هل تغير تركيا فجأة موقفها من انضمام السويد للناتو؟

إردوغان يواصل تحدي الضغوط قبل أيام من قمة فيلينوس

إردوغان يتحدث للصحافيين في 3 يونيو الماضي (رويترز)
إردوغان يتحدث للصحافيين في 3 يونيو الماضي (رويترز)
TT

هل تغير تركيا فجأة موقفها من انضمام السويد للناتو؟

إردوغان يتحدث للصحافيين في 3 يونيو الماضي (رويترز)
إردوغان يتحدث للصحافيين في 3 يونيو الماضي (رويترز)

بات موقف تركيا من طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) هو العنوان الأبرز قبل قمة الحلف، التي ستعقد في العاصمة الليتوانية فيلينوس يومي 11 و12 يوليو (تموز) الحالي. وبات السؤال الأكثر إثارة للترقب: هل تصادق تركيا على عضوية السويد قبل قمة فيلينوس؟

واقع الأمر أن تركيا تواجه ضغوطاً شديدة من الناتو والدول الأعضاء، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لكنها لا ترغب في أن تعطي موافقتها على طلب الدول الاسكندنافية من دون الحصول على ما تطلبه، سواء من السويد نفسها أو من الولايات المتحدة.

تريد تركيا من السويد موقفاً صارماً من عناصر حزب العمال الكردستاني على أراضيها وتسليم العشرات منهم، إلى جانب العشرات من عناصر «تنظيم فتح الله غولن»، في إشارة إلى عناصر حركة «الخدمة» التابعة للداعية التركي فتح الله غولن والمتهمة من قبل أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.

وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، في تصريحات ليل الاثنين - الثلاثاء، عقب اجتماع الحكومة التركية، إن تركيا لن توافق على انضمام السويد إلى الناتو إلا إذا امتنعت عن إيواء «التنظيمات الإرهابية». وأضاف: «على الجميع الإقرار بأنهم لا يمكنهم تكوين صداقة مع تركيا بينما يسمحون للإرهابيين بالتظاهر في أكبر الميادين المركزية في مدنهم».

وأدى سماح السويد لمتطرف من أصول عراقية بحرق نسخة من القرآن الكريم في أول أيام عيد الأضحى أمام 200 مسلم في المسجد المركزي في ستوكهولم إلى زيادة غضب تركيا.

وكرر وزير الخارجية هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في أنقرة الثلاثاء، إدانته للواقعة، قائلاً: «ندين بشدة الاعتداء الدنيء على القرآن الكريم في ستوكهولم، وكذلك التغاضي عنه رغم تحذيراتنا». أضاف: «جدوى عضوية السويد مفتوحة للنقاش أكثر من أي وقت مضى من الناحيتين الاستراتيجية والأمنية».

اجتماعات مهمة

تعترف أنقرة بأن السويد اتخذت خطوة مهمة ضد «العمال الكردستاني» وأذرعه، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، بإقرار قانون مكافحة الإرهاب، الذي بدأ سريانه في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، لكنها تقول إن عليها أن تقوم بالمزيد من أجل وقف أنشطة عناصره واحتجاجاتهم ضد تركيا ورئيسها إردوغان.

وفي الوقت ذاته، لا ترغب أنقرة في إعطاء موافقتها على انضمام السويد إلى الناتو من دون الحصول على موقف من جانب واشنطن في ما يتعلق بحصولها على مقاتلات «إف 16» بعد أن بدا أن إدارة الرئيس جو بايدن تربط بين الملفين.

وسيستضيف بايدن رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، الأربعاء، لمناقشة ملف الانضمام إلى الناتو والحرب في أوكرانيا.

وفي اليوم التالي، سيعقد اجتماع رفيع المستوى بين تركيا والسويد وفنلندا في بروكسل، الخميس، بمبادرة من الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، في إطار آلية التنسيق المشترك الدائمة، التي أنشئت بموجب مذكرة تفاهم ثلاثية بين الدول الثلاث، وقعت في 28 يونيو 2022 على هامش قمة الحلف السابقة في مدريد.

الاجتماع سيعقد على مستوى رفيع، وسيضم وزراء الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات ومستشاري الأمن القومي في الدول الثلاث؛ للبحث في ملف عضوية السويد وتحفظات تركيا.

