مؤرخ عسكري يفند ادعاءات إسرائيل وإيران

هجمة طهران فشلت ولكنها أصابت أهدافاً بينها مفاعل ديمونة

عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش الإيراني تخلله استعراض لصواريخ متوسطة المدى في طهران (إ.ب.أ)
عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش الإيراني تخلله استعراض لصواريخ متوسطة المدى في طهران (إ.ب.أ)
TT

مؤرخ عسكري يفند ادعاءات إسرائيل وإيران

عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش الإيراني تخلله استعراض لصواريخ متوسطة المدى في طهران (إ.ب.أ)
عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش الإيراني تخلله استعراض لصواريخ متوسطة المدى في طهران (إ.ب.أ)

فند المؤرخ العسكري أور فيالكوف، الروايتين الإيرانية والإسرائيلية حول هجوم الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل مطلع الأسبوع، وقال إن الادعاء في طهران بأنها ضربة قوية ناجحة غير صحيح، والادعاء في تل أبيب بأنه تم تدمير 99 في المائة من الآليات الحربية الإيرانية هو أيضاً غير صحيح. وكشف فيالكوف أن تحليل الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية يدل على أن القصف الإيراني أصاب أيضاً بناية في المفاعل النووي في ديمونة.

وقال فيالكوف لصحيفة «معاريف» العبرية، الأربعاء، إن إيران أطلقت نحو إسرائيل أكثر من 300 «جسم طائر»، بينها 136 طائرة مسيرة مقاتلة من طراز «شاهد 135»، و«شاهد 238»، وأطلقت نحو 110 صواريخ باليستية نصفها دمّر قبل أن تصل إلى الحدود الإسرائيلية في العراق، وسوريا، والأردن، وتسببت شظاياها بإصابات بشرية، ومادية. والأميركيون دمّروا ستة منها بواسطة صواريخ أطلقت من البوارج الحربية. وتم الإطلاق من مواقع مختلفة في إيران نفسها.

وأضاف أن إيران لم تستخدم كل أنواع الصواريخ الباليستية التي تمتلكها. فلديها نحو 3000 صاروخ باليستي، منها 800 إلى 1000 تستطيع الوصول إلى إسرائيل. لم تستخدم مثلاً صاروخ «خيبر» الذي دخل الخدمة في سنة 2022، ومداه يصل إلى 1450 كيلومتراً، ويحمل رأساً من 500 كيلوغرام متفجرات، أو صاروخ «عماد» الذي دخل الخدمة في سنة 2016، ومداه 2500 كيلومتر، ويحمل رأساً بزنة 750 كيلوغراماً، أو «القادر 110»، وهو نسخة مطورة من «شهاب 3»، الذي يبلغ مداه 1800 – 2000 كيلومتر، ويحمل رأساً زنته بين 650 و1000 كيلوغرام، وكذلك «شهاب 3 ب»، ومداه 2000 كيلومتر، ورأسه يحمل 700 كيلوغرام من المتفجرات.

كما أن إيران لم تستخدم في هذا الهجوم صواريخ متقدمة من نوع «سجيل»، ومداه 2500 كيلومتر، ويحمل رأس متفجرات بزنة 1500 كيلوغرام، أو «خوار مشهار» الذي يبلغ مداه 2800 كيلومتر، وزنة رأسه 1800 كيلوغرام، أو «خوار مشهار 4» ويبدو أن طهران تحفظت بها لهجمات مستقبلية.

تجهيزات عسكرية مضادة للصواريخ ضمن منظومة القبة الحديدية في عسقلان (رويترز)

ويؤكد فيالكوف أن إيران استهدفت ثلاثة مواقع إسرائيلية بهذا الهجوم، هي: قاعدة عسكرية في جبل الشيخ في الشمال، وقاعدتان جويتان: نبطيم، ورامون في الجنوب. وفند فيالكوف ما قاله الجيش الإسرائيلي من أن خمسة صواريخ أصابت نبطيم إصابات خفيفة، ورامون لم تصب، وفي جبل الشيخ أحدثت الصواريخ حفرة صغيرة في شارع، فقال «هناك أربعة صواريخ أصابت رامون، وخمسة صواريخ أصابت نبطيم، وألحقت ضرراً في طائرة نقل قديمة من طراز (سي 130)، ومدرج غير مستعمل، وبناية فارغة كانت تستخدم للتخزين». وعمّا قاله الناطق بلسان الجيش من أن 7 صواريخ اخترقت خطوط الدفاع الإسرائيلية، فقد أوضح فيالكوف أنها كانت 9 صواريخ. كذلك عارض أقوال الناطق بأن أياً من الطائرات الإيرانية المسيرة لم تخترق الحدود الإسرائيلية، مؤكداً إن الإصابات في رامون جاءت جراء هذه الطائرات التي ألحقت أضراراً في بناية، ومخزن، ومناطق محيطة بالقاعدة.

