إسرائيل تركز عملياتها العسكرية وسط القطاع كجزء من العملية الأشمل في رفح

تجهز سلسلة من العمليات المدنية لإقناع واشنطن بأن الظروف أصبحت مواتية للهجوم

فلسطينيون يفرون من المنطقة خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون يفرون من المنطقة خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تركز عملياتها العسكرية وسط القطاع كجزء من العملية الأشمل في رفح

فلسطينيون يفرون من المنطقة خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون يفرون من المنطقة خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

قصفت إسرائيل مناطق في شمال ووسط قطاع غزة، بينما وسَّعت هجومها البري وسط القطاع، كجزء من خطة أوسع ستقود الجيش الإسرائيلي نحو مدينة رفح الحدودية التي تحوَّلت إلى مدينة خيام تضم نحو مليون ونصف المليون فلسطيني.

وعمَّق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية وسط قطاع غزة، من مخيم النصيرات إلى دير البلح، في وقت انسحب فيه من بيت حانون في الشمال، بعد توغل دام أكثر من 36 ساعة، حاصر خلالها مراكز إيواء النازحين، واعتقل فلسطينيين هناك.

وعمدت إسرائيل إلى استخدام سياسة التدمير المتَّبعة في باقي أنحاء القطاع، فوق وتحت الأرض، ودمرت معظم الأبراج والمنازل السكنية في مناطق واسعة بمخيم النصيرات الجديد، وبنى تحت أرضية كذلك، كما قصفت أطراف وعمق دير البلح.

نساء وأطفال فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

وتقدَّمت دبابات وجرافات إسرائيلية في شمال النصيرات باليوم السابع للمعركة الدائرة هناك، في محاولة للسيطرة على كل المنطقة التي تُعدّ أحد معاقل «حماس» الرئيسية، قبل تنفيذ عملية أوسع في مدينة رفح جنوب القطاع.

والأسبوع الماضي، أعلن الجيش حملة مباغتة لتدمير البنى التحتية في وسط قطاع غزة. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إن الفرقة 162 تواصل نشاطها وسط قطاع غزة «للقضاء على المسلحين وتدمير البنى التحتية، ومهاجمة منصات لإطلاق قذائف صاروخية كانت جاهزة للإطلاق».

وأضاف: «كجزء من النشاط في وسط القطاع، قضت قطع جوية تابعة لسلاح الجو على عدد من المسلحين ودمرت بنى تحتية. وفي إحدى الهجمات، أغارت قطعة جوية على خلية فعَّلت مسيّرة مسلحة بالقرب من القوات التي تصرفت في المنطقة، وفي هجمات أخرى أغارت قطع جوية تابعة لسلاح الجو بالتعاون مع اللواء 215 على عدة منصات لإطلاق القذائف الصاروخية التي كانت جاهزة للإطلاق باتجاه أراضي البلاد».

وأعلن الناطق أيضاً أنه على مدار آخر 24 ساعة، أغارت طائرات حربية وقطع جوية تابعة لسلاح الجو على أكثر من 40 هدفاً في أنحاء القطاع، منها منصات تحت أرضية لإطلاق القذائف الصاروخية، ومبانٍ مفخخة، ومبانٍ عسكرية وُجِد فيها مسلحون، ومواقع استطلاع، وبنى تحتية تحت أرضية وبنى تحتية عسكرية أخرى.

الجيش الإسرائيلي في بيت حانون بشمال قطاع غزة... الصورة مأخوذة من مقطع فيديو (أرشيفية - رويترز)

مقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسام» التابعة لـ«حركة حماس»، أن قناصاً أطلق النار على جندي إسرائيلي في بيت حانون وأصابه، وأقر الجيش بإصابة جندي من وحدة النخبة «شلداغ» التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية بجروح خطيرة خلال القتال ضد «حماس» في بيت حانون.

كما أعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» التابعة لـ«حركة الجهاد»، أن مقاتليهم خاضوا اشتباكات ضارية بالأسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للدروع مع جنود وآليات الاحتلال شرق دير البلح وسط القطاع، واستهدفوا جرافة عسكرية من نوع «D9» بقذيفة «الياسين 105»، شرق دير البلح وسط قطاع غزة.

الهجوم المركَّز على وسط القطاع يسبق اقتحاماً مرتقباً لمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة. ورفع جيش الاحتلال مستوى التأهب استعداداً للاجتياح البري المرتقب للمدينة، وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تمت الموافقة على الفكرة العملياتية الرئيسية من قبل وزير الدفاع وهيئة الأركان العامة للجيش، وتم عرضها على مجلس الحرب.

