الكابينت الإسرائيلي يلتئم لدرس خطط إضافية للضفة الغربية

فشلت «سياسة القوة» والشعار فلنجرب المزيد منها

وضع علم فلسطيني فوق المكان الذي قُتل فيه عثمان أبو خرج (17 عاماً) خلال جنازته في قرية الزبابدة بالضفة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
وضع علم فلسطيني فوق المكان الذي قُتل فيه عثمان أبو خرج (17 عاماً) خلال جنازته في قرية الزبابدة بالضفة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الكابينت الإسرائيلي يلتئم لدرس خطط إضافية للضفة الغربية

وضع علم فلسطيني فوق المكان الذي قُتل فيه عثمان أبو خرج (17 عاماً) خلال جنازته في قرية الزبابدة بالضفة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
وضع علم فلسطيني فوق المكان الذي قُتل فيه عثمان أبو خرج (17 عاماً) خلال جنازته في قرية الزبابدة بالضفة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)

تحت ضغوط الشارع السياسي، يبثُّ الجيش الإسرائيلي أنباء عن «خطط إضافية» يعدها لمواجهة العمليات الفلسطينية المتصاعدة في الضفة الغربية، فيما راحت القيادة السياسية تفتش عن المتهم بهذا التصعيد في طهران، إذ صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وغيره من الوزراء، بأن إيران هي التي تقف وراء العمليات الفلسطينية.

وتواضع بعضهم أكثر فاتهم «الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة»، بالمسؤولية عن العمليات. واقترح وزير المالية بتسلئيل سموترتش، وهو وزير ثان في وزارة الدفاع، تنفيذ عملية اجتياح للضفة الغربية، كما حصل في فترة الانتفاضة الثانية عام 2002. وأما وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، المسؤول عن الأمن الداخلي، وفي عهده تضاعف عدد جرائم القتل مرتين ونصف، فقدم النصح للجيش بأن يعود إلى سياسة الاغتيالات للقادة الفلسطينيين.

كل هذا يدخل في باب سياسة الإنكار، فالقادة السياسيون والعسكريون في إسرائيل يعرفون جيداً أين يكمن الخلل وما هو العلاج الأكيد، لكنهم يختارون التفتيش عن حلول تقليدية قديمة «ثبت فشلها عشرات ومئات المرات». وكمن أضاع إبرة في العتمة، وراح يفتش عنها تحت المصباح، ابتعدوا كثيراً عن موطن الداء.

عمال فلسطينيون يعبرون نقطة تفتيش قرب طولكرم بالضفة أول مايو باتجاه إسرائيل (إ.ب.أ)

لقد بات واضحاً من تصريحات وتسريبات المسؤولين الإسرائيليين، أنهم ينوون توسيع العمليات العسكرية في الأيام القريبة، حتى يدرك الفلسطينيون أن هناك ثمناً باهظاً سيدفعونه لقاء هذا التصعيد. هناك من يتحدث عن توسيع العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهناك من يتوقع ضربة أخرى في قطاع غزة، وهناك من يتصور أنه حان الوقت لحرب على عدة جبهات. وفي الوقت الحاضر، استدعى الجيش وحدتين من قوات الاحتياط ونصب القبة الحديدية حول غزة، وضرب حصاراً على مدينة الخليل و100 بلدة محيطة بها. وبطشوا بالأبرياء خلال عمليات الاعتقال أو نصب الحواجز.

بكلمات أخرى، إسرائيل قررت أن الأداة التي تملكها هي القوة، وعندما لا تنفع القوة، فتقوم باستخدام المزيد من القوة.

المشكلة أن هذه هي السياسة التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، منذ احتلال 1967، وينفذها الجيش بمثابرة جيلاً بعد جيل، ولم تنفع. ففي السنة الأخيرة نُفذت عمليتا اجتياح في الضفة الغربية، واحدة في مخيم جنين وأخرى في حي القصبة في نابلس، وعملية ثالثة ضد «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة، وقتل 225 فلسطينياً منذ مطلع السنة (بينهم 41 طفلاً و6 نساء) ولم يتغير أي شيء.