بايدن يلقي كلمة في ختام قمة «الناتو» بمدريد في 30 يونيو 2022 (أ.ب)

حسابات خاطئة

بحسب مصادر دبلوماسية تركية، فإن الجانب التركي سيكرر مطالبته بتقديم السويد المزيد من أجل معالجة مخاوف أنقرة فيما يتعلق بتنظيمي «العمال الكردستاني» و«غولن».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السويد، التي تحتاج إلى تصويت تركيا بـ«نعم» لتصبح عضواً في الناتو، لم تف بأي من وعودها حتى الآن، فعلى الرغم من أن التعديل الذي تم إدخاله على قانون مكافحة الإرهاب دخل حيز التنفيذ، في الأول من يونيو الماضي، فإن طلب تركيا تسليم أعضاء «العمال الكردستاني» و«غولن»، لم ينفذ بعد.

ورأت المصادر أن السويد أجرت ثلاثة حسابات خاطئة، فيما يتعلق بموقف تركيا من طلب انضمامها إلى الناتو؛ أولها: اعتقادها أن تركيا ستوافق على الطلب حتى لو لم تفِ بمطالبها مبدية ارتياحاً وطمأنينة بشأن انضمامها للحلف، والثاني: اعتقادها أن تركيا لن تكون قادة على الصمود أو الحفاظ على موقفها الرافض لإعطائها الضوء الأخضر للانضمام للحلف، والخطأ الثالث هو اعتماد السويد على التشجيع والدعم من جانب الأعضاء الآخرين في الناتو، وبخاصة الولايات المتحدة.

وأكدت المصادر أن تعديل قانون مكافحة الإرهاب لا يعني شيئاً بالنسبة لتركيا ما لم تتخذ خطوات ملموسة. وأضافت: «عدلت السويد القانون وسلمت مطلوباً واحداً من عناصر (العمال الكردستاني)، ويصورون الأمر على أنه تنفيذ للالتزامات، وأن تركيا تتخذ موقفاً تعسفياً».

احتمالات التغيير

وعلى الرغم من استمرار الموقف التركي تجاه مسألة تقيّد السويد بالتزاماتها، وكذلك التوتر الأخير بعد حادثة إحراق أحد المتطرفين نسخة من القرآن الكريم أمام المسجد المركزي في ستوكهولم، تثور تساؤلات حول احتمال أن تغير أنقرة موقفها في الأيام القليلة المتبقية على قمة فيلينوس.

لفت الكاتب المحلل السياسي مراد يتكين، إلى ملاحظة مهمة، وهي أن البرلمان التركي لن يدخل عطلته الصيفية خلال يوليو الحالي، ولذلك يبقى الباب مفتوحاً أمام حدوث تغيير والمصادقة على طلب السويد.

وذكر يتكين أن تركيا تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للموافقة على طلب السويد، وهو الأمر الذي تسبب في رد فعل تركيا الشديد على أحدث عملية حرق لنسخة من القرآن الكريم في ستوكهولم، رغم عدم اتخاذ خطوة تصعيدية، وكذلك فإن السويد لم تتخذ خطوة تجاه تسليم أعضاء من حزب «العمال الكردستاني» ومنظمة غولن.

ورأى أن «تركيا تبقي برلمانها مفتوحاً وتعطي رسالة مفادها أنه في حال قبول مطالبها بشأن مكافحة الإرهاب، يمكن الحصول على موافقة البرلمان قبل أو أثناء قمة فيلينوس».

وذهب يتكين إلى أن هذا أمر مثير للاهتمام لأنه في المجر، وهي عضو آخر في الناتو لم يوافق على طلب السويد إلى جانب تركيا، أعلن البرلمان إرجاء جلسة المصادقة إلى الخريف المقبل، بعد عطلته الصيفية.

وقال: «على الجانب الآخر فإن الكونغرس الأميركي الذي يقول إنه يمكن بيع تركيا مقاتلات «إف 16» إذا وافقت على طلب السويد، يتجه أيضاً إلى العطلة الصيفية من دون تسجيل الهدف (انضمام السويد للناتو) في مرمى روسيا».

