ضربة أصفهان... سعي إسرائيلي لإغلاق الملف وعودة إلى الملعب السوري

بن غفير يسخر من الضربة ويعدّها «مسخرة»... وزملاؤه يتهمونه بتخريب المصالح الاستراتيجية

لقطات بثّها التلفزيون الرسمي من ميدان على طريق مطار أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
لقطات بثّها التلفزيون الرسمي من ميدان على طريق مطار أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
TT

ضربة أصفهان... سعي إسرائيلي لإغلاق الملف وعودة إلى الملعب السوري

لقطات بثّها التلفزيون الرسمي من ميدان على طريق مطار أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)
لقطات بثّها التلفزيون الرسمي من ميدان على طريق مطار أصفهان وسط إيران (أ.ف.ب)

على الرغم من امتناع إسرائيل الرسمية عن تبني عملية القصف في أصفهان، أبدى مسؤولون فيها الرضا عن نتائجها، إذ أظهرت من جهة أن إسرائيل لم تمرّ بلا رد على الهجوم الإيراني، السبت الماضي، ومن جهة أخرى وجَّهت ضربة محدودة جداً لا تستدعي رداً إيرانياً، تماماً كما طلبت الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة والعالم.

وتدل التصريحات الإيرانية على أن القيادة هناك تتجه نحو استيعاب الضربة، خصوصاً إذا لم يطلق الإسرائيليون تصريحات يتبجحون فيها باختراق الدفاعات الأمنية.

وحرصت إسرائيل على القصف في سوريا جنباً إلى جنب مع الهجوم على أصفهان، في محاولة للعودة إلى الملعب السوري، لمواصلة عملياتها ضد الوجود الإيراني، وقطع إمدادات السلاح إلى «حزب الله» اللبناني.

وأفادت التسريبات الإسرائيلية بأنها قصدت جعل الهجوم على أصفهان «خفيفاً». فاختارت القصف بصواريخ طويلة المدى أُطلقت من طائرات مقاتلة من بعيد، وطائرات مُسيرة متطورة، وألحقت أضراراً خفيفة بقاعدة عسكرية، على بُعد 120 كيلومتراً من منشأة تخصيب اليورانيوم في «نطنز»، ولم تسفر عن إصابات بشرية.

وهي الطريقة نفسها التي اتَّبعتها إسرائيل في هجمات سابقة. إذ في يونيو (حزيران) 2021 قُصفت ورشة «تيسا» لتجميع أجهزة الطرد المركزي في مدينة كرج المجاورة للعاصمة طهران، وهو قصف نُسب إلى إسرائيل.

وفي مايو (أيار) 2022، استهدف هجوم بطائرة مُسيرة ورشة لتصنيع الطائرات المُسيرة في قاعدة بارشين المحصنة جنوب شرقي طهران. وفي يناير (كانون الثاني) 2023 قصفت طائرات إسرائيلية مُسيرة ودمَّرت مشروعاً لإنتاج المُسيرات في كرمانشاه.

وتعد إسرائيل قصف أصفهان أهون من الأحداث السابقة، إذ إن الهجوم من جهتها كان قوياً وملموساً ومدوياً ولا يمكن إخفاؤه أو نفي وقوعه، وفي الوقت ذاته يمكن لإيران أن تدّعي أنها أفشلته، حيث منشآتها النووية لم تصَب، والمضادات الأرضية أسقطت ثلاثاً من أربع مُسيرات إسرائيلية شاركت في الهجوم.

وعملياً لم يحدث أي شيء. هذا يمكن أن يكون محاولة لتهدئة النفوس وإعفاء النظام من الحاجة إلى الرد.

وفي ترجمة طبيعية لهذه النظرة الإسرائيلية، توجهت قيادة الجبهة الداخلية في تل أبيب برسالة تهدئة إلى المواطنين الإسرائيليين في جميع أنحاء البلاد تُطمئنهم فيها بأنه لا حاجة لإجراءات وقاية خاصة، وأنهم يستطيعون التصرف بشكل طبيعي، وإكمال تحضيراتهم لعيد الفصح بشكل عادي.

في الوقت نفسه، أبرز المقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، النبأ الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» في واشنطن، ونقلت فيه عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس المصادقة على صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار، تشمل ذخيرة الدبابات والمركبات العسكرية وقذائف الهاون.

إلا أن هناك مشكلة في إسرائيل تكمن في عدم قدرة قادتها على ضبط النفس لفترة طويلة. وغالبيتهم يتسابقون للتفاخر وإظهار عملية أصفهان على أنها ضربة قاصمة. وأعرب المتطرفون منهم عن غضبهم من الاكتفاء بتوجيه ضربة متواضعة كهذه.

وقد عبّر عن رأي هؤلاء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يطالب باستمرار الحرب وتوسيعها حتى يضمن استمرار حكم اليمين بقيادة نتنياهو. وكتب بن غفير صبيحة الجمعة، على صفحته في الشبكات الاجتماعية، كلمة واحدة عن هجوم أصفهان هي: «مسخرة».

