مجريات اتفاقية إطلاق سراح 5 سجناء أميركيين في إيران

الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

مجريات اتفاقية إطلاق سراح 5 سجناء أميركيين في إيران

الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)

بعد سنوات من المفاوضات المضنية مع إيران، بوساطة سرية من دول الخليج العربي، توصل كبار مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً، إلى اتفاق في 6 يونيو (حزيران)، يقضي بإطلاق سراح 4 أميركيين محتجزين في أحد أكثر السجون شهرة في إيران. وفي مقابل ذلك، ألغت الولايات المتحدة تجميد 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيرانية وإسقاط الاتهامات ضد الإيرانيين المتهمين بانتهاك العقوبات الأميركية.

وكان المفاوضون الأميركيون يدركون أنه لا يزال من الممكن ظهور عقبات في اللحظة الأخيرة، لكن الأمور كانت تمضي قدماً. وقام حراس السجن في طهران بنقل الأميركيين إلى مكتب مدير السجن، وأمروهم بحزم أمتعتهم، وكان إطلاق سراحهم وشيكاً. وينبغي أن يكونوا جاهزين للعودة إلى ديارهم في غضون 3 أيام. لكن المسؤولين في البيت الأبيض كانوا على وشك تلقي بعض الأخبار السيئة.

وبعد يوم واحد من التوصل إلى الاتفاق، علموا من مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إيران اعتقلت مواطنة أميركية أخرى، كانت امرأة متقاعدة من كاليفورنيا تباشر أعمال الإغاثة في أفغانستان. ولم يكن واضحاً آنذاك، وحتى الآن، ما إذا كان احتجاز المرأة قراراً استراتيجياً أو ما إذا كانت قد علقت ببساطة في شبكة الأمن الإيرانية، وهي حالة من حالات الغموض الشائعة في إيران، إذ لا تعلم اليد اليسرى ما تصنعه اليد اليمنى. وفي كلتا الحالتين، كان المسؤولون الأميركيون غاضبين.

ولم يكن بوسع بايدن بأي حال من الأحوال توقيع اتفاق من شأنه أن يترك المرأة سجينة في إيران. إذ كان يجب الإفراج عن المرأة من كاليفورنيا أيضاً. انهارت الصفقة. وسُحقت آمال السجناء، الذين كانوا يتوقعون في هذه المرحلة العودة إلى ديارهم في أي يوم قريب. وسوف تمر أسابيع قبل أن يتمكن المسؤولون الأميركيون، الذين لا يزالون يعملون في الخفاء، من إعادة المحادثات إلى مسارها، بمساعدة دبلوماسيين في عُمان وقطر والإمارات. وعندما أعلن بايدن أخيراً يوم الاثنين، أن الأميركيين - بمن فيهم المرأة التي اعتُقلت حديثاً - كانوا في طريقهم إلى وطنهم، كان ذلك تتويجاً لسنوات من المفاوضات الدقيقة، التي لم تركز فقط على إطلاق سراح السجناء، وإنما شملت الجهود الرامية إلى نزع فتيل التوتر مع إيران، ومواجهة ما تعدّه الولايات المتحدة أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وصرح جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي قائلاً: «عندما توضع جميع القطع في مكانها الصحيح، سوف نتنفس جميعاً الصعداء، ولكن حتى تلك اللحظة، علينا حبس أنفاسنا». ثم أضاف: «لا نريد أن تستمر المحنة الرهيبة التي يتحملها هؤلاء الأميركيون يوماً واحداً أطول مما يجب».

وروى المسؤولون في الولايات المتحدة وإيران وقطر قصة تلك المفاوضات، وأفراد عائلات بعض السجناء ومحاموهم، وممثلو منظمات أخرى مطلعة على المحادثات. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لمناقشة محادثات سرية حول السجناء. وقالوا إن النتيجة دليل على أنه حتى الخصوم الشرسين يمكن أن يجدوا في بعض الأحيان طريقهم إلى الاتفاق. لكن ذلك لم يحدث تقريباً.

المحادثات النووية متوقفة

بدأ العمل لإعادة المواطنين الأميركيين إلى وطنهم أوائل عام 2021، بعد أسابيع فقط من تولي بايدن منصبه.

