ما هي الإبادة الجماعية؟ ولماذا تقاضي جنوب أفريقيا إسرائيل بسببها؟

رجل يحمل لافتة أثناء صلاة لنجاح قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها حكومة جنوب أفريقيا وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة (رويترز)
رجل يحمل لافتة أثناء صلاة لنجاح قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها حكومة جنوب أفريقيا وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة (رويترز)
TT

ما هي الإبادة الجماعية؟ ولماذا تقاضي جنوب أفريقيا إسرائيل بسببها؟

رجل يحمل لافتة أثناء صلاة لنجاح قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها حكومة جنوب أفريقيا وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة (رويترز)
رجل يحمل لافتة أثناء صلاة لنجاح قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها حكومة جنوب أفريقيا وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة (رويترز)

تدافع إسرائيل عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية اليوم (الخميس) ضد الاتهامات بأنها ترتكب إبادة جماعية في غزة.

ورفعت جنوب أفريقيا الدعوى قائلة إن إسرائيل تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية من خلال «قتل الفلسطينيين في غزة، وإلحاق الأذى الجسدي والعقلي الخطير بهم، وإخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم جسدياً»، مع المطالبة بالوقف العاجل للحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل.

ووصفت إسرائيل الدعوى بأنها «استغلال مهين» للمحكمة.

وستعقد محكمة العدل الدولية في لاهاي، المعروفة أيضاً باسم المحكمة العالمية، جلسات استماع على مدى يومين في قضية رفعت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) وتتهم إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948.

ووصفت إسرائيل القضية برمتها بأنها سخيفة واتهمت بريتوريا بلعب دور «محامي الشيطان» لصالح حركة «حماس» التي تشن حرباً ضدها في غزة.

وجنوب أفريقيا وإسرائيل طرفان في اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تلزمهما بعدم ارتكاب جرائم الإبادة، وكذلك منعها والمعاقبة عليها.

امرأة تتفاعل أثناء صلاة لنجاح قضية الإبادة الجماعية التي قدمتها حكومة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل (رويترز)

ما هي الإبادة الجماعية؟

تعرّف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها «الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية».

وقد اعتمدت الأمم المتحدة مصطلح الإبادة الجماعية بعد وقت قصير من إنشائها في عام 1945، مع اعتماد اتفاقية محددة بشأنها في عام 1948.

الأمثلة تشمل:

- قتل أعضاء مجموعة.

- التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء مجموعة.

- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية تهدف إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.

- فرض إجراءات تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة.

- نقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى.

وقد تم إنشاؤها في أعقاب الهولوكوست، التي قتل فيها النازيون ما يقرب من ستة ملايين يهودي بين عامي 1941 و1945، كجزء من التزام المجتمع الدولي بـ«عدم تكرار ذلك أبداً».

منذ إنشائها، لم تكن هناك سوى ثلاث حالات مؤكدة للإبادة الجماعية بموجب تعريف الأمم المتحدة: قتل الخمير الحمر للأقليات الكمبودية في السبعينات؛ ومذبحة سربرنيتسا للمسلمين في البوسنة عام 1995؛ ومقتل التوتسي في رواندا عام 1994.

فلسطينيون يقفون أمام جثث تعود لأفراد عائلة قتلوا خلال قصف إسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)

على ماذا تنص قضية جنوب أفريقيا؟

تحدد وثيقة المحكمة المكونة من 84 صفحة قضية جنوب أفريقيا، والتي تنص على أن «أفعال إسرائيل... في أعقاب هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023... هي إبادة جماعية بطبيعتها».

وتشرح أن السبب في ذلك هو أنها «تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة الوطنية والعنصرية والإثنية الفلسطينية، التي هي جزء من المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة».

وتقول جنوب أفريقيا إن إسرائيل «تفشل في منع الإبادة الجماعية وترتكب إبادة جماعية» في حربها مع «حماس».

وفي وثائق المحكمة، المرفوعة في 29 ديسمبر، يتم الاعتراف أيضاً «بالاستهداف المباشر للمدنيين الإسرائيليين وغيرهم من المواطنين واحتجاز الرهائن من قبل (حماس)» في 7 أكتوبر وبعده، وهو ما قد يشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وبما أن جنوب أفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية عام 1948، فإنها ترى أن المحكمة تتمتع بالسلطة القضائية لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين في غزة.

