تركيا: انطلاق المفاوضات حول الدستور الجديد... والمعارضة تشترط إلغاء النظام الرئاسي

إردوغان للقاء أوزيل... والأزمة الاقتصادية تتصدر المباحثات

إردوغان خلال مؤتمر صحافي بأربيل في 22 أبريل (رويترز)
إردوغان خلال مؤتمر صحافي بأربيل في 22 أبريل (رويترز)
TT

تركيا: انطلاق المفاوضات حول الدستور الجديد... والمعارضة تشترط إلغاء النظام الرئاسي

إردوغان خلال مؤتمر صحافي بأربيل في 22 أبريل (رويترز)
إردوغان خلال مؤتمر صحافي بأربيل في 22 أبريل (رويترز)

يتصدّر الدستور الجديد جدول الأعمال السياسي في تركيا، بعد انتهاء ماراثون انتخابي طويل استمر قرابة العام، منذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) 2023، وحتى انتهاء الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي.

وقبل أشهر، بدأ حزب العدالة والتنمية وشريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، العمل على مشروع الدستور الجديد، الذي تحدث عنه الرئيس رجب طيب إردوغان للمرة الأولى في فبراير (شباط) عام 2021، ثم أثاره في مناسبات عدة وآخرها عقب فوزه بولاية رئاسية جديدة في 28 مايو 2023. ويقول إردوغان إن الدستور الجديد سيكون دستوراً مدنياً ديمقراطياً ليبرالياً حديثاً، يزيل «حقبة الوصاية ودساتير الانقلابات».

مفاوضات حول الدستور

وتبدأ الخطوات العملية للعمل على الدستور الجديد بجولة يبدأها رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، الثلاثاء، حيث يزور رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب التي وضعت تغيير الدستور على أجندتها، لإجراء مفاوضات حول المشروع الذي يعمل عليه تحالف الشعب.

وسيبدأ كورتولموش جولة المفاوضات حول مشروع الدستور الجديد بلقاء مع زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل يوم الثلاثاء، ثم تتوالى اللقاءات مع رؤساء الأحزاب الأخرى التي لها مجموعات برلمانية، وهي «الجيد»، و«الديمقراطية والتقدم»، والمجموعة المشتركة لحزبي «المستقبل» و«السعادة». وليس من المعروف بعد ما إذا كان كورتولموش سيلتقي الرئيسان المشاركان لحزب «المساواة وديمقراطية الشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي يعد ثالث أكبر أحزاب البرلمان، بعد «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري».

لقاء إردوغان وأوزيل

من المتوقع أن يعقد هذا الأسبوع أيضاً أول لقاء رسمي بين الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل، الذي طلب لقاء الرئيس للحديث حول مشاكل البلاد، بعد أن تصدر حزبه نتائج الانتخابات الأخيرة، متفوقاً على حزب العدالة والتنمية.

إردوغان وأوزيل التقيا بشكل غير رسمي خلال احتفال البرلماني بيوم الطفولة والسيادة الوطنية في 23 أبريل (الرئاسة التركية)

والتقى أوزيل وإردوغان بشكل غير رسمي، خلال لقاء الرئيس مع قادة الأحزاب على هامش احتفال البرلمان بيوم الطفولة والسيادة الوطنية في 23 أبريل، وذلك بعد أن هنأه إردوغان هاتفياً بعيد الفطر. وبينما ذكرت مصادر «الشعب الجمهوري» أن اللقاء لم يتحدد موعده رسمياً بعد، قالت مصادر أخرى إنه من المتوقع عقده أحد يومي الخميس أو الجمعة.

وقالت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ليلى شاهين أسطى، إن الاجتماع سيُعقد في القصر الرئاسي في بيشتبه بأنقرة، مشيرة إلى أن هناك مشكلة ظهرت في حزب الشعب الجمهوري بسبب تصريح رئيسه السابق كمال كليتشدار أوغلو برفض عقد لقاء مع إردوغان، قائلاً: «القصر لا يتم التفاوض معه، وإنما يجب النضال ضده».

وردّ أوزيل على كليتشدار أوغلو بقوله: «إننا نتفاوض مع الجميع في الموضوعات التي يجب التفاوض بشأنها، وهذا لا يعني أننا نتخلى عن نضالنا»، ومن المتوقع أن يلتقي أوزيل كليتشدار أوغلو قبل لقاء إردوغان. وكان أوزيل أكّد أن الموضوع الأول على أجندة اللقاء مع إردوغان سيكون الاقتصاد والأزمة الخانقة التي يعانيها الشعب التركي. وقالت شاهين أسطى إن هذه الأولويات «تناسبنا أيضاً. فالاقتصاد هو الموضوع الأساسي على أجندة تركيا».