كان سيامك نمازي وعماد شرقي ومراد طاهباز قد سُجنوا بتهم تتعلق بالتجسس لا أساس لها من الصحة. وقد احتجزوا في سجن إيفين، الذي اشتهر باتهامات التعذيب، وهو رمز المنهج السلطوي للنظام الإيراني في التعامل مع العدالة.

وكان بايدن ومستشاروه عازمين على إرجاعهم بطريقة أو بأخرى. ولأشهر، حمل وزير الخارجية أنتوني بلينكن أسماء المعتقلين في جيبه.

أولاً، وبرغم ذلك، احتاجت الولايات المتحدة وإيران إلى إيجاد طرق للحديث عن قضايا أوسع. وطيلة عام 2021 والنصف الأول من عام 2022، كانت واشنطن وطهران تأملان في أن يتمكن البلدان من إحياء الاتفاق النووي المبرم في عهد أوباما، الذي كان قد حد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وكان الرئيس السابق دونالد ترمب قد تخلى عن الاتفاق.

والآن، انخرط المسؤولون الأميركيون والإيرانيون في محادثات غير مباشرة في فيينا. وعلى مسار منفصل، ضغطت إدارة بايدن من أجل وسيلة لإطلاق سراح الأميركيين المعتقلين. لكن بحلول أغسطس (آب) 2022، انهارت تلك المحادثات تماماً.

وقدمت إيران مطالب بشأن برنامجها النووي لا يمكن للولايات المتحدة قبولها. فقد كانت تعمل سريعاً على زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمائة، ثم 60 بالمائة، الأمر الذي أدى إلى تخزينها اليورانيوم بما يتجاوز المستويات التي تمت الموافقة عليها في اتفاق أوباما، الذي انقضى الآن. وقد وقف كبار المسؤولين الإيرانيين إلى جانب روسيا في غزوها لأوكرانيا، وظهرت تقارير عن بيع الطائرات الإيرانية المسيرة إلى روسيا واستخدامها في استهداف المدنيين.

في الكواليس، تشابكت المناقشات حول إطلاق سراح الأميركيين المسجونين مع الاتفاق النووي الأوسع نطاقاً، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

وبالنسبة للمفاوضين من كلا الجانبين، بدا من الواضح أن الولايات المتحدة لن توافق على صفقة مُكلفة للأسرى عندما تتهاوى المفاوضات النووية.

وأرادت إيران أن تكون قادرة على الحصول على 6 مليارات دولار من عائدات النفط التي كانت موجودة في حسابات بكوريا الجنوبية، غير قابلة للاستخدام تقريباً، بسبب مشاكل العملة. وطالب مفاوضو إيران بنقل الأموال بطريقة تمكنهم من استخدامها.

وكانت الولايات المتحدة تصر على ضرورة وضع الأموال في حسابات مقيدة، مع فرض ضوابط تجعل من المُحال استخدامها لأي أمر آخر غير الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والزراعة. ورفض الإيرانيون الاقتراح رفضاً باتاً.

وبعد شهر، في منتصف سبتمبر (أيلول) 2022، اندلعت احتجاجات في جميع أنحاء إيران عقب وفاة مهسا أميني التي كانت محتجزة لدى شرطة الأخلاق. وردت الحكومة الإيرانية بالقوة الوحشية، وكانت مشاهد إطلاق النار على الشباب وقتلهم وضربهم واعتقالهم تهيمن على العناوين الرئيسية بشأن إيران. كما كثفت القوات الإيرانية هجماتها على القوات الأميركية في سوريا.

ونظم كثير من المهاجرين الإيرانيين في الولايات المتحدة احتجاجات في مختلف المدن عبر مختلف الولايات، ومارسوا ضغوطاً على واشنطن لإنهاء جميع المفاوضات مع إيران، ودعم الإيرانيين الذين يناضلون من أجل التغيير الديمقراطي.

وفي الأثناء ذاتها، اعتقلت إيران مواطناً أميركياً رابعاً، كان رجل أعمال وعالماً حُجبت هويته. وواصلت إدارة بايدن الضغط من أجل الإفراج عنهم.