كما أن القضية تقارن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بفترة الفصل العنصري الخاصة بها.

وتتمتع جنوب أفريقيا بعلاقة صداقة طويلة الأمد مع الشعب الفلسطيني.

بعد إطلاق سراح نيلسون مانديلا من السجن وأصبح رئيساً لجنوب أفريقيا، قال: «نعلم جيداً أن حريتنا غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين»، وارتدى لاحقاً الكوفية التقليدية في حدث بالجزائر عام 1990.

وأدان رئيس جنوب أفريقيا الحالي سيريل رامافوزا الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ البداية.

كيف ردت إسرائيل؟

تاريخياً، رفضت إسرائيل التعامل مع المحاكم الدولية، لكنها سترسل فريقاً قانونياً للدفاع عن نفسها في لاهاي هذه المرة.

ووصفت جنوب أفريقيا بأنها «منافقة» والدعوى القضائية بأنها «تشهير دموي» - وهو مصطلح يستخدم للادعاءات الكاذبة المعادية للسامية ضد الشعب اليهودي، ويعود أصوله إلى العصور الوسطى.

أشخاص يستعدون لتثبيت لافتة خارج محكمة العدل الدولية في لاهاي (أ.ب)

ماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك؟

تتمتع محكمة العدل الدولية بسلطة إصدار «تدابير مؤقتة» - أوامر محكمة ملزمة قانوناً - والتي تستمر طوال مدة القضية.

وتريد جنوب أفريقيا أن تستخدمها «لتعليق فوري للعمليات العسكرية في غزة وضدها».

وعلى الرغم من أنها ملزمة قانوناً، فإنه لا يتم الالتزام بها دائماً.

على سبيل المثال، أدت قضية مشتركة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 إلى اتخاذ تدابير مؤقتة لموسكو لسحب قواتها، لكن الكرملين تجاهلها.

ومن المرجح أن تستمر هذه القضية، مثل غيرها من القضايا التي سبقتها، لسنوات، حيث إن إثبات «النية» لارتكاب أعمال إبادة جماعية هو عملية صعبة وطويلة.

وقال ألكسندر هورن، المحامي وأستاذ القانون في جامعة دورهام البريطانية، إن إسرائيل «مصممة على إثبات أن قواتها المسلحة تصرفت بشكل أخلاقي ومتناسب في أعقاب الأحداث المروعة التي وقعت في 7 أكتوبر».

وأضاف أن اختيارها لقاضي المحكمة العليا أهارون باراك ممثلاً لها يشير إلى أنها تأخذ القضية «على محمل الجد».

وأشار إلى أنه إذا فرضت المحكمة إجراءات مؤقتة، فإن ذلك سيكون «مشكلة كبيرة» بالنسبة للهجوم الإسرائيلي الذي تعهدت بمواصلته حتى إعادة جميع الرهائن.

وشنت القوات الإسرائيلية هجومها بعد أن نفذ مقاتلون من قطاع غزة الذي تديره «حماس» عملية عبر الحدود في السابع من أكتوبر، والتي قالت إسرائيل إنها أسفرت عن مقتل 1200 شخص وخطف 240 آخرين.

ومنذ ذلك الحين، تسبب الرد الإسرائيلي في تدمير جزء كبير من غزة، ونزوح جميع سكان القطاع تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ولو لمرة واحدة على الأقل، مما نجم عنه كارثة إنسانية.


مقالات ذات صلة

إعلام إسرائيلي: من المتوقع أن يستقبل ترمب نتنياهو مجدداً في البيت الأبيض الليلة

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع سابق (أرشيفية - رويترز)

إعلام إسرائيلي: من المتوقع أن يستقبل ترمب نتنياهو مجدداً في البيت الأبيض الليلة

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب من المتوقع أن يجتمع برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في «بلير هاوس» (د.ب.أ)

نتنياهو يلتقي فانس في واشنطن

التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في «بلير هاوس» بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية لقطة جوية تُظهر موقعاً سكنياً متضرراً في أعقاب هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل (رويترز) play-circle

مسؤول إسرائيلي: إيران قصفت بعض المواقع العسكرية الشهر الماضي

كشف مسؤول عسكري إسرائيلي، الثلاثاء، عن أن الضربات الجوية الإيرانية الشهر الماضي أصابت بعض المواقع العسكرية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (رويترز)

