كيف تفاعل الإعلام التركي مع افتتاح قنصلية أرمينية في تبريز الإيرانية؟

صحيفة «يني عقد» تقول إن طهران تعاني من «عسر في هضم الأحداث»

وزيرا الخارجية الإيراني والأرميني خلال افتتاح سفارة طهران في مدينة «باكان» عام 2022 (خارجية يريفان)
وزيرا الخارجية الإيراني والأرميني خلال افتتاح سفارة طهران في مدينة «باكان» عام 2022 (خارجية يريفان)
TT

كيف تفاعل الإعلام التركي مع افتتاح قنصلية أرمينية في تبريز الإيرانية؟

وزيرا الخارجية الإيراني والأرميني خلال افتتاح سفارة طهران في مدينة «باكان» عام 2022 (خارجية يريفان)
وزيرا الخارجية الإيراني والأرميني خلال افتتاح سفارة طهران في مدينة «باكان» عام 2022 (خارجية يريفان)

فجّر الإعلان الرسمي لفتح قنصلية أرمينية في مدينة تبريز الإيرانية انتقادات في وسائل الإعلام التركية، التي عدَّت القرار «خطوة إيرانية ستثير غضب العالم التركي».

ويشكل الأتراك الأذربيجانيون نحو 95 في المائة من سكان تبريز التي تقع شمال غربي إيران، وهي عاصمة محافظة «أذربيجان الشرقية»، وثالثة أكبر المدن الإيرانية بعد مشهد وطهران.

وفي 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع نظيره الأرميني أرارات ميرزويان، أن أرمينيا ستفتح قنصلية لها في تبريز، خلال الأسابيع الأولى من عام 2024.

ونوهت التغطية الإعلامية التركية إلى أن مدينة كابان، التي فضلتها إيران لتكون مقراً لقنصليتها في أرمينيا، تقع على الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، لافتة إلى أن الحركة الدبلوماسية بين طهران ويريفان زادت منذ عام 2021.

وخلال الحرب في كاراباخ، «قدمت إيران الدعم اللوجيستي لأرمينيا من منطقة كابان لتزيد من وتيرة التدريبات العسكرية على الحدود الأذربيجانية، ما أثار ردود فعل شديدة من الأتراك الأذربيجانيين في تبريز، حاولت إيران قمعها باستخدام العنف»، وفقاً للإعلام التركي.

وخلال تلك الحرب عام 2020 وما لحقها من أحداث وتوترات، اتخذت إيران موقفاً داعماً لأرمينيا ضد أذربيجان التي نالت دعماً من تركيا.

نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

واتهمت وسائل الإعلام التركية إيران بمعارضة «كل فرص التوازنات التي أوجدها تحرير أذربيجان لأراضيها المحتلة».

وقالت صحيفة «يني عقد» التركية إن إيران «لم تستطع قبول تحرير أذربيجان لكاراباخ من الاحتلال». وأضافت أن «خطوة فتح قنصلية لأرمينيا في تبريز، فسرت على أنها رسالة ضد العالم التركي، وبخاصة ضد أذربيجان».

وتابعت: «من المعروف أن اختيار مدينتي كابان وتبريز لأنشطة قنصلية متبادلة بين إيران وأرمينيا من الممكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة».

«عسر هضم إيراني»

ورأت «يني عقد» أن إيران تعاني «عسر هضم، ولم تستطع قبول الانتصار الذي حققته أذربيجان في كاراباخ».

واهتمت الصحيفة بتصريحات السفير الإيراني الذي قال إن بلاده «تعارض تغيير الحدود في المنطقة؛ لأنه خط أحمر بالنسبة لأعلى المستويات في البلاد».

وقالت الصحيفة التركية: «بعد انتصار أذربيجان في كاراباخ، ترفض إيران الممرات التي تهم آسيا الوسطى والعالم التركي بشكل كبير، وإن موقف طهران وسياستها، خاصة ما يتعلق بممر زنغزور، كان أشد حدة من موقف أرمينيا».

ووفقاً للصحيفة، فإن «هذا الممر سيوفر الاتصال البري بين تركيا وأذربيجان عبر أرمينيا، ما جعل إيران تشعر بعدم الارتياح منذ البداية، ولذلك زادت علاقاتها الدبلوماسية مع أرمينيا على الحدود الأذربيجانية وفي المناطق التي يعيش فيها الأتراك الأذريون».

وقال وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، في تصريحات الخميس الماضي، إن بلاده ستركز هذا العام على إنجاز العمل بممر زنغزور.