وقد أثار ذلك غضب نتنياهو شخصياً. ونُقل على لسانه القول إن بن غفير يُلحق ضرراً كبيراً بأمن إسرائيل. وأطلق العنان لنوابه لمهاجمة بن غفير. فقال النائب إيلي دلال: «في بعض الحيان يمكن لكلمة صغيرة أن تُلحق أذى ضخماً من أولئك المسؤولين الكبار الذين يسعون لتسجيل عدد كبير من (اللايكات) في الشبكات الاجتماعية».

من جهة ثانية، تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية حادثة أصفهان بتعليقات كثيرة، الجمعة. فجاء في موقع «واللا» الإلكتروني أنها كانت «عملية عسكرية إسرائيلية مركَّزة ضد أهداف إيرانية غايتها الإبقاء للإيرانيين على حيز إنكار وألا تستدرج في أعقابها رداً على رد، وجاءت على هذا النحو لإرضاء الولايات المتحدة، ومواصلة التركيز على قطاع غزة بوصفها حلبة حرب أساسية. فمن شأن فتح حلبة حربية جديدة ألا يكون في صالح إسرائيل الآن».

ولكن الموقع وضع تحفظاً حذراً، فأشار إلى أن «مصدر القلق الإسرائيلي هو حقيقةً أن أجهزة استخباراتها لم تقدّر بشكل صحيح الشراسة الإيرانية المتغيرة على خلفية تقاربها الكبير مع روسيا. وجانب آخر في القلق الإسرائيلي مرتبط بتغيير قواعد اللعبة: الإيرانيون قرروا إخراج الحرب بين الدولتين إلى العلن وتحويلها إلى مواجهة مباشرة. فمن الآن فصاعداً، في أي عملية عسكرية شديدة أو مفاجئة ضد مصالح إيرانية في أنحاء الشرق الأوسط، سيتعين على جهاز الأمن في إسرائيل أن يأخذ بالحسبان رد فعل إيرانياً مباشراً، وهذه المعادلة جديدة».

في الأثناء، قالت «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، إن الحياة عادت إلى مجراها في إيران بعد ساعات من الهجوم الإسرائيلي، والسؤال الذي لا يملك أحد منّا إجابة عنه هو ما إذا كانت المحاولة الإيرانية لوضع قواعد جديدة ومعادلة جديدة في المعركة مقابل إسرائيل قد نجحت فعلاً. وخلافاً للماضي، عندما تمكنت السلطات الإيرانية من احتواء أو إخفاء هجمات منسوبة لإسرائيل، فإن هذا أصبح مستحيلاً».

وتابعت القناة أن «الرسالة الإيرانية لإسرائيل هذا الأسبوع كانت واضحة، وهي أن المعركة بين حربين (التسمية الإسرائيلية للغارات في سوريا) قد انتهت. وإيران رسمت خطاً أحمر حول الهجمات الإسرائيلية في سوريا ضد عناصرها وضد تموضعها في سوريا، مع العلم بأنها أخْلت الشخصيات الإيرانية البارزة وأعادتها إلى البلاد».


مقالات ذات صلة

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

المشرق العربي دورية مشتركة بقيادة أميركية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا (أرشيفية-رويترز)

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات الأميركية في قاعدة كونيكو للغاز في ريف دير الزور أسقطت طائرة مسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كرياه العسكرية في تل أبيب بإسرائيل في 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، في رسالة مباشرة للإيرانيين، إن نظام المرشد الإيراني علي خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

الرئيس الإيراني: علينا أن ندير العلاقة والمواجهة مع أميركا بأنفسنا

دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى «إدارة» العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي الأعرجي مع قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي (صفحة الأعرجي على إكس)

مستشار الأمن القومي العراقي يكرر رفض بلده استهداف دول الجوار عبر أراضيه وأجوائه

أعاد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، الثلاثاء، التذكير بموقف بلده الثابت برفض استخدام أراضيه وأجوائه لاستهداف دول الجوار.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي

مدير «الذرية الدولية» يحذر: «هامش المناورة» بشأن النووي الإيراني يتقلص

حذَّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن «هامش المناورة» بشأن البرنامج النووي الإيراني «بدأ بالتقلص»، وذلك عشية زيارته لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

أعلنت بلدية نهاريا في شمال إسرائيل عن اسمي الرجلين اللذين قُتلا في وقت سابق، اليوم (الثلاثاء)، بصاروخ من لبنان سقط في المدينة، وهما زيف بيلفر (52 عاماً) وشمعون نجم (54 عاماً)، وكلاهما من سكان المدينة الساحلية الشمالية. أعلن عن وفاتهما في مكان الحادث، بجوار المستودع الذي تعرض لإصابة مباشرة من صاروخ أُطلق من لبنان.

وكان شمعون نجم عضواً في «جيش لبنان الجنوبي»، وانتقل إلى إسرائيل في عام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية.

تشكّل «جيش لبنان الجنوبي» في جنوب لبنان برعاية إسرائيلية في بداية الحرب في لبنان في سبعينات القرن الماضي.

في عام 1978، نفّذت إسرائيل ما بات يعرف بـ«عملية الليطاني»، وهي الحملة العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وتوغل خلالها في أراضي البلاد حتى نهر الليطاني.

وإثر العملية توسع نطاق عمل «جيش لبنان الجنوبي»، الذي استمر حتى عام 2000 حين انهار مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.