علم «الناتو» في المقر الرئيسي للحلف في بروكسل (د.ب.أ)

حل وسط

رأت المحللة السياسية، بارتشين ينانتش، أن هناك معضلة تتعلق باستخدام السياسة الخارجية كأداة في السياسة الداخلية لتركيا، وحتى المصالح الوطنية للبلد يتم تجاهلها لهذا السبب.

وقالت إن هناك «سويد» في كل تصريح عن تركيا من الولايات المتحدة بعد الانتخابات التي شهدتها تركيا في مايو (أيار) الماضي، وتم تقليص جميع العلاقات بين البلدين في مسألة حصول السويد على عضوية الناتو قبل أو أثناء قمة فيلنيوس. أضافت: «يبدو أن واشنطن وهي تمارس ضغطاً علنياً على أنقرة، لا ترى رد الفعل العنيف، هذا الضغط له تأثير سلبي على عملية انضمام السويد من ناحيتين؛ الأولى: دفع إردوغان إلى الانعطاف إلى الداخل وإعطاء رسالة مفادها: انظروا، أنا أقاوم الضغط»، ومن ناحية أخرى، حتى لو كان إردوغان يريد حقاً إعطاء السويد الضوء الأخضر للانضمام للناتو، فسيتعين عليه أن يجر قدميه حتى لا يعطي انطباعاً بأنه «تعرض للضغط».

وذكرت ينانتش أن أنقرة ليست مقتنعة تماماً بذلك، وإردوغان الذي كان يعطي إشارات تليين في بداية يونيو (حزيران) الماضي، ظهر بعد ذلك غاضبا من المظاهرات ضده في ستوكهولم.

وذهبت إلى أنه بعد هذا الوقت، من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل استكمال عملية المصادقة على طلب السويد وإضفاء الطابع الرسمي على عضويتها في قمة فيلنيوس، مضيفة: «سيتم بالفعل في قمة الناتو إعلان السويد كعضو، بحكم الواقع، وأجريت مناقشات حول نص يقضي بأن العملية الفنية ستكتمل في أقرب وقت ممكن... وبعد كل شيء، لا يريد إردوغان رسالة من فيلنيوس تجعل موسكو سعيدة للغاية، بغض النظر عن مقدار ما يدين به للروس».


مقالات ذات صلة

أمين عام «الناتو» يؤيد الهجوم الأوكراني في روسيا

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ يدلي ببيان خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بواشنطن في 10 يوليو 2024 (د.ب.أ)

أمين عام «الناتو» يؤيد الهجوم الأوكراني في روسيا

أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ عن تأييده الهجوم الأوكراني في منطقة كورسك الروسية، معتبراً أن هذا ضمن حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ (د.ب.أ)

بعد الضربات الروسية الأخيرة... «الناتو» يتعهد بتعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية

نددت دول حلف شمال الأطلسي بشدة بالضربات التي نفذتها روسيا «بلا تمييز» على «مدنيين وبنى تحتية في أوكرانيا»، على ما أعلن الناتو، اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا عناصر من القوات الأوكرانية يجرون تدريبات بطائرة من دون طيار في مكان غير معلن بأوكرانيا 23 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

مجلس «ناتو - أوكرانيا» يجتمع الأربعاء بناءً على طلب كييف

سيعقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، اجتماعاً لمجلس «ناتو» وأوكرانيا الأربعاء بناءً على طلب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا جهاز استخباراتي أجنبي يحذر من أعمال تحضيرية لعمل تخريبي روسي محتمل ضد قاعدة تابعة للناتو في ألمانيا (رويترز)

«عمل تخريبي روسي محتمل» وراء حالة الإنذار في قاعدة تابعة لـ«الناتو»

كشفت مصادر أمنية لـ«وكالة الأنباء الألمانية» اليوم الاثنين أن عملية تخريب روسية محتملة وراء رفع حالة الإنذار التي حدثت قبل أيام في قاعدة جوية تابعة لـ«الناتو».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شاحنة إطفاء عند البوابة الرئيسية بعد أن رفعت قاعدة جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي في بلدة غيلينكيرشن الألمانية مستوى الأمن «بناءً على معلومات استخباراتية تشير إلى وجود تهديد محتمل» 23 أغسطس 2024 (رويترز)