ومن المفترض أن يوفر الممر رابطاً جديداً بين تركيا وأذربيجان؛ إذ يعبر أراضي ولاية «زنغزور» الأرمينية التي تفصل بين البر الرئيسي لأذربيجان وإقليم «ناختشيفان»، الذي يتمتع بحكم ذاتي.

وأشار أورال أوغلو إلى أن تركيا وأذربيجان وإيران تجري دراسات حول مشروع الممر، وأن أرمينيا ستسمح بعبوره في أراضيها بطول 43 كيلومتراً.

عرض عسكري أذربيجاني في العاصمة السابقة لإقليم كاراباخ (أرشيفية - أ.ب)

«خطر إسرائيلي»

ولا يبتعد الدعم الإيراني لأرمينيا عن مخاوف طهران بشأن الوجود الإسرائيلي في أذربيجان، وحديثاً في تركمانستان؛ إذ تحمّل طهران باكو مسؤولية الوجود الإسرائيلي على حدودها وتعدّه تهديداً لأمنها القومي.

وافتتحت أذربيجان، في مارس (آذار) 2023 سفارة في إسرائيل بعد 30 عاماً من العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.

ويعود افتتاح السفارة الإسرائيلية في باكو إلى أوائل تسعينات القرن الماضي، بينما افتتحت أذربيجان مكتباً تجارياً في تل أبيب عام 2021 وعززته بمكتب للسياحة عام 2022.

ولعبت إسرائيل دوراً بارزاً في تقديم الدعم العسكري لأذربيجان خلال السنوات الأخيرة، وساندتها في نزاعها مع أرمينيا حول ناغورنو كاراباخ، كما تعد من أهم موردي الأسلحة لأذربيجان بعدما تجاوزت مبيعاتها 740 مليون دولار حتى عام 2019.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، افتتحت إسرائيل سفارة في «عشق آباد» عاصمة تركمانستان على بعد أقل من 20 كلم من إيران، في خضم مساعيها لتعزيز حضورها في الدول التي تجاور إيران، بينما أكدت إسرائيل استعدادها للتصدي لتهديدات إيران النووية واستخدام «جميع الوسائل الممكنة» لمنعها من تصنيع قنبلة ذرية.


مقالات ذات صلة

نواب إيرانيون يحذرون بزشكيان من «تشجيع التصعيد الأميركي»

شؤون إقليمية مشرّعون إيرانيون يردّدون هتافات منددة بإسرائيل في جلسة عامة الأسبوع الماضي (موقع البرلمان)

نواب إيرانيون يحذرون بزشكيان من «تشجيع التصعيد الأميركي»

وجه 26 مشرعاً إيرانياً رسالة حادة إلى رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، على خلفية حواره الأخير مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

عراقجي: متسابق الدراجات الفرنسي الألماني المفقود منذ يونيو معتقَل في إيران

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، لصحيفة «لوموند» الفرنسية، اليوم الخميس، إن متسابق الدراجات الفرنسي الألماني البالغ 18 عاماً المفقود، معتقَل في إيران.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من خطاب زامير في حفل تخرج الطيارين الخميس

كاتس: سنضرب إيران مجدداً إذا هددتنا

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الخميس، إن إسرائيل ستضرب إيران مجدداً إذا تعرضت لتهديد منها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري رئيس الحكومة محمد السوداني يتوسط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

تحليل إخباري «نبيه بري العراق» تذكرة السوداني إلى ولاية ثانية

يحاول رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الحصول على غطاء من المرجع الديني علي السيستاني، إذ يواجه فصائل مسلحة تمانع حصر السلاح بيد الدولة.

علي السراي (لندن)
شؤون إقليمية رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا يعرض نتائج قمة الكتلة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء (إ.ب.أ)

أوروبا تحض طهران على استئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

دعا الاتحاد الأوروبي إيران إلى الالتزام الكامل بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من استئناف عمليات التفتيش المتوقفة،

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

حضور متزايد في المشهد السياسي... هل سارة نتنياهو هي رئيسة وزراء إسرائيل الفعلية؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

حضور متزايد في المشهد السياسي... هل سارة نتنياهو هي رئيسة وزراء إسرائيل الفعلية؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض (د.ب.أ)

أثار الحضور البارز لسارة نتنياهو في واشنطن، هذا الأسبوع، تساؤلات جديدة حول موقعها في السياسة الإسرائيلية، سواء عند تناولها العشاء قبالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أو مرافقة زوجها في زيارة رسمية للبنتاغون.