طفلة فلسطينية تحمل منشوراً ألقاه الجيش الإسرائيلي على دير البلح في قطاع غزة يحذر من عودة النازحين للشمال (أ.ف.ب)

وبحسب الخطة، ستقوم قوات من جيش الاحتلال في المرحلة الأولى (الحالية)، بمهاجمة الخلايا النشطة شمال ووسط قطاع غزة، وستزيد الفرقة 162 من انتشارها في المنطقة الوسطى، من أجل خلق فرص عملياتية للهجوم على رفح.

وقال موقع «واللا» إن الجيش بدأ فعلاً في الساعات الأخيرة بتوجيه قوات المدفعية وناقلات جنود مدرعة وغرف حربية متنقلة وعربات مدرعة إلى منطقة فرقة غزة.

وقال مسؤولون عسكريون إنه تم اتخاذ قرار بتنفيذ عدد من التحركات الرئيسية لتحضير المنطقة للهجوم، ومن بينها توسيع المساعدات الإنسانية.

وكان وزير الدفاع يوآف غالانت قد أجرى بالفعل في وقت سابق مناقشة حول مسألة العمليات المدنية اللازمة، تمهيداً للدخول البري إلى رفح، وأكد غالانت أنه «يجب الاستعداد لتنفيذ سلسلة من العمليات»، مثل إجلاء المدنيين من رفح والسماح بتدفق أكبر للمواد الغذائية والمعدات الطبية.

وقال مصدر أمني للقناة «12» إنه يوجد على طاولة المستوى السياسي «خطة إنسانية مفصلة للغاية، وهذا يشمل إخراج السكان، وتنظيم ملاجئ لهم تشمل بنى تحتية واتصالات».

وهناك خلاف على حجم المساعدات التي تدخل غزة الآن، إذ تقول إسرائيل إن تدفقات المساعدات زادت في الأيام القليلة الماضية، لكن الولايات المتحدة تريد المزيد، بينما تقول وكالات الأمم المتحدة إنها لا تزال أقل بكثير من أقل المستويات المطلوبة لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، خصوصاً المناطق في الشمال، حيث تتوقع الأمم المتحدة حدوث مجاعة بحلول شهر مايو (أيار) المقبل. وتريد إسرائيل من هذه التدابير قبل اجتياح رفح إقناع الولايات المتحدة بأن الظروف أصبحت مواتية للهجوم.

نازحون فارون من وسط وجنوب غزة نصبوا خياماً في مخيم تل السلطان غرب رفح ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

ورفضت الولايات المتحدة العملية، في ظل تكدُّس نحو مليون ونصف المليون نازح في تلك المدينة، من أصل 2.3 مليون نسمة هم إجمالي سكان قطاع غزة.

وإضافة إلى الإدارة الأميركية، ترفض مصر العملية، وتقول إنها قد تمس بالعلاقات بين القاهرة وتل أبيب. وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» إنهم، في القاهرة، يواصلون إبداء معارضتهم الشديدة لعملية برية إسرائيلية محتملة في مدينة رفح الحدودية، لأن ذلك لا يتعلق فقط بالقضية الفلسطينية، وإنما بالأمن القومي المصري.

وتعارض مصر الهجوم لأنه قد يودي بحياة المزيد من المدنيين، وسيساهم في رفع مستوى التوتر، ومن شأنه أن يدفع مئات آلاف المدنيين للهروب نحو سيناء، ويتضمن كذلك احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا الحدودي.

الجيش الإسرائيلي في بيت حانون بشمال قطاع غزة... الصورة مأخوذة من مقطع فيديو (أرشيفية - رويترز)

ويعيش في رفح الصغيرة التي تبلغ مساحتها 64 كيلومتراً مربعاً، اليوم، 1.4 مليون فلسطيني، بعدما كان يعيش فيها قبل الحرب نحو 250 ألفاً فقط.

ويأمل الوسطاء (الولايات المتحدة وقطر ومصر) باتفاق هدنة يكبح الهجوم على رفح، لكن بعد مرور 6 أشهر على بداية الحرب، لا يوجد حتى الآن ما يبشر بانفراجة في محادثات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مع تشدد الطرفين، إسرائيل و«حماس».