وفيما يتعلق بالمفاعل النووي أشار فيالكوف إلى أن تحليل الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية يظهر أن هناك إصابات. لكن الأمر يحتاج إلى تحليل صور أفضل من أجهزة تصوير أكثر دقة، وهذه ليست متوفرة بعد لدى محققين خصوصيين. ولكن الصور المتوفرة تظهر أن بناية واحدة على الأقل أصيبت داخل المجمع، وأن هناك إصابتين أخريين وقعتا في محيطه الخارجي.

وخلص المؤرخ العسكري الإسرائيلي إلى أن الهجوم الإيراني كان فاشلاً عملياً، لأن نصف عدد الصواريخ دمر قبل وصوله إلى إسرائيل، وتلك تعتبر نسبة عالية جداً. ومع أن إيران استخدمت بين 10 و15 في المائة فقط من قدراتها الصاروخية القادرة نظرياً على الوصول إلى إسرائيل، إلا أن ما أرسلته بدا غير دقيق. ولا يهدد بـ«إبادة إسرائيل». ولكن ادعاء الناطق الإسرائيلي بأن نسبة تدمير الهجوم الإيراني بلغت 99 في المائة هو أيضاً غير دقيق، ومبني على «الغرور والغطرسة».

وأن النسبة الحقيقية تقارب 84 في المائة، وهي نسبة عالية جداً من النجاح، ولا ينبغي الخجل منها، ولكن هذا في حالة اقتصار القصف على مناطق عسكرية. فلو كانت هذه النسبة تتناول قصفاً على منطقة مدنية كثيفة مثل تل أبيب لكان الدمار هائلاً.


مقالات ذات صلة

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

المشرق العربي تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

تكشف عمليتا التفجير لأجهزة اتصالات «حزب الله»، الثلاثاء والأربعاء، القدرات الكبيرة للاستخبارات الإسرائيلية. ولكن كيف يُقارن هذا النجاح بعمليات الموساد السابقة؟

كميل الطويل (لندن)
آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يزور يتفقد أجهزة الطرد المركزي بمنشأة لتخصيب اليورانيوم (إ.ب.أ)

منشأة تخصيب يورانيوم زارها كيم هي على الأرجح موقع «كانجسون» المُشيَّد حديثاً

قال محللون إن صور منشأة لتخصيب اليورانيوم في كوريا الشمالية ربما تظهر موقعاً غير معلن لصنع قنابل نووية خارج العاصمة مباشرة

«الشرق الأوسط» (سول)
شؤون إقليمية رافاييل غروسي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً الاثنين للإعلام مع بدء أعمال مجلس المحافظين في فيينا (رويترز)

«ليّ ذراع» بين طهران والغرب بشأن الملف النووي

الأميركيون والأوروبيون يندّدون بمواصلة إيران تطوير برنامجها النووي، والسفيرة الأميركية لدى «الوكالة الدولية» تحث طهران على «خطوات لبناء الثقة الدولية».

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا شعار شركة «روساتوم» الروسية (رويترز)

رئيس «روساتوم»: خطر وقوع هجمات على محطة كورسك النووية كبير جداً

رئيس «روساتوم» يقول إن موسكو ترى أن خطر وقوع هجمات على محطة نووية في منطقة كورسك كبير جداً، وذلك بعد توغل قوات أوكرانية في الأراضي الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا جزء من محطة تايشان للطاقة النووية في تايشان بالصين في 17 أكتوبر 2013 (رويترز)

الصين توافق على بناء 11 مفاعلاً نووياً

أقرّت الصين بناء 11 مفاعلاً نووياً جديداً في 5 مواقع، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي، في وقت تواصل فيه البلاد سعيها لزيادة الاعتماد على الطاقة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

سلّطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على الصواريخ المستخدمة في الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل، الثلاثاء، وقالت إن الهجوم أثار تساؤلات بعض المحللين حول قيمة الترسانة التي تملكها طهران.

وهذا الهجوم الثاني الذي تشنّه إيران ضد إسرائيل بشكل مباشر، وتميز بمداه الواسع وتأثيره المحدود، وأعطت طهران تحذيراً قبل إطلاق ما لا يقل عن 180 صاروخاً «باليستياً» على إسرائيل.

