دعم «الوحدات الكردية» يعقّد اجتماعات آلية العلاقات بين أنقرة وواشنطن

تصعيد تركي ضد «قسد» في الشمال السوري

نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ونظيرها التركي بوراك أكجابار خلال مشاورات تمهيدية لاجتماع الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في أنقرة يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ونظيرها التركي بوراك أكجابار خلال مشاورات تمهيدية لاجتماع الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في أنقرة يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
TT

دعم «الوحدات الكردية» يعقّد اجتماعات آلية العلاقات بين أنقرة وواشنطن

نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ونظيرها التركي بوراك أكجابار خلال مشاورات تمهيدية لاجتماع الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في أنقرة يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ونظيرها التركي بوراك أكجابار خلال مشاورات تمهيدية لاجتماع الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في أنقرة يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)

تفرض الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة، بشأن الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» نفسها على اجتماعات الآلية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين التي تختتم أعمالها، الجمعة، في واشنطن.

وبدأت أعمال الدورة السابعة للآلية الاستراتيجية، الخميس، برئاسة وزيري خارجية البلدين، هاكان فيدان وأنتوني بلينكن، وتشمل جولات من الاجتماعات لكبار المسؤولين الأميركيين والأتراك بمقر وزارة الخارجية في واشنطن.

ويشكل ملف دعم الولايات المتحدة للقوات الكردية في سوريا، التي تعدها حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، أحد الملفات المعقدة في العلاقات التركية - الأميركية التي شهدت فتوراً على مدى السنوات الماضية.

وعبرت تركيا، مراراً، عن انزعاجها الشديد، بسبب الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعدّها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني»، في سوريا.

وتصنف تركيا والولايات المتحدة، وكذلك أوروبا، «حزب العمال الكردستاني»، منظمة إرهابية.

نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ونظيرها التركي بوراك أكجابار خلال مشاورات تمهيدة لاجتماع الألية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في أنقرة في يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)

وتقول أنقرة إن الولايات المتحدة لا تزال تمدّ «الوحدات الكردية» بالسلاح، وتدعمها لوجيستياً، كما تجري تدريبات ومناورات مشتركة معها في شمال سوريا.

وأسقطت مقاتلة أميركية في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مسيرة تركية قرب إحدى قواعدها، في شمال شرقي سوريا، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وكانت هذه المرة الأولى التي تعلن فيها أميركا عن إسقاط طائرة لدولة حليفة في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

وكانت القوات التركية صعَّدت من ضرباتها على مواقع «قسد» شمال شرقي سوريا، عقب هجوم إرهابي قرب وزارة الداخلية التركية في الأول من أكتوبر.

وتستهدف تركيا القوات الكردية، وتعمل على إبعادها عن حدودها لعمق 40 كيلومتراً. وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، إن بلاده لا تزال مصممة على المضي قدماً في إنشاء حزام أمني بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً على حدودها مع سوريا.

ولفت إلى أنه جرى إنشاء قسم من الحزام الأمني عبر العمليات العسكرية السابقة (في شمال سوريا)، وأن تركيا عازمة على استكماله عبر خطوات جديدة لسد الثغرات الموجودة.

وأضاف، في مؤتمر صحافي ليل الاثنين - الثلاثاء عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي برئاسته: «لدينا تحضيرات ستجلب كوابيس جديدة لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تركيع تركيا، عبر إقامة كيان إرهابي على حدودها الجنوبية».

وشدد على أن تركيا لن تتوانى عن الذهاب إلى أبعد مدى حتى يعي البعض مدى حزمها في مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى العمليات المستمرة شمال العراق وسوريا ضد «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب الكردية».

عناصر مسلحة من قوات «مجلس منبج العسكري» (منصة «إكس»)

في المقابل، فإن سياسة الولايات المتحدة في سوريا تركز على القتال ضد بقايا تنظيم «داعش» وتدريب القوات الكردية الشريكة. وقال السفير الأميركي لدى تركيا جيف فليك لـ«رويترز»: «من الواضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف في بعض الجوانب، لكن مصالحنا تتوافق عندما يتعلق الأمر بهزيمة تنظيم (داعش)... نحاول البناء على الملفات التي لدينا مصلحة جماعية بشأنها رغم بعض الاختلافات».