جندي إسرائيلي يعتقل فلسطينياً في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يضع 23 وحدة عسكرية في الضفة الغربية وحدها، وهو والمخابرات يجريان حملة اعتقالات يومية، ليل نهار، منذ 9 مارس (آذار) سنة 2022، تم خلالها اعتقال عدة ألوف من الفلسطينيين. فقط في السنة الحالية، وخلال الشهور السبعة الأخيرة، نُفذت 1500 عملية اعتقال في الضفة الغربية اعتقل فيها 2000 فلسطيني. ورغم ذلك، لم يتوقف خروج الشباب الفلسطيني إلى الشارع لتنفيذ عمليات، لا بل زاد عدد هذه العمليات، وفقاً لإحصائيات المخابرات الإسرائيلية نفسها. وكما هو معروف، فإن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 35 شخصاً منذ بداية السنة، علماً بأنه على طول السنة الماضية قتل 33 إسرائيلياً، وهذا عدا عن 350 عملية فلسطينية أحبطت قبل وقوعها.

أقارب فتى فلسطيني قتله إسرائيليون خلال تشييع جثمانه في الضفة الغربية 4 أغسطس (أ.ف.ب)

كل هذا يثبت أن القوة وحدها لا تنفع. لا بل إنها هي التي تتسبب في التصعيد. فالممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، لا تجعل منها «منطقة صراع دامية وحسب، بل بركان غضب وكراهية». عندما يتحدثون عن 1500 عملية اعتقال، فيجب أن نوضح أن كل عملية كهذه تتم بحملة عسكرية عنيفة ينشر فيها الجنود والضباط الرعب والفزع بين الأطفال ويبطشون بالشباب وفي بعض الأحيان بالنساء والأطفال، ويهينون الناس، ويحاولون إذلالهم. وهذه كلها تؤجج في النفوس مشاعر الحقد والكراهية، وهما أهم عنصرين يشجعان على الخروج إلى عمليات انتقام.

لذلك يجب تغيير السياسة القديمة وإحداث انعطاف في الرؤية الإسرائيلية إلى الصراع. وفي هذه الأيام، ينضم إلى هذا التوجه العديد من الخبراء والصحافيين والجنرالات السابقين، الذين يقولون للإعلام بصراحة: «ربما علينا إحداث تغيير في التفكير»، و «من دون أمل وأفق سياسي لن يجدي أي حل آخر»، و «لا مفر من الاعتراف بأن القوة ليست حلاً»، وغير ذلك. هذا الصراع يحتاج إلى علاج سياسي.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخشى فوضى في الضفة تؤدي لانهيار السلطة

شؤون إقليمية فلسطيني يحمل العلم ويسير في جنين في أثناء إضراب عام الثلاثاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تخشى فوضى في الضفة تؤدي لانهيار السلطة

حذرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي غزيون يسيرون بين أنقاض المباني المنهارة والمتضررة على طول شارع في مدينة غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطلب أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة غزة والضفة في 2025

طلبت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، أكثر من أربعة مليارات دولار لتقديم مساعدات إنسانية لثلاثة ملايين شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية سيارة محترقة في قرية حوارة بالقرب من مدينة نابلس بالضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين إسرائيليين الأربعاء

هجوم جديد للمستوطنين في الضفة بعد إلغاء الاعتقال الإداري

كثّف المستوطنون هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية، منذ فوز دونالد ترمب بالرئاسة لفرض واقع جديد يقوم على ضم الضفة وإعلان السيادة الإسرائيلية عليها.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي رجال يتفقدون سيارة محترقة قيل إنها تعرضت لغارة جوية إسرائيلية في قرية العقبة الفلسطينية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن مقتل اثنين من عناصرها بقصف إسرائيلي في شمال الضفة

أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مساء اليوم الثلاثاء، مقتل اثنين من عناصرها في قصف إسرائيلي بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي مركبات من الجيش الإسرائيلي بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

حملة مداهمات إسرائيلية في كفل حارس ودير إستيا بالضفة الغربية

شنت قوات الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم (الاثنين)، حملة مداهمات وعمليات تحقيق ميداني واسعة، في بلدتي كفل حارس ودير إستيا، شمال غربي سلفيت، بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله )

كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

في الوقت الذي يُجمع السياسيون الإسرائيليون على الشكوك إزاء سياسة القادة الجدد لسوريا ما بعد بشار الأسد، ويُحذِّرون من سيطرة الفكر المتطرف ويساندون العمليات الحربية التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتحطيم الجيش السوري، ويعدّونها «خطوة دفاعية ضرورية لمواجهة هذه الاحتمالات والأخطار»، بادر الكاتب والمؤرخ آفي شيلون إلى طرح مبادرة على الحكومة الإسرائيلية أن توجِّه دعوة إلى قائد الحكم الجديد في دمشق، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) إلى زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى.