ويُظهر تحليل للصحيفة أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وقال إنه عدد يعد أكبر بكثير من الهجوم السابق في أبريل (نيسان)، حيث تسبب بعضها في أضرار في المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أو بالقرب منها، ولكن حتى الآن كانت التقارير عن الأضرار الجسيمة على الأرض محدودة، وفقاً للصحيفة.

وذكرت «واشنطن بوست» أن الأدلة تشير إلى أن إيران استخدمت أسرع صواريخها وعدداً أكبر من منصات الإطلاق مما يعرفه الخبراء أنها تمتلكه، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن إيران استخدمت صاروخاً «باليستياً» متقدماً لم يستخدم من قبل.

ويوفر هجوم هذا الأسبوع والهجوم الذي سبقه معلومات غير مسبوقة للتعرف على مدى قدرات إيران، وقدرة إسرائيل على اعتراضها.

وقال بعض الخبراء إن تحليلات المعلومات تُشكك في قيمة ترسانة طهران الصاروخية، التي قدر المسؤولون الأميركيون أنها الأكبر في الشرق الأوسط.

استعراض للقوة

كان هجوم هذا الأسبوع ملحوظاً في اختلافه عن الهجوم الصاروخي الأول على إسرائيل.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن هذه الخطوة كانت رداً على ضربة إسرائيلية على مجمع دبلوماسي إيراني في سوريا، وقعت قبل أكثر من أسبوعين.

واستخدمت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة من دون طيار في ذلك الهجوم (نحو 170 طائرة دون طيار)، وفقاً للتقييمات الأميركية، و150 صاروخاً، 30 منها صواريخ «كروز»، وصواريخ «باليستية».

ويقول المحللون إن إيران أمضت أياماً في الإعلان عن نياتها، ما سمح لإسرائيل وحلفائها بالاستعداد، مستخدمةً صواريخ بطيئة يمكن التقاطها، ويبدو أن بعضها قد فشل.

ومع ذلك، قال المحللون إن الهجوم يحمل مخاطر حقيقية، وذكر جون كرزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الأسلحة الإيرانية في مشروع «ويسكونسن» للحد من الأسلحة النووية: «في كل مرة تطلق فيها 300 ذخيرة على دولة أخرى، فإنك تنوي إحداث بعض الأضرار الحقيقية».

وإذا كانت الضربة الأولى لإيران على إسرائيل لإظهار القوة، فإن هذا الأسبوع بدا أنها كانت تنوي توجيه ضربة أكثر أهمية، كما تظهر الأدلة.

ولقد تضررت مكانة طهران بسبب الهجمات الإسرائيلية على «حزب الله» و«حماس».

وقالت إيران إن ضربة الثلاثاء كانت ردّاً على مقتل حسن نصر الله، زعيم «حزب الله»، في بيروت أواخر الشهر الماضي، وزعيم حماس إسماعيل هنية، في طهران في يوليو (تموز).

وذكر بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «أرادوا غسل الدم بالدم».

وقال بعض المحللين إن إيران ربما استخدمت صواريخ أكثر حداثة، ما يعني أنه يمكن إطلاقها بسرعة، دون الحاجة إلى تزويدها بالوقود أولاً.

وأفادت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بأن إيران استخدمت صواريخ بعيدة المدى، ويعتقد أنها استُخدمت أيضاً لأول مرة صواريخها الأكثر تقدماً «فرط صوتية» من طراز «فاتح»، حسبما ذكرت وكالة «مهر» للأنباء.

وكشفت إيران عن الصاروخ «فاتح» العام الماضي، وقال الخبراء إنه لا يفي بالمعايير نفسها التي توصف بها الأسلحة الغربية بأنها فرط صوتية القدرة على المناورة، لكنه يتمتع ببعض القدرة على المناورة التي يمكن أن تساعد في التهرب من الدفاعات الصاروخية.

وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بأن 90 في المائة من الصواريخ وصلت إلى هدفها، وفي حين قال المحللون إن هذه مبالغة، تشير الأدلة إلى أن عدداً أكبر بكثير وصل إلى إسرائيل مقارنة بشهر أبريل.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

ووجد تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» لصور الأقمار الصناعية أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً ضربت أو اقتربت من موقعين عسكريين وموقع استخباراتي.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترد إسرائيل بضربات من جانبها، وقال المسؤولون الإيرانيون إن بلادهم سترد بالمثل.

لكن أفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، قال إن التهديدات الإيرانية أصبحت أضعف بسبب ضرباتها «يحاول المسؤولون الإيرانيون وصف نار الجحيم التي سيهطلونها على إسرائيل إذا ردّت إسرائيل، وهذا ليس تهديداً موثوقاً به كما كان من قبل».