الخلافات تمزّق المعسكرين في إسرائيل و«الصراع في البدايات»

بن غفير يهاجم نتنياهو وقادة الاحتجاج يهاجمون لبيد وهيرتسوغ

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع نتنياهو لحظة التصويت في الكنيست على قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع نتنياهو لحظة التصويت في الكنيست على قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
TT

الخلافات تمزّق المعسكرين في إسرائيل و«الصراع في البدايات»

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع نتنياهو لحظة التصويت في الكنيست على قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع نتنياهو لحظة التصويت في الكنيست على قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)

بينما فشل رئيس الدولة، يتسحاك هيرتسوغ، في تحقيق تفاهمات حول تسوية حل وسط بين الحكومة والمعارضة بشأن خطة اليمين للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف جهاز القضاء، وتم تمرير أول قوانين هذه الخطة «قانون المعقولية»، تفاقمت الصراعات الداخلية في كلا المعسكرين، ما ينذر بأن الأزمة السياسية والآيديولوجية في إسرائيل «ما زالت في البدايات».

وهناك مَن يحذّر من تدهور أكبر وأعمق فيها. وبسبب هذه الخلافات فشلت جهود الوساطة وتم تمرير القانون. فعندما أبدى نتنياهو الاستعداد لتجميد الخطة لمدة نصف سنة وربما سنة، ونشر بياناً قال فيه إن أطباءه نصحوه بالبقاء مستريحاً في البيت كي يواجه مشكلة عدم الانتظام في دقات القلب، خرج المتطرفون في الائتلاف الحاكم، وحتى في حزب «الليكود»، يهاجمونه بالسر وبالعلن. وقال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إن تغيب نتنياهو عن التصويت في الكنيست على الصيغة النهائية لقانون المعقولية «هو مرض سياسي على ما يبدو». وحذّره من أنه يضيع فرصة العمر لإحداث الانقلاب، «الذي يمكن لليمين أن يحكم حقاً فقط بواسطته».

واتهمه بن غفير بإرسال جنرالات في الجيش لاجتماعات مع عدد من الوزراء لإقناعهم بقبول الحل الوسط «حتى يتم إنقاذ الجيش من التفسخ والتمرد». وهدّده بفرط الائتلاف الحكومي.

وعندما أبدى رئيس المعارضة يائير لبيد، الاستعداد لقبول اقتراح هيرتسوغ «تجميد الخطة الحكومية لمدة 15 شهراً»، مقابل وقف المظاهرات، هاجمه قادة الاحتجاج الميداني بغضب. وقال روعي نويمان، أحد أبرز هذه القيادات، إن «هذا الحل الوسط جاء في الواقع، فقط لكي يعطي متنفساً لنتنياهو حتى لا ينفجر بإخفاقاته». وأوضح أن التأجيل لن يوقف تنفيذ الخطة. فهناك بنود قانونية عديدة أُقرت أو يجري التداول فيها، على رأسها قانون المعقولية الذي بلغ ذروته هذا الأسبوع.

لافتات خلال مظاهرة الاثنين بالقرب من الكنيست بينها صورة نتنياهو (أ.ف.ب)

وأضاف مسؤول آخر في قيادة الاحتجاج: «لقد جاء هذا القانون لكي يتيح للحكومة تعيين موظفين كبار في الدوائر الحكومية، أو فصل موظفين كبار بلا حسيب أو رقيب، من المحكمة العليا أو القانون. والمتوقع أن يكون أول هذه القرارات، فصل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا، واستبدال مستشار آخر بها يكون مهادناً للحكومة ويطرح صيغة صفقة نيابية في قضية الفساد التي يحاكم فيها نتنياهو، لتنتهي هذه المحاكمة بعقوبة خفيفة لا تشمل الحكم بالسجن ولا دمغة عمل مشين، وبذلك يبقون عليه رئيساً للحكومة». وتابع: «أولمرت دخل السجن لأكثر من سنتين على تهم أقل من تهم نتنياهو بكثير».

بايدن تحت الهجوم

وحتى الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يوجه دعوات مستمرة لجميع الأطراف لوقف حالة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، والكف عن استعجال التشريعات القضائية التي وصفها بأنها «مثيرة للانقسام» بشكل متزايد، تعرض لهجوم محموم من اليمين، ويتعرض الآن لهجوم حاد أيضاً من قيادة الاحتجاج، ولهجوم أكثر حدة من اليسار الصهيوني.