تخفيف تدابير الأمن في قاعدة للأطلسي بألمانيا بعد تشديدها بسبب «تهديد محتمل»

رفع حلف شمال الأطلسي مستوى التدابير الأمنية بسبب «تهديد محتمل» بقاعدته الجوية في غيلينكيرشن غرب ألمانيا حيث تدخلت الشرطة الألمانية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)
متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)
TT

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)
متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد، داعية النقابات والبلديات إلى إضراب عام، (الاثنين)؛ بهدف شل الحياة التجارية تماماً للضغط على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو؛ ليتوقف عن وضع العراقيل أمام صفقة تبادل أسرى.

وأكد قادة المتظاهرين أن العثور على الجثامين «لا ينبغي أن يكون مصدر تفاخر، بل هو شهادة عار على إسرائيل». وعبّروا عن اعتقادهم بأنه «كان واضحاً للحكومة وللجيش أن (حماس) أمرت عناصرها المسؤولين عن حراسة المختطفين الإسرائيليين لديها، بقتلهم في حال اقتراب قوات الجيش الإسرائيلي، ونشوء خطر تحريرهم بالقوة».

امرأة تمشي يوم الأحد بجوار ملصق لرهائن إسرائيليين لدى «حماس» تم العثور على جثث بعضهم (رويترز)

وواصلت عائلات الأسرى، عبر منتداها، كيل الاتهامات لحكومة نتنياهو بالقول إن «الحكومة تعرف أن قسماً كبيراً جداً من الأسرى قُتل، إما نتيجة العمليات الإسرائيلية أو نتيجة لعمليات (حماس)، أو نتيجة لظروف أسرهم تحت الأرض. وتعرف أيضاً (أي الحكومة) أنه وعلى الرغم من الحرب المستمرة منذ 11 شهراً؛ فإن إسرائيل لم تتمكّن من تحرير سوى 8 أسرى أحياء بالقوة، بينما حرّرت 110 أسرى خلال صفقة تبادل، ولذلك فإن الصفقة هي الحل، وعرقلتها جريمة قتل».

دعوة للإضراب

وتوجّه منتدى عائلات المختطفين إلى قادة النقابات العامة، والسلطات المحلية والبلدية بشكل عام؛ للقيام بواجب الحد الأدنى من التضامن مع عائلات المختطفين، وإنقاذ أبنائهم وبناتهم، وذلك بإعلان إضراب عام «حتى تفهم الحكومة أن الشعب مع المختطفين وليس مع هدر أرواحهم».

وكانت المظاهرات بدأت مساء السبت، بمشاركة عشرات ألوف المواطنين، ما جعل مسؤولاً في قيادة منتدى العائلات يقول إن «حملة الاحتجاج بدأت تسترد أنفاسها، بعد أسابيع عدة من تراجع المشاركة الجماهيرية».

وعاد إلى الشوارع نحو 170 ألف متظاهر، غالبيتهم في مظاهرات تل أبيب، والبقية في 80 مظاهرة في جميع أنحاء البلاد، ومن أهم الدلائل على نجاحها في استقطاب الجمهور، قيام مجموعات من اليمين المتطرف بمظاهرة مضادة في تل أبيب شتموا فيها المتظاهرين المتضامنين مع عائلات الأسرى، وفي مرحلة معينة حاولوا الاعتداء عليهم جسدياً، ورش الغاز المسيل للدموع على بعض منهم.

آلاف المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب مساء السبت يحتجون ضد سياسة نتنياهو وحكومته في ملف الأسرى (د.ب.أ)

وفي بداية المظاهرة في تل أبيب عقد «منتدى العائلات» مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أعضاؤه أنهم «سيزلزلون» إسرائيل ابتداءً من الأحد، من دون أن يخبروا عن النشاطات التي ينوون القيام بها. بيد أن خطابهم تجاه الحكومة ورئيسها كان حاداً بشكل خاص، ويبدو أن هذا الأمر كان سبباً لهجوم الشرطة عليهم، عند «أول مخالفة»، فما أن نزلوا إلى شارع بيغن ليغلقوه، حتى هاجمتهم فرقة خيالة بشراسة، وأصابت 6 متظاهرين بجراح، بينهم الشابة نتالي تسنغاركر، شقيقة الجندي متان، الأسير لدى «حماس»، التي نُقلت إلى العلاج في المستشفى، والبروفسور فلاديمير تانك، رئيس قسم زرع الأعضاء في «مستشفى بلينسون»، الذي تم اعتقاله أيضاً لأنه احتج على هذا القمع.

