تركيا تبلغ أميركا مجدداً استياءها من دعم «الوحدات الكردية» في سوريا

استمرار الاستهدافات المتبادلة مع «قسد» في حلب للأسبوع الثاني

المدفعية التركية تواصل قصف مواقع «قسد» والجيش السوري في أرياف حلب للأسبوع الثاني (وزارة الدفاع التركية)
المدفعية التركية تواصل قصف مواقع «قسد» والجيش السوري في أرياف حلب للأسبوع الثاني (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تبلغ أميركا مجدداً استياءها من دعم «الوحدات الكردية» في سوريا

المدفعية التركية تواصل قصف مواقع «قسد» والجيش السوري في أرياف حلب للأسبوع الثاني (وزارة الدفاع التركية)
المدفعية التركية تواصل قصف مواقع «قسد» والجيش السوري في أرياف حلب للأسبوع الثاني (وزارة الدفاع التركية)

نقلت تركيا إلى الولايات المتحدة، مجدداً، استياءها من دعمها «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعد أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بزعم التعاون في مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، في الوقت الذي صعدت فيه القوات التركية من استهدافاتها لمواقع «قسد» في محافظة حلب شمال غربي سوريا.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه ناقش مسألة الدعم الأميركي لـ«تنظيم الوحدات الكردية»، الذي يعد ذراع «حزب العمال الكردستاني» في سوريا، بشكل مستفيض، مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان وأعضاء من الكونغرس خلال اجتماعات الآلية الاستراتيجية للعلاقات التركية الأميركية في واشنطن يومي الخميس والجمعة.

وأضاف فيدان، في تصريحات لصحافيين أتراك في واشنطن عقب اختتام الاجتماعات ليل الجمعة - السبت، أن «الدعم المقدم من الولايات المتحدة إلى تنظيم (الوحدات الكردية) الإرهابي في سوريا، بذريعة مكافحة «داعش»، لا يقتصر على تزويده بالأسلحة، بل يشمل التدريب وتطوير القدرات وإضفاء الطابع المؤسسي، ما يشكل تهديداً لتركيا».

وتابع أن تركيا تحارب مختلف التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً لها، سواء داخل حدودها أو خارجها، في إطار قوانينها الوطنية والقانون الدولي وستواصل ذلك، ولا يمكن لأحد أن يمنعها.

ولفت إلى أنه أكد، مجدداً، خلال مباحثاته مع المسؤولين الأميركيين استياء تركيا من علاقات الولايات المتحدة مع الوحدات الكردية في سوريا، وطبيعة الخطر الاستراتيجي الذي يشكله ذلك على علاقات البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وزيرا الخارجية التركي والأميركي خلال اجتماعات الآلية الاستراتيجية للعلاقات في واشنطن (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، واصلت القوات التركية والفصائل الموالية لها في «الجيش الوطني السوري» تصعيد استهدافاتها المتبادلة مع قوات «قسد» في محاور التماس في حلب، شمال غربي سوريا.

وأصيب مدنيان بجروح خطيرة في استهداف القوات التركية والفصائل، بالمدفعية الثقيلة، قرية الشيخ عيسى الواقعة ضمن مناطق انتشار القوات الكردية والجيش السوري، الذي جاء رداً على سقوط قذائف صاروخية في محيط مستشفى أعزاز الوطني بريف حلب.

كما قصفت مسيّرة تركية مسلحة موقعين ضمن مناطق سيطرة قوات «مجلس منبج العسكري»، التابع لـ«قسد»، أحدهما في عون الدادات، والآخر في قرية توخار بريف منبج شرق حلب.

وفي الوقت ذاته، قصفت المدفعية التركية قرية جبل صياد التي تتمركز فيها عناصر قوات «مجلس منبج العسكري» وقوات الجيش السوري.

وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» 70 استهدافاً بالطائرات المسيّرة التركية على مواقع سيطرة «قسد»، الواقعة ضمن مناطق «الإدارة الذاتية» لشمال وشمال شرقي سوريا، منذ مطلع العام الحالي، تسببت بمقتل 18 شخصاً، وإصابة 17 من العسكريين و5 من المدنيين بينهم امرأة و3 أطفال.

من ناحية أخرى، أصيب 3 مدنيين بجروح خطيرة نتيجة استهدافهم بالرصاص من قبل قوات الدرك التركية (الجندرما)، أثناء محاولتهم دخول الأراضي التركية عبر طرق التهريب من قرية كوران بريف عين العرب (كوباني) الشرقي، في محافظة حلب.