والتقى روبرت مالي، الذي شغل منصب مبعوث إيران لدى الولايات المتحدة، عدة مرات مع أمير سعيد إيراواني، سفير إيران لدى الأمم المتحدة. وكانت تلك المحادثات الرئيسية الوحيدة وجهاً لوجه بين الولايات المتحدة وإيران بشأن السجناء، لكنها لم تحرز أي تقدم.

مراد طاهباز وسيامك نمازي وعماد شرقي بعد وصولهم إلى الدوحة الاثنين الماضي (أ.ب)

وضغطت عائلات المعتقلين الأميركيين ومحاموهم علناً على بايدن لتنحية السياسة جانباً وإعادة ذويهم إلى ديارهم. وكان نمازي، رجل الأعمال البالغ (51 عاماً)، قد أجرى مقابلة مع شبكة «سي إن إن» في مارس (آذار) من سجن إيفين، قال فيها إن رؤساء أميركيين متعاقبين تركوه ليتعفن في زنزانة إيرانية. وطلب المساعدة.

وقال نمازي لشبكة «سي إن إن»: «لقد كنت رهينة لمدة 7 سنوات ونصف السنة - أي 6 أضعاف مدة أزمة الرهائن»، في إشارة إلى الأميركيين الذين كانوا رهائن في إيران خلال ثورة عام 1979 واحتجزوا لمدة 444 يوماً. لكن بحلول الربيع الماضي، كان الاتفاق على أي شيء ينطوي على تنازلات لإيران يبدو على مسافة مليون ميل.

استئناف الدبلوماسية المكوكية

كان الدبلوماسيون الأميركيون قد وصلوا إلى عُمان في مايو (أيار) الماضي، بمقدار كبير من الشك والريبة. وكانت إيران قد أرسلت رسالة عبر وسطاء مفادها أن طهران تريد تخفيف حدة التوتر.

وقبل أسابيع فقط، أمر بايدن طائرات مقاتلة أميركية بمهاجمة مستودع للذخيرة في شرق سوريا مرتبط بأجهزة الاستخبارات الإيرانية. وتعتقد إدارته أن الهجوم، وهو رد مباشر على تواطؤ إيران في مقتل أول مقاول أميركي في سوريا منذ سنوات، أثار قلق الإيرانيين. لكن المسؤولين الأميركيين - بمن فيهم بريت ماكغورك، الدبلوماسي المخضرم في شؤون الشرق الأوسط - كانوا يشككون في جدية إيران.

واجتمع ماكغورك وفريقه الأميركي في غرفة واحدة بفندق في العاصمة العمانية مسقط. وقد اجتمع وفد إيران، برئاسة نائب وزير الخارجية، وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، في اجتماع آخر. وعلى مدى ساعات، تنقل الوسطاء العمانيون ذهاباً وإياباً بين المجموعتين  اللتين كان بإمكانهما رؤية بعضهما من خلال النوافذ.

وجاءت الرسالة من ماكغورك بسيطة: إذا أرادت إيران الحد من التوتر، وربما حتى استئناف المناقشات حول البرنامج النووي للبلاد، فإنه يتعين عليها التوقف عن مهاجمة القوات الأميركية. وكان عليها أخيراً أن تفرج عن الأميركيين الأربعة الذين سُجنوا، في بعض الحالات لسنوات.

ومن خلال النوافذ كان بوسع ماكغورك أن يرى الإيرانيين يتجادلون، في إشارة إلى أنه لم يكن هناك إجماع يذكر. لكن الرسائل التي أعدها الوسطاء العمانيون تضمنت مفاجأة. أراد الإيرانيون تنازلات حول تخفيف تطبيق العقوبات على مبيعات النفط، لكنهم كانوا على استعداد للنظر في المطالب الأميركية بتبادل من شأنه إطلاق سراح الأميركيين المعتقلين.

وفي غضون أسابيع، جرى الترتيب لإجراء محادثات أخرى في قطر، الدولة الخليجية المجاورة التي كانت تحاول منذ سنوات المساعدة في الإفراج عن الأميركيين.

