إيران: غضب من إعدام «مصاب باضطراب الهوية» وسجين سياسي كردي

محامي رجل دهس قوات الشرطة تحدى القضاء بسبب صحة موكله

قبادلو خلال إحدى جلسات محاكمته (ميزان)
قبادلو خلال إحدى جلسات محاكمته (ميزان)
TT

إيران: غضب من إعدام «مصاب باضطراب الهوية» وسجين سياسي كردي

قبادلو خلال إحدى جلسات محاكمته (ميزان)
قبادلو خلال إحدى جلسات محاكمته (ميزان)

ندد ناشطون ومنظمات حقوق إنسان بإعدام رجل يعاني من اضطرابات الهوية، بتهمة قتل شرطي دهساً، وإعدام داعية وناشط سياسي كردي بتهم أمنية.

أعدمت إيران، الثلاثاء، رجلاً أُدين بقتل شرطي وجرح آخرين في عملية دهس خلال الاحتجاجات التي هزت البلاد العام الماضي، في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني بعد احتجازها على يد شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وذكرت وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية إن «عقوبة الموت بحق محمد قبادلو... نُفذت صباحاً بعد 487 يوماً من الإجراءات القانونية».

وأُدين قبادلو الذي يعاني من «اضطراب الهوية (ثنائي القطب)»، بحسب محاميه، وأسرته، بقتل شرطي وجرح خمسة آخرين، وفق وكالة «ميزان».

أدت وفاة أميني إلى مظاهرات شهدت مقتل أكثر من 500 متظاهر، واعتقال الآلاف في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن تنحسر الاحتجاجات.

قبادلو خلال إحدى جلسات محاكمته يمثل أمام القاضي أبو القاسم صلواتي (ميزان)

وبذلك يرتفع إلى تسعة عدد الأشخاص الذين نفذت بحقهم أحكام إعدام بتهم قتل أو أعمال عنف أخرى بحق عناصر القوات الأمنية خلال الاحتجاجات. وتقول السلطات إن نحو 70 من عناصر «الباسيج» التابع لـ«الحرس الثوري» والشرطة سقطوا خلال الاضطرابات.

وحُكم على قبادلو بالإعدام في نوفمبر 2022 بتهمة «الإفساد في الأرض» لدهس عناصر من الشرطة في طهران، ما تسبب بوفاة عنصر وجرح خمسة آخرين.

وفبراير (شباط) 2023، أوقفت المحكمة العليا تنفيذ الحكم وأحالت قضيته فيما بعد إلى ولاية قضائية أخرى للتعامل مع قضايا متعلقة بصحته العقلية، وفق تقرير نشرته وكالة «مهر» الحكومية في يوليو (تموز).

وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن وكالة «ميزان» أشارت إلى أن المحكمة العليا أيدت حكم الإعدام بحق قبادلو، ونفذ الحكم.

بدورها، قالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، إنه تم تنفيذ حكم الإعدام بينما أسقطت المحكمة العليا الحكم الصادر بحقه ولم تتم إعادة محاكمته على أساس اضطراب ثنائي القطب الذي يعاني منه.

وكتبت وكالة «ميزان» على منصة «إكس»: «ما يقال عن قرار المحكمة العليا بشأن إعادة محاكمة قبادلو، غير صحيح، لقد رفضت المحكمة العليا إعادة محاكمته مرتين».

وقال أمير رئيسيان، محامي قبادلو، في بيان، إنه مستعد لمناظرة مع مسؤولي القضاء «بالاستناد إلى الوثائق والأحكام الصادرة.

وأوضح رئيسيان أن السلطات أبلغته قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام. وقال: «لا يوجد هناك ترخيص قانوني ينفي حق قبادلو في إعادة المحاكمة»، مشدداً على أن إعدامه «من المؤكد يعدّ إعداماً».

وقال محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران، التي تراقب عمليات الإعدام عن كثب، إنه «كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب، وقد أبطلت المحكمة العليا حكم الإعدام الصادر بحقه». وأضاف: «إعدام قبادلو هو قتل خارج نطاق القضاء، ويجب محاسبة المرشد الإيراني علي خامئني وسلطته القضائية على هذه الجريمة».

وكتب أميري مقدم على منصة «إكس»: «هذا الإعدام يجب أن يقابل بإدانات دولية قوية».

أثار إعدام قبادلو ردود فعلٍ واسعة من قبل الناشطين السياسيين والمجتمع المدني الإيراني. ودانت الحائزتان على جائزة «نوبل» للسلام المحامية شيرين عبادي (في لندن)، والناشطة نرجس محمدي المسجونة في إيفين، إعدام قبادلو.