ومع مواصلة الحرب على القطاع، أعلنت وزارة الصحة بغزة «ارتفاع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 33899 شهيداً و76664 مصاباً». ولا يشمل ذلك «آلاف المواطنين ما زالوا في عداد المفقودين».


مقالات ذات صلة

«بيان مدريد» يدعو إلى انسحاب إسرائيل من غزة بما فيها محور فيلادلفيا

المشرق العربي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس يتوسط المشاركين في الاجتماع الرفيع المستوى حول «حرب غزة» (أ.ب)

«بيان مدريد» يدعو إلى انسحاب إسرائيل من غزة بما فيها محور فيلادلفيا

دعا الاجتماع الوزاري حول القضية الفلسطينية، الذي انعقد بمدريد، بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة ومن بينها محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: هزيمة كتيبة «حماس» في رفح ولا وجود لأنفاق نشطة عبر الحدود

قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون لمراسلين في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، اليوم (الخميس)، إنه تم هزيمة كتيبة «رفح» التابعة لحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تقف إلى جانب مبان مدمرة في قطاع غزة 3 يوليو 2024 (أرشيفية/ رويترز) play-circle 01:10

مطالب إسرائيل بالاحتفاظ بقوات في غزة تمنع التوصل لاتفاق هدنة

قالت 10 مصادر مطلعة إن خلافات حول وجود عسكري إسرائيلي مستقبلاً في غزة تقف عقبة كؤوداً في سبيل التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ جندي مصري يقف بالقرب من الجانب المصري لمعبر رفح البري عند الحدود مع قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 01:48

واشنطن تنفي موافقتها على بقاء قوات إسرائيلية على حدود غزة

انتقد مسؤول أميركي الثلاثاء تصريحات «متشددة» نسبت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول استمرار سيطرة إسرائيل على محور «فيلادلفيا» بين قطاع غزة ومصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)

مصر تجدد تمسكها بالانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح ومحور فيلادلفيا

نفى مصدر مصري رفيع المستوى، اليوم الاثنين، موافقة مصر على بقاء القوات الإسرائيلية في معبر فيلادلفيا.


ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
TT

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

كتب مرّة الصحافي الأميركي توماس فريدمان أن العالم أصبح مسطّحاً (Flat) بسبب الثورة التكنولوجيّة. هي نفسها الثورة التي جعلت العالم معقدّاً جدّاً، خاصة مع هجمة الذكاء الاصطناعي.

في مكان آخر، أراد الكاتب الأميركي فرنسيس فوكوياما إيقاف التطوّر التاريخيّ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وبشّر بالليبراليّة الديمقراطيّة بوصفها نموذج أوحد لدول العالم.

يشهد عالم اليوم فوضى في كل المجالات. عادت القوميات والآيديولوجيات، وكثرت الحروب، الأمر الذي يُبشّر بمرحلة خطرة جدّاً قبل تشكّل نظام عالمي جديد، وعودة التوازنات الكونيّة.

باختصار، عاد الصراع الجيوسياسيّ إلى المسرح العالمي لكن مع ديناميكيّة سريعة جدّاً تسببت بها الثورة التكنولوجيّة، وفيها تبدّلت العلاقة العضوية بين الوقت والمسافة، إذ سُرّع الوقت وتقلّصت المسافة في الأذهان.

تسعى الدول عادة إلى تحديد مسلّماتها الجيوسياسيّة. وهي، أي المسلمات، قد تتقاطع مع مسلّمات الدول الأخرى خاصة القريبة جغرافياً. لكنها أيضاً قد تتضارب.

عند التقاطع الإيجابيّ يكون التعاون. وعند التضارب يقع الصراع وصولاً إلى الحرب. يحدّد خبراء الجيوسياسّة أهميّة دولة ما من خلال ثلاثة معايير هي: الموقع، والثروات المؤثرة في الاقتصاد العالمي، كما الدور الذي تلعبه هذه الدولة في النظام العالميّ. إذا توفّرت هذه الشروط كلها في دولة ما، فهي قوّة عظمى أو كبرى بالتأكيد.

إيرانيون يحرقون علماً إسرائيلياً في مظاهرة وسط طهران يوم 18 أكتوبر 2024 (رويترز)

الاستراتيجيّة الإيرانيّة في المنطقة

في عام 1985، وإبان الحرب العراقيّة - الإيرانيّة، وبعد تراجع قدرات العراق العسكريّة، طلب المرشد الإيراني الأول الخميني من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد التعاون لإسقاط العراق وفتح الباب إلى القدس.