وكتب ميرون رفافورت، رئيس موقع «سيحا مكوميت» اليساري، أن «الإدارة الأميركية تنظر إلى إسرائيل على أنها تحمل قيم الغرب الليبرالي في الشرق الأوسط، وبالتالي تجب حمايتها ومساعدتها بكل وسيلة ممكنة. لكن لمن يعرف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الـ56 الماضية، وفي قناع التمييز والسلب الذي تمارسه إسرائيل تجاه الفلسطينيين منذ قيامها عام 1948، فإن الإشارة إلى إسرائيل بـ(الديمقراطية) تبدو كلمات سخيفة وجوفاء تغطي واقعاً عنيفاً وقاسياً. لكن من الصعب إنكار أن هذه هي الطريقة التي عُرضت بها هذه العلاقة على الرأي العام الأميركي والعالمي على مرّ السنين».

بعبارة أخرى، طالما أن إسرائيل تضطهد الفلسطينيين فقط، وتضطهد «السُّمر» فقط، يمكن التظاهر بأنها «يهودية وديمقراطية» بالفعل. في اللحظة التي توصلت فيها الإدارة الأميركية إلى الانطباع – الخاطئ أو المبرر، وهي مسألة أقل أهمية في هذه اللحظة – بأن إسرائيل بدأت في قمع مواطنيها اليهود أيضاً، بمجرد أن بدأت في قمع «البيض»، وبدأ انهيار بيت ورق «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط». وتذكرت الولايات المتحدة أن تغضب «وتدافع عن الديمقراطية اليهودية».

تصادم الراديكاليين

وهكذا، الصراع القائم بين المعسكرين يمتد بجذوره إلى داخل كل معسكر ليفجر صراعات داخلية. الجناح الراديكالي في الحكومة لا يريد أي تنازلات أو تفاهمات. فهو يرى أن هذه فرصته لإحداث انقلاب يجعل اليمين حاكماً أبدياً في إسرائيل.

والجناح الراديكالي في قيادة الاحتجاج يرى أنه حقق زخماً جماهيرياً هائلاً لا يُعرف له مثيل في النضالات السياسية وليس فقط في التاريخ الإسرائيلي؛ حيث تمكن من إنزال مئات ألوف المواطنين إلى الشارع على مدى 29 أسبوعاً، وأدخل إلى الاحتجاج على خطة الحكومة، قوى من اليمين الليبرالي ومن الوحدات النخبوية في الجيش وأكثر من 100 جنرال برتبة لواء أو حتى فريق في جيش الاحتياط، وجنّد رؤساء الاقتصاد والبنوك والبورصة والأكاديميين والشباب. فكل هذا لا يجوز أن يخبو، خصوصاً أن اليمين مصرّ على تحقيق انقلابه.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يتحدث مع زعيم المعارضة يائير لبيد في جلسة الكنيست (رويترز)

لهذا كله، سار اليمين الحاكم بكل قوته لإقرار قانون المعقولية، وقد صوّت إلى جانبه جميع الوزراء والنواب (أكثرية 64 مقابل معارضة 56). ولكن، حتى لو كانت تحققت تفاهمات بين نتنياهو وغانتس ولبيد، فإن جهود الحكومة ما كانت لتتوقف وحملة الاحتجاج ما كانت لتخبو.

وهكذا، دخل الطرفان إلى حرب مفتوحة، تبدو سياسية وقانونية حتى الآن (إضراب في الاقتصاد ودعوى في المحكمة العليا وانتقادات دولية)، ولكن صداها في الشارع يجعلها على حافة صدام عنيف.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

شؤون إقليمية مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
ثقافة وفنون المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز) play-circle

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جانب من زيارة وفد مجلس الأمن إلى الجامع الأموي في دمشق (سانا)

وفد مجلس الأمن في أول زيارة من نوعها لدمشق

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس، وفد ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في قصر الشعب بدمشق.

المشرق العربي دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:36

مقتل 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب غزة

قتل 6 فلسطينيين وأصيب آخرون مساء أمس الأربعاء، في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود من الجيش اللبناني ينظرون إلى موقع حانيتا العسكري الإسرائيلي (يسار) وموقع اللبونة، أحد التلال الخمسة التي احتلتها القوات الإسرائيلية منذ العام الماضي (يمين)، من موقع عسكري لبناني في قرية علما الشعب في جنوب لبنان، 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تشيد بـ«أجواء إيجابية» في محادثاتها مع لبنان

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المحادثات المباشرة التي جرت الأربعاء بين إسرائيل ولبنان للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاما، عُقدت «في أجواء إيجابية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».