كما قتل مدني وأصيب آخران برصاص عناصر «الجيش الوطني السوري» في منطقة قريبة من قرية مرعناز بريف حلب الشمالي.

وأفاد «المرصد السوري» بعبور هؤلاء الأشخاص في البداية حاجز مدخل مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، بهدف الدخول إلى المدينة، إلا أن عناصر أمن الحاجز رفضت دخولهم وأجبرتهم على العودة إلى قرية كفرجنة بريف شران في عفرين، ولدى وصولهم إلى نقطة قريبة من قرية مرعناز، جرى استهدافهم بالرصاص المباشر من قبل عناصر «لواء السلام» الموالي لأنقرة، بدعوى أنهم عناصر من «قسد» حاولوا التسلل إلى مناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني».


مقالات ذات صلة

موسكو تتهم واشنطن بعرقلة مساعي التطبيع بين أنقرة ودمشق

شؤون إقليمية لافروف خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

موسكو تتهم واشنطن بعرقلة مساعي التطبيع بين أنقرة ودمشق

اتهمت روسيا الولايات المتحدة بعرقلة مساعي تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا وأعادت طرح إمكانية تطبيق صيغة معدلة لاتفاقية أضنة كحل لمسألة الوجود العسكري التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تعزيزات عسكرية في الطريق إلى معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه العسكرية المنتشرة في شرق إدلب وريف حلب الغربي الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية العفو الرئاسي السوري هل سيحل مشكلة اللاجئين في تركيا؟ (أرشيفية)

هل يمنح عفو الرئيس السوري عن الهاربين تركيا فرصة للتطبيع وعودة اللاجئين؟

رأت أوساط تركية أن قرار العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد بشأن الفارين داخل البلاد وخارجها، يشكل فرصة لدفع التطبيع وعودة اللاجئين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مؤتمر صحافي لإردوغان والأسد في دمشق قبل عام 2011 (أرشيفية)

​لماذا تتحرك تركيا لإحياء مسار الحل السياسي في سوريا بالتوازي مع التطبيع؟

تكثف تركيا من تحركاتها لإعادة تفعيل المسار السياسي لحل الأزمة السورية في الوقت الذي تواصل فيه مساعيها لتطبيع العلاقات مع دمشق

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا مستاءة من عزم أميركا تمديد رفع حظر الأسلحة عن قبرص

طائرات عسكرية أميركية في قبرص (أرشيفية)
طائرات عسكرية أميركية في قبرص (أرشيفية)
TT

تركيا مستاءة من عزم أميركا تمديد رفع حظر الأسلحة عن قبرص

طائرات عسكرية أميركية في قبرص (أرشيفية)
طائرات عسكرية أميركية في قبرص (أرشيفية)

أبدت تركيا استياءها من إعلان الولايات المتحدة عزمها تمديد رفع حظر الأسلحة عن قبرص، واصفة الإجراء بأنه «خطأ فادح» ويخل بالتوازنات في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن الولايات المتحدة أعلنت أنها ستمدد القرار الذي اتخذته في سبتمبر (أيلول) 2020، الخاص برفع حظر الأسلحة عن قبرص، لافتة إلى أنها وسعت نطاق رفع الحظر في عام 2022 ومددته في 2023 أيضاً لمدة عام.

وعدّت الخارجية التركية، في بيان ليل السبت - الأحد، أن تمديد الولايات المتحدة رفع حظر الأسلحة عن قبرص «خطأ فادح» يزيد من التسلح في الجزيرة القبرصية ويضر بالتوازنات الدقيقة في المنطقة.

مروحية أميركية في قاعدة يجري تأسيسها في قبرص (وسائل إعلام تركية)

تعاون أميركي - قبرصي مكثف

وأضاف البيان أن تركيا تشارك وجهات النظر الواردة في البيان الصادر عن وزارة خارجية «جمهورية شمال قبرص التركية» (غير المعترف بها دولياً) ذات الصلة، وتثق بأن شمال قبرص ستتخذ جميع أنواع التدابير لزيادة قدراتها الدفاعية والردعية في مواجهة أنشطة التسلح المتزايدة لقبرص (الرومية).

