ابنة إيراني ألماني يواجه الإعدام في إيران تناشد واشنطن التحرّك الفوري

متظاهر يحمل صورة غزالة شارمهد ووالدها الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد أمام مقر الخارجية الألمانية نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
متظاهر يحمل صورة غزالة شارمهد ووالدها الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد أمام مقر الخارجية الألمانية نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

ابنة إيراني ألماني يواجه الإعدام في إيران تناشد واشنطن التحرّك الفوري

متظاهر يحمل صورة غزالة شارمهد ووالدها الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد أمام مقر الخارجية الألمانية نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
متظاهر يحمل صورة غزالة شارمهد ووالدها الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد أمام مقر الخارجية الألمانية نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

ناشدت ابنة المعارض الإيراني الألماني جمشيد شارمهد، المحكوم بالإعدام في إيران، الحكومتين الأميركية والألمانية التحرك بشكل عاجل لإنقاذه.

والتقت غزالة شارمهد مسؤولين أميركيين بعد اعتصام خارج وزارة الخارجية تنظمه منذ عدة أيام للفت الأنظار إلى قضية والدها في أعقاب الصفقة التي أبرمتها إدارة الرئيس جو بايدن لإطلاق سراح خمسة مواطنين أميركيين مسجونين في إيران.

وتقول عائلة شارمهد إن الأخير تعرّض للخطف على أيدي أجهزة الأمن الإيرانية أثناء تواجده في دولة جارة لإيران قبل نقله للبلاد.

وحُكم على شارمهد الذي أُعلن عن توقيفه في أغسطس (آب) 2020، بالإعدام بتهمة «الإفساد في الأرض»، وأيدت المحكمة العليا الإيرانية الحكم الصادر بحقة في أبريل (نيسان).

واتهمته السلطات بالضلوع في تفجير مسجد في العام 2008 في شيراز في جنوب إيران، أدى إلى مقتل 14 شخصا. وهي اتهامات تصفها عائلته بأنها سخيفة.

كما يُتهم شارمهد وهو مطوّر لأنظمة معلوماتية بأنه ساهم في إنشاء موقع على شبكة الإنترنت لمجموعة معارضة إيرانية في المنفى تُعرف باسم «تُندر» وهي تطالب بإعادة نظام الشاه.

وكان شارمهد هاجر إلى ألمانيا في بداية ثمانينات القرن الفائت قبل الانتقال للإقامة في الولايات المتحدة.

وقالت ابنته غزاله شارمهد التي تعيش في كاليفورنيا لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش طاولة مستديرة نظمها «الاتحاد الوطني للديموقراطية في إيران» إن «ما أطلبه من الولايات المتحدة وألمانيا هو إطلاق سراح والدي وإعادته وإنقاذ حياته».

وكانت شدّدت في وقت سابق خلال كلمتها على أن «الأمر مسألة حياة أو موت»، مؤكدةً أنها تشعر بالإحباط لأن برلين وواشنطن لا تريان «مدى إلحاح» الوضع، وترمي كل منهما الكرة للأخرى «في تقاذف للمسؤولية».

وتنظم غزاله شارمهد اعتصاماً أمام وزارة الخارجية الأميركية منذ عدة أيام للفت الأنظار إلى قضية والدها. كما تحث ألمانيا على التحرّك من أجل إطلاقه.

واعتبرت غزاله أنه في حين تؤكد السلطات الألمانية أنها «ملتزمة على أعلى مستوى»، إلا أن ذلك لا يهدف إلا إلى جعل والدها يحظى بـ«ظروف أفضل في السجن». وتساءلت «هل يحتاج إلى معجون أسنان أفضل قبل أن يقتلوه؟ (...) هل يحتاج إلى كتاب قبل أن يشنقوه؟».