وقال د. شيلون، وهو مؤلف عدة كتب في السيرة الذاتية لقادة إسرائيليين ومُحاضر في جامعات أميركية وإسرائيلية، إن «سقوط سوريا، إلى جانب وقف النار المحفوظ تجاه (حزب الله) المهزوم في الشمال، والشائعات عن صفقة -وإن كانت جزئية- لتحرير المخطوفين في غزة، يضع إسرائيل، لأول مرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) في موقف تفوق استراتيجي. فإذا كان يبدو في بداية الحرب أن الحديث يدور تقريباً عن حرب الأيام الستة للعرب وأن إسرائيل فقدت من قوتها بعد أن هوجمت من الشمال والجنوب والشرق... يبدو الآن أن الجرة انقلبت رأساً على عقب. السؤال الآن هو: ما العمل في ضوء التفوق الاستراتيجي؟

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)

وأضاف شيلون، في صحيفة «هآرتس»، الخميس: «لقد سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، وفي حينه أيضاً لم يُستغَل كما ينبغي. في 2011 بدأ الربيع العربي الذي أدى إلى انهيار دول عربية، فيما وجدت إسرائيل نفسها جزيرة استقرار وقوة في منطقة عاصفة. (حزب الله) أخذ يغرق في حينه في الحرب الأهلية في سوريا لكن بدلاً من استغلال الوضع ومهاجمته فضَّلت إسرائيل الانتظار حتى تعاظمت قوته وفي النهاية هاجمنا. الربيع العربي جلب أيضاً فرصاً سياسية. لكن بدلاً من الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين فيما نحن في موقف تفوق والعالم العربي في ضعفه، اختار نتنياهو التباهي في تلك السنين بما سمّاه (العصر الذهبي) لإسرائيل، واتهم معارضيه بأنهم (محللون). المسألة الفلسطينية دُحرت بالفعل في حينه إلى الزاوية إلى أن تفجرت علينا بوحشية في 7 أكتوبر. هكذا حصل بحيث إنه باستثناء (اتفاقات إبراهام)، التي هي الأخرى تحققت بقدر كبير بفضل إدارة ترمب السابقة، إسرائيل لم تستغل الربيع العربي لصالح مستقبلها».

ومن هنا استنتج الكاتب أن على إسرائيل أن تستغل هذه المرة ضعف المحور الإيراني والتطلع إلى صفقة كاملة في غزة تعيد كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب، بالتوازي مع تغيير حكم «حماس»، المنهار على أي حال، إلى سلطة فلسطينية خاضعة للرقابة، إلى جانب وجود دول عربية هناك. بالتوازي ينبغي التوجه إلى الفلسطينيين بعرض لاستئناف محادثات السلام. نعم، الآن بالتحديد، حين يكون واضحاً للفلسطينيين أيضاً أن «حماس» فشلت وأعداء إسرائيل في ضعفهم، من المجدي مرة أخرى تحريك المسيرة السياسية. كما أن الأمر سيساعد على تحسين صورتنا في العالم. ويمكن التفكير أيضاً في مبادرة جريئة تجاه سوريا الجديدة، فمنذ الآن الإيرانيون والروس والأتراك والأميركيون يحاولون تحقيق نفوذ على الحكم، فلماذا إذن لا نفاجأ نحن بدعوة الجولاني لزيارة القدس، بما في ذلك الصلاة في الأقصى، مثل زيارة أنور السادات في 1977؟ فإذا كان هذا يبدو شيئاً من الخيال، فإنه يمكنه أيضاً أن يكون مبادرة حتى أهم من زيارة السادات، وذلك لأنه إذا ما استجاب الجولاني للدعوة فإنها يمكنها ان تشكل مصالحة مع العالم الإسلامي وليس فقط مع دولة سوريا.