وبينما تحتضن واشنطن اجتماعات الآلية الاستراتيجية، واصلت تركيا تصعيد ضرباتها لمواقع «قسد». وقصفت مسيرة تابعة لقواتها نقطة عسكرية مشتركة بين قوات «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد»، وقوات الجيش السوري في قرية المحسنلي بريف منبج شرق حلب، تزامناً مع حالة انتشار من قبل عناصر الطرفين.

كما نفَّذت مسيَّرة تركية 3 ضربات متتالية على قرية تل عناب الواقعة ضمن سيطرة «قسد» والجيش السوري في ريف حلب الشمالي.

وارتفع عدد الاستهدافات الجوية التركية لمناطق الإدارة الذاتية بشمال وشمال شرقي سوريا إلى 67 استهدافاً منذ بداية العام الحالي، ما تسبب بمقتل 18 شخصاً، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 17 من العسكريين و4 من المدنيين بينهم سيدة و3 أطفال، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

في الوقت ذاته، أُصيب مدني بجروح خطيرة إثر قصف مدفعي نفذته القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، على قرية الهوشرية بريف منبج شرق حلب. وتسبب القصف بوقوع أضرار مادية في ممتلكات المدنيين.

وأُصيب عنصران من «الجيش الوطني السوري» بجروح، في عملية تصدٍّ من جانب قوات «مجلس منبج العسكري» لهجوم من فصائل الجيش الوطني على مواقع في قرية الصيادة بريف منبج الغربي، واندلعت على أثر ذلك اشتباكات عنيفة بين الطرفين.


مقالات ذات صلة

الجيش السوري يُبعد الفصائل المسلحة نحو 20 كيلومتراً عن حماة

المشرق العربي عناصر من الفصائل السورية المسلحة يركبون في الجزء الخلفي من شاحنة ببلدة صوران بين حلب وحماة (أ.ف.ب)

الجيش السوري يُبعد الفصائل المسلحة نحو 20 كيلومتراً عن حماة

الجيش السوري أبعد الفصائل المسلحة في شمال غربي البلاد نحو 20 كيلومتراً عن مدينة حماة التي تحاول الفصائل المسلحة التقدم نحوها.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي خلا إلقاء مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون كلمته في مجلس الأمن (أ.ف.ب)

تبادل اتهامات بين المندوبين خلال جلسة مجلس الأمن الخاصة بسوريا

وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلا إن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا مهدت الطريق» لهجوم الجماعات

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي سكان محليون قرب لافتة «حماة ترحب بكم» على طريق سريع يؤدي إلى محافظة حماة وسط غرب سوريا الأحد (أ.ف.ب)

الفصائل المسلحة السورية باتت «على أبواب» مدينة حماة

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء بأنّ مقاتلي هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها باتوا «على أبواب» مدينة حماة في وسط سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا يتحدث إلى مجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو خلال عقد المجلس اجتماعاً طارئاً بشأن سوريا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي: الوضع في سوريا «خطير» ويهدد بعودة «داعش»

حذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، اليوم (الثلاثاء)، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، وقد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعمدة دخان تتصاعد من جراء غارة جوية شنها الجيش السوري في مدينة خان شيخون جنوب إدلب (أ.ب)

الجيش السوري ينفي دخول مسلحين إلى مدينة حماة

نفى الجيش السوري، اليوم (الثلاثاء)، تقارير في وسائل إعلام حول دخول فصائل مسلحة إلى منطقتي الصواعق والمزارب في مدينة حماة، ووصفها بأنها «حرب إعلامية تضليلية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
TT

محاولات ترشيح إردوغان لرئاسة تركيا مجدداً تفجر تساؤلات حول مستقبل حزبه

إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)
إردوغان يرغب في الترشح مجدداً لرئاسة تركيا (الرئاسة التركية)

أشعلت تصريحات متكررة لكبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول فتح الطريق لترشيحه للرئاسة لولاية جديدة من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة في البرلمان جدلاً واسعاً.

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، أدلى كبير مستشاري إردوغان للشؤون القانونية، محمد أوتشوم، بتصريحات متكررة، أكد فيها أنه «بموجب الدستور، إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات في الولاية الثانية للرئيس، فيمكن للرئيس أن يترشح مرة أخرى».

وذكر أنه إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات بـ360 نائباً (3 أخماس الأعضاء) قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 7 مايو (أيار) 2028، على سبيل المثال في النصف الثاني من عام 2027، فقد يترشح الرئيس إردوغان مرة أخرى، أي للمرة الأخيرة.