في المقابل، تؤكد برلين بذل جهود لإنقاذه. وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية مؤخراً «نواصل الدفع بشكل مكثّف لصالح جمشيد شارمهد وضد تنفيذ عقوبة الإعدام». وتابع «هدفنا هو الحؤول دون الإعدام. نحن نلجأ إلى كل القنوات لتحقيق ذلك»، مشيرا إلى أن عائلته «تختبر أمورا لا يمكن تخيّلها أو تحمّلها. نحن على تواصل دائم معهم منذ البداية، ونواصل القيام بكل ما في وسعنا لضمان ألا تذهب الأمور نحو الحد الأقصى».

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن بلاده وجدت أن معاملة النظام الإيراني لشارمهد «مستهجنة»، إلا أنه مواطن ألماني ويعود لألمانيا التحدّث بشأنه.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس الثلاثاء إن الولايات المتحدة تعتقد بأن تفاهما بشأن إطلاق إيران سراح خمسة مواطنين أميركيين في نهاية المطاف لا يزال قائما، لكنه أحجم عن تقديم أي جدول زمني.

وفرضت إيران في العاشر من أغسطس (آب) الإقامة الجبرية على أربعة مواطنين أميركيين معتقلين لينضموا إلى خامس خاضع للإقامة الجبرية بالفعل. وهذه هي أول خطوة من اتفاق سيُلغي تجميد أموال إيرانية في كوريا الجنوبية بقيمة ستة مليارات دولار وسيسمح للخمسة في نهاية المطاف بمغادرة إيران. وقال سوليفان للصحافيين في اتصال «نعتقد أن الأمور تسير وفقا للتفاهم الذي توصلنا إليه مع إيران. لا أملك جدولا زمنيا دقيقا لكم لأن ثمة خطوات تستدعي عدم كشفها الآن. لكننا نعتقد أن ذلك (التفاهم) لا يزال قائما».

وقبل سوليفان، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني إن إطلاق سراح الأميركيين قد يستغرق شهرين.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصحافيين الأسبوع الماضي إن نقل إيران لمعتقلين أميركيين إلى إقامة جبرية لا علاقة له بأي من جوانب السياسة الأميركية تجاه إيران، مضيفا أن واشنطن تتبع استراتيجية الردع والضغط والدبلوماسية.

محتجزون ظلما

استبعد اتفاق أُعلن قبل أيام شهاب دليلي (60 عاما)، وهو مقيم دائم في الولايات المتحدة محتجز في إيران منذ عام 2016، على الرغم من أن أسرته ناشدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مراراً إدراجه في الاتفاق أو على الأقل تصنيفه بأنه من «المحتجزين ظلما».

وبدأ دليلي الأسبوع الماضي إضرابا عن الطعام في سجن إيفين في إيران الذي يُحتجز فيه، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

وتصنف وزارة الخارجية وضع هؤلاء بأنهم «محتجزون ظلما»، مما يعني فعليا أن حكومة الولايات المتحدة تعتبر الاتهامات بحقهم ذات دوافع سياسية وزائفة.

وأكد بلينكن أن الاتفاق شمل مواطنين أميركيين تم تصنيفهم جميعا على أنهم محتجزون ظلما، وقال إن واشنطن ستواصل فحص قضايا أخرى. وأضاف «لأسباب تتعلق بالخصوصية، لا يمكنني الحديث عن أي حالات فردية. يمكنني ببساطة أن أقول إنه من باب السياسة، فإننا نراجع باستمرار ما إذا كان أي فرد بعينه، سواء كان مواطنا أميركيا أو مقيما دائما بشكل قانوني، مسجون في بلد آخر معتقلا ظلما».


