تركيا ومصر عازمتان على تعزيز علاقاتهما بمختلف المجالات

أكدتا أهمية استمرار التنسيق في القضايا الإقليمية

وزيرا خارجية تركيا ومصر في مؤتمر صحافي مشترك في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)
وزيرا خارجية تركيا ومصر في مؤتمر صحافي مشترك في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)
TT

تركيا ومصر عازمتان على تعزيز علاقاتهما بمختلف المجالات

وزيرا خارجية تركيا ومصر في مؤتمر صحافي مشترك في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)
وزيرا خارجية تركيا ومصر في مؤتمر صحافي مشترك في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)

أكدت تركيا ومصر عزمهما الاستمرار في تعزيز العلاقات فيما بينهما في المرحلة المقبلة في جميع المجالات. وأعلن وزيرا خارجية البلدين، هاكان فيدان وسامح شكري، في مؤتمر صحافي عقب مباحثاتهما في إسطنبول، السبت، استمرار العمل على وضع الإطار القانوني لتعزيز العلاقات، والتحضير لاجتماع المجلس الاستراتيجي الأعلى للتعاون الذي سيعقد قريباً في أنقرة.

التحضير لزيارة السيسي وقال فيدان إن زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لتركيا كانت ضمن جدول أعمال مباحثاته مع نظيره المصري، مشدداً على أن التعاون بين مصر وتركيا يهدف إلى صالح الشعبين والمنطقة، ومن هذا المنطلق قررنا تعزيز العلاقات بشكل كبير. وأضاف: «خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس رجب طيب إردوغان للقاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي، تجلت الإرادة في هذه الاتجاه على مستوى القيادة، وتم التوقيع في القاهرة على الإعلان المشترك بشأن إعادة تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، ويضم جدول الأعمال مناقشة زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا بمناسبة انعقاد المجلس».

وزيرا خارجية تركيا ومصر في مؤتمر صحافي مشترك في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)

وتابع: «ناقشنا خلال مباحثاتنا الاستعدادات لاجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى مع أخي العزيز سامح شكري، فضلاً عن القضايا المدرجة على جدول أعمالنا بالتفصيل، وتشكل التجارة والاقتصاد أحد أقوى أشكال التعاون، والاستثمارات التركية في مصر تقترب من 3 مليارات دولار، ويبلغ حجم التجارة بيننا 8 مليارات دولار». وأشار فيدان إلى أنه تم الإعلان خلال زيارة الرئيس إردوغان لمصر عن هدف زيادة حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار من خلال توسيع نطاق اتفاقية التجارة الحرة، وإعادة تشغيل خط الشحن البحري (رورو)، وتعزيز العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية، وهناك أيضاً فرصة لتعزيز التعاون في مجال الطاقة، والغاز الطبيعي المسال، والطاقة النووية.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتحدث للصحافيين في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)

التنسيق الإقليمي ورأى فيدان «أن التعاون بين مصر وتركيا له فائدة كبيرة لشعبينا، ومنطقتنا، وهناك تنسيق كامل مع مصر لبحث حل الأزمة في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية عبر مصر، وناقشت مع نظيري المصري هذه القضايا، إلى جانب بحث القضايا الأخرى في المنطقة، وأكد أننا متفقون مع مصر بشأن وحدة ليبيا، ونعمل معها لإيجاد حلول جذرية لوقف الحرب في السودان». وأضاف أن مصر دولة شقيقة في منطقة البحر المتوسط، و«ندرك أن العمل والتنسيق معها يحمل أهمية كبيرة من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، وإيجاد حل للقضايا الإقليمية».

وزير الخارجية المصري سامح شكري يتحدث للصحافيين في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)

شكري أكد أن الدولة المصرية تعمل على توثيق التعاون مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، وأشار إلى أن التجارة تشكل نقطة ضوء مهمة في العلاقات بين البلدين بعد أن وصل حجمها إلى 8 مليارات دولار، و«نطمح إلى تعزيز التعاون التجاري بين البلدين حتى يصل إلى 15 مليار دولار». وأضاف أننا «نتطلع لاستمرار التنسيق مع تركيا من أجل رفع مستوى التعاون بين البلدين، وتوثيق التعاون مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة». ولفت إلى أن التنسيق بين البلدين في قضايا المنطقة أمر مهم، وأن مواقفهما لا تتعارض، وإنما هناك توافق وتنسيق بشأن إيجاد حلول جذرية للمشكلات، واستمرار هذا التنسيق هو أمر مهم. وقال شكري إن «مباحثاتنا اتسمت دائماً بالصراحة وتجري في جو من الإخاء، والفهم المشترك بالنسبة للعلاقات الثنائية، ونهدف إلى الارتقاء بها سياسياً، واقتصاديا، وثقافيا، وأمنيا، وأن يسهم ذلك في تحقيق مزيد من التعاون على النطاق الإقليمي، وتحقيق الأمن والاستقرار».