بريطانيا: سنتخذ إجراءات إضافية ضد إسرائيل إذا استمرت حرب غزة

أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، وقال إن لندن ستتخذ مزيداً من الإجراءات ضد إسرائيل إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يتجمعون بالقرب من سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في خلدة بلبنان (رويترز) play-circle

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر «بارز» من «حماس» في شمال لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء استهداف عنصر من حركة «حماس» في مدينة طرابلس اللبنانية في ضربة هي الأولى على شمال هذا البلد منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الترويكا الأوروبية تبحث إعادة العقوبات الأممية ضد إيران

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يصل إلى وزارة الخارجية القبرصية في نيقوسيا 4 يوليو 2025 (رويترز)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يصل إلى وزارة الخارجية القبرصية في نيقوسيا 4 يوليو 2025 (رويترز)
TT

الترويكا الأوروبية تبحث إعادة العقوبات الأممية ضد إيران

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يصل إلى وزارة الخارجية القبرصية في نيقوسيا 4 يوليو 2025 (رويترز)
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي يصل إلى وزارة الخارجية القبرصية في نيقوسيا 4 يوليو 2025 (رويترز)

أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الثلاثاء، أن الترويكا الأوروبية قد تعيد فرض العقوبات الأممية على إيران بموجب آلية «سناب باك»، محذراً من أن الخطوة قد تزيد معاناة طهران ما لم تتخذ موقفاً جدياً بشأن التراجع عن البرنامج النووي.

وقال أمام لجنة برلمانية إن «إيران ستواجه مزيداً من الضغط في الأسابيع المقبلة؛ لأن دول الترويكا الأوروبية يمكنها أن تفعل آلية إعادة العقوبات، وليس فقط العقوبات الأوروبية، بل هي آلية تابعة للأمم المتحدة ستفرض عقوبات شاملة على إيران تطال تقريباً كل جوانب اقتصادها».

وتابع: «إذاً، أمامهم خيار. إنه قرار يجب أن يتخذوه». وأضاف: «أنا واضح جداً بشأن الخيار الذي يجب أن يتخذوه، لكنني أيضاً واضح، إن المملكة المتحدة لديها قرار يمكن أن يؤدي إلى معاناة أكبر بكثير للنظام الإيراني، ما لم يتعاملوا بجدية مع الإرادة الدولية التي تطالبهم بالتراجع عن طموحاتهم النووية في هذا الوقت».

بدورها، أفادت «رويترز» نقلاً عن مصدر دبلوماسي فرنسي، الثلاثاء، بأن القوى الأوروبية ستضطر لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في حال عدم التوصل إلى اتفاق نووي يضمن المصالح الأمنية الأوروبية. وجاءت التصريحات عقب اتصال هاتفي بين وزير الخارجية البريطاني ونظيره الفرنسي جان نويل بارو، قبيل قمة فرنسية - بريطانية.

وهدّدت باريس، الخميس، بإعادة فرض عقوبات دولية على إيران إذا لم تفرج عن مواطنين فرنسيين محتجزين منذ ثلاث سنوات ويواجهان عقوبة الإعدام.

آلية «سناب باك»

في ظل الخلاف مع إيران حول برنامجها النووي، تهدّد الدول الأوروبية بتفعيل آلية «سناب باك» التي نص عليها الاتفاق النووي المُبرم مع إيران عام 2015، وتسمح بإعادة فرض عقوبات دولية على الجمهورية الإسلامية.

ويتضمن قرار مجلس الأمن رقم 2231، الذي يدعم الاتفاق، بنداً يُعرف بآلية «سناب باك» يتيح إعادة فرض العقوبات في حال انتهاك بنود الاتفاق. وتنتهي صلاحية هذه الآلية في 18 أكتوبر (تشرين الأول).

وبموجب هذا القرار، يمكن لأي «دولة مشاركة» في الاتفاق تفعيل الآلية من خلال تقديم شكوى إلى مجلس الأمن بشأن «عدم امتثال كبير للالتزامات من جانب مشارك آخر». وفي غضون 30 يوماً من هذا «الإخطار»، يتعين على المجلس التصويت على مشروع قرار لتأكيد استمرار رفع العقوبات. أما إذا كانت الدولة المشتكية ترغب في إعادة فرضها، فيمكنها استخدام حق النقض «الفيتو» ضد القرار، ما يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات تلقائياً.

وقد طرحت القوى الأوروبية هذا الخيار في أعقاب قرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.