وفرّقت قوات أخرى من الشرطة مظاهرتين أمام بيتَي وزير التعليم يوآف كيش، في بلدة كفار سابا، ووزيرة المواصلات ميري ريجف، في تل أبيب، واعتقلت 4 منهم.

اتهام نتنياهو

وحرص منظمو المظاهرات على إبراز عدد من المختطفات اللواتي تم إطلاقهن من الأسر خلال الصفقة التي أُبرمت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من أسر «حماس»، اللواتي حاول نتنياهو استخدامهن في دعايته، وفي محاولاته دق الأسافين.

وقالت نوعاما ساهر كلدرون، إنها توجه كلماتها مباشرة إلى نتنياهو: «في كل مرة أراك تُفشل الصفقة، أشعر بطعنة في الظهر توجهها لي ولكل واحد من المختطفين. أنت تخون المختطفين وتخون الدولة التي اختارتك رئيساً لحكومتها... الدولة تحت قيادتك تخون أبناءها وبناتها. والآن أتوجه للدولة بنداء استغاثة: لا تخوني أبناءك مرة أخرى».

وقالت عيناف، والدة الجندي الأسير، متان تسنغاركر، ووالدة الجريحة نتالي، إن ابنها «وقع في الأسر وهو حي، لكن نتنياهو ووزراءه الأعضاء في الكابينت حكموا عليه بالإعدام. باستثناء وزير الدفاع (يوآف) غالانت، قرر الوزراء السير وراء نتنياهو وإجهاض صفقة التبادل، بذريعة أو خدعة محور فيلادلفيا. هكذا يكونون قد قرروا بوعي كامل إصدار حكم الإعدام».

سيدة تحمل لافتة يوم الأحد في تل أبيب للمحتجزة الإسرائيلية كارمال غات التي تم العثور على جثتها (رويترز)

وتابعت: «يحلو لنتنياهو أن ينادوه بـ(سيد الأمن)، لكنه في الحقيقة (سيد الموت). فنهجه سيقود إلى مقتل مَن تبقّى حياً من المختطفين، وهناك طريقة واحدة لإيقافه، هي في عزله عن الحكم، هذا رجل خطير على إسرائيل، ولا بد من تغييره».

فيلادلفيا

ومن بعد خطابها، نُشر النبأ عن عثور قوات الجيش الإسرائيلي على عدد من جثامين الأسرى الإسرائيليين في غزة، فتحوّلت الخطابات إلى غضب شديد، وردد جميع الخطباء هذه الجملة: «نتنياهو وأقزامه في الكابينت قرروا نسف الصفقة بسبب محور (فيلادلفيا)، وبالتالي الحكم عليهم بالموت».

وقال المنتدى في بيان له: «نتنياهو تخلى عن المختطفين، وهذا دليل على ذلك. الدولة ستهتز بدءاً من (الأحد)». ودعا جمهور المواطنين إلى «الاستعداد لحالة شلل تام في الدولة».

وجاء في بيان عنهم: «نتنياهو وأعضاء الكابينت السياسي والأمني حوّلوا محور (فيلادلفيا) إلى قبر للمختطفين، وقرار البقاء في (فيلادلفيا) لا يوجد فيه أي اعتبار موضوعي، إنما اعتبارات مجرمين من أجل البقاء سياسياً».

وقال رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، «أبناؤنا وبناتنا جرى التخلي عنهم وهم يموتون في الأسر ونتنياهو منشغل بالتلفيقات. ما يهمه ليس محور (فيلادلفيا) ولقاحات شلل الأطفال إنما الائتلاف والإبقاء على سموتريتش وبن غفير، وهو في طريقه لسحق عائلات المختطفين وشعب إسرائيل».