تركيا تضع «استراتيجية شاملة» لمنع قيام «كيان إرهابي» على حدودها الجنوبية 

جلسة برلمانية حذرت من استغلال «الكردستاني» الفراغ في سوريا والعراق 

جنود أتراك يراقبون الحدود مع سوريا في أكتوبر الماضي (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك يراقبون الحدود مع سوريا في أكتوبر الماضي (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تضع «استراتيجية شاملة» لمنع قيام «كيان إرهابي» على حدودها الجنوبية 

جنود أتراك يراقبون الحدود مع سوريا في أكتوبر الماضي (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك يراقبون الحدود مع سوريا في أكتوبر الماضي (وزارة الدفاع التركية)

أكدت تركيا مجدداً أنها لن تتوانى في بذل جهودها من أجل منع أي تهديدات لحدودها أو شعبها، وستبذل كل ما بوسعها لمنع قيام ممر أو كيان إرهابي على حدودها الجنوبية، ودعت جميع الدول الحليفة ودول المنطقة إلى التعاون من أجل القضاء على «حزب العمال الكردستاني» الذي استغل الفراغ السياسي في سوريا والعراق، وأصبح يشكل خطراً على البلدين أيضاً.

وعقد البرلمان التركي، الثلاثاء، جلسة خاصة حول مكافحة الإرهاب والخطوات التي اتُّخذت بعد مقتل 9 جنود أتراك بهجوم لـ«العمال الكردستاني» في شمال العراق، ليل الجمعة الماضي، والعمليات الجارية شمال سوريا والعراق رداً على الهجوم. واستمع إلى إيجاز من وزيري الدفاع يشار غولار والخارجية هاكان فيدان، إلى جانب ممثلي الأحزاب السياسية.

وزير الدفاع التركي يشار غولار خلال جلسة البرلمان حول التطورات في شمال سوريا والعراق الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وأكد غولار أن تركيا «لن تسمح بوجود ممر إرهابي على طول حدودها الجنوبية، بغض النظر عمن يقدم الدعم، وتحت أي ذريعة، ولأي سبب»، وأنه لولا عمليات «المخلب» العسكرية التركية التي انطلقت في شمال العراق منذ عام 2019، ولولا الوجود العسكري التركي في شمال العراق وسوريا، لكانت هجمات التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني) على حدود تركيا، مستمرة كما كانت من قبل، ولكانت تكاليفها أكبر في المدن.

وأشار إلى أن وصول الجيش التركي إلى منطقة زاب في شمال العراق، التي تعد «قلب» الإرهابيين، دفع «العمال الكردستاني» إلى إظهار «مقاومته الأخيرة» في منطقة عملية «المخلب - القفل»، وأضاف أن 3151 محاولة تحرش وتسلل من قبل «إرهابيي» «العمال الكردستاني»، وقعت في مناطق القواعد التركية شمال العراق، ورداً على هذه الهجمات قُضِي على 1689 منهم.

أضاف: «وجهنا ضربة قوية لـ(العمال الكردستاني)، وأوصلناه إلى نقطة الإنهاك، ودمرنا الممر الإرهابي الذي كان من المفترض إقامته على حدودنا، وأنشأنا خطاً آمناً بطول 300 كيلومتر تقريباً وعمق 30 كيلومتراً.

وانتقد غولار الأطراف التي تتساءل عن سبب الوجود العسكري في شمال العراق وسوريا قائلاً: «يبدو أنهم نسوا التكلفة التي تكبدناها في الماضي القريب، والثمن الذي دفعناه بسبب العراق وسوريا. من غير المقبول أبداً استخدام الألم مادة سياسية. قد تكون هناك انتقادات، ولكن لا بد من الوحدة في مواجهة الإرهاب».

استراتيجية شاملة

بدوره، قال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إن تركيا بدأت تطبيق استراتيجية شاملة لمنع إقامة دولة إرهابية على حدودها الجنوبية، ويجري تنفيذ العمليات ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا بالتزامن، بسبب سهولة عبور عناصر التنظيمين بين سوريا والعراق.

