ما مدى اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية؟

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
TT

ما مدى اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية؟

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)

بمرور السنوات تتراجع أهمية الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران والقوى الكبرى في 2015 ويصيبه الوهن، فيما تقوم إيران بتوسيع وتسريع برنامجها النووي لتقليل الوقت الذي تحتاج إليه لصنع قنبلة نووية إذا أرادت، رغم أنها دأبت على نفي ذلك.

وقال قائد كبير بـ«الحرس الثوري» الإيراني، الخميس، إن طهران قد تُراجع «عقيدتها النووية» وسط التهديدات الإسرائيلية. وفي حين لم يتضح بالضبط ما الذي كان يقصده بقوله هذا، فإن هذا التعبير يشير فيما يبدو إلى دول تمتلك أسلحة نووية، على عكس إيران التي لا تملكها.

انهيار الاتفاق

فرض اتفاق 2015 قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية. وخفضت الاتفاقية مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، ولم يتبقَّ لها سوى كمية صغيرة بدرجة نقاء تصل إلى 3.67 في المائة، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن درجة النقاء المستخدمة في صنع الأسلحة وهي 90 في المائة تقريباً.

منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كيلومتراً جنوب طهران (أ.ب)

وقالت الولايات المتحدة حينئذ إن الهدف الرئيسي هو زيادة الوقت الذي ستحتاج إليه إيران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، وهي أكبر عقبة في أي برنامج للأسلحة، إلى عام على الأقل، وفق وكالة «رويترز».

وفي سنة 2018، انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات على طهران أدت إلى خفض مبيعاتها النفطية وألحقت الضرر باقتصادها.

وفي عام 2019، بدأت إيران في انتهاك القيود على أنشطتها النووية ثم ذهبت إلى مدى بعيد في تجاوزها. وتنتهك طهران الآن جميع القيود الرئيسية المفروضة بموجب الاتفاق، بما في ذلك أماكن التخصيب والآلات المستخدَمة فيه وإلى أي مستوى يمكنها تخصيب اليورانيوم، فضلاً عن كم المواد التي يمكنها تخزينها.

صورة التقطها قمر «ماكسار» للتكنولوجيا تُظهر عمليات توسع في محطة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم بين أغسطس و11 ديسمبر 2020 (أ.ف.ب)

ووفقاً لأحدث تقرير ربع سنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تفتش منشآت التخصيب الإيرانية، فقد بلغ مخزونها من اليورانيوم المخصّب 5.5 طن في فبراير (شباط)، بعد أن كان قد تم تحديد سقف له عند 202.8 كيلوغرام بموجب الاتفاق.

وتخصّب إيران الآن اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، ولديها كمية من المواد المخصبة إلى هذا المستوى تكفي، في حالة تخصيبها بدرجة أكبر، لصنع سلاحين نوويين، وفقاً للتعريف النظري للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

​ ويعني هذا أن ما يسمى «زمن الاختراق» بالنسبة إلى إيران، وهو الوقت الذي تحتاج إليه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية، يقترب من الصفر، فقد يستغرق على الأرجح أسابيع أو أياماً.

وتفتّش الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواقع التخصيب المعلَنة في إيران وهي محطة فوق سطح الأرض، ومحطة أكبر تحت الأرض في مجمع «نطنز»، ومنشأة أخرى داخل جبل في فوردو.

ونتيجة لتوقف إيران عن تنفيذ عناصر الاتفاق، لم تعد الوكالة قادرة على مراقبة إنتاج إيران ومخزونها من أجهزة الطرد المركزي، كما لم يعد بإمكانها إجراء عمليات تفتيش مفاجئة.

وأثار ذلك تكهنات حول ما إذا كان بإمكان إيران إنشاء موقع سري للتخصيب، ولكن لا توجد مؤشرات محددة على وجود مثل هذا الموقع.

إنتاج سلاح نووي

بغضّ النظر عن تخصيب اليورانيوم، هناك سؤال حول المدة التي ستستغرقها إيران لإنتاج الجزء الباقي من قنبلة نووية، وربما تصغيرها بما يكفي لوضعها ضمن منظومة إطلاق مثل الصواريخ الباليستية إذا أرادت ذلك. ويصعب تقدير ذلك لأنه من غير الواضح مدى المعرفة التي تمتلكها إيران.

وتعتقد أجهزة المخابرات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كانت تمتلك برنامج أسلحة نووية منسقاً أوقفته عام 2003، وخلصت الوكالة في تقريرها عام 2015 إلى أن إيران عملت على تطوير قطاعات من برنامج للتسليح النووي واستمر بعض العمل حتى أواخر عام 2009.

وتنفي إيران امتلاك برنامج أسلحة نووية على الرغم من أن المرشد الإيراني علي خامنئي قال إنه إذا أرادت طهران ذلك «فلن يكون بوسع زعماء العالم منعنا».

وتختلف تقديرات المدة التي ستحتاج إليها إيران للحصول على سلاح نووي بين أشهر وعام تقريباً.

وفي مارس (آذار) 2023 شهد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، آنذاك، الجنرال مارك ميلي، أمام الكونغرس، بأن حصول إيران على سلاح نووي سيستغرق عدة أشهر رغم أنه لم يذكر ما يستند إليه هذا التقييم.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي الصادر في فبراير (شباط) من هذا العام إن «التصريحات العلنية في إيران بشأن قدراتها التقنية على إنتاج أسلحة نووية تزيد من مخاوف المدير العام بشأن صحة واكتمال الإعلانات المتعلقة بالضمانات الإيرانية».

