بنيامين نتنياهو... «صقر» في عين العاصفة

نتنياهو يراقب بينما يصوت المشرعون على مشروع قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
نتنياهو يراقب بينما يصوت المشرعون على مشروع قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
TT

بنيامين نتنياهو... «صقر» في عين العاصفة

نتنياهو يراقب بينما يصوت المشرعون على مشروع قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)
نتنياهو يراقب بينما يصوت المشرعون على مشروع قانون يحد من بعض سلطات المحكمة العليا (رويترز)

يبدأ كتاب السيرة الذاتية لبنيامين نتنياهو، الذي حقق أعلى المبيعات، بقصة غارة جريئة للقوات الخاصة شارك فيها لتحرير ركاب إسرائيليين على متن طائرة مخطوفة في عام 1972، وهو حدث ساعد في تشكيل صورته المتشددة خلال أكثر من ثلاثة عقود أمضاها في دوائر الحكم والسلطة والسياسة.

ومن بين المفارقات العجيبة في مسيرة أطول رؤساء الوزراء الإسرائيليين بقاءً في المنصب، حسب «رويترز»، أنه في غضون أسابيع من بداية ولايته السادسة القياسية، تسببت إحدى معاركه السياسية، وهي محاولة إجراء تعديلات قضائية، في توترات بالجيش دفعت رئيس الأركان لإطلاق تحذير من أن الأمن القومي أصبح في خطر.

وإلى جانب موجة العنف المتصاعد في أنحاء الضفة الغربية، سيطرت معركة التعديلات القضائية على برنامج ما يُعد على نطاق واسع أنها «الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل».

واليوم الاثنين، حضر نتنياهو، الذي تم تركيب جهاز لتنظيم ضربات قلبه قبل ساعات فقط، إلى البرلمان، حيث صوّت المشرعون على عنصر رئيسي في حزمة التعديلات، وهو عبارة عن مشروع قانون من شأنه أن يقيّد قدرة المحكمة العليا على إلغاء قرارات السلطة التنفيذية، في الوقت الذي كان فيه مئات الآلاف يتظاهرون خارج المبنى.

متظاهرون عند بوابة براندنبورغ ببرلين تضامناً مع الإسرائيليين الذين يتظاهرون في بلادهم (أ.ف.ب)

وتخرج حشود ضخمة إلى الشوارع كل أسبوع منذ بداية العام، في معركة أحدثت شرخاً في المجتمع الإسرائيلي، الذي انقسم بين فريقين؛ أحدهما يضم تحت لوائه الليبراليين والعلمانيين والآخر يضم الأحزاب الدينية وجماعات المستوطنين.

يقول نتنياهو، الذي صدرت ضده لائحة اتهام بتهم فساد ينفيها على الدوام، إن التعديلات المقترحة ضرورية لكبح جماح قضاة يعد هو وحلفاؤه أنهم يتجاوزون الحدود ويتدخلون في السياسة.

ومع ذلك، يشير منتقدون إلى أن المقترحات «يمكن أن تساعده في الإفلات من الإدانة والسجن» بسبب التهم التي تتضمن مزاعم بأنه حصل على هدايا بشكل غير قانوني، وقدم امتيازات تنظيمية مقابل تغطية إخبارية إيجابية.

* «هايتك» وطيارون

تأتي المعارضة من جميع قطاعات الأعمال الإسرائيلية تقريباً، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا الفائقة والمحامون والأكاديميون وعدد كبير من جنود الاحتياط، لا سيما الطيارون المقاتلون وأعضاء من القوات الخاصة مثل وحدة نتنياهو القديمة «سايريت ماتكال».

وبالرغم من أن العديد من جنود الاحتياط المحتجين قالوا إنهم «لن يتقاعسوا عن الخدمة» في حالة وقوع حوادث طوارئ أمنية حقيقية، إلا أن التمرد في بلد في حالة تأهب عسكري دائم، يمثل أحد أكثر الجوانب إثارة للاهتمام في معركة التعديلات القضائية.

وحذر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، من أن الانقسامات تثير مخاطر حدوث «انقسامات خطيرة» في الجيش.

وربما يكون نتنياهو الأكثر إثارةً للانقسام بين قادة إسرائيل، لكنه يتمتع بقدرات براغماتية فائقة، ولطالما ينظر إليه على أنه محافظ وداعم لأنشطة الأعمال ومتشدد عندما يتعلق الأمر بالأمن. وقد ساعدته هيئته المميزة وإنجليزيته التي يتحدثها بطلاقة، على لعب دور كبير على الساحة العالمية.