وأكد أنه «يجب على جيراننا وحلفائنا أن يدعموا بإخلاص حربنا ضد الإرهاب»، مشيراً إلى أن أميركا ودولاً أوروبية دعمت «حزب العمال الكردستاني» ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا من أجل الحرب على «داعش».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال جلسة البرلمان الثلاثاء (الخارجية التركية)

وتابع فيدان أن الحزب الذي خسر الأرض في تركيا اضطُر إلى تنفيذ هجماته عبر الحدود، وأصبح يشكل خطراً أمنياً للعراق وسوريا، مستغلاً الفراغ السياسي في البلدين، لافتاً إلى أن حكومة بغداد اقتنعت عبر الاجتماعات والمباحثات الأخيرة مع تركيا، بأن «العمال الكردستاني» بات يشكل خطراً على العراق، وقال إنه رغم العقوبات التي فُرضت على السليمانية (إقليم كردستان العراق)، إن لم يغير «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني» موقفه الداعم لـ«العمال الكردستاني»، فلن نتردد في اتخاذ مزيد من التدابير.

تدريبات لمقاتلي «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال فيدان إن وجود معسكرات «العمال الكردستاني» على طول الحدود الإيرانية، ووجود امتدادات له داخل إيران، يجعل من الضروري بالنسبة لنا تنفيذ دبلوماسيتنا لمكافحة الإرهاب مع إيران على جميع المستويات.

وأضاف أن «حزب العمال» يستخدم من جانب بعض القوى في الحروب بالوكالة في المنطقة، وأن النقطة المشتركة الوحيدة بين المنظمات الإرهابية التي تحاربها تركيا هي أنها، دون استثناء، لها علاقات أجنبية، ويتفاعل «حزب العمال الكردستاني» مع الساحة الأوروبية من حيث التمويل، وهو مرتبط بالجماعات المناهضة لتركيا داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، ونحن نبذل قصارى جهدنا لتجفيف الموارد المالية له.

وذكر أن الدول التي عدّها «العمال الكردستاني» ملاذاً آمناً لسنوات كثيرة، اتخذت، عبر جهود تركيا، خطوات قضائية وإدارية، وإن كانت محدودة، ضده، وجرت اعتقالات في دول مثل فرنسا وبريطانيا في السنوات الأخيرة. ومن ناحية أخرى نرى أن الخطوات التي اتخذتها فنلندا والسويد منذ المذكرة الثلاثية الموقّعة مع تركيا العام قبل الماضي، تثير قلق الأوساط التنظيمية في «العمال الكردستاني». وسنواصل مبادراتنا بكل تصميم، إلى جانب استهدافنا العناصر القيادية والكوادر التنظيمية للحزب بضرباتنا العسكرية.

تسلل من منبج

إضافة إلى ذلك، واصلت تركيا غاراتها وتصعيد هجماتها في شمال سوريا والعراق. وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الثلاثاء، تدمير 23 هدفاً لـ«العمال الكردستاني» ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في غارات على مناطق: متينا، وهاكورك، وقنديل، وغارا، وأسوس شمال العراق، ومواقع أخرى شمال سوريا.

وجددت القوات التركية بالتزامن، قصفها على مناطق ريف منبج، رداً على تسلل مجموعة من مجلس منبج العسكري، التابع لـ«قسد»، إلى القاعدة التركية في قرية الشيخ ناصر، حيث اشتبكت مع الفصائل الموالية لتركيا في منطقة «درع الفرات».

وفي محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، خرجت محطة السويدية للطاقة بريف القامشلي عن الخدمة بشكل كامل، جراء استهدافها بغارات جوية تركية، ليل الاثنين.

صورة موزعة من المخابرات التركية للقيادية في الوحدات الكردية ليمان سويش التي قُتلت بعملية في القامشلي الثلاثاء

وكشفت المخابرات التركية مقتل القيادية، ليمان سويش، المعروفة باسم «ريحان عامودا»، مسؤولة الجناح النسائي لوحدات حماية الشعب الكردية في عملية في القامشلي، الثلاثاء.

وقالت مصادر أمنية تركية، إن سويش كانت تدير الأنشطة باسم الوحدات الكردية في شمال سوريا، وتنقل التعليمات القادمة من جبال قنديل بشمال العراق إلى الجناح النسائي في منطقة القامشلي القريبة من الحدود التركية، كما كانت تنظم عمليات ضد تركيا.