رفض الأسد الطلب لأن سقوط العراق يعني خسارة دولة عازلة لسوريا مع إيران. وهو، أي الأسد، وإن قبل بإسقاط العراق، فسوف يكون لاعباً ثانوياً (Junior) بسبب التفاوت في القدرات بين سوريا وإيران.

حقّقت الولايات المتحدة الأميركيّة حلم الخميني في عام 2003. سقط العراق، وبدأ المشروع الإيرانيّ الإقليميّ بالتشكّل. تعد إيران أن هذا المشروع من المسلّمات الجيوسياسيّة الأهم. فهو يحميها، ويحقق مردوداً جيوسياسيّاً أكبر بكثير من حجم الاستثمارات فيه.

لكن هذه المسلمات تضاربت مع العديد من مسلّمات القوى الإقليميّة، كما مع مسلمات الولايات المتحدة. وإذا كانت أميركا قادرة على التعويض الجيوسياسيّ في مواجهة المشروع الإيرانيّ، فإن التعويض غير ممكن لكثير من دول المنطقة. فما تربحه إيران قد يكون خسارة لهذه الدول لا يمكن تعويضها.

وبسبب هذا التضارب في المسلّمات، بدأ الصراع وصولاً إلى الحرب الحالية. فمع إسرائيل ضرب المشروع الإيراني الأمن القومي الإسرائيلي في العمق، إن كان في غزّة أو في لبنان. ومع دول المنطقة، تجلى المشروع الإيراني من خلال جماعات مسلحة قوية في العمق العربي، لا سيما في لبنان وسوريا والعراق.

المنطقة جيوسياسيّاً

تعد استراتيجيّة الاتجاه غرباً (Look West Strategy) أمراً ثابتاً بالنسبة لإيران، إن كانت في ظل الإمبراطورية الفارسيّة أو مع الدولة الإسلاميّة. فإيران لم تُّهدد من شرقها إلا مرّة واحدة من قبل أفغانستان عام 1722، وبعدها استعاد السيطرة نادر شاه.

أما من الغرب، فقد أسقط الإسكندر الأكبر، الإمبراطور داريوس الثاني. ومن الغرب أيضاً حاربها صدّام حسين، ومن بعده أتى الأميركيون، ثم تنظيم «داعش» بعد خروج الأميركيين.

ماذا يعني العراق لإيران؟

* يشكّل العراق مركز ثقل في وعي الأمن القومي الإيرانيّ. لا تريد إيران دولة عراقيّة قويّة معادية لها قادرة على تهديدها من الغرب. من هنا دعمها لجماعات مؤيدة لها تحاول توسيع نفوذها داخل الدولة العراقيّة. تلعب هذه الجماعات دوراً هجيناً. هي في الدولة، وهي خارجها في الوقت نفسه. ترتبط مالياً بخزانة الدولة العراقية، لكنها في الحرب والسياسة ترتبط بإيران.

* يعد العراق مركز ثقل لإيران من ضمن ما يُسمّى محور المقاومة. فهو جغرافياً نقطة الانطلاق للتأثير الإيراني في الهلال الخصيب. أما سوريا، فهي المعبر والممر من العراق إلى لبنان. فيها بنى تحتيّة تربط لبنان بالعراق، ثم إلى الداخل الإيرانيّ.

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)

طوفان الأقصى بعد سنة ونيّف

على الورق، سقطت حركة «حماس» عسكرياً. تدخّل «حزب الله» للربط معها، فسقط هيكله التنظيمي. مع ذلك، لم يخسر الحزب حتى الآن، ولم تخسر «حماس» أيضاً. وبناء عليه لم تحسم إسرائيل الأمر نهائيّاً.

لكن الأكيد أن «حزب الله» لم يعد قادراً على لعب الدور الأهم الذي أعد له في الاستراتيجيّة الإيرانيّة. بالتالي، ستحاول إسرائيل والولايات المتحدة استغلال هذا الضعف. وإذا لم تعد إيران – على الورق - قادرة على استغلال جبهتها المتقدّمة ضد إسرائيل من خلال «حماس» و«حزب الله»، فإن هناك من يعتقد أنها ستركز اهتمامها السياسي والميداني في محيطها المباشر، حيث مناطق نفوذها في العراق، وهو أمر يسلّط الضوء بلا شك على ما يمكن أن تشهده الساحة العراقية في الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية تدعمها إيران.