من جانبه، عبّر إردوغان، خلال تصريحات لدى عودته من زيارته للعراق الأسبوع الماضي، عن ثقته بأن حزب الشعب الجمهوري سيدعم وضع دستور جديد للبلاد. ويؤيد حزب الشعب الجمهوري وضع دستور مدني ليبرالي ديمقراطي جديد إلا أنه يشترط إلغاء النظام الرئاسي، المطبق منذ عام 2018، الذي يعدّه سبباً لمشاكل تركيا الراهنة. وتؤيد باقي الأحزاب أيضاً إلغاء النظام الرئاسي، باستثناء «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية».

ووسط تكهنات حول توتر بين إردوغان ورئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، بسبب نتائج الانتخابات المحلية، يتوقع عقد لقاء بينهما هذا الأسبوع أيضاً، سيكون الأول بعد الانتخابات.

موقف الحزب الكردي

ومع بدء التحرك الفعلي بشأن الدستور الجديد، أعلنت الرئيسة المشاركة لحزب «الديمقراطية ومساواة الشعب»، المؤيد للأكراد، تولاي حاتم أوغوللاري، أن حزبها بدأ استعدادات لمناقشة الدستور مع المجتمع، وأنه لن يسمح أبداً للمناقشات الدستورية بأن تكون شريان حياة للحكومة.

وأضافت، خلال اجتماع لفروع الحزب بالولايات التركية عقد بالمركز الرئيس للحزب في أنقرة الأحد، أن المجتمع قال لإردوغان وحكومته في الانتخابات المحلية: «لقد طفح الكيل»، ولن نتحمل الاستبداد والفقر والجوع والبطالة أكثر من ذلك.

وتابعت حاتم أوغوللاري أنه «يجب أن يكون هناك نقاش دستوري يتجاوز الأحزاب السياسية ويستهدف التوافق الاجتماعي على أوسع نطاق... نحن بحاجة إلى وضع دستور ديمقراطي من أجل حل المشكلة الكردية على أساس ديمقراطي، لضمان أن جميع مواطنينا، وخصوصاً العلويين وجميع الشعوب والمعتقدات المختلفة التي تعيش في هذه الأراضي، يمكن أن تستفيد من حقوق المواطنة المتساوية في هذا البلد، ولتمكينهم من العيش في هذا البلد بلونهم الخاص».

 

«الجيد» يدشّن مرحلة جديدة

اختار حزب «الجيد» القومي المعارض رئيسه الجديد، خلفاً لرئيسته السابقة ميرال أكشنار، في المؤتمر العام الاستثنائي الذي عقد في أنقرة، واستمر حتى ساعة متأخرة من ليل السبت إلى الأحد.

 

موساوات درويش أوغلو عقب إعلان فوزه برئاسة حزب «الجيد» (من حسابه على «إكس»)

وأصبح نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، موساوات درويش أوغلو، الذي تردّد أنه حظي بدعم أكشنار، رئيساً للحزب بعدما حصل على 611 صوتاً، في الجولة الثالثة من التصويت، متقدماً على منافسه كوراي أيدين، الذي حصل على 548 صوتاً.

وبدأ درويش أوغلو، المولود عام 1960، مسيرته السياسية عام 1978 أثناء دراسته الجامعية. وكان رئيساً لجماعة «الذئاب الرمادية» (أولكو أوجاكلاري) القومية، وتنافس على رئاسة حزب الحركة القومية مع دولت بهشلي وكوراي أيدين عام 2012.

واستقال درويش أوغلو من حزب الحركة القومية عام 2017، ردّاً على دعم حزب الحركة القومية لحزب العدالة والتنمية في الاستفتاء الدستوري الذي أجري في عام 2017، للتحول إلى النظام الرئاسي، وشارك مع أكشنار وآخرين في تأسيس حزب «الجيد».

وفي أول كلمة بعد فوزه برئاسة الحزب، قال موساوات درويش أوغلو إن «كل شيء سيتغير، ولن يكون الحزب هو نفسه الذي حصل على أقل من 4 في المائة في الانتخابات المحلية الأخيرة، بل سيكون هو الحزب الذي سيتولى السلطة في البلاد، ويغير النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني المعزز».

 


مقالات ذات صلة

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

تحليل إخباري جثمان المصور الصحفي السوري أنس الخربوطلي خلال جنازته في إدلب بعد مقتله بغارة جوية على مدينة مورك بريف حماة (إ.ب.أ)

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

رغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع في مقر إقامة الدولة نوفو أوغاريوفو خارج موسكو بروسيا في 2 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

بوتين يبلّغ إردوغان رغبته بنهاية «سريعة» لهجوم الفصائل في سوريا

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، إنه يرغب في نهاية «سريعة» للهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

أشعلت تصريحات لكبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول فتح الطريق لترشيحه للرئاسة لولاية جديدة جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء بين داود أوغلو عندما كان رئيساً لوزراء تركيا والأسد في دمشق عام 2016 (أرشيفية)

«عملية حلب» قلبت الوضع الميداني لصالح تركيا بمواجهة روسيا وإيران

يتفق خبراء ومحللون على أن تركيا تبدو الآن، ومع التغير بالوضع الميداني نتيجة عملية المعارضة المسلحة في حلب، هي اللاعب الرئيسي في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان التقى السوداني في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: على حكومة الأسد الانخراط في عملية سياسية جادة

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه يجب على الحكومة السورية الانخراط في عملية سياسية جادة لمنع تفاقم الوضع في البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تطلق سراح نرجس محمدي الحائزة «نوبل للسلام» من السجن لأسباب طبية

نرجس محمدي (رويترز)
نرجس محمدي (رويترز)
TT

إيران تطلق سراح نرجس محمدي الحائزة «نوبل للسلام» من السجن لأسباب طبية

نرجس محمدي (رويترز)
نرجس محمدي (رويترز)

أطلقت السلطات الإيرانية، الأربعاء، سراح نرجس محمدي، الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، المسجونة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021؛ لنضالها ضد إلزامية الحجاب وضد عقوبة الإعدام، لمدة ثلاثة أسابيع لأسباب طبية، وفق ما أعلن محاميها على منصة «إكس».

وقال المحامي مصطفى نيلي: «بناءً على رأي الطبيب الشرعي، علّقت النيابة العامة في طهران تنفيذ الحكم الصادر بحق نرجس محمدي لمدة ثلاثة أسابيع، وأطلق سراحها».

وتُحتجز الناشطة نرجس محمدي (52 عاماً) المعروفة بنضالها ضد عقوبة الإعدام ورفضها إلزامية الحجاب، بسجن «إوين» في طهران منذ نوفمبر 2021. وأدخلت السجن عدة مرات خلال العقد الماضي.

وأوضح نيلي أن «سبب إطلاق سراحها هو حالتها الجسدية بعد خضوعها لعملية إزالة ورم وترقيع عظمي قبل 21 يوماً»، مضيفاً: «كان الورم الذي أزيل حميداً، لكن (نرجس) تحتاج إلى مراجعة طبية كل ثلاثة أشهر».

علي وكيانا رحماني خلال تسلُم جائزة «نوبل للسلام» نيابة عن أمهما الناشطة نرجس محمدي في أوسلو (أ.ف.ب)

وتعليقاً على القرار، قالت عائلتها ومناصرون لها: «تعليق عقوبة نرجس محمدي لمدة 21 يوماً غير كافٍ. نطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن نرجس محمدي أو على الأقل تمديد إطلاق السراح إلى ثلاثة أشهر».

وحُكم على الناشطة الإيرانية في يونيو (حزيران) بعقوبة جديدة بالسجن لمدة عام بتهمة «الدعاية ضد الدولة»، إضافة إلى قائمة طويلة من التهم الأخرى، فقد حُكم عليها بالسجن لمدة 12 عاماً و3 أشهر، و154 جلدة، وبالنفي لمدة سنتين، وبعقوبات اجتماعية وجنائية مختلفة.

وبثت الناشطة رسالة صوتية من السجن في مارس (آذار) نددت فيها بـ«حرب واسعة النطاق ضد المرأة» في بلادها.

ومنذ قيام «الجمهورية الإسلامية» عام 1979، يفرض القانون في إيران قواعد صارمة على النساء؛ حيث يُرغمن على ارتداء الحجاب وملابس فضفاضة.

وأثارت وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها بتهمة عدم الالتزام بقواعد اللباس، حركة احتجاج واسعة في البلاد عام 2022.

وكانت نرجس محمدي قد حصلت على جائزة «نوبل للسلام» عام 2023؛ لنضالها، وخصوصاً ضد عقوبة الإعدام.