مقالات ذات صلة

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الجدار الذي أنشأته تركيا على حدودها مع سوريا (وسائل إعلام تركية)

مسؤول عسكري: تركيا مستعدة لمواجهة التهديدات عبر حدودها

قال مصدر عسكري مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن القوات المسلحة قادرة على مواجهة جميع التهديدات التي تواجهها تركيا عبر حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تركيا كثَّفت من تعزيزاتها العسكرية في شمال غربي سوريا مع احتمال مواجهات جديدة بين القوات السورية وفصائل المعارضة والتصعيد الإسرائيلي (إعلام تركي)

التعزيزات العسكرية التركية تتوالى إلى منطقة «بوتين – إردوغان»

دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية جديدة إلى ريف إدلب الشرقي في إطار تعزيزاتها المكثفة في الأيام الأخيرة لنقاطها العسكرية في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية القوات التركية صعدت من ضرباتها الجوية في شمال العراق في الأسابيع الأخيرة (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تواصل ضرباتها الجوية لمواقع «الكردستاني» شمال العراق

أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 4 من عناصر حزب «العمال الكردستاني» «المحظور» في ضربة جوية في شمال العراق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لافروف خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

موسكو تتهم واشنطن بعرقلة مساعي التطبيع بين أنقرة ودمشق

اتهمت روسيا الولايات المتحدة بعرقلة مساعي تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا وأعادت طرح إمكانية تطبيق صيغة معدلة لاتفاقية أضنة كحل لمسألة الوجود العسكري التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

يمشي جندي الاحتياط الإسرائيلي، آرون بورس، بمساعدة عكازين بعد 10 أشهر من إصابته في ساقه برصاصة قناص في غزة، آملاً في التعافي الكامل من الإصابة التي لحقت به في أثناء محاولته إنقاذ قائده بأحد الكمائن.

وقال بورس: «تطاير الرصاص من كل مكان حولي».

بعد ثلاث ساعات من إطلاق النار عليه، خضع لعملية جراحية في مركز شيبا الطبي بالقرب من تل أبيب، حيث تمكن الأطباء من إنقاذ ساقه. وتبع ذلك إعادة تأهيل مكثف على مدى شهور، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

استدعى الجيش الإسرائيلي نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، وخدم كثير منهم لعدة أشهر في جولات متعددة. وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم التي تركوها وراءهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

وعالج قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أكثر من 10 آلاف جندي مصاب، منذ الهجوم الذي قادته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي تبعه غزو إسرائيل لقطاع غزة.

دلالات على قتال عنيف

كان أكثر من ثلثي الذين تلقوا العلاج من جنود الاحتياط وعادوا إلى وحداتهم العسكرية تاركين الحياة المدنية.

يعاني ما يزيد قليلاً على ثلث هؤلاء الجرحى من إصابات في الأطراف، في حين يعاني الباقون من مجموعة متنوعة من الإصابات الداخلية وإصابات بالعمود الفقري، فضلاً عن جروح في العين والأذن والرأس، وهو ما يؤكد خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة.

يقول يسرائيل دودكيفيتش، الطبيب الذي يدير مركز إعادة التأهيل في مركز شيبا الطبي، إن المستشفى أدرك في السابع من أكتوبر أنه سيحتاج إلى التوسع لاستقبال تدفق الجرحى. وزاد المستشفى عدد الأسرة وفتح ثلاثة أجنحة جديدة لعلاج الجرحى. ونحو ربع موظفي المستشفى من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم.

وقال دودكيفيتش: «لا أستطيع أن أقول إن الأمر لم يكن صعباً... لكن في النهاية نجحنا في تقديم الخدمة».

تأثير سيستمر لسنوات

ومستوى الرعاية الذي يتلقاه الجنود الإسرائيليون مختلف تماماً عن نظيره في غزة، حيث قُتل أكثر من 41 ألفاً و500 فلسطيني خلال الحرب الممتدة منذ عام والتي شهدت تدمير المنظومة الصحية إلى حد كبير.

لكن تأثير الإصابات الخطيرة على جنود الاحتياط، الذين سيعودون إلى الحياة المدنية عندما تنتهي المعارك، سيستمر لسنوات عديدة.

أصيب يوسي سوشر (34 عاماً) بجروح بالغة جراء انفجار عبوة ناسفة عن بعد. ولا يزال الأطباء غير واثقين مما إذا كان سيتمكن من استعادة قدرته الكاملة على استخدام ذراعه اليسرى وكتفه بعد أن أصيبا بشظية.

ويستطيع الآن تحريك يده فقط ولكن ليس باقي ذراعه.

وقال جندي الاحتياط بينما يرقد على سرير بالمستشفى وزوجته بالقرب منه: «الأمر كان صعباً».