موسكو لا ترى أفقاً للتطبيع بين أنقرة ودمشق حالياً  

هدوء في إدلب بعد «أستانا»... وتركيا تتمسك بالبقاء العسكري شمال سوريا

جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)
جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)
TT

موسكو لا ترى أفقاً للتطبيع بين أنقرة ودمشق حالياً  

جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)
جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)

شهدت محاور وأرياف إدلب، هدوءاً، الجمعة، غداة الجولة 21 لاجتماعات «مسار أستانا» للحل السياسي في سوريا بمشاركة ممثلي الدول الضامنة الثلاث، تركيا وروسيا وإيران، ووفدي الحكومة السورية والمعارضة. فيما بدا أن مسار محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق لن يشهد أي تقدم على المدى القريب.

وشدد بيان، صدر في ختام الاجتماع الذي استمر يومين، على ضرورة تطبيق جميع الاتفاقات المتعلقة بشمال سوريا بشكل كامل، وتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بإدلب والحفاظ على التهدئة في مناطق خفض التصعيد المعلنة باتفاق بين روسيا وتركيا منذ عام 2017.

وعبر البيان، الذي صدر الخميس، عن القلق البالغ إزاء وجود التنظيمات الإرهابية وأنشطتها التي تشكل تهديداً للمدنيين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد بإدلب، والاتفاق على بذل الجهود لضمان التطبيع المستدام للوضع الإنساني في المنطقة.

وأدان البيان، التنظيمات الإرهابية والمجموعات التابعة لها، التي تعمل تحت مسميات مختلفة في مناطق عدة من سوريا، والتي تستهدف المنشآت المدنية وتتسبب في سقوط ضحايا مدنيين.

وكانت المحاور الجنوبية والشرقية لإدلب شهدت على مدى أسابيع قبل انعقاد اجتماع الجولة 21 لمسار أستانا تصعيداً شديداً من جانب القوات السورية والميليشيات الموالية لها مدعومة بالطيران.

التطبيع التركي السوري

على الرغم من تأكيد البيان أهمية مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية وعلاقات حسن الجوار، من أجل مكافحة الإرهاب وتوفير الظروف المناسبة لعودة آمنة وطوعية وكريمة للسوريين إلى بلادهم، بدا أن مسار محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق لن يشهد أي تقدم على المدى القريب.

مجلس الأمن القومي التركي أكد في اجتماع الخميس استمرار العمليات في شمالي سوريا والعراق لملاحقة المسلحين الأكراد (الرئاسة التركية)

فبالتزامن مع انعقاد اجتماع أستانا، أعلنت تركيا أنها ستواصل عملياتها خارج حدودها للقضاء على خطر الإرهاب، في إشارة إلى استمرار العمليات العسكرية ضد «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

وشدد بيان، صدر عن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان ليل الخميس - الجمعة، على أن تركيا «ستواصل استهداف جميع التنظيمات الإرهابية وامتداداتها التي تشكل خطراً عليها بغض النظر عن الزمان والمكان، وذلك انطلاقاً من حقوقها النابعة من القانون الدولي».

ويشكل الوجود العسكري في شمال سوريا العقبة الرئيسية في سبيل تقدم مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي أعلنت أنه لا حديث عن أي خطوات للتطبيع قبل الانسحاب التركي.

وأكدت روسيا التي رعت على مدى السنوات الثلاث الماضية لقاءات على مستويات مختلفة بين الجانبين التركي والسوري بهدف تطبيع العلاقات، عدم إحراز أي تقدم في عملية «بناء الحوار» بين تركيا وحكومة الرئيس بشار الأسد، لا سيما في مسألة الانسحاب التركي من الأراضي السورية.

وقال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، في مقابلة صحافية الجمعة: «لا يوجد أي تقدم في مسألة انسحاب العسكريين الأتراك من الأراضي السورية... وجودهم في سوريا يعيق تطبيع العلاقات السورية التركية... هذه القضية قيد الحل».

وأضاف لافرنتييف أن تركيا أبدت استعدادها للانسحاب من سوريا لكن في ظل «ظروف مناسبة»، متسائلاً: «لكن ما هي الشروط المناسبة، بخاصة في إطار دعم أنقرة للمعارضة السورية، فهل سيعرضون المعارضة السورية للخطر؟».

وتتمسك تركيا ببقاء قواتها حتى الانتهاء من العملية السياسية، وإعداد الدستور وإجراء انتخابات وتشكيل حكومة سورية بطريق الانتخابات تقدم ضمانات بالعودة الآمنة للاجئين، كما أنها لا تثق في قدرة الجيش السوري حالياً على ضمان أمن الحدود المشتركة في ظل وجود القوات الكردية على حدودها الجنوبية.