مقالات ذات صلة

تيار إيراني متشدد يدفع ظريف إلى حافة الاستقالة

شؤون إقليمية ظريف مشاركاً في أول اجتماع للحكومة بعد تعيينه نائباً للرئيس للشؤون الاستراتيجية يوم 4 أغسطس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

تيار إيراني متشدد يدفع ظريف إلى حافة الاستقالة

تدرس الحكومة الإيرانية طلباً من البرلمان لمتابعة «الوضع القانوني» لمحمد جواد ظريف، نائب الرئيس، الذي يبدو أنه في مواجهة جديدة مع التيار المحافظ بالبرلمان.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية غروسي أجرى محادثات مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في فيينا منتصف سبتمبر الماضي (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

عراقجي: قد نذهب إلى إنتاج أسلحة نووية

قبل يوم واحد من اجتماع إيراني مع «الترويكا الأوروبية» في جنيف، قالت طهران إنها بدأت ضخ الغاز في الآلاف من أجهزة الطرد المركزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 27 نوفمبر 2024 في ريف حلب تظهر تصاعد الدخان جراء المعارك الدائرة بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام السوري (د.ب.أ)

مقتل ضابط كبير بالحرس الثوري الإيراني في سوريا

أورت شبكة «أخبار الطلبة» الإيرانية، الخميس، أن البريغادير جنرال كيومارس بورهاشمي بالحرس الثوري الإيراني، قُتل في سوريا على أيدي «إرهابيين» مرتبطين بإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقائه قادة في البحرية الإيرانية يوم 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

إيران تطوي حرب لبنان وتعود إلى سجال المال والنفط

رغم ترحيبها الرسمي، أظهرت طهران مواقف متحفظة من وقف النار في لبنان، وحتى مع تكرار تأكيدها الرد على إسرائيل، قالت إنها ستراعي «التطورات في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يُقدّم إحاطة على هامش فعالية للأمم المتحدة في لشبونة 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

إيران تحتفظ بحق الرد على ضربات إسرائيل وترحّب بوقف النار في لبنان

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأربعاء، إن طهران تحتفظ بحق الرد على الضربات الجوية التي شنّتها إسرائيل الشهر الماضي على أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)

«ردع العدوان»... لماذا الآن؟ ولماذا تصمت تركيا؟

TT

«ردع العدوان»... لماذا الآن؟ ولماذا تصمت تركيا؟

مقاتلون من «تحرير الشام» على جبهة حلب (إكس)
مقاتلون من «تحرير الشام» على جبهة حلب (إكس)

أثارت عملية «ردع العدوان» التي أطلقتها «هيئة تحرير الشام»، بدعم من فصائل « غرفة عمليات الفتح المبين»، ضد الجيش السوري في حلب، تساؤلات حول توقيتها، وكذلك الموقف التركي تجاهها.

وعلى مدى أكثر من شهر، قبل انعقاد الجولة الـ22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا في 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، كثفت «تحرير الشام» من استعداداتها لعملية عسكرية تستهدف توسيع سيطرتها التي تقتصر على شريط جبلي بالقرب في إدلب من حدود تركيا إلى محافظة حلب.

قوبلت الاستعدادات بالرفض من جانب روسيا، التي عقد عسكريوها لقاءات عدة مع عسكريين أتراك في إدلب؛ بهدف تخفيف التوتر بعد تصاعد الضربات الجوية الروسية، ودخول الجيش السوري على الخط، في محاولة من جانب روسيا لتحقيق سيطرة دمشق على آخر معاقل المعارضة في الشمال السوري.

قصف لـ«تحرير الشام» في حلب (أ.ف.ب)

أبدت تركيا قلقها الشديد تجاه التصعيد في إدلب، والذي يخالف التفاهم التركي - الروسي بشأن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان».

في المقابل، ترى روسيا أن تركيا لم تفِ بتعهداتها فيما يتعلق بفصل الفصائل «المعتدلة» عن «الجماعات المتشددة» في إدلب، بموجب التفاهمات بين الجانبين.

موقف تركيا

وكشفت تقارير عن ضغوط تعرضت لها «تحرير الشام» من جانب تركيا، وتهديدات بإغلاق المعابر الحدودية مع إدلب، بما يقطع خطوط الإمداد على «تحرير الشام».