وسبق أن ترشح إردوغان للرئاسة 3 مرات الأولى في عام 2014، وكان يحق له الترشح مرة أخرى في 2019 إلى 2024، لكن تعديل الدستور عام 2017 للانتقال إلى النظام الرئاسي، وإجراء الانتخابات الرئاسية بشكل مبكر في 2018 منحه الحق في الترشح للرئاسة مرتين، آخرهما انتخابات مايو 2023 الماضية.

وأعلن إردوغان عقب انتخابه في 2023 أنه سيضع دستوراً جديداً مدنياً ليبيرالياً للبلاد، وقال حليفه دولت بهشلي، رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، إن الدستور الجديد سيكون هدفه فتح الطريق أمام إردوغان للترشح للرئاسة من جديد.

وأعلنت المعارضة التركية رفضها المشاركة في أعمال الدستور الجديد، وقال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، إن حزبه لن يشارك في وضع دستور جديد للبلاد مع من لا يلتزمون بالدستور الحالي.

كما أعلنت باقي أحزاب المعارضة أنها لن تشارك في وضع دستور لا يضمن العودة إلى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي، الذي قاد إلى تكريس جميع السلطات في يد إردوغان.

وكشف أحدث استطلاع للرأي عن رفض غالبية الأتراك تعديل الدستور من أجل فتح الباب لترشح إردوغان للرئاسة للمرة الرابعة.

إردوغان متحدثاً أمام حشد من أنصاره في كهرمان ماراش جنوب تركيا السبت الماضي (الرئاسة التركية)

وبحسب الاستطلاع، الذي أجرته شركة «متروبول»، فإن نسبة الذين قالوا «لا» لتعديل الدستور حتى يتمكن إردوغان من الترشح، بلغت 66.3 في المائة، مقابل 28.5 في المائة أيدوا التعديل، فيما لم يحدد 5.2 في المائة من المشاركين في الاستطلاع موقفهم.

وعارض 88.9 في المائة من ناخبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تعديل الدستور من أجل إردوغان، على الرغم من الخطوات الأخيرة لفتح الطريق أمام نواب الحزب للقاء زعيم حزب «العمال الكردستاني»، المحكوم بالسجن مدى الحياة في تركيا عبد الله أوجلان، في محبسه في سجن إيمرالي غرب تركيا؛ لبحث إنهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، بحسب ما اقترح بهشلي وأيد إردوغان.

ورفض 83 في المائة من ناخبي حزب «الشعب الجمهوري»، و87.6 في المائة من ناخبي حزب «الجيد» تعديل الدستور. أما النتيجة المفاجئة التي كشف عنها الاستطلاع، فكانت رفض 55 في المائة من ناخبي حزب «الحركة القومية» و40.2 في المائة من ناخبي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم تعديل الدستور لإفساح المجال لترشيح إردوغان للرئاسة مجدداً.

بهشلي سعى في الفترة الأخيرة للتقارب مع الحزب الكردي بالبرلمان (موقع حزب الحركة القومية)

وتحدثت أروقة السياسة في أنقرة عن محاولات من جانب إردوغان وبهشلي لكسب أصوات نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عندما يحين موعد التصويت في البرلمان على إجراء انتخابات مبكرة بطلب من إردوغان؛ لأن أصوات حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» (تحالف الشعب) لا تكفي وحدها للموافقة على الطلب؛ كونهما يملكان 311 مقعداً فقط من مقاعد البرلمان وعددها 600 مقعد.

وقال رئيس حزب «الجيد»، مساوات درويش أوغلو، تعليقاً على اقتراح بهشلي حضور أوجلان إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»؛ لإعلان حل حزب «العمال الكردستاني» ووضع سلاحه وانتهاء الإرهاب في تركيا: «نحن بحاجة إلى التفكير فيما سيحدث بعد إحضار قاتل مدان إلى البرلمان لمخاطبة الأمة، مقابل التمتع بالحق في الأمل في إطلاق سراحه، لن يحدث هذا دون أن يمر فوق جثثنا».

دعوة بهشلي إلى السماح لأوجلان بالحديث في البرلمان فجّرت جدلاً واسعاً (أرشيفية)

ويعتقد مراقبون أن حزب «العدالة والتنمية» يواجه أزمة في اختيار مرشح للرئاسة يتمتع بالقدرات التي يتمتع بها إردوغان من داخل الحزب، وذهب البعض إلى القول إن الحزب يمكن أن ينهار إذا انتهت الحياة السياسية لإردوغان ولم يتمكن من الترشح مجدداً للرئاسة.