سارة نتنياهو، الزوجة الثالثة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأم اثنين من أبنائه، لطالما كانت محط أنظار وسائل الإعلام، خصوصاً بسبب مزاعم حول مشاركتها في القرارات السياسية التي يتخذها زوجها.

عبارة «زوجتي وأنا...» يستخدمها كثيراً رئيس الوزراء الإسرائيلي في تصريحاته الرسمية، مما يعزز موقع سارة على الساحة العامة.

هذا الأسبوع، خلال زيارة رئيس الوزراء لواشنطن لإجراء سلسلة من الاجتماعات الرفيعة المستوى التي ناقش خلالها مع الرئيس الأميركي احتمال اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، كانت زوجته حاضرة بشكل ملحوظ.

ظهرت، الثلاثاء، وهي تجلس قبالة ترمب في عشاء رسمي عقب اجتماع بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي.

وبعد يومين، ظهرت إلى جانب زوجها مع وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث وزوجته، لدى وصولهم لحضور اجتماعات في البنتاغون.

الرئيس دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحضور زوجة الأخير في البيت الأبيض (أ.ب)

لكن الشائعات كانت قد بدأت حتى قبل مغادرة نتنياهو إلى واشنطن، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

فعشية الرحلة، أعلن مكتب رئيس الوزراء استقالة المتحدث باسمه عومر دوستري.

وبعد ساعات قليلة، وفي أعقاب تقارير إعلامية تحدثت عن تورط زوجته في القرار، صدر بيان آخر ينفي أي ضلوع لها في الأمر.

«حملة اضطهاد سياسي»

واجهت سارة نتنياهو عدة تحقيقات، منها قضايا فساد واحتيال وخيانة أمانة، كما تم استجوابها في إطار محاكمة الفساد المستمرة التي يواجهها زوجها.

تزوجت بنيامين نتنياهو عام 1991، وتبلغ 66 عاماً، وغالباً ما تكون هدفاً لهجمات إعلامية يواجهها زوجها بالدفاع عنها.

وتم تصويرها بشكل كاريكاتوري في برامج ساخرة بسبب اختياراتها في عالم الموضة أو عملها اختصاصية نفسية للأطفال.

لكن الأهم أنها مستهدفة بسبب مزاعم تدخّلها في شؤون الدولة.

في فيديو نُشر في ديسمبر (كانون الأول) 2024، نفى نتنياهو أن تكون زوجته شاركت في تعيينات حكومته أو اطلعت على أسرار الدولة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة برفقة وزير الدفاع الأميركي بيث هيغسيث في البنتاغون (د.ب.أ)

جاء ذلك بعد تحقيق أجرته القناة الثانية عشرة الإسرائيلية حول سارة نتنياهو، وصفه رئيس الوزراء بأنه «حملة اضطهاد سياسي».

عام 2021، قال مسؤول سابق رفيع إنه شاهد عقداً وقعه نتنياهو ينص على أن لسارة دوراً في تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وردّ مكتب رئيس الوزراء على ذلك ببيان مقتضب وصفه بـ«محض كذب». وخسر المسؤول السابق دعوى التشهير التي أقامها عليه محامي نتنياهو.

«رئيسة الوزراء الفعلية»

وعندما عيّن رئيس الوزراء ديفيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن العام (الشاباك) في مايو (أيّار)، أشار الصحافيون الإسرائيليون مرة أخرى إلى التأثير المحتمل لسارة نتنياهو، التي يُعتقد أنها قريبة من أوساط زيني.

بعد زُهاء عامين على بدء حرب إسرائيل ضد حركة «حماس» في غزة، يبدو أن سارة نتنياهو رسخت مكانتها لتصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ إذ ينسب لها البعض تأثيراً متزايداً في القضايا الاستراتيجية.

في مايو، عندما صحّحت سارة نتنياهو لزوجها عدد الرهائن الأحياء في غزة خلال لقاء مصور مع عائلات الرهائن، سرت شائعات أنها كانت على اطلاع على معلومات سرية.

ووصف الصحافي وكاتب السيرة الذاتية لبنيامين نتنياهو، بن كَسبيت، سارة بأنها «رئيسة الوزراء الفعلية».

وكتب كَسبيت في مقال رأي نشر على موقع صحيفة «معاريف»: «أصبح الأمر علنياً. إنه جزء لا يتجزأ من حياتنا... نحن نُعوِّد أنفسنا على حقيقة أن أحدهم قد فكك قيادة الدولة لصالح إدارة عائلية فوضوية».

وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، الأربعاء، وصف نتنياهو زوجته بأنها «شريكة رائعة».