وتطرح موسكو العودة إلى «اتفاقية أضنة» لعام 1998، التي تسمح لتركيا بالتوغل لمسافة 5 كيلومترات في الأراضي السورية لتعقب عناصر «العمال الكردستاني»، لكن أنقرة تتمسك بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن حدودها لمسافة 30 كيلومتراً، وإنشاء منطقة آمنة بهذا العمق لاستيعاب اللاجئين.

وعن خريطة الطريق للتطبيع بين أنقرة ودمشق، التي تم الإعلان عن إعدادها سابقاً، قال المبعوث الروسي إنها «لا تزال غير محددة... في اللحظة الحالية المسألة مرتبطة بأن الجانب التركي غير مستعد للإعلان عن سحب قواته من سوريا في المستقبل».


مقالات ذات صلة

قصف إسرائيلي يستهدف بلدتين في ريف حمص وسط سوريا

المشرق العربي صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)

قصف إسرائيلي يستهدف بلدتين في ريف حمص وسط سوريا

استهدف قصف إسرائيلي، مساء الثلاثاء، قريتين في ريف حمص في وسط سوريا وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قصف تركي على مواقع لـ«قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية - إكس)

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 11 شخصاً، بينهم مدنيون، قتلوا الاثنين في هجمات شنتها قوة يقودها الأكراد على مواقع مقاتلين مدعومين من تركيا شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً عدة بحمص السورية

أفادت وسائل إعلام رسمية سورية بأن هجوماً إسرائيلياً، اليوم (الاثنين)، أدى إلى إصابة شخصين وألحق أضراراً بجسور عدة في القصير بريف حمص.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أنقرة أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الثلاثاء، إن «العلاقة بالجار العراق تحسنت بشكل كبير في المدة الأخيرة؛ مما جعل مهمة مكافحة الإرهاب أكثر فاعلية».

وأضاف غولر، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 بلجنة الخطة والموازنة في البرلمان التركي، إن تركيا بدأت اتخاذ خطوات ملموسة مع العراق في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب، الموقعة بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي.

وتابع: «وبالمثل نتعاون، بشكل وثيق، مع حكومة إقليم كردستان في شمال العراق لضمان السلام في المنطقة، ولإنهاء وجود التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)».

وذكر غولر أن القوات التركية أغلقت جبهة زاب في شمال العراق بعد تطهيرها من مسلحي «العمال الكردستاني» ضمن عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2022، وأضاف الوزير التركي: «أنشطتنا في المنطقة مستمرة بالوتيرة والتصميم نفسيهما (...) حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر دون هوادة حتى يختفي الإرهابيون الدمويون من هذه الجغرافيا».

وتسبب الصراع المسلح بين «حزب العمال الكردستاني» (التركي) والجيش التركي، طيلة العقود الأربعة الماضية، في تهجير سكان 800 قرية، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين بإقليم كردستان العراق شمال البلاد.

غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

كذلك، تسببت العمليات العسكرية التركية في خلافات بين بغداد وأنقرة على مدى سنوات، حيث عدّها العراق «انتهاكاً لسيادته»، بينما تمسكت تركيا بأنها ضرورية لحماية أمنها وشعبها، وبأنها تنفذها في إطار القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

وشهدت العلاقات بين البلدين الجارين تحسناً منذ العام الماضي، وأجريا جولات من المحادثات رفيعة المستوى بشأن القضايا الأمنية والتنموية وقضايا المياه والطاقة والتعاون في مشروع «طريق التنمية».

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال زيارته بغداد في أبريل الماضي، أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة.

وصنف العراق، قبيل زيارة إردوغان، «حزب العمال الكردستاني» تنظيماً محظوراً، لكن تركيا ترغب في إعلانه «منظمة إرهابية» من جانب بغداد.

ولفت غولر إلى أن «البيئة الأمنية في المنطقة باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، والعالم يمر بفترة حساسة يهتز فيها ميزان القوى الدولي، وتزداد الصراعات على النفوذ، وتتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية».

وأكد الحاجة الماسة إلى «هيكل دفاعي قوي من أجل التعامل بفاعلية مع جميع التهديدات التي تحيط بتركيا»، مشدداً على أن القوات التركية «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد».

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 10 من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في مناطق بشمال العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إنه قُضي على هذه العناصر في عمليات للقوات التركية بمناطق كارة وهاكورك ومتينا في شمال العراق.

وشددت على أن «مكافحة التنظيمات الإرهابية ستستمر أينما وُجدت، حتى القضاء على آخر إرهابي».