ورغم الاضطرابات التي تشهدها الساحة السياسية في إسرائيل فإنه يحتفظ بالقدر ذاته من الهدوء، مع قدرته لمغازلة قاعدته الانتخابية الأساسية في البلدات والمستوطنات البعيدة عن الأضواء في تل أبيب. وقبل تصدره الانتخابات الأخيرة في عام 2022، وفي ظل تقطع السبل به تحت وطأة محاكمته في اتهامات فساد يصفها بأنها «ذات دوافع سياسية»، اضطر إلى البحث عن تحالفات مع جهات من خارج التيار السياسي التقليدي السائد.

بن غفير يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال جلسة التصويت في الكنيست الاثنين (إ.ب.أ)

وحمله هذا على التعاون مع أحزاب دينية وقومية متطرفة، لا تكترث ما إذا كانت أجندتها التوسعية المعلنة ستثير غضب حلفاء إسرائيل. ووصف نتنياهو، المتشدد تجاه القضايا الأمنية والمنتقد لليبرالية، نفسه في سيرته الذاتية (بيبي قصتي)، بأنه «محافظ لكنه بالتأكيد ليس متطرفاً».

وقد وجد نتنياهو نفسه على يسار شركاء ائتلافه، بما في ذلك إيتمار بن غفير الذي أدين في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب، وبتسلئيل سموتريتش الذي دعا في مارس (آذار) 2022 إلى محو قرية فلسطينية. ولم يُخف الرئيس الأمريكي جو بايدن، المعروف بدعمه لإسرائيل، مخاوفه، ودعا إلى التوصل إلى توافق بشأن التعديلات القضائية، ووصف حكومة نتنياهو بأنها «واحدة من أكثر الحكومات تطرفاً خلال أكثر من 50 عاماً من التعامل مع الحكومات الإسرائيلية».


مقالات ذات صلة

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

المشرق العربي موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

تتجادل الأمم المتحدة وإسرائيل حول من سيملأ الفراغ إذا توقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل في الأراضي الفلسطينية.

المشرق العربي سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية  وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

حال عدم التوصل لاتفاق... كاتس يأمر الجيش الإسرائيلي بتقديم خطة لـ«هزيمة حماس بالكامل»

كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن أنه أصدر أوامره للجيش الإسرائيلي بإعداد خطة «تلحق هزيمة كاملة بـ(حماس) في غزة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الحكومة تعمل مع الحلفاء في جهد متجدد لتحرير باحثة إسرائيلية - روسية يعتقد أنه تم خطفها في العراق قبل نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صاروخ ينطلق من إحدى بطاريات نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: اعترضنا ثلاث مسيرات من جهة الشرق خلال ساعة واحدة

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض في غضون ساعة واحدة ثلاث طائرات من دون طيّار أطلقت من جهة الشرق، اثنتان منها على الأقل أطلقتا من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف
الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف
TT

إسرائيل تحشد دعماً دولياً لتحرير امرأة يعتقد أنها مخطوفة في العراق

الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف
الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الحكومة تعمل مع الحلفاء في جهد متجدد لتحرير باحثة إسرائيلية - روسية يعتقد أنه تم خطفها في العراق قبل نحو عامين.

وذكر المسؤول، اليوم الخميس، أنه تم طرح المسألة في اجتماع للمبعوثين الخاصين بشؤون الرهائن في القدس، الأسبوع الحالي.

وقال إن المبعوثين التقوا بأسرة إليزابيث تسوركوف، وإن إسرائيل طلبت من المبعوثين، وهم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والنمسا وكندا، أن تضغط سفاراتهم في بغداد على الحكومة العراقية، وتبحث عن طريقة لبدء المفاوضات. وأشار إلى أنه يأمل في أن تساعد الدول الأخرى في هذا الصدد.

الأكاديمية الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف في إسطنبول مايو 2017 (أ.ف.ب)

ويشار إلى أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين العراق وإسرائيل.

وأضاف المسؤول، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته: «إننا نعتمد على حلفائنا. وآمل في أن تقترح دول أخرى مساعدتنا لتحرير إليزابيث. وهناك العديد من الدول التي لديها سفارات واتصالات مع الحكومة العراقية».

سيلفي لإليزابيث تسوركوف (يمين) مع شقيقتها إيما في سبتمبر 2018 (أ.ب)

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن خطف الباحثة، لكن إسرائيل تعتقد أن «كتائب حزب الله» تحتجزها.