وفي 6 يونيو، وفي الوقت الذي كان فيه القطريون الوسيط الرئيسي في الدوحة، أبرم المسؤولون الأميركيون والإيرانيون اتفاقاً مكتوباً. وكان من المفترض أن يُفرج عن المواطنين الأميركيين، وكانت الولايات المتحدة لتسمح لإيران بشراء السلع الإنسانية باستخدام 6 مليارات دولار من أرباحها من مبيعات النفط المُجمدة في بنوك كوريا الجنوبية. كما سوف تُسقط الولايات المتحدة التهم الموجهة إلى 5 إيرانيين متهمين بانتهاك العقوبات الأميركية.

وبالنسبة لماكغورك وغيره في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، كانت موجة الدبلوماسية في عُمان وقطر في الربيع الماضي بمثابة لحظة أمل. وربما كانت هناك فرصة لإعادة الأميركيين إلى الوطن في نهاية المطاف.

سيامك نمازي يعانق والده باقر نمازي وشقيقه بابك نمازي مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)

تأخير واحد آخر

لكن إلقاء القبض على المرأة الأميركية الخامسة، وهي المرأة من كاليفورنيا، والتي كانت تباشر أعمال الإغاثة في أفغانستان، قد قضى على كل الآمال في التوصل إلى حل سريع.

ولعدة أسابيع، حاول ماكغورك وآخرون في الولايات المتحدة إحياء الاتفاق الذي وقعوا عليه في 6 يونيو. ومن خلال العمل من خلال الوسطاء مرة أخرى، أوضح المسؤولون الأميركيون أن السبيل الوحيدة للمضي قدماً في الاتفاق؛ الإفراج عنها أيضاً.

واستغرق الأمر بعض الوقت «لفك الارتباط»، كما ذكر مسؤول أميركي. ولكن بمجرد موافقة الإيرانيين على المطالبة بالإفراج عن السجناء الخمسة، وصلت المفاوضات إلى نقطة تحول.

وفي مطلع أغسطس، وبعد زيارة قام بها محمد عبد العزيز الخليفي، وزير الدولة القطري، إلى طهران، توصل الجانبان إلى اتفاق نهائي يُحدد الشروط المتفق عليها، بما في ذلك آلية تبادل السجناء وتحويل الأموال. كما كانت هناك شروط بأن يتم الاحتفاظ بالأموال في قطر ويتم دفعها مباشرة إلى البائعين عندما ترغب إيران في القيام بمشتريات إنسانية من المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية.

وفي 10 أغسطس، نُقل جميع السجناء إلى فندق بشمال طهران، ووضعوا قيد الإقامة الجبرية في انتظار تحويل الأموال بالكامل.

وأخيراً، يوم الاثنين، قام السفير السويسري في طهران، الذي يراعي مصالح الولايات المتحدة، بنقل مواطنين أميركيين آخرين إلى المطار. وكانت إيران قد وافقت على مغادرة والدة نمازي، إيفي، وزوجة مراد طاهباز، فيدا، على متن الطائرة نسها مع أقاربهما. وكانت المرأتان قد مُنعتا من مغادرة إيران منذ احتجاز أفراد أسرتيهما.

وفي الفندق الذي كانوا فيه قيد الإقامة الجبرية، كان السجناء الأميركيون الخمسة على استعداد أيضاً للتوجه إلى المطار، حيث انتظرت طائرة قدمتها الحكومة القطرية لنقلهم إلى الدوحة، لمباشرة عملية تبادل على غرار الحرب الباردة، على مدرج المطار ثم رحلة إلى الوطن. ولكن، كان هناك تأخير آخر.

وقال مسؤولون في إيران إن الأموال التي قدمتها كوريا الجنوبية لم تصل كلها إلى الحساب المصرفي في قطر. ولم يسمحوا للأميركيين بالمغادرة إذا لم يُحدد مصير الأموال. وانتظر الجميع لأكثر من ساعتين.

