للدستور الجديد. وزار أوزيل، بشكل مفاجئ، بهشلي بمقر المجموعة البرلمانية لـ«حزب الحركة القومية» في البرلمان، الثلاثاء، وقبل دقائق من اللقاء شن بهشلي هجوماً حاداً على أوزيل خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه، منتقداً بشكل خاص زيارته للبرلمان الأوروبي.

وقال بهشلي، في كلمته خلال الاجتماع، إنه «لا يمكن لأي جهاز أو سلطة أو شخص إصدار أوامر أو تعليمات أو تقديم توصيات إلى المحاكم والقضاة في ممارسة السلطة القضائية فيما يتعلق بقضية «غيزي بارك».

ويبدي بهشلي موقفاً متشدداً من إعادة محاكمة كافالا، الذي أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرارين بالإفراج الفوري عنه لم تمتثل لهما تركيا، بينما توجه إليه اتهامات بالصمت تجاه مقتل سنان أتيش على الرغم من أنه جزء من الحركة القومية.

انتقاد القضاء

ومن ناحية أخرى، أكد إردوغان ضرورة ألا تتحول وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات للضغط على أعضاء السلطة القضائية.

وقال إردوغان: «للأسف، فإن أعضاء السلطة القضائية العليا لدينا، من القضاة ومدعي العموم الذين يقومون بواجب مهم وحساس للغاية ومرهق حقاً، يتعرضون أحياناً لاتهامات غير عادلة تتجاوز حدود الانتقاد. بداية، أود أن أقول ذلك بكل وضوح: مثل المؤسسة السياسية، فإن القضاء ليس بمنأى عن النقد، قد لا نحب قرارات القضاء، ونعترض عليها، ونعبِّر عن استيائنا علناً».

وأضاف: «يمكن للناس أن يكتبوا ويشاركوا أفكارهم بحرية في وسائل الإعلام المختلفة، ما داموا لا يشيدون بالإرهاب، أو يشجعون على العنف أو الإهانة. ومن المتوقع من أولئك الذين يستخدمون السلطة العامة نيابة عن الأمة أن يتسامحوا مع ردود الفعل القاسية هذه ضمن حدود معينة، ويعدونها مشروعة».

وفي إشارة إلى أنه يجب على الحكومة والمعارضة والصحافة والمجتمع المدني أن يضمنوا بشكل جماعي بقاء القضاء بعيداً عن جميع أنواع التعصب والتجمعات القائمة على المصالح والاستقطاب السياسي والآيديولوجي، قال إردوغان إن «عقليات الموظفين الضيقة التي ترعى مصالح فئة معينة بدلاً من مصالح الأمة ورفاهية البلاد، تُدمّر دولتنا، بما في ذلك نظامنا القضائي. لن نسمح لها بالظهور داخل مؤسساتنا مرة أخرى».


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
TT

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه رد انتقامي.

وشنت إسرائيل ضربات في 26 أكتوبر (تشرين الأول) على مواقع في إيران رداً على هجوم صاروخي إيراني استهدفها في الأول من الشهر نفسه، انتقاماً لاغتيال حسن نصر الله وقياديين آخرين في غارات إسرائيلية.

وقال لاريجاني لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «المسؤولين العسكريين يدرسون خيارات مختلفة للرد على إسرائيل»، مضيفاً: «ينبغي ألا عدم تداولها إعلامياً، لأنها تتعلق بالأمن القومي، وتتطلب الدقة والحفاظ على بعض السرية». وكشف أنه حمل رسالةً خطيةً من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وأخرى إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، موضحاً أن الرسالتين «عكستا دعم إيران المستمر لـ(محور المقاومة)»، ولقيتا «استجابة إيجابية».