وقال دبلوماسيون إن تلك التصريحات شملت مقابلة تلفزيونية مع الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، شبّه فيها إنتاج سلاح نووي بصنع سيارة، وقال إن إيران تعرف كيف تصنع الأجزاء اللازمة.


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني الجديد يعزز الآمال في انفراجة دبلوماسية

تحليل إخباري بزشكيان خلال لحظة تأمل في ضريح المرشد الإيراني الأول جنوب طهران على هامش خطابه بعد فوزه بالرئاسة أمس (أ.ف.ب)

الرئيس الإيراني الجديد يعزز الآمال في انفراجة دبلوماسية

مع انتخاب الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيساً، ربما تشهد إيران تخفيفاً لحدة سياساتها الخارجية «المتشددة»، بل وربما يتيح فرصة لانفراجة دبلوماسية جديدة.

لارا جاكيس (نيويورك)
شؤون إقليمية بزشكيان يستقبل مخبر في مكتبه اليوم (الرئاسة الإيرانية)

«صيانة الدستور» يصادق على انتخابات الرئاسة... وبزشكيان يؤدي القسم مطلع أغسطس

أعلن «مجلس صيانة الدستور» المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الإصلاحي مسعود بزشكيان، قبل نحو 3 أسابيع من أدائه القسم الدستوري.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية لقطة تظهر المدمرة وقد انقلبت على جانبها (مواقع تواصل)

مدمرة إيرانية تتعرّض لحادث في ميناء بندر عباس

ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، الأحد، أن الفرقاطة البحرية الإيرانية «سهند»، تعرّضت لحادث في ميناء بندر عباس بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان وظريف يرفعان شارة النصر على هامش التصويت في مركز اقتراع في غرب طهران (إ.ب.أ)

«الاتفاق النووي ورفع العقوبات»... اختبار بزشكيان في السياسة الخارجية

يترقّب الإيرانيون تشكيلة حكومة الرئيس الإصلاحي المنتخب مسعود بزشكيان، وسط وعود كبيرة أطلقها خلال حملته الرئاسية، على رأسها مراجعة قانون خفض الالتزامات النووية.

عادل السالمي (لندن)
المشرق العربي الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مؤتمر صحافي مشترك بطهران في 2022 (أ.ف.ب)

تفاؤل عراقي بفوز بزشكيان... ولا «تغييرات جذرية»

تفاعل العراق مع فوز الإصلاحي مسعود بزشكيان بالرئاسة الإيرانية، وفي حين هنأه مسؤولون، تحدث خبراء عن تأثير محدود للرئيس الجديد في ظل «الحرس الثوري».

حمزة مصطفى (بغداد)

مظاهرات في تل أبيب للمطالبة بتبادل أسرى مع «حماس»

جانب من المظاهرات في تل أبيب اليوم (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات في تل أبيب اليوم (د.ب.أ)
TT

مظاهرات في تل أبيب للمطالبة بتبادل أسرى مع «حماس»

جانب من المظاهرات في تل أبيب اليوم (د.ب.أ)
جانب من المظاهرات في تل أبيب اليوم (د.ب.أ)

أغلق متظاهرون إسرائيليون، اليوم الأحد، الطرق في تل أبيب، لليوم الثاني على التوالي، مطالبين الحكومة بإبرام صفقة لتبادل الرهائن مع حركة «حماس»، مع دخول الحرب في غزة شهرها العاشر، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

بدأ «يوم التعطيل» على مستوى البلاد، الساعة السادسة والنصف صباحاً، وهو التوقيت نفسه الذي شنّت فيه «حماس» هجومها المباغت على البلدات الإسرائيلية الجنوبية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأوقف متظاهرون يحملون العَلَم الإسرائيلي حركة المرور عند تقاطع طرق رئيسي في تل أبيب، مطالبين الحكومة بإجراء انتخابات، وبذل مزيد من الجهود لإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة.

وهتف المتظاهرون: «لن نستسلم».

وقالت العاملة الاجتماعية، أورلي ناتيف (57 عاماً)، المشارِكة في التظاهرة: «لقد طفح الكيل».

وأضافت: «الحكومة لا تهتم بما يفكر فيه الناس، لا تفعل أي شيء لإعادة إخوتنا من غزة».

ودفعت الشرطة بتعزيزات أمنية حول مقر إقامة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في القدس قبل تظاهرة جرت الدعوة إليها، الأحد.

اشتبك المتظاهرون، المناهضون للحكومة الذين أغلقوا طريقاً سريعة، مساء أمس، مع عناصر شرطة كانوا على ظهور الخيل، قبل أن تفتح خراطيم المياه لإخلاء الطريق.

ووفق منظمة «حوفشي إسرائيل»، شارك في التظاهرة، مساء أمس، نحو 176 ألف شخص.

وأطلق الوسطاء محادثات هدنة جديدة بين إسرائيل و«حماس»، وتقول عائلات الرهائن إن لديهم أملاً متجدداً.

وقال ساخر مور، أحد أقارب الرهينة عوفر كادرون، والذي كان بين المتظاهرين: «للمرة الأولى، نشعر جميعاً بأننا أقرب من أي وقت مضى إلى استعادة أحبائنا». وأضاف: «هذه فرصة لا يمكن تفويتها».

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، بعد هجوم حركة «حماس» غير المسبوق على جنوب إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل 1195 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد للوكالة، استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

ومن بين 251 شخصاً خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجَزين رهائن في غزة، من بينهم 42 لقوا حتفهم، وفقاً للجيش الإسرائيلي.

وردّ نتنياهو متعهداً بالقضاء على «حماس»، وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن إلى مقتل 38153 شخصاً، على الأقل، غالبيتهم من المدنيين.