وبدا أن هناك تراجعاً من جانب «تحرير الشام» عن العملية العسكرية الموسعة، إلى أن أطلقتها بشكل مفاجئ، فجر الأربعاء، في توقيت أثار الكثير من علامات الاستفهام.

فقد جاءت العملية وسط انتقادات صريحة من جانب أنقرة لكل من روسيا وإيران بشأن عملية تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، حيث قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، منذ أيام، إن روسيا تقف على الحياد الآن في ملف التطبيع، بينما أعلنت موسكو صراحة للمرة الأولى أن تركيا تتصرف «كدولة احتلال في سوريا، وأن رفضها سحب قواتها هو ما يعرقل مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق».

جانب من تدريبات قوات «تحرير الشام» قبل عملية «ردع العدوان» (إكس)

وبعد ذلك، قال فيدان إن التطبيع بين بلاده وسوريا ليس من أولويات إيران، ولمح إلى العودة إلى مبادرة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لجمع الجانبين التركي والسوري في بغداد.

وتعارض «تحرير الشام» تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وتؤكد أن الحكومة السورية لن يكون بمقدورها أن تضيف شيئاً إلى تركيا فيما يتعلق بأمن الحدود أو عودة اللاجئين.

ويرى مراقبون أن التوصل إلى تفاهم بين أنقرة ودمشق، سيلقي بظلاله على «هيئة تحرير الشام»، وأن الحراك في هذا الاتجاه قد يدفعها إلى البحث عن حلول تضمن بقاءها ضمن أي تغييرات في الملف السوري.

أهداف «تحرير الشام»

ويعتقد هؤلاء أنه من المحتمل أن «تحرير الشام» تسعى لامتلاك أوراق قوة من خلال إطلاق معارك قد تعيد رسم خريطة السيطرة في الشمال السوري، بما يسهم في فرض تفاهمات جديدة مع دمشق، تتيح للسوريين في تركيا العودة إلى مناطقهم في حلب وجنوب إدلب وشمال حماة (مناطق خفض التصعيد).

قصف روسي على مواقع في إدلب في أكتوبر الماضي (المرصد السوري)

وبعد إطلاق عمليتها «ردع العدوان»، لم يصدر عن تركيا موقف رسمي، ولم تتحرك باتجاه الضغط على «تحرير الشام»، وكان رد الفعل الوحيد هو ما ذكره مصدر مسؤول بوزارة الدفاع التركية، الخميس، من أن تركيا تتابع عن كثب التحركات الأخيرة لفصائل المعارضة في شمال سوريا، واتخذت كل الاحتياطات لضمان أمن القوات التركية هناك.

ومع بدء التحرك من جانب «تحرير الشام»، دفعت تركيا بتعزيزات ضخمة إلى مواقع قواتها بمنطقة «درع الفرات» في حلب، فضلاً عن نقاطها العسكرية في إدلب.

موقف إيراني

على الجانب الآخر، عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن التحركات الأخيرة لـ«تحرير الشام» والفصائل الداعمة لها هو «مخطط أميركي - إسرائيلي»، يهدف لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة، عقب إخفاقات وهزائم إسرائيل أمام المقاومة.

وشدد عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب، الخميس، بخصوص آخر مستجدات الوضع في لبنان، بعد وقف إطلاق النار، على ضرورة التصدي لظاهرة الإرهاب المقيتة.

قوات من «تحرير الشام» تدخل قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب)

وقد تكون العمليات العسكرية لـ«تحرير الشام» محاولةً لإعادة تموضع جغرافي في مساحة واسعة في أرياف حلب وحماة، مستغلة الضغط الإسرائيلي على الميليشيات الإيرانية الداعمة للجيش السوري، في ظل استمرار رفض الكثيرين لنهجها، وخروج المظاهرات التي تطالب بإسقاط زعيمها أبو محمد الجولاني، والإفراج عن المعتقلين.