كما انتقدت نائبة ألمانية إعدام قبادلو، بعد عامين من قبولها كفالته السياسية.

إعدام داعية كردي

وفي قضية منفصلة، نفذت السلطة القضائية الإيرانية حكماً بالإعدام بحق الداعية السني الكردي فرهاد سليمي بتهمتي «الحرابة» و«الإفساد في الأرض» في سجن قزل حصار، بعد 14 عاماً على اعتقاله.

وبحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، كان سليمي مضرباً عن الطعام احتجاجاً على إعدام متهمين آخرين في ملفه. ولفتت إلى أن إعدام سليمي «قتل خارج نطاق القانون، ويجب محاكمة المرشد الإيراني ومسؤولي النظام القضائي الفاسد».

واعتقل سليمي في عام 2009، وأصدرت محكمة «الثورة»، برئاسة القاضي محمد مقيسه، حكماً بإعدامه، قبل أن تطعن المحكمة العليا بالقرار وتعيد مسار محاكمته. وصادق القاضي أبو القاسم صلواتي بعد نحو 8 سنوات على أحكام الإعدام.

وتدرج الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وكندا کلاً من القاضي مقيسه وصلواتي على لائحة العقوبات التي تطول مسؤولين إيرانيين، على صلة بانتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت منظمات حقوقية إن إعدام سليمي جاء في وقت كانت أسرته في طريقها إلى السجن، بعد تلقيها دعوة لزيارة أخيرة.

وأوضحت المنظمة أن سليمي والمتهمين الستة معه «تعرضوا للتعذيب للحصول على اعترافات كاذبة، وتمت محاكمتهم دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة». وهو رابع ناشط كردي يتم إعدامه خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وحذرت المنظمة من إعدام ثلاثة ناشطين من الأكراد: أنور خضري وخسرو بشارت وكامران شيخه. وأعلن السجناء الثلاثة إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على إعدام سليمي.

واعتُقل الناشطون السبعة في مدينة كرمانشاه بتهمة التورط في اغتيال رجل دين سني في كرمانشاه، قبل أن توجه إليهم اتهامات «تهديد الأمن القومي والدعاية ضد النظام والعضوية في جماعة متشددة والإفساد في الأرض».

تخفيف حكم إعدام

كما خففت المحكمة العليا الحكم الصادر بحق سجين آخر محكوم عليه بالإعدام هو ماهان صدرات، إلى السجن 10 سنوات في سجن كاليبار بمحافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران.

وأُدين صدرات بجريمة «الحرابة» إلى جانب تهم أخرى تتعلق باحتجاجات 2022.

صورة نشرتها وكالة «ميزان» من محاكمة صدرات

وتقول مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان من بينها منظمة العفو الدولية، إن إيران تنفذ أكبر عدد من أحكام الإعدام بين دول العالم باستثناء الصين.

ووفق منظمات حقوقية إيرانية مقرها خارج البلاد، أعدمت طهران نحو 800 شخص في عام 2023، وهو أعلى عدد منذ ثماني سنوات.

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، اليوم، إن السلطات «أعدمت 51 شخصاً على الأقل في أول 23 يوماً من عام 2024».


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
شؤون إقليمية سيارة العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده بعد استهدافها قرب طهران (أ.ف.ب)

إيران تحكم بإعدام 3 متهمين في قضية اغتيال فخري زاده

قضت محكمة إيرانية بإعدام ثلاثة أشخاص، لتورطهم في حادث اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية حكم الإعدام نُفذ شنقاً بآرون قهرماني في السجن بمدينة كرمانشاه الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

بعد إدانته بتهمة القتل... طهران تعدم إيرانياً يهودياً

أعدمت السلطات الإيرانية، اليوم الاثنين، إيرانياً يهودياً بعد إدانته بتهمة القتل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مبنى السفارة الإيرانية في برلين (إ.ب.أ)

طهران تحتج «بشدة» على قرار برلين إغلاق القنصليات الإيرانية

استدعت إيران القائم بأعمال السفارة الألمانية في طهران؛ لإبلاغه باحتجاجها على قرار برلين إغلاق ثلاث قنصليات بألمانيا، واصفة إياه بأنه «قرار غير عقلاني».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا احتجاجات ضد إعدام المواطن الألماني الإيراني المزدوج جامشيد شارمهد أمام قنصلية طهران في فرانكفورت (د.ب.أ)

برلين تستدعي سفيرها من طهران بعد إعدام مواطن ألماني من أصل إيراني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، اليوم (الأربعاء)، إن إعدام المواطن الألماني من أصل إيراني، جمشيد شارمهد، يقوض العلاقات بين البلدين «بشدة».

«الشرق الأوسط» (برلين)

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».