ماذا نعرف عن «جيش تحرير بلوشستان» الباكستاني؟

مقاتلون بلوش في باكستان (أرشيفية-رويترز)
مقاتلون بلوش في باكستان (أرشيفية-رويترز)
TT

ماذا نعرف عن «جيش تحرير بلوشستان» الباكستاني؟

مقاتلون بلوش في باكستان (أرشيفية-رويترز)
مقاتلون بلوش في باكستان (أرشيفية-رويترز)

جرى تشكيل «جيش تحرير بلوشستان» كتنظيم سياسي عام 2000، لكنه بدأ في الانخراط بنشاط في ممارسة الإرهاب بعد مقتل الزعيم القبلي للبلوش سردار أكبر بهتي على يد قوات شبه عسكرية عندما كان الجنرال مشرف رئيسا للبلاد.

من جهتها، تعتقد الاستخبارات الباكستانية أن بارامداغ بهتي، حفيد زعيم القبيلة القتيل، الذي يعيش في منفاه في سويسرا، يتزعم جيش التحرير البلوشي. ويعتقد بعض المحللين الباكستانيين أنه رغم تشكيل «جيش تحرير بلوشستان» في عام 2000، فإنه يعتبر في الأساس استمراراً لحركة التمرد السابقة في بلوشستان الباكستانية التي بدأت عام 1973.

ويقول محللون وخبراء أمنيون باكستانيون إن الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) والعراقية كانتا وراء تشكيل جيش تحرير بلوشستان.في تلك الأيام من «الحرب الباردة»، كانت باكستان في المعسكر الأمريكي، وكان الانفصاليون البلوش يشنون تمرداً بمساعدة الاتحاد السوفياتي.

واكتشفت الاستخبارات الباكستانية مخبأً كبيراً للأسلحة والذخيرة داخل السفارة العراقية في إسلام آباد كان من المفترض إرسالها إلى الانفصاليين البلوش في بلوشستان. وبعد ذلك، اكتشفت الشرطة أسلحة في أجزاء أخرى من السفارة، وحتى مساء ذلك اليوم اكتشفت الشرطة 300 بندقية آلية، وآلاف الطلقات، ومعدات اتصال. كانت الصناديق تحمل شعار وزارة الخارجية العراقية، وعليها كذلك شعار الخطوط الجوية العراقية.

وجرى نقل الصناديق إلى إسلام آباد من كراتشي عبر رحلات طيران شركة الخطوط الجوية الباكستانية.

وحاول السفير العراقي حينذاك، إلقاء اللوم على الملحق السياسي العراقي، الذي كان، حسب زعمه، قد ذهب إلى كراتشي في إجازة. وإثر ذلك، أعلنت باكستان أن السفير العراقي والملحق السياسي شخصان غير مرغوب فيهما، واستدعت سفيرها من بغداد.

وذكرت صحيفة «جانغ» أن الشرطة صادرت 300 بندية آلية سوفياتية الصنع، و32 ألف طلقة و303 بنادق، و10.000 طلقة. وقد بث راديو باكستان برنامجاً بعنوان «باكستان مستيقظة»، ناقش رواية شاهد عيان حول اكتشاف أسلحة في السفارة. وفي البرنامج ذاته جرى بث مقابلة مع السفير العراقي، والذي أصر على نفي أي علاقة له بهذه الصناديق.

وظل يكرر أن تفتيش مجمع السفارة جاء منافياً للأعراف الدبلوماسية. كما بث البرنامج أيضا مقابلة مع صحافيين عرب قالوا للإذاعة إن الشعب العراقي لا علاقة له بهذا الحادث، لأنه لا يمكن أن يفكر في إلحاق الضرر بدولة مسلمة.

جدير بالذكر أنه عام 2004، بدأ «جيش تحرير بلوشستان»، صراعاً عنيفاً مع باكستان من أجل نيل شعب البلوش تقرير مصيره وفصل بلوشستان عن باكستان. وأعلنت باكستان «جيش تحرير بلوشستان» منظمة إرهابية في السابع من أبريل (نيسان) 2006 بعد عدة هجمات ضد قوات الأمن الباكستانية.

وخلال عهد الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، كان لدى «جيش تحرير بلوشستان» معسكرات في أفغانستان وكان العديد من قادته يقيمون في كابل. بعد أغسطس (آب) 2021، طردت طالبان الأفغانية جيش تحرير بلوشستان من أفغانستان.

وفي غضون ذلك، أعلنت حكومة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة «جيش تحرير بلوشستان» منظمة إرهابية، ما أضفى شرعية دولية على العمليات العسكرية للحكومة الباكستانية في بلوشستان. في 15 أبريل (نيسان) 2009، دعا الناشط البلوشي بارامداغ خان بهتي مقاتليه إلى البدء في قتل غير البلوش المقيمين في بلوشستان، وطلب منهم استهداف المدنيين، كما شرع مقاتلوه في شن هجمات تستهدف السكان البنجاب بعد فترة قصيرة، ما تسبب في مقتل حوالي 500 شخص.