وفي نيويورك، حيث وصل بايدن ومساعدوه إلى الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، كان مسؤولو الأمن القومي ينتظرون بفارغ الصبر. وعندما أكد المسؤولون الإيرانيون أنهم راضون عن وصول الأموال، صعد الأميركيون إلى السيارات للتوجه إلى مطار طهران خلال 40 دقيقة.

وفي تمام الساعة 5:30 من صباح يوم الثلاثاء، وبعد توقف قصير في الدوحة، خرج المواطنون الأميركيون من الطائرة في قاعدة عسكرية بشمال فرجينيا، بعد إطلاق سراحهم للمرة الأولى منذ سجنهم.

وبعد ساعتين نشر جيك سوليفان صورة للأميركيين الذين تجمعوا في الطائرة الحكومية الصغيرة. وإلى جانب رمز صغير للعلم الأميركي، كتب سوليفان: «مرحباً بعودتكم إلى أرض الوطن».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

شؤون إقليمية عائلات وأنصار المحتجزين الإسرائيليين يحملون ملصقات أثناء مناقشة الموضوع في الكنيست الإسرائيلي في القدس 18 نوفمبر 2024 (رويترز)

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

طالبت الرئاسة الفلسطينية بوقف إطلاق نار في قطاع غزة على غرار الاتفاق في لبنان، فيما أعادت إسرائيل مركز الثقل إلى قطاع غزة، معلنة أن استعادة المحتجزين من القطاع…

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز) play-circle 00:29

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ) play-circle 00:28

نتنياهو: «حماس» لن تحكم غزة بعد الحرب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن حركة «حماس» لن تحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وإن إسرائيل دمرت القوة العسكرية للحركة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: إيران تتبنى لهجة تصالحية مع عودة ترمب وإضعاف «حزب الله»

امرأة إيرانية تمرّ بجانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة بالقرب من مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران الأربعاء (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تمرّ بجانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة بالقرب من مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إيران تتبنى لهجة تصالحية مع عودة ترمب وإضعاف «حزب الله»

امرأة إيرانية تمرّ بجانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة بالقرب من مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران الأربعاء (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تمرّ بجانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة بالقرب من مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران الأربعاء (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن إيران، التي تواجه تحديات داخلية وخارجية، تتبنى حالياً لهجة تصالحية مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وإضعاف «حزب الله» اللبناني بعد الحرب مع إسرائيل.

وأضافت أن إيران أفسحت خطاباتها العدوانية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل المجال لإشارات تشير إلى أنها تريد مواجهة أقل.

ففي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، أرسلت إيران مسؤولاً رفيع المستوى إلى بيروت لحثّ «حزب الله» على قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وفي نفس الوقت تقريباً، التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة برجل الأعمال إيلون ماسك، في محاولة للتقارب مع الدائرة المقربة لترمب.

وفي يوم الجمعة، ستعقد محادثات في جنيف مع الدول الأوروبية حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك برنامجها النووي.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وتمثل كل هذه الجهود الدبلوماسية الأخيرة تغييراً حاداً في اللهجة منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، عندما كانت إيران تستعد لشنّ هجوم انتقامي كبير على إسرائيل، حيث حذّر نائب قائد «الحرس الثوري» قائلاً: «لم نترك عدواناً دون ردّ منذ 40 عاماً».

ووفقاً للصحيفة، فإن التحول الإيراني من الكلام القاسي إلى نبرة أكثر تصالحية في غضون أسابيع قليلة له جذوره في التطورات في الداخل والخارج.

ونقلت عن 5 مسؤولين إيرانيين، أحدهم في «الحرس الثوري»، ومسؤولان سابقان، قولهم إن قرار إعادة ضبط السياسة كان مدفوعاً بفوز ترمب في الانتخابات الرئاسية، مع مخاوف بشأن تصرفاته التي لا يمكن التنبؤ بها، خاصة أنه سعى في ولايته الأولى إلى سياسة «الضغط الأقصى» على إيران.

لكن هذا القرار كان مدفوعاً أيضاً بتدمير إسرائيل لـ«حزب الله» في لبنان، أقرب وأهم حلفاء إيران المتشددين، والأزمات الاقتصادية في الداخل، حيث انخفضت العملة بشكل مطرد مقابل الدولار، ويلوح نقص الطاقة في الأفق مع اقتراب الشتاء.