الرئيس المصري يصافح نظيره التركي لدى وصوله إلى مطار القاهرة فبراير الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

أضاف: «إننا نعرب عن سعادتنا لارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين، وقد كان هذا أحد المحاور المهمة التي تحدث عنها الرئيس إردوغان خلال زيارته لمصر، وهو بعد مهم في العلاقات بين البلدين يجب أن نعمل عليه... إننا اتفقنا خلال مباحثاتنا على وضع الإطار القانوني لتعزيز العلاقات بين البلدين، وسبق تكليفنا كوزيري خارجية بالتحضير لاجتماع المجلس الاستراتيجي للتعاون بين البلدين، وسيكون خطوة مهمة في تعزيز العلاقات». ولم يرد شكري على سؤال بشأن ما إذا كان تم تحديد موعد دقيق لزيارة الرئيس السيسي لتركيا، وقال: «إننا نتطلع لزيارة وزير الخارجية هاكان فيدان للقاهرة لاستكمال التحضير لاجتماع المجلس الاستراتيجي، والتحضير لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي». وقال الوزير المصري «إن التنسيق والتشاور بين مصر وتركيا لا يتركز فقط على العلاقات الثنائية، لكن هناك أيضاً قضايا كثيرة نتعاون فيها بشأن جميع دول المنطقة، كما أنهما دولتان شقيقتان ومهمتان في منطقة البحر الأوسط».

مصافحة بين وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري سامح شكري في إسطنبول السبت (إ.ب.أ)

أضاف: «تناولنا الأوضاع في سوريا، وليبيا، والسودان، والصومال، واليمن، وليس هناك تعارض بين مواقف الدولتين، لكن هناك تكامل، ونرى قدرة على تحقيق التعاون الإيجابي بين البلدين في هذه القضايا، ونتطلع لاستمرار التنسيق والتفاعل في التوصل إلى حلول للمشكلات في المنطقة، وسنستمر في التعاون الوثيق». وعلق مراقبون على المباحثات بين فيدان وشكري، مؤكدين أن الاستمرار في تعزيز العلاقات التركية المصرية ينعكس على القضايا الإقليمية، ويؤثر في مسألة مواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع في غزة خصوصاً، والقضية الفلسطينية عموماً، إضافة إلى ملفات ليبيا، والسودان، وسوريا، والصومال، واليمن. وقال الخبير العسكري الاستراتيجي التركي، جوشكون باشبوغ لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات وزيري الخارجية المصري والتركي حملت رسائل مهمة جداً على المستويين الثنائي والإقليمي، وإن الحديث عن رفع حجم التجارة بين مصر وتركيا، الذي يبلغ الآن 8 مليارات دولار، إلى 15 مليارًا هو خطوة مهمة، ويسهل تحقيقها أيضاً. وأشار إلى أن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون بين البلدين في الصناعات الدفاعية، ويمكنهما التعاون في مجال الطاقة في شرق البحر المتوسط، وكذلك في القضية القبرصية، وهناك تفاؤل بأن يكون المستقبل مزدهراً لكلا البلدين انطلاقاً من عزم قيادتيهما على تعميق التعاون في المجالات الاقتصادية، وفي مجالات الصناعات الدفاعية، والطاقة. وأضاف أن مصر دولة لها أهمية استراتيجية الكبيرة، ودولة مهمة في أفريقيا، ومنظمة التعاون الإسلامي، وتنسيق تركيا وتعاونها معها في القضايا المختلفة يمكن أن ينتج حلولاً لمختلف المشكلات.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل، مطالبةً فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير، في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو، مما قد يزج بإسرائيل في أزمة دستورية.

وفي رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، طلبت المدعية العامة غالي باهراف ميارا من رئيس الوزراء أن يدرس إقالة بن غفير، مستندة إلى أدلة تشير لتدخله المباشر في عمليات الشرطة، واتخاذ قرارات الترقيات بداخلها بناء على أسباب سياسية.