يذكر أنه بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، بدأت الهند في توفير الأسلحة والتدريب والتمويل لمنظمة «جيش تحرير بلوشستان». ومع ذلك، يعتقد خبراء باكستانيون أن مساعدة الهند لجيش تحرير بلوشستان ليست كبيرة، نظراً لأن المنظمة لم تنجح في تعطيل إدارة باكستان لبلوشستان.

كما يعتبر «جيش تحرير بلوشستان» منظمة علمانية، وان كانت هويته الطائفية سنية. وقد يكون هذا السبب في أنه طور في الفترة الأخيرة علاقته مع حركة طالبان الباكستانية. ويعتقد خبراء باكستانيون أن «جيش تحرير بلوشستان» وحركة طالبان الباكستانية قد شنا العديد من العمليات المشتركة ضد قوات الأمن الباكستانية في الماضي القريب.


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعيداً عن الرد العصبي الفوري للقادة الإسرائيليين في الائتلاف والمعارضة، على السواء، ضد قرار المحكمة الجنائية في لاهاي إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة التورط في جرائم حرب بقطاع غزة، ينكب قادة الجهاز القضائي العام وكذلك القضاء العسكري والخبراء في معاهد الأبحاث على دراسة القرار بشكل عميق، وسط مخاوف شديدة، ليس من اعتقال نتنياهو وغالانت، بل من تبعات القرار الأخرى التي يصفونها بالمخيفة.

وأهم المخاوف لدى الإسرائيليين تتعلق بقرار المحكمة الذي يعني أنها اقتنعت بأن ما جرى في غزة هو فعلاً جرائم حرب ضد الإنسانية، تشمل التجويع والتعطيش وحرمان الناس من العلاج الطبي السليم، والقتل الجماعي. في هذه القضايا يوجد مسؤولان كبيران هما نتنياهو وغالانت، ولكن يوجد منفذون. والمنفذون هم قادة الجيش الكبار وكذلك قادة الجيش الصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين. وكل واحد من هؤلاء يمكن اعتقاله بقرار من أي محكمة في أي دولة يصل إليها، في حال قُدّمت شكوى ضده.

ويتضح، في هذا الإطار، أن هناك «جيشاً» من المتطوعين في العالم، بينهم عشرات الإسرائيليين اليهود، الذين يقفون ضد الحرب وما تنطوي عليه من جرائم رهيبة، يتجندون في هذه المعركة من الآن. وهؤلاء، كما يبدو، جمعوا الكثير من المعلومات الدقيقة عن الضباط المذكورين، من قبيل من هم، وما أرقام هوياتهم وجوازات سفرهم، وأين يسافرون. وتم تخزين هذه المعلومات في أماكن مناسبة في الفضاء الإلكتروني تمهيداً لمثل هذه اللحظة التي وفرها قرار المحكمة الجنائية. وينوي هؤلاء، كما تقول أوساطهم، استغلال ما لديهم من معلومات لغرض اعتقال أي واحد من الضباط إذا سافر إلى الخارج.

وقد تمت تجربة هذه الخطوة ثلاث مرات في الشهر الأخير وكادت تنجح، لولا أن إسرائيل كرّست جهوداً ضخمة لإنقاذ الضباط المشتبه بتورطهم. المرة الأولى كانت في بلجيكا، حيث تم فتح ملف تحقيق ضد مواطن يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والبلجيكية، وشارك في الحرب على غزة. وقبل أسبوعين فُتح ملف مشابه لإسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية في نيقوسيا. وفي الأسبوع الماضي حصل الأمر نفسه لضابط إسرائيلي في جيش الاحتياط، كان يمضي شهر عسل مع زوجته الشابة في قبرص. وهو من أولئك الضباط، الذين تباهوا بأفعالهم في غزة ونشر صورة له قبل 6 أشهر وهو يقول: «لن نتوقف. سنحرق غزة عن بكرة أبيها». وقد تتبعت منظمة بلجيكية أثره. ووجدت أنه ينشر صور شهر العسل بفرح وسعادة، فتوجهت إلى المحكمة لاعتقاله. وقد عرف جهاز «الموساد» بالأمر، فسارع إلى ترحيله من قبرص خلال ساعات قليلة، قبل أن يتم إصدار أمر باعتقاله.

بالإضافة إلى هذا الخطر، يدرس الإسرائيليون تبعات القرار على عمل نتنياهو. فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاستقباله، فمن سيستقبله غيرها؟ وأي رئيس سيلتقيه الآن، في العالم؟ أي رئيس سيصل إلى إسرائيل؟ أليس كل مسؤول في العالم سيحسب حساباً للقائه بعد هذا القرار؟ وكيف يمكن لرئيس حكومة أن يعمل وهو مُقاطع من نظرائه في الخارج؟

أحد الخبراء، فوان الترمان، قال للقناة «آي 24» إن قرار محكمة لاهاي ينطوي على عدة نقاط ضعف، لكن لا يمكن الاستناد لإلغاء القرار إلا إذا سلّم نتنياهو نفسه إلى المحكمة. ولأن هذا لن يحدث يجب الاعتياد على العيش تحت قيادة «قائد منبوذ»، وهذا غير ممكن، برأيه، ولذلك فإن ما يجب الاعتياد عليه هو العيش من دون نتنياهو، متوقعاً أن نهاية عهده بدأت بقرار محكمة لاهاي.