وقال المسؤولون الإيرانيون الحاليون إن هذه التحديات مجتمعة أجبرت إيران على إعادة ضبط نهجها، إلى نهج نزع فتيل التوترات.

وأضاف المسؤولون أن إيران علّقت خططها لضرب إسرائيل بعد انتخاب ترمب، لأنها لا تريد تفاقم التوترات مع الإدارة القادمة، التي تضم مرشحين معادين لإيران ومؤيدين قويين لإسرائيل.

ومع ذلك، قال المسؤولون إن خطط ترمب المعلنة لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا نالت استحسان إيران.

وقبل إجراء الانتخابات الأميركية، أرسلت إيران رسالة إلى إدارة بايدن، مفادها أنها، على عكس ادعاءات بعض مسؤولي الاستخبارات الأميركية، لا تخطط لاغتيال ترمب.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، يوم الأربعاء، إن إيران ترحب بالهدنة بين «حزب الله» وإسرائيل، مضيفاً أن «طهران تحتفظ بحقّها في الردّ على الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران الشهر الماضي، لكنها ستأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية، مثل وقف إطلاق النار في لبنان».

وقالت سنام فاكيل، مديرة الشرق الأوسط في «تشاتام هاوس»، وهي مجموعة بحثية بريطانية، إنه يبدو من الواضح أن إيران تستجيب للتغيرات المقبلة في واشنطن، فضلاً عن المشهد الجيوسياسي المحلي والإقليمي المتغير الذي تواجهه الآن.

وتابعت: «لقد جاء كل شيء معاً، والتحول في اللهجة يتعلق بحماية مصالح إيران».

وقال العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين علناً إن إيران منفتحة على المفاوضات مع إدارة ترمب لحل القضايا النووية والإقليمية، وهذا في حد ذاته تحول عن موقف إيران خلال إدارة ترمب الأولى.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

وقال حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق والمفاوض النووي الذي يعمل الآن باحثاً في الشرق الأوسط والنووي في جامعة برينستون، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «تطبق إيران الآن ضبط النفس لإعطاء ترمب فرصة لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إنهاء حرب غزة واحتواء نتنياهو. وإذا حدث هذا، فسوف يفتح الطريق أمام مفاوضات أكثر شمولاً بين طهران وواشنطن».

على مدى أكثر من 13 شهراً بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل، أصرت إيران والقوات المتحالفة معها في لبنان وسوريا واليمن والعراق على أنها لن توقف الهجمات على إسرائيل طالما كانت إسرائيل في حالة حرب في غزة.

لكن الخسائر المدمرة التي تكبدها «حزب الله» أثارت قلق إيران، التي تمارس نفوذاً كبيراً على المجموعة اللبنانية، كما أفادت وسائل الإعلام الإيرانية، بارتفاع الاستياء بين أكثر من مليون نازح شيعي لبناني، الذين نظروا إلى إيران باعتبارها حاميتهم وراعيتهم.

مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

وقال مهدي أفراز، المدير المحافظ لمركز أبحاث في جامعة باقر العلوم، إن إيران قللت من تقدير القوة العسكرية لإسرائيل، وإن الحرب مع إسرائيل ليست «لعبة على (بلاي ستيشن)».

وقال خلال حلقة نقاشية في الجامعة: «اتصل بنا أصدقاؤنا من سوريا، وقالوا إن اللاجئين الشيعة اللبنانيين الذين يدعمون (حزب الله) يشتموننا من أعلى إلى أسفل، أولاً إيران، ثم الآخرين. نحن نتعامل مع الحرب على أنها مزحة».

وقال ناصر إيماني، وهو محلل مقرب من الحكومة: «لا شك أن هناك رغبة حقيقية بين كبار المسؤولين والناس العاديين في إيران لإنهاء التوترات مع الغرب والتوصل إلى اتفاق. ولا يُنظر إلى التعاون مع الغرب على أنه هزيمة، بل يُنظر إليه على أنه دبلوماسية عملية، ويمكن القيام به من موقع قوة».