وتأتي الخطوة الأميركية الجديدة بعد نحو 3 أسابيع من توقيع اتفاقية «خريطة طريق لتعزيز التعاون الدفاعي» مع قبرص، عدّت تركيا أنها تضر بالموقف المحايد لأميركا، وتخلّ بالاستقرار الإقليمي، وتصعّب إيجاد حل دائم للقضية القبرصية.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان، إن الولايات المتحدة وقبرص توليان أهمية كبيرة لاستقرار وأمن أوروبا وشرق البحر المتوسط، وإن التحديات الأمنية في المنطقة تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحلفاء في قضايا الدفاع والأمن.

وأدانت الخارجية التركية، في بيان، الاتفاقية، في حين طالب مصدر مسؤول بوزارة الدفاع بمراجعتها لتجاهلها القبارصة الأتراك، وتكريس النظر إلى جمهورية قبرص على أنها الممثل الوحيد للجزيرة المقسمة.

جنود أتراك في شمال قبرص (أرشيفية)

وتؤكد تركيا أنها، بصفتها «الوطن الأم» والدولة الضامنة في القضية القبرصية، ستواصل ضمان أمن ورفاهية القبارصة الأتراك في جميع الظروف.

وقالت الخارجية التركية إن الخطوات الأميركية، بما في ذلك الإعلان في يونيو (حزيران) الماضي عن إطلاق حوار استراتيجي مع قبرص، تضر بأمن الجانب التركي من جزيرة قبرص.

وأعلن وزير الدفاع القبرصي، فاسيليس بالماس، في أواخر يوليو (تموز) الماضي، أنه سيتم نشر مروحيات من طراز «شينوك» تابعة للجيش الأميركي في قاعدة مروحيات يتم بناؤها قرب مدينة لارنكا، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وقالت وسائل الإعلام القبرصية إن القاعدة ستُمنح للولايات المتحدة، وإن الجيش الأميركي سينشر مروحيات «شينوك» لاستخدامها في النقل والخدمات اللوجستية.

ودعت «جمهورية شمال قبرص التركية» غير المعترف بها دولياً، باستثناء اعتراف تركيا، الولايات المتحدة إلى «إنهاء موقفها المتحيز» تجاه مسألة الجزيرة. وأكدت استعدادها، دائماً، لمواجهة أي تهديد قد ينشأ ضد الشعب القبرصي التركي في ظل التطورات في المنطقة، واحتفاظها بالحق في اتخاذ القرار والخطوات اللازمة مع تركيا في هذا الصدد.

جنود أميركيون ويونانيون في إحدى القواعد الأميركية في اليونان (وسائل إعلام تركية)

قلق تركي

ويتصاعد قلق تركيا من التعاون العسكري بين أميركا وكل من قبرص واليونان، وعبَّرت عن انزعاجها من الزيادة السريعة في عدد القواعد العسكرية الأميركية التي جرى إنشاؤها في السنوات الأخيرة في مناطق يونانية وجزر مختلفة قرب حدودها.

ووقَّعت الولايات المتحدة واليونان، بين عامي 2019 و2021، عدداً من الاتفاقيات العسكرية والدفاعية، كان أبرزها الاتفاق على تحديث الاتفاق الدفاعي الموقَّع بين البلدين عام 1990، وتضمنت الاتفاقيات سماح اليونان للقوات الأميركية بالوصول إلى جميع قواعدها العسكرية، وتحديث عدد من القواعد الجوية والبرية والبحرية.

وقال «البنتاغون» عام 2022 إنه تمت إقامة 9 قواعد عسكرية جديدة في اليونان، في حين تحدثت تقارير عن ارتفاع عدد القواعد الأميركية في اليونان إلى 20 قاعدة.

وتقع كبرى القواعد في منطقة أليكساندروبولي (دادا آغاتش حسب التسمية التركية) التي تبعد 14 كيلومتراً فقط عن نهر «ميريتش» الذي يفصل الحدود التركية - اليونانية، وهي منطقة تطل على بحر إيجه.

وتقول اليونان إن الهدف من القواعد الأميركية والإجراءات الأخرى هو ضمان أمنها في حال تعرضها لهجوم من تركيا في ظل العلاقات المتوترة بينهما، في حين يرى بعض المراقبين أن التوسع الأميركي في المنطقة موجَّه ضد روسيا.

وتسعى الأمم المتحدة لإيجاد أرضية مشتركة لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ عام 2017 بين القبارصة اليونانيين والأتراك في جزيرة قبرص المقسمة منذ تدخل عسكري تركي عام 1974 بعد انقلاب قصير بإيعاز من اليونان.