وجاءت هذه الرسالة قبل أن تقدم باهراف ميارا رأيها إلى المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة بشأن ما إذا كان ينبغي لها قبول العريضة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية في سبتمبر (أيلول) والنظر فيها، أم لا.

وفي رسالتها التي نشرها مكتبها، أيدت باهراف ميارا الاتهامات التي ساقتها المنظمات غير الحكومية عن تدخل بن غفير شخصياً في الطريقة التي تعامل بها قادة الشرطة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

واستشهدت أيضاً برسالة من المفوض السابق للشرطة يعقوب شبتاي الذي ترك منصبه في يوليو (تموز)، والتي جاء فيها أن بن غفير أصدر تعليمات لكبار قادة الشرطة بتجاهل أوامر مجلس الوزراء بحماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة.

وقد أثارت رسالة باهراف ميارا رد فعل حاداً من بن غفير الذي دعا علناً إلى إقالتها، قائلاً إن طلبها تُحركه دوافع سياسية. ونفى الوزير ارتكاب أي مخالفات.

وحصل بن غفير على مهام واسعة عندما انضم إلى ائتلاف نتنياهو في نهاية عام 2022، منها المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من إدانته في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقد أدى (قانون الشرطة) الذي أقره الكنيست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو أحد الشروط التي وضعها بن غفير للانضمام إلى الائتلاف، إلى توسيع سلطاته على الشرطة والسماح له بوضع السياسات العامة، وتحديد أولويات العمل والمبادئ التوجيهية.

وقال بن غفير إن القانون سيعزز قوة الشرطة وقدرتها على مكافحة الجرائم، وزعم أن الشرطة في كل البلدان الديمقراطية تتبع وزيراً منتخباً. وقال منتقدون إن التعديلات منحت بن غفير سلطات شاملة على العمليات، وحوّلته إلى «رئيس للشرطة (بسلطات) مطلقة».

وقال أربعة من قادة الشرطة السابقين وخبيران قانونيان لـ«رويترز» إن التغييرات التي أجراها بن غفير على الكيان الشرطي وثقافته قادت إلى تسييسه.

وقال أمونون الكالاي، وهو سيرجنت سابق في الشرطة استقال في 2021: «يحاول الوزير بن غفير من خلال سلطته الموافقة على التعيينات أو التدخل في الترقيات لخدمة مصالحه السياسية الخاصة».

ولم ترد شرطة إسرائيل ولا مكتب بن غفير على طلبات للتعليق على دور الوزير في تعيينات الشرطة أو التأثير في عملها.

وقاوم نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، دعوات سابقة لإقالة بن غفير. وإذا انسحب حزب عوتسماه يهوديت (القوة اليهودية) الذي يرأسه بن غفير من الائتلاف الحاكم، فلن يكون لدى نتنياهو إلا أغلبية ضئيلة. وإلى جانب المشكلات القانونية التي تواجه رئيس الوزراء، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله، الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في صراع غزة. ويصر نتنياهو على براءته من جميع التهم.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إسرائيل قد تنزلق إلى أزمة دستورية إذا أمرت المحكمة العليا رئيس الوزراء بإقالة بن غفير ورفض ذلك، حيث ستظهر الحكومة وكأنها تضرب بقرارات القضاء عرض الحائط.

وقال عمير فوكس، وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس: «لا نعرف ماذا سيحدث في مثل هذا الوضع». وأضاف أن هذا قد يضع إسرائيل «في موقف خطير للغاية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

موقف متشدد من الاحتجاجات

في العام الماضي، استقال قائد شرطة تل أبيب عامي إيشد، وأشار لأسباب سياسية وراء قراره، وذلك بعد أن صرح علناً أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، على الرغم من طلبات بن غفير بذلك. وفي بيان بثه التلفزيون، قال إيشد إن «المستوى الوزاري» كان يتدخل بشكل صارخ في عملية اتخاذ القرار المهني.

ولم يرد مكتب بن غفير علناً على تعليقات إيشد. وكانت المحكمة العليا قد أمرت بن غفير بالتوقف عن إعطاء تعليمات للشرطة حول كيفية استخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات في العام الماضي، قبل أن تعاود الأمر في يناير (كانون الثاني).

وقال قادة الشرطة الأربعة السابقون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إن ثمة تغييراً طرأ على عمل الشرطة تحت قيادة بن غفير. وأوضحوا أن الدليل على ذلك هو عدم تنفيذ الشرطة أي اعتقالات عندما اقتحم متظاهرون من اليمين مجمعين عسكريين في يوليو، بعد وصول محققين لاستجواب جنود في اتهامات بإساءة معاملة سجين فلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، اتخذت الشرطة إجراءات صارمة في مواجهة المظاهرات المناهضة للحكومة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في يونيو (حزيران) أن 110 أشخاص قُبض عليهم في إحدى ليالي الاحتجاجات، وهو رقم قياسي، ولم توجّه اتهامات إلا إلى شخص واحد منهم.

وقالت الشرطة، رداً على الانتقادات الموجهة إليها باعتقال أعداد كبيرة، إن سلوك بعض المتظاهرين اتسم بالعنف خلال الاحتجاجات، ومنهم من هاجموا قوات إنفاذ القانون وأشعلوا الحرائق.

الحرم القدسي

أدت تعيينات في مناصب عليا في الأشهر القليلة الماضية إلى تحول في قيادة الشرطة، فبعد أن وافقت الحكومة في أغسطس (آب) على مرشحه لمنصب مفوض الشرطة، دانييل ليفي، قال بن غفير إن المفوض الجديد سوف يتبع «أجندة صهيونية ويهودية»، ويقود الشرطة «وفقاً للسياسة التي وضعتها له».

ويشكل العرب ما يزيد قليلاً على 20 في المائة من سكان إسرائيل، ويتعرضون لمعدلات أعلى بكثير من جرائم العنف. ولم يحضر بن غفير ولا ليفي اجتماعاً دعا إليه نتنياهو في سبتمبر لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي بإسرائيل.

وخفف أمير أرزاني، الذي تم تعيينه قائداً لشرطة القدس في فترة تولي بن غفير منصبه، قيود الوصول إلى المسجد الأقصى، في مكان يطلق عليه اليهود اسم جبل المعبد، وهو أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.

وقال أحد كبار المسؤولين سابقاً عن إنفاذ القانون في القدس لـ«رويترز»، إنه في السابق عندما كان يحاول الوزراء الوصول إلى الحرم القدسي لممارسة الطقوس اليهودية كان كبار الضباط يطلبون تصريحاً من وزارة العدل لاعتقالهم على أساس أن ذلك يشكل تهديداً للأمن الوطني.

وصعد بن غفير إلى الحرم القدسي عدة مرات منذ توليه منصبه دون أن يوقفه رجال الشرطة.

وقالت شرطة إسرائيل، في بيان، رداً على أسئلة من «رويترز» بشأن الإرشادات، إن أعضاء الكنيست يمكنهم طلب الوصول إلى الحرم القدسي عبر (حرس الكنيست)، وإن الموافقة تعتمد على تقييم أمني يجري في وقت قريب من موعد الزيارة المطلوبة.

وقال أحد المسؤولين السابقين، الذي خدم في فترة بن غفير وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة لمنصبه السابق، إن بن غفير لم يُمنع من الوصول إلى الحرم القدسي، حيث عُدّ أنه لا يشكل تهديداً.

أضرار طويلة الأمد

قال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث ذو توجه محافظ مقره القدس، إن الأمر الذي أصدرته المحكمة العليا لرئيس الوزراء بإقالة الوزير قد ينطوي على تجاوز لحدود السلطة القضائية.

وأضاف: «إذا لم يكن لرئيس الوزراء الاختيار بشأن الوزراء الذين يعينهم أو يقيلهم فهو ليس رئيساً للوزراء، بل مجرد دمية في يد المحاكم». وأضاف أن المدعية العامة لم تحدد قوانين بعينها انتهكها بن غفير.

وطعنت (الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل)، وهي حملة تهدف إلى تعزيز معايير الديمقراطية، على قانون الشرطة لعام 2022 أمام المحكمة العليا.

وقال أوري هيس، المحامي في الحركة، إن القانون أعطى بن غفير سلطة خطيرة للتدخل في السياسة الإسرائيلية؛ لأنه يستطيع استخدام الشرطة لقمع المشاعر المناهضة للحكومة.

وذكر يوآف سيغالوفيتش، وهو عضو في الكنيست عن حزب معارض وضابط إنفاذ قانون سابق ترأس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، إن التغييرات التي أجراها بن غفير يحتمل أن تسبب أضراراً لا رجعة فيها، وقد يستغرق تصحيحها سنوات.

وقال سيغالوفيتش: «ينبغي ألا يتمتع أي سياسي بسلطة على كيفية استخدام الشرطة؛ لأن الشرطة ليست مثل الجيش، فالشرطة تتعامل مع المواطنين؛ الشرطة تتعامل